الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما رأيت أبناء الأدب العربي في غالب البلاد قد زهدوا في علم العروض والقافية نبهت في كل قصيدة على بحرها وعروضها وضربها، ولم أبين الزحاف والعلة العارضة في الأبيات إلا في مواضع جديرة بالبيان، ثقة بأن التنبيه على بحر القصيدة وعروضها وضربها يفتح للمطالع طريق البحث عن معرفة ما يعتور بعضها من زحاف أو علة.
ولِمَا في نسخة الديوان من التحريف والتصحيف عُنِيتُ بالتنبيه على ذلك غالبًا في ضبط بعض الكلمات الذي الخطأ فيه واضح، فإني أعرض عن التنبيه عليه لكثرة ذلك في خط ناسخه، ولا سيما رسمه ونقطه وضبطه. والقصد من ذلك أن يعلم المتأمل ما ثبت في الأصل، فعسى أن يكون من بعض المطلعين قولٌ فصل ورأي جزل. مكللًا ذلك بوضع مقدمة وافية التعريف بما تهم معرفته من ترجمة بشار وأحواله وأدبه ومكانته من العربية والبلاغة وذكر ديوانه وما لحقه، ومذيلًا إياه بجزء يحتوي على ما ألتقطه من شعره في كتب الأدب مما ليس محويًّا للجزء من الديوان.
ورجائي من أهل الأدب ورواته، وأطباء اللسان وأُساته، أن يقدُرُوا قدر ما بذلت من الجهد، وألا يكون نقدُهم إلا كما تكون إبر النحل دون الشهد.
نسب بشار:
هو بشار بن بُرد بن بَهْمَن (وقيل ابن يرجوخ) بن أذركند بن بَيْبرسان (وقيل شروستان) بن بهمن بن دارا بن فيروز بن كرديه بن ماهَيَّذار (أو ماهيفان) بن نَاذان (دادان) ابن بَهْمن بن أذركند بن حسيس بن مَهْرَاز بن خُسْرُوان بن أخشيت بن شهزاذ ابن بُنْدار بن سيحان (بنداراسيحان) بن مَكرز بن أذريرس بن بشتاسف الملك (أو يستاسب) بن لَهْرَاسف الملك (أو يهراسب) بن فتوخي (أو فنوخي) بن كَيْشَن (أو كيمنش) ابن كبانيه (أو كيابنه) بن كِيْقَبَاذ الملك بن راي بن بوذكاب بن ماشوي بن نوذ (أو نوذر) ابن منُوشهر الملك بن كبانيه بن منشَخُورانَا بن بدك بن نبروسبح (كذا) إبراهيم الخليل. وقد بينتُ ضبطَها في أول شرح الديوان.
هذا سياقُ نسبه، مأخوذًا كاملُه من أول الديوان في ورقة 1 منه - وهو موافقٌ في بعضه لما في ترجمته من كتاب "الأغاني" - ومن تاريخ الخطيب البغدادي، إذ لا توجد سلسلةُ نسبِه كاملةً إلا في هذا الديوان (1) - ونَجد في بعض الأسماء مخالفةً بين ما في الديوان وما في "الأغاني" وتاريخ الخطيب - ومن ترجمة "الشاهنامه"(2) في
(1) انظر الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 135 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 641 (نشرة الحسين)؛ الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد مدينة السلام، ج 6، ص 610 - 617. وقد استشعر ابن خلكان صعوبة ضبط أسماء جدود بشار، فقال عند ترجمته له: "ذكر له أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني ستة وعشرين جدًّا أسماؤهم أعجمية، فأضربت عن ذكرها لطولها واستعجامها. وربما يقع فيها التصحيفُ والتحريف، فإنه لم يضبط شيئًا منها، فلا حاجةَ إلى الإطالة فيها بلا فائدة". ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج 1، ص 271 - 272.
