الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبرز تلامذته، فأما خلف فقد ذكروه فيمن حضروا قبل حضور الكسائي. ويظهر أن هذه المناظرة وقعت في حدود سنة ثمان وسبعين ومائة، لأن الكسائي وُصف بأنه معلم أبناء الرشيد؛ فأول أبناء الرشيد محمد الأمين ولد سنة سبعين ومائة، فيكون ابتداء تعليمه في حدود سنة سبع وسبعين ومائة.
وصف هذه المقدمة:
قال مؤلف المقدمة: إنه رأى النحويين استعملوا التطويل وكثرة العلل وأغفلوا ما يحتاج إليه المتعلم من الاختصار الذي يخف على المبتدئ حفظه (ولعلّه عرّض في كلامه هذا بسيبويه في كتابه؛ إذ لم يشتهر كتاب في النحو قبله إلا ما يُذكر عن كتاب "الجامع" وكتاب "الإكمال" و"المكمل" لعيسى بن عمر الثقفي (1) شيخ الخليل). قال: "فرأى أن يؤلف كتابًا يجمع الأصول والأدوات والعوامل، يستغني به المتعلم عن التطويل فيما يصلح لسانه أو ما يكتبه أو شعر ينشده"، يريد ما يخفف عليهم استحضارَه في إقامة إعراب الكلام، بحيث تعتاد ألسنتُهم إعرابَ الكلمة إذا وقعت بعد كلمة أخرى مما يكثر دورانُه على الألسنة لفهم مواقع الكلام التي هي مفتاح فهم معناه وإفهامه. فما تشتمل عليه هذه المقدمة أكثره ضوابط وعلامات
(1) هو أبو سليمان - ويقال أبو عمرو - عيسى بن عمر الثقفي، النحوي البصري، قيل كان مولى خالد بن الوليد رضي الله عنه، ونزل في ثقيف فنسب إليهم. كان ثقة، عالِمًا بالعربية والنحو والقراءة، وكان صاحب تقعير في كلامه واستعمال للغريب. وكانت بينه وبين أبي عمرو بن العلاء صحبة، ولهما مسائل ومجالس. أخذ القراءة عرضًا عن عبد الله بن أبي إسحاق، وروى الحروف عن عبد الله بن كثير وابن محيصن، وسمع الحسن البصري، وله اختيار في القراءة على قياس العربية. وروى القراءات عنه أحمد بن موسى اللؤلؤي، وهارون بن موسى النحوي، والأصمعي والخليل بن أحمد، وسهل بن يوسف وعبيد بن عقيل، وأخذ سيبويه عنه النحو. صنف كتابين في النحو:"الجامع" و"الإكمال". توُفِّيَ سنة 149 هـ. قال الخليل في بيان خصاله:
ذَهَبَ النَّحْوُ جميعًا كُلُّهُ
…
غَير مَا أَحْدثَ عيسَى بنُ عُمَرْ
ذَاكَ إِكْمَالٌ وَهَذَا جَامِعٌ
…
وَهُمَا لِلنَّاسِ شَمسٌ وَقَمَر
ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج 3، ص 486 - 487.
وليس المسائلَ والقواعد؛ إذ جمع فيها نظائر من الكلم يكثر اقترانُ بعض الكلم بها، ويتحد إعراب الكلم الواقعة بأثرها، فجعل هذه المقدمة مفتاحًا للنحو، إذا أتقنها المبتدئ استطاع أن ينتقل إلى تعلم القواعد والمسائل. وإن ما تشتمل عليه هذه المقدمة مما يليق بالمتعلم الذي حذق القرآن وقارب أو تهيأ لمغادرة الكتّاب إلى حلَق العلم. وما أشد شبهها بضوابط آي القرآن المتشابهة الألفاظ المختلفة الإعراب التي يلقنها السادة المؤدبون لحفاظ القرآن لئلَّا يخطئوا في الرفع ونحوه، مثل قول بعضهم:
خفضُ الحياةِ بالمتاعِ والمثَل
…
وزهرة وزينة وفي وعرَضٍ نقل
ورفعها من بعد غرّتكم وما
…
إلخ. . . . . . . . . . . . . (1)
ومسائلها لا تسلم من نقض، ولا تخلو من نقص. فهي قليلة الجدوى اليوم في تلقين علم النحو للمبتدئين، ولأن ما جاء بعدها من المقدمات أوفَى وأوضح، مثل المقدمة الآجرومية، ولكنها مجدية في تصوير طور من أطوار تعليم النحو للمبتدئين. وقد تضمنت مع ذلك تنبيهات على فصيح الاستعمال ونكته. ومن مزاياها إكثار الأمثلة، وتوخي الأمثلة من القرآن. وقد ذكر من المسائل ما لا يليق بالمبتدئ مثل مسألة قوله تعالى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: 5] في ص 60 - 61، ومثل باب الحكاية في ص 73، ومسألة تأويل آية:{وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: 37] في باب المذكر والمؤنث في ص 95.
ويظهر أنه توخّى ما اتفق البصريون والكوفيون على صحة استعماله، كما قال في مبحث منذ (2):"تخفض بها كل شيء مما أنت فيه (وهذا خفضه واجب)، وما قد مضى؟ (والخفض في هذا راجح وليس بواجب). وقال في مبحث مذ: "تخفض بها ما
(1) لم أهتد إلى مصدر هذا النظم فضلًا عن قائله.
(2)
صفحة 83 من المقدمة. - المصنف.