الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها على الذوق (1)، ونحن حينئذ ممن نبغ في عدة شعب من علم الأدب، وصبغ بها يده، وعانى فيها وَكْدَهُ (2) وكدَّه" (3).
نحلته ومذهبه
(4):
أما نحلتُه في أصول الدين، فلا شك في أنه كان معتزليًّا من المعتزلة العدلية، وهم الذين يرجعون إلى واصل بن عطاء الغزال، ثم أبي علي الجبائي، وهم أعدل المعتزلة وأقربهم إلى الأشاعرة. وكلامُه في كتاب المفتاح في مواضع لا يترك ريبةً في ذلك. من ذلك قولُه في الحالة المقتضية ذكرَ المسند إليه:"ويصلح لشمول هذه الاعتبارات قولُك عند المخالف: الله إلهنا، ومحمد نبينا، والإسلام ديننا، والتوحيد والعدل مذهبنا". (5) ومن ذلك قولُه في اعتبارات الفصل والوصل: "بخلافه (أي العطف) في نحو الشمس، ومرارة الأرنب، وسورة الإخلاص، والرجل اليسرى من الضفدع، ودين المجوس، وألف باذنجانة، كلها محدثة"(6)، فلا شك أن الإعلان بكون القرآن محدثًا من عادة المعتزلة.
ومن ذلك قولُه في قسم الاستدلال: "اللهم إلا إذا جعلتَ الوجودَ غيرَ زائد على الماهية، كما هو الراجحُ عندنا"(7)، ومن المقرَّر أن المعتزلة قائلون إن الوجود عند الأشعري هو عينُ الموجود، وإن كان جماعةٌ من الأشاعرة وافقوا المعتزلةَ في هذه
(1) قوله على الذوق متعلق بقوله يحيلنا. - المصنف.
(2)
الوكد: القصد. - المصنف.
(3)
السكاكي: مفتاح العلوم، ص 257 (نشرة هنداوي).
(4)
أي في الأصول والفروع، أو المذهب الكلامي والمذهب الفقهي.
(5)
السكاكي: مفتاح العلوم، ص 308 (نشرة هنداوي).
(6)
المصدر نفسه، ص 359 - 360.
(7)
المصدر نفسه، ص 565 (نشرة هنداوي).
المسألة (1). وقولُه في مبحث الإيجاز في تأويل قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102]: "أي تارة أطاعوا وأحبطوا الطاعةَ بكبيرة، وأخرى عصوا وتداركوا المعصيةَ بالتوبة"(2)، فجعل الكبيرةَ محبطةً للطاعة. وتأوَّل قولَه تعالى:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] بأن ذلك إذا كان آخرَ أحوالهم التوبة (3). وشواهدُ كونه من المعتزلة كثيرةٌ في كلامه.
وممن صرَّح بكونه معتزليًّا العلامةُ الشيرازيُّ في شرح القسم الثالث من المفتاح عند قول السكاكي: "وفيما ذكرنا ما ينبه على أن الواقفَ على تمام مراد الحكيم - تعالى وتقدس - في كلامه مفتقرٌ إلى هذين العلمين كلَّ الافتقار"(4)، قال العلامة الشيرازي:"واعلم أن مذهب المشائخيّ من المعتزلة، أنا نعرف تمامَ مراده تعالى من كلامه، ومذهب غير المشايخي منهم - ومنهم المصنف - أنه لا يمكن. . ." إلخ (5)، فلا ينبغي جزمُ الأستاذ النجار بأنه كان سُنيا.
(1) راجع مناقشةَ المصنف لهذه المسألة في مستوياتها الفلسفية والكلامية وعرضه مختلف المذاهب فيها في مقال "مسألة خفية من مباحث الفلسفة الإسلامية: وحدة الوجود"، المنشور في القسم الأول من هذا المجموع.
(2)
السكاكي: مفتاح العلوم، ص 392.
(3)
هذا الجزء من الآية لم يذكره السكاكي حسب نشرات الكتاب التي بين يدي، وعليه يكونُ ما نسبه المصنفُ إليه من تأول المعنى على أنه "إذا كان آخرَ أحوالهم التوبة" قد جاء على سبيل الاستنتاج بناءً على ما يعهده من الأصول الكلامية التي يستند إليها صاحب "المفتاح".
(4)
المصدر نفسه، ص 249.
(5)
المقصود هو قطب الدين محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي، علامة المنقول والمعقول، الفيلسوف، الطبيب، الرياضي، الفلكي. ولد في شيراز سنة 634 هـ، وسافر إلى مدينة مراغة حيث عمل في مرصدها مع العالم الفيلسوف نصير الدين الطوسي. توفى الشيرازي سنة 710 هـ. شرح "حكمة الإشراق" للشهاب السهروردي، وله العديد من المصنفات في الطب والعلوم والفلسفة. كتب شرحًا على كتاب "المفتاح" للسكاكي سماه "مفتاح المفتاح"(لم أطلع عليه، ولا أظنه طبع)، وقد ذكره المصنف قبل هذا ونقل عنه كلامًا طويلا.