(2)
الشاهنامه لفظة فارسية معناها "كتاب الملوك" أو "ملحمة الملوك"، وهي من تأليف أبي القاسم منصور بن حسن بن شرفشاه، لقب بالفردوسي نسبة إلى فردوس، بمعنى البستان. ولد الفردوسي على الأرجح في أواخر العقد الثالث من القرن الرابع الهجري لأسرة تنتمي إلى طبقة الدهاقين (ملاك الأراضي وأصحاب الضياع) في قرية تسمى "باج" في طوس. وفضلًا عن المكانة الاقتصادية كانت هذه الطبقة التي ينتمي إليها الفردوسي حاملة للسنن والأعراف والتقاليد الفارسية الأصيلة، كما كانت حافظة وناقلة للأخبار والقصص والأساطير القديمة، فكانت بذلك تقوم بوظيفة الحفاظ على الثقافة الفارسية في جوانبها المختلفة. قضى الفردوسي سني شبابه في تتبع أخبار ملوك الفرس وسيرهم المتناثرة في المصادر المكتوبة، وخاصة الكتاب البهلوي "خوتاي نامك". واطلع على الشاهنامات النثرية السابقة، وأحاط بالكثير من الروايات الشفهية للحوادث الحماسية الإيرانية القديمة التي كانت تدور على ألسنة الرواة والقصاصين، ولا سيما من طبقة الدهاقين والأشراف والسدنة. وكذلك كان الفردوسي ذا معرفة واسعة وعميقة بالأدب العربي والثقافة الإسلامية، عالمًا بالبلاغة وعلم الكلام والفلسفة. وفي نظمه للشاهنامة يقال إن الشاعر دقيقي المتوفَّى سنة 358 هـ كان قد شرع في نظم شاهنامته ولم يكمل منها إلا حوالي ألف بيت، فحدا ذلك الفردوسيَّ لإكمالها، فاستغرق ذلك منه ثلاثين سنة أسفرت عن الشاهنامة المنسوبة إليه والمحتوية على أكثر من ستين ألف بيت قدمها إلى السلطان محمود بن ناصر الدين سبكتكين الغزنوي (387 - 441 هـ). ولما لم ينل الفردوسي ما كان يتوقعه من جائزة، هجا السلطان، ثم فر من غزنة إلى موطنه الأصلي خوفًا من بطشه، وبقي هناك حتى وفاته سنة 411 هـ. ويقال إن السلطان المذكور ندم على ذلك، وأرسل الجائزة إلى الفردوسي في طوس، ولكن حين وصلت الجائزة إلى إحدى بوابات المدينة كانت جنازة الشاعر تشيع من بوابة أخرى، فقدمت الجائزة إلى ابنته التي =
أسماء مَنْ عدَّ في أجداده من ملوك الفرس، وقد وضحتُ ذلك في شرح ديباجة الديوان (1).
وفي هذه السلسلة أفرادٌ من ملوك الفرس، فلذلك كان بشار يفتخر بمَحْتِده. وسيأتي أن أباه هو أول من أسلم، وهم لم يذكروا ماذا كان اسمه قبل إسلامه، وأحسب أن اسمه يرجوخ. ولذلك وقع اضطرابٌ في سياقة نسب "برد": هل هو برد بن بهمن أو ابن يرجوخ؟ فلعل ذلك من وجدانهم اسمَ يرجوخ عقب اسم برد على وجه البدلية، فظنه بعضُ الناقلين اسمَ والد بُرد. وتسميةُ العبيد ببُرد معروفةٌ عند العرب، فقد كان ليزيد بن مُفَرِّغ الحميري (2) من شعراء صدر الدولة الأموية غلامٌ اسمه بُرْد، باعه أو بيع عليه في دين، فأسف على بيعه، فقال:
= أوقفتها على إعمار المدينة. وتعرض الشاهنامة لخمسين من ملوك الفرس في ثلاث مراحل (الأسطورية، والبطولية أو الحماسية، والتاريخية). ويقدم الفردوسي في كل مرحلة تفصيلًا عن الحياة الثقافية والسياسية وطبيعة الحضارة والاجتماع. وتتميز شاهنامة الفردوسي بجمعها تاريخَ المبعثر بين الروايات الشفهية والمدونات الجزئية في نسيج واحد مترابط الأجزاء والعناصر وفق رؤية كلية لتطورها وتعاقب أطوارها. وقد شاعت الشاهنامة وترجمت إلى العديد من لغات المسلمين، وعني بها الدارسون والباحثون لما تنطوي عليه من قيمة أدبية وتاريخية وثقافية عالية.
