المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌71 - باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌70 - باب الرَّجُلَين يَؤمُّ أَحَدهما صاحبهُ كيْفَ يقُومان

- ‌71 - باب إِذا كانوا ثَلاثةً كيْف يَقُومُونَ

- ‌72 - باب الإِمامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌73 - باب الإمامِ يتطَوَّعُ في مَكانه

- ‌74 - باب الإِمامِ يُحْدثُ بَعْد ما يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَة

- ‌75 - باب في تحْرِيمِ الصَّلاة وتَحْليلِها

- ‌76 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ المَأْمُومُ مِنَ اتباع الإِمامِ

- ‌77 - باب التَّشْدِيدِ فيمَنْ يرْفَعُ قبْل الإِمامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌78 - باب فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمامِ

- ‌79 - باب جِماع أَثْوابِ ما يُصَلَّى فِيهِ

- ‌80 - باب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثوبَ فِي قَفاهُ ثُمَّ يُصَلِّي

- ‌81 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثَوْبٍ واحِدٍ بَعْضُهُ علَى غيْرِهِ

- ‌82 - باب فِي الرَّجُلِ يُصلِّي فِي قمِيصٍ واحِدٍ

- ‌83 - باب إذا كان الثَّوْبُ ضَيِّقًا يَتَّزِرُ بِهِ

- ‌85 - باب الإسْبالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌84 - باب مَنْ قال: يَتَّزِرُ بهِ إِذا كانَ ضَيِّقًا

- ‌86 - باب فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ

- ‌87 - باب المَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمارٍ

- ‌88 - باب ما جاءَ فِي السَّدْلِ فِي الصّلاةِ

- ‌89 - باب الصَّلاةِ فِي شُعرِ النِّساءِ

- ‌90 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي عاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌91 - باب الصّلاةِ في النَّعْلِ

- ‌92 - باب المُصَلِّي إذا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يضَعهما

- ‌93 - باب الصَّلاةِ عَلَى الخُمْرة

- ‌94 - باب الصّلاةِ عَما الحَصِيرِ

- ‌95 - باب الرَّجُل يَسْجُدُ على ثَوْبِهِ

- ‌96 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌97 - باب الصُّفُوفِ بَينَ السَّوارِي

- ‌98 - باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الإِمامَ فِي الصَّفِّ وكراهِيَةِ التأَخُّر

- ‌99 - باب مُقامِ الصِّبْيان مِنَ الصَّفِّ

- ‌100 - باب صَفِّ النِّساءِ وَكَراهِيَةِ التَّأَخُّرِ عن الصَّفِّ الأَوَّل

- ‌101 - باب مُقامِ الإِمامِ مِن الصَّفِّ

- ‌102 - باب الرَّجلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌103 - باب الرَّجُل يَرْكع دُون الصّفِّ

- ‌104 - باب ما يَسْتُرُ المُصَلِّي

- ‌105 - باب الخَطِّ إِذا لَمْ يجِدْ عَصًا

- ‌106 - باب الصَّلاة إِلَى الرّاحِلَةِ

- ‌107 - باب إِذا صَلَّى إِلَى سارِيَةٍ أَوْ نَحْوِها، أَيْنَ يَجْعلُها مِنْهُ

- ‌108 - باب الصَّلاةِ إِلَى المُتَحَدِّثِينَ والنِّيامِ

- ‌109 - باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌110 - باب ما يؤْمَرُ المُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ المَمَرِّ بَينَ يَدَيْهِ

- ‌111 - باب ما يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ بينَ يَدَي المُصَلِّي

- ‌112 - باب ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌113 - باب سُتْرَة الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خلْفَهُ

- ‌114 - باب منْ قال: المَرْأَةُ لا تقْطعُ الصَّلاة

- ‌115 - باب مَنْ قال: الحِمارُ لا يَقْطَعُ الصَّلاة

- ‌116 - باب مَنْ قال: الكَلْبُ لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌117 - باب مَنْ قال: لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ

- ‌118 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ

- ‌119 - باب افتِتاح الصَّلاةِ

- ‌120 - باب

- ‌121 - باب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌122 - باب وضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ

- ‌123 - باب ما يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنَ الدُّعاءِ

- ‌124 - باب مَنْ رَأى الاسْتِفْتاحَ بِسُبْحانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ

- ‌125 - باب السَّكْتةِ عِنْد الافْتِتاحِ

- ‌126 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌127 - باب مَنْ جهَرَ بِها