(1)
قال المصنف في الموضع المشار إليه: "ساق جامعُ الديوان نسب بشار بما هو مثبت هنا [أي في المقدمة]، فذكر له تسعة وثلاثين أبًا، وهذا مما انفرد به جامع الديوان، ورفعه إلى الخليل إبراهيم عليه السلام تبعًا لطائفة من مؤرخي العرب الذين يَرجعون بنسب الفرس إلى إبراهيم، وهو وهم. وقد أتت هذه الأسماء في الديوان باللفظ والضبط الذي تراه فيه، فلم يكن بد من مقابلتها بما ذكره أبو الفرج الأصفهاني والخطيب البغدادي ومترجم الشاهنامه، مشيرًا إلى ما في الأغاني بحرف غ وإلى ما في ترجمة الشاهنامه بحرف ش، وجاعلًا أرقامًا عددية على الأسماء في نسخة الديوان، وأمثالها على الأسماء الواردة بخلاف ما في نسخة الديوان. ولم أعثر على سلسلة نسب بشار إلى هذه الغاية إلا في ديباجة هذا الديوان، واعتمدت ذلك في ذكر نسبه في المقدمة، وقد وقف أبو الفرج عند لهراسف". ديوان بشار بن برد، ج 1/ 1، ص 125 (الحاشية).
(2)
هو أبو عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة (أو مفرغ)، شاعر غزل، وهو الذي وضع "سيرة تبع وأشعاره". كان من أهل تبالة، استقر بالبصرة. كان هجاءً مقذعًا، وفد على مروان بن الحكم. توفِّيَ سنة 69 هـ.
وَشرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِي
…
مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَهْ (1)
وبشار من الموالِي، من أبناء الفرس بلا خلاف. قال أبو الفرج عن حُميد بن سعيد قال:"كان بشار من شَعب أدريرس بن يستاسب الملك بن لهراسب الملك"(2). وهو من خراسان، وقد افتخر بذلك في شعره فقال:
وإنِّي لَمِنْ قومٍ خُرَاسانُ دَارُهم
…
كرامٍ وفَرْعِي فيهم ناضِرٌ بَسَقْ
وذكر ذلك الجاحظ في "البيان والتبيين"(3). وقال أيضًا:
مِنْ خُرَاسَانَ وَبَيْتِي فِي الذُّرَى
…
وَلَدَى المَسْعَاةِ فَرْعِي قَدْ بَسَقْ (4)
وقال أيضًا:
أَبِي خَرَاسَانُ وَأَدْعُو عَامِرًا
…
أَكْرَمَ حيٍّ أَوَّلًا وَآخِرَا (5)
وقال أيضًا:
نَمَتْ فِي الكِرَامِ بَنِي عَامِرٍ
…
فُرُوعِي وَأَصْلِي قُرَيْشُ العَجَمْ (6)
(1) شريت: أي بعت. - المصنف. الجمحي: طبقات الشعراء، ص 193 - 195؛ الأصفهاني: الأغاني، ج 18، ص 216 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 6/ 18، ص 721 (نشرة الحسين)؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج 6، ص 346 (وهو ينقل عن الأصفهاني). والبيت من مقطوعة من مجزوء الكامل، قالها ابن المفرِّغ في عباد بن زياد بن أبيه.
(2)
الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 153؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 641 (نشرة الحسين).
(3)
الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 1، ص 43؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 135. والبيت من الطويل.
(4)
الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 1، ص 43؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 134. والبيت من الرمل.
(5)
ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 217.
(6)
وقال (من المتقارب) في البيتين اللذين قبله:
وَنُبِّئْتُ قَوْمًا بِهِمْ جِنَّةٌ
…
يَقُولُونَ مَنْ ذَا وَكُنْتُ العَلَمْ
أَلَا أَيُّهَا السَّائِلي جَاهِلًا
…
لِيَعْرِفَنِي أَنَا أَنْفُ الكَرْم =
قيل: أراد بقريش العجم أشرافَ الفرس، وقيل: أراد موالي قريش من الفرس، نقله الخفاجي في "شفاء الغليل" عن ابن المعتز في كتاب البديع (1). وقيل: قريش العجم هم الأكراد (2)، ولا يصح هذا؛ لأن بشارًا وصم الأكرادَ بقطع الطريق في قصيدته التي طالعها:"بكِّرا صاحبَيَّ قبلَ الهَجير" التي امتدح بها سَلم بن قتيبة (3). والصوابُ أنه أراد ما قاله عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب "الرد على الشعوبية": إن أهل خراسان "لَمْ يزالوا في ملك العجم لقَحًا، لا يؤدون إلى أحد إتاوة ولا خراجا"(4). وقد كانت قريش تلقب باللقاح؛ لأنهم لم يدينوا لِمَلِكٍ من الملوك.
وأما رفع نسبه إلى إبراهيم الخليل عليه السلام، فذلك من أغلاط ثلة من المؤرخين والقصاصين القاصرين الذين توهموا أن الفرس من ذرية إبراهيم، وذلك لم يقله أحدٌ من علماء الأنساب. والمظنون أن ذلك من موضوعات بعض مؤرخي الفرس في الإسلام، إذ يرمون التقرب من العرب.
= الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 138 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 643 (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 178 - 179.
(1)
الخفاجي، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر: شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل، تحقيق محمد كشاش (بيروت: دار الكتب العلمية، 1418/ 1998)، ص 34. هذا ولم يذكر ابن المعتز الذي أورد البيت كونَ المقصود بقريش العجم هم فارس. ابن المعتز، أبو العباس عبد الله: البديع، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي (بيروت: دار الجيل، 1410/ 1990)، ص 101.
(2)
الخفاجي: شفاء الغليل، ص 34.
(3)
هو سَلْم بن قتيبة الباهلي، ومن ولد أمير خراسان قتيبة بن مسلم، وقد ولي هو إمرة البصرة سنة 145 في خلافة المنصور. وما ذكره المصنف من هجو بشار للأكراد هو قوله:
وَمَقَامِ الأَكْرَادِ فِي شَفَقِ الصُّبْـ
…
ـحِ عَلَى رُكْنِهَا قِيَامَ النُّسُورِ
ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 189.
(4)
أورد المصنف كلامَ ابن قتيبة بتصرف يسير، ولفظه:"ثم يتلو في شرف الطرفين أهلُ خراسان، أهلُ الدعوة وأنصارُ الدولة، فإنهم لم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحًا، لا يؤدون إلى أحد إتاوة ولا خراجا". ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله:"كتاب العرب أو الرد على الشعوبية"، ضمن كتاب رسائل البلغاء، جمعها محمد كرد علي (مصر: دار الكتب العربية الكبرى، 1331/ 1913)، ص 293.
وكان بشارٌ مولًى لبني عُقيل بن كعب من بني عامر، وقع أبوه بُرد في الفَيْء في سبي المهلب من أعجام ما وراء النهر في حدود سنة 80 هـ، وأصله من طخرستان (1)، فصار عبدًا لخِيرَةَ القُشَيرية زوج المهلب بن أبي صُفرة، ثم وهبتْه مولاته خيرةُ لامرأة من بني عُقيل، وتزوج عند امرأة المهلب. وكان برد طيَّانًا (2) حاذقًا، وُلد له بشار وهو عند العُقيلية، وأعتقت العقيلية بشارًا بعد موت أبيه، فصار مولى عُقيل، ولذلك كان أئمةُ الأدب يلقبونه ببشار العقيلي (3). وقد قال في شعره:
إِنَّنِي مِنْ بَنِي عُقَيْلِ بنِ كَعْبٍ
…
مَوْضِعَ السَّيْفِ مِنْ طُلَى الأَعْنَاقِ (4)
وقال:
وَقَامَتْ عُقَيْلٌ مِنْ وَرَائِيَ بِالقَنَا
…
حِفَاظًا وَعَاقَدْتُ الهُمَامَ المُحَجَّبَا (5)
وفي البيان للجاحظ عن حمّاد عَجْرَد (6) أنه كان يقول: إن بشارًا مولى لبني سَدُوس، وكان مولى امرأة منهم يقال لها: أم ظِباء (7). والتحقيق أن بشارًا كان ينزل
(1) ويقال: طُخَارُستان وهي من نواحي خراسان، وأشهر مدنها الطالقان. - المصنف.
(2)
الطيان: من يعالج الطين فيضربه لبنًا للبناء.
(3)
الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 136 - 137 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 642 (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 137.
(4)
الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 139 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 644 (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 137.
(5)
البيت من قصيدة طالعها:
خَلِيلَيَّ قُومَا فَاعْذِرَا أَوْ تَعَتَّبَا
…
وَلَا تَعْذُلَانِي أَنْ أَلَذَّ وَأَطْرَبَا
ديوان بشار بن برد، ج 1/ 1، ص 270.
(6)
هو حمّاد عجرد أبو عمرو حماد بن عمر بن يونس بن كليب السوائي مولاهم الواسطي أو الكوفي، الشاعر المُفْلِق. نادم الوليد بن يزيد، ثم قدم بغداد زمن المهدي. كان بينه وبين بشار بن برد مزاح وهجاء فاحش، وكان قليل الدين ماجنًا، وقد اتهم بالزندقة. مات سنة 161 هـ، قتله محمد بن سليمان أمير البصرة على الزندقة، وقيل: مات في سفر. ويقال هلك سنة 155 هـ، وقيل بعد ذلك.
(7)
الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 1، ص 43.
في بني سدوس كما في أمالي الشريف المرتضى، وليس مولًى لهم (1). وكيف يكون مولاهم، وقد افتخر على أبي المنذر جرير السدوسي بقوله:
أَمِثلُ بني مُضَرٍ وائِلٌ
…
فَدَيْتُكَ مِنْ فَاخِرٍ ما أَجَنْ؟ (2)
وربَّما انتسب بشارٌ إلى ولاء قَيس عَيلان، وقد افتخر بهم وبمواقعهم، وأدخل نفسَه فيهم في قصيدته التي طالعها:"جفا ودّه فازورَّ أو مَلَّ صاحبُهْ". (3) وفي قوله مع قيس:
وَمَا نَلْقَاهُمُ إِلَّا صَدَرْنَا
…
بِرِيٍّ مِنْهُمُ وَهُمُ حِرَارُ (4)
وأما انتماؤه إلى بني عامر فكثيرٌ في كلامه، وقد قال:
نَمَتْ فِي الكِرَامِ بَنِي عَامِرٍ
…
فُرُوعِي وَأَصْلِي قُرَيْشُ العَجَمْ (5)
قال الصفدي في شرح رسالة ابن زيدون: "كان بشار يتلوّن في ولائه؛ فتارة يدعي لقيس، وتارة يدعي لغيرهم". (6) وإن الذي يسمع بشارًا ينتسب إلى عُقيل
(1) الشريف المرتضى: غرر الفوائد ودرر القلائد، ج 1، ص 156.
(2)
قوله: "فديتُك" تهكم، وقرينة ذلك قوله:"ما أجن". - المصنف. ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 219.
(3)
والنصف الثاني للبيت هو: "وأَزْرَى به أَنْ لا يَزَالَ يُعَاتِبُهْ". ديوان بشار بن برد، ج 1/ 1، ص 325.
(4)
الأصفهاني: الأغاني، ج 1/ 3، ص 644 (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 231. والبيت من قصيدة مطولة (هي من بحر الوافر) قيلت في عهد مروان بن محمد في الفخر بمضر وانتصارهم لخلفاء بني أمية وقتل إبراهيم الإمام العباسي، وذلك قبل انتصار العباسيين.
(5)
المصدر نفسه، ج 2/ 4، ص 179.
(6)
لم أعثر على هذا الكلام عند الصفدي في تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (صيد/ بيروت: المكتبة العصرية، 1969). وقد يكون المصنفُ نقله عن غيره. على أننا نقرأ عند الأصفهاني ما يأتي: "وكان بشار كثيرَ التلوُّن في ولائه، شديدَ الشغب والتعصب للعجم؛ مرةً يقول يفتخر بولائه في قيس"، ثم ذكر أبياتًا له في ذلك، "ومرة يتبرأ من ولاء العرب فيقول. . ."، ثم أورد أبياتًا له في ذلك، إلخ. كتاب الأغاني، ج 3، ص 139 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 643 (نشرة الحسين). وهو ما يبدو أن المصنف قد اعتمد عليه.