- ‌129 - باب فِي تَخْفِيفِ الصَّلاةِ

- ‌128 - باب تَخْفِيفِ الصَّلاةِ لِلأَمْرِ يَحْدْثُ

- ‌130 - باب ما جاءَ فِي نُقْصانِ الصَّلاةِ

- ‌131 - باب ما جَاءَ فِي القِراءَةِ فِي الظُّهْر

- ‌132 - باب تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌133 - باب قَدْرِ القِراءَةِ في صَلاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ

- ‌134 - باب قَدْرِ القِراءَةِ فِي المَغْرِبِ

- ‌135 - باب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا

- ‌137 - باب القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ

- ‌136 - باب الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً واحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌138 - باب مَنْ تَرَكَ القِراءَةَ فِي صَلاتِهِ بِفَاتِحَة الكِتَابِ

- ‌139 - باب مَنْ كَرِهَ القِراءَة بِفاتِحَةِ الكِتابِ إِذَا جَهَرَ الإِمامُ

- ‌140 - باب مَنْ رَأَى القِراءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ

- ‌141 - باب ما يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالأَعْجَمِيَّ مِنَ القِراءَةِ

- ‌142 - باب تَمامِ التَّكْبِيرِ

- ‌143 - باب كَيْف يضَع رُكْبَتَيْه قبْلَ يدَيْهِ

- ‌144 - باب النُّهُوضِ فِي الفَرْدِ

- ‌145 - باب الإِقْعاء بَينَ السَّجْدَتيْنِ

- ‌146 - باب ما يَقُولُ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌147 - باب الدُّعاءِ بَينَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌148 - باب رَفعِ النِّساءِ إِذا كُنَّ مَعَ الرِّجالِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ

- ‌149 - باب طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السّجْدَتيْنِ

- ‌150 - باب صَلاةِ مَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ والسُّجودِ

- ‌151 - باب قَوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ صَلاةٍ لا يُتِمُّها صاحِبُها تَتِمُّ منْ تَطوُّعِهِ

- ‌152 - باب وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌153 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ

- ‌154 - باب فِي الدُّعاء فِي الرُّكوعِ والسُّجُودِ

الفصل: ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

‌71 - باب إِذا كانوا ثَلاثةً كيْف يَقُومُونَ

612 -

حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ إِسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ جَدَّتَة مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعامٍ صَنَعَتْهُ فَأكلَ مِنْهُ ثُمَّ قال:"قُومُوا فَلأُصَلِّيَ لَكُمْ". قال أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنا قَدِ اسوَدَّ مِن طُولِ ما لبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِماءٍ فَقامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْتُ أَنا واليَتِيمُ وَراءَهُ والعَجُوزُ مِنْ وَرائِنا فَصَلَّى لَنا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ صلى الله عليه وسلم (1).

613 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ عِنْ هارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قال: اسْتَأذَنَ عَلْقَمَةُ والأسْوَدُ عَلَى عَبْدِ اللهِ وَقَدْ كُنّا أَطَلْنا القُعُودَ عَلَى بابِهِ فَخَرَجَتِ الجارِيَةُ فاسْتَأذَنَتْ لَهُما فَأَذِنَ لَهُما ثُمَّ قامَ فَصَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهُ ثُمَّ قال: هَكَذا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ (2).

* * *

باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

[612]

(ثنا القعنبي، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري النجاري (3) المدني قال ابن معين: ثقةٌ حجة (4)(عن) عمه لأمه (أنس بن مالك رضي الله عنه أن جدته) الضمير في الجدة لا يصح عوده على أنس على الراجح؛ لأنها أم أنس، وإنما يعود على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة؛ لأنها جدته أم أبيه عبد الله (5)

(1) رواه البخاري (380)، ومسلم (658).

(2)

رواه مسلم (534).

(3)

سقط من (م). وبياض في (ل).

(4)

"تهذيب التهذيب" 1/ 154.

(5)

وقيل: مليكة جدة أنس أم أمه رضي الله عنه.

ص: 14

(مُلَيكة) بضم الميم على التصغير على المشهور، ويروى مَليكة بفتح الميم على التكثير وهي أم سليم بنت ملحان، قال أبو الحسن بن الحصار في "تقريب المدارك": أنها جدة أنس أم أبيه وجدة إسحاق أم أبيه أيضًا، وعلى هذا فلا اختلاف [إن ثبت](1)، وهي في غاية البعد.

(دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام) أي: لأكل طعام ونحوه من المضافات المصححة للمعنى واللام [لتعليل (صنعته)](2) لأجله فأكل منه، عطف على جملة محذوفة أي فجيء به (فأكل منه) فيه أن من دعي لوليمة (3) أو أضيف فلا يأكل جميع ما تقدم منه بل يبقي منه ويدل على هذا قوله منه، فإن من للتبعيض، فإنه إذا أكل الجميع توهم صاحب المنزل أنه لم يشبع منه ولم يكفه وعلى هذا فمسح الإناء مخصوص بغير الضيف. (ثم قال: قوموا) وفيه دليل على عظم تواضعه صلى الله عليه وسلم في إجابة دعوة الرجل والمرأة، وعلى إجابة الداعي لغير العرس، لكن إجابتها عندنا غير واجبة على الأظهر، وظواهر الأحاديث الإيجاب، قال بعض المالكية: المقصود بهذِه الدعوة: إنما كان للصلاة لهم ليتخذوا مكانه مصلى، والطعام تبع، ولهذا بدأ بالطعام قبل الصلاة (4)، ولكن يرده لام التعليل في قوله: لطعام.

(فلأصلي لكم) روي بكسر اللام ونصب الياء في (أصلي) على أنها

(1) في (م): أن تثبت. وفي (س، ص): أنها ست.

(2)

في (س): للتقليل منعته.

(3)

في (م): إلى وليمة.

(4)

في (م): الأكل. وفي (س): الأكل بالطعام قيد الصلاة.

ص: 15

لام كي والفاء زائدة كما في: زيد فمنطلق، وقيد (1) الفراء والأعلم (2) وجماعة جواز زيادتها يكون الخبر أمرًا أو نهيًا، وحمل عليه الزجاج {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ} (3) والنهي: زيد فلا تضربه (4). والفاء في قوله تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُد} (5) زائدة عند الفارسي، وقدم المنصوب على الفاء إصلاحًا للفظ كيلا تقع الفاء صدرًا، وذهب الأخفش إلى أنه قياسي، وروي بكسر اللام وحذف الياء للجزم، لكن أكثر ما يجزم بلام الأمر الفعل المبني للفاعل إذا كان للغائب ظاهرًا (6) [كما في] (7) {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (8) أو ضميرًا نحو:"مره فليراجعها" وأقل منه أن يكون مسندًا للضمير المتكلم نحو: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} (9) ومثله في هذا الحديث: "فلأصلي لكم" وأقل من ذلك ضمير المخاطب، كقراءة:[فبذلك فلتفرحوا](10) بتاء الخطاب.

فإن قيل: في إسناده إلى ضمير المتكلم أمر الشخص نفسه، فهو مستحيل. قيل: أوله السهيلي بوجهين:

(1) في (م): قد.

(2)

تكررت في (ص).

(3)

ص: 57.

(4)

في (ص): مقرابة. وفي (م): حصر به.

(5)

الزمر: 66.

(6)

"مغني اللبيب"(ص 219 - 220).

(7)

في (ص، س): كان.

(8)

الطلاق: 7.

(9)

العنكبوت: 12.

(10)

يونس: 58. وهي قراءة يعقوب من رواية رويس انظر: "تيسير التحبير" لابن الجزري (ص 400).

ص: 16

أحدهما: أن يكون من باب قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} (1) أف أمرٌ ومعناه الخبر.

الثاني: أن يكون أمرًا بالائتمام لكنه أضافه إلى نفسه لارتباط فعله بفعلهم (2).

ورواية ثالثة بفتح اللام من (لَأُصلي) والياء ساكنة وهي أبعد من الأوليين؛ لأن اللام تكون حينئذٍ جوابًا للقسم المحذوف فيلزمها نون التوكيد في الأشهر، قال البطليوسي: كثير من الناس يتوهمون في الكلام قسمًا وهو غلط؛ لأنه لا وجه للقسم ها هنا، ولو كان قسمًا لقال لأصلين، وإنما الرواية الصحيحة:(فلأصل) على معنى الأمر (3). وحكى صاحب "المطالع": فلنصل بالنون وكسر اللام الأولى (4) والجزم (5)؛ لأنه أمر للجميع (لكم) اللام فيه للتعليل، و (6) المراد: أَلا أصلي لتعليمكم وتبليغكم ما أمرني به ربي، وليس فيه تشريك في العبادة فيؤخذ منه أن المصلي [لا يضره](7) أن يكون مع نية صلاته إرادة التعليم فإنه عبادة أخرى، ويدل على جواز (8) مثل هذا ما رواه

(1) مريم: 75.

(2)

"فتح الباري" 1/ 584.

(3)

"مشكلات موطأ مالك" للبطليوسي (ص 87).

(4)

في جميع النسخ: آخره. والمثبت من "المطالع"، وانظر:"الفتح" 1/ 490.

(5)

"مطالع الأنوار" 4/ 584.

(6)

أقحم هنا بعد الواو في جميع النسخ كلمة: ليس. ولا معنى لها هنا.

(7)

في (ص، س، ل): مضره. والمثبت من (م).

(8)

من (م).

ص: 17

البخاري عن أبي قلابة: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة (1)، وبوب عليه البخاري: باب من صلى بالناس وهو لا (2) يريد إلا أن يعلمهم.

(قال أنس: فقمت إلى حصير) يحتمل (3) أن يكون فعيل بمعنى مفعول، وهي تطلق على ما عمل من سعف النخل والقصب والأسل المسمى سمار (4)، وغير ذلك، وجمعها حصر مثل بَريد وبُرُد بضم الباء والراء وتأنيثها بالهاء آخرها عامِّيٌّ (5)(لنا) يحتمل أن يكون الضمير له ولأبويه (قد اسود من طول ما لبس) فيه أن الافتراش يطلق عليه (6) لباس؛ لأن لبس كل شيء بحسبه وإن كان لا يسمى افتراش الحصير في العرف لباسًا (7) حتى لو حلف لا يلبس شيئًا لا يحنث بافتراش الحصير، أو لا يلبس ثوبًا فافترشه خلافًا لمالك (8)، واحتج بالحديث، والشافعية: لا يحنث (9)؛ لأن الأيمان مبناها (10) العرف،

(1)"صحيح البخاري"(677).

(2)

سقط من (م).

(3)

من (م).

(4)

في (م): سماد.

(5)

انظر: "المصباح المنير"[حصر].

(6)

في (ص): على.

(7)

في (م): لبسًا.

(8)

انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" 5/ 163.

(9)

"شرح النووي على صحيح مسلم" 5/ 163.

(10)

في (ص): نشأها. وبياض في (ل).

ص: 18

وهذا لا يسمى في العرف لباسًا (1)، ويلزم على قاعدة مالك في رواية البخاري عن حذيفة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير (2). أن يجوز الجلوس عليه وافتراش الحرير للنساء؛ لأن الافتراش لبس، ولهذا صحح النووي جواز افتراش الحرير للنساء (3)؛ لأنه يسمى لباسًا، وقد أحل لهن اللباس، وأصحهما عند الرافعي المنع؛ لأن اللباس العرفي في البدن (4)، وفي "المدخل" لابن الحاج المالكي أنه يجوز لها (5) استعمال ذلك خاصة، وأما زوجها فسمعت سيدي أبا محمد يقول: أنه لا يجوز له ذلك إلا على التبع لها فلا يدخل الفراش إلا بعد دخولها ولا يقيم في الفراش بعد قيامها، ويجب عليها أن توقظه إذا قامت أو تزيله عنه (6).

(فنضحته) بفتح الضاد والحاء المهملة ومضارعه ينضحه بكسر الضاد، وهو الرَّشّ كما قال الجوهري (7)، وقيل: هو الغَسْل، وهذا (8) النضح يجوز أن يكون لأجل [تليينه وتهيئته](9) للجلوس عليه فإنه كان

(1) في (م): لبسًا. وبياض في (ل).

(2)

"صحيح البخاري"(5837).

(3)

"روضة الطالبين" 2/ 67.

(4)

"الشرح الكبير" للرافعي 5/ 34 - 35.

(5)

سقط من (م).

(6)

"المدخل" لابن الحاج 1/ 274.

(7)

"الصحاح" نضح.

(8)

في (م): هو.

(9)

في (ص): تلبسه وتهيئه. والمثبت من (م).

ص: 19

من جريد كما في مسلم (1)، واختاره النووي (2)، ويجوز أن يكون لطهارته وزوال ما يعرض من الشك في (3) نجاسته، ورجحه القاضي (4)، فإن احتراز الصبيان عن النجاسة بعيد ويؤيد هذا كون أبي عمير صاحب النُّغَيْر كان معهم طفلًا صغيرًا (بماء) مطلق غير مستعمل (وصففت) روي صفِفْتُ بضم الصاد على المفعول ووقع في "شرح (5) الوجيز" لابن يونس أنه الأرجح قال: لأنه متعدٍّ، وليس في اللفظ مفعوله، وجوابه أنَّ صف يستعمل لازمًا فيقال: صَفَفتُهم [فصفوا، وصف](6) الطائر بسط جناحيه في طيرانه، وفي الحديث:"كل ما دفَّ ودع ما صفَّ"(7) أي: يؤكل ما يحرك جناحيه في طيرانه ويضرب بهما دفته أي جنبيه يعني جناحيه، كالحمام، ولا يؤكل ما صف جناحيه كالنسر والصقر.

(أنا واليتيم) فيه شاهد على أنه لا يعطف على ضمير الرفع إلا بضمير منفصل يفصل بينهما وهو هنا أنا، واليتيم في الناس من قبل الأب وفي البهائم من قبل الأم، وحكى الماوردي أنه يقال في بني آدم أيضًا، وفعيل

(1)"صحيح مسلم"(659)(267).

(2)

"شرح النووي على مسلم" 5/ 164.

(3)

في (م): من.

(4)

"إكمال المعلم" 9/ 376: غريب.

(5)

في (م): شرحه.

(6)

في (ص): فصفف أو صف.

(7)

ذكره الخطابي في "غريب الحديث" 3/ 212، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 376: غريب، وقال الحافظ في "التلخيص" 4/ 154: لم أر من خرجه.

ص: 20

فيه لغير المبالغة، وكذلك فعول في عجوز والألف واللام في اليتيم للعهد الذهني باعتبار راوي الحديث ومرويه (1) وإلا فلم يتقدم له ذكر، واليتيم هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جد حسين بن عبد الله بن أبي (2) ضميرة (وراءه) فيه صحة صلاة الصبي المميز، وأن للصبي موقفًا في الصف، وهو الصحيح من مذهبنا (3)، وقول الجمهور، وعن أحمد كراهيته (4)، وروي عن عمر أنه كان إذا أبصر صبيًّا في الصف أخرجه (5)، ونحوه عن بعض السلف، وهو محمول على صبي لا يعقل الصلاة، وفيه أن الاثنين يكونان صفّا، وراء الإِمام صفًّا وهو مذهب العلماء إلا ابن مسعود وأبا حنيفة والكوفيون؛ فإنهم قالوا: يكونان عن يمينه (6) ويساره (7)، واستدل بحديث عنه أجوبة.

(والعجوز (8) من ورائنا) [العجوز هي مليكة المذكورة](9) فيه أن موقف المرأة في الصلاة وراء الصبي؛ فإنها إذا لم يكن معها امرأة (10)

(1) في (ص، س، ل): عروبة.

(2)

سقط من (س، ل، م).

(3)

"المجموع" 5/ 227.

(4)

"الإنصاف" 2/ 200.

(5)

"مصنف ابن أبي شيبة"(4192) عن عمر رضي الله عنه، وهو منقطع.

(6)

من (م).

(7)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 76. ومذهب أبي حنيفة أن الاثنين يقفان خلف الإِمام، وإن قام في وسطهما جاز.

(8)

في (م): عجوز.

(9)

سقط من (م).

(10)

سقط من (م).

ص: 21

تقف وحدها، وهذا لا خلاف فيه، ويجوز أن يستدل به على أن المرأة لا تؤم الرجال؛ لأن مقامها في الائتمام متأخر عن مرتبتهم (1) فكيف تتقدم أمامه، هذا مذهب الجمهور خلافًا للطبري وأبي ثور؛ فإنهما أجازا إمامة المرأة للرجال والنساء (2).

(فصلى لنا ركعتين) أدخل مالك هذا الحديث في ترجمة باب جامع سبحة الضحى، واستدل به عياض بذلك، وقال الباجي: حديث أنس أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا مرة واحدة في دار رجل من الأنصار سأله أن يصلي فيه ليتخذ مكانه مصلى، وقد يجمع بينه وبين [هذا بأن] (3) يقال: لعل مالكًا بلغه أن صلاته في دار مليكة كانت ضحى، ويحتمل أن يكون مالك لم يبلغه ذلك ولكن لما كانت صلاة الضحى نافلة عبر عنها بصلاة الضحى، وجعلها تنوب عنها (4). قال صاحب العشر (5): إنما أخذ مالك أنها صلاة الضحى؛ لأن الظاهر أن الصلاة كانت في وقت الغداء للدعوة عند تناول الغداء، وعلى هذا فيؤخذ منه أن صلاة الضحى تحصل [فضيلتها بركعتين](6)(ثم انصرف صلى الله عليه وسلم) يحتمل الانصراف من البيت، ورجحه ابن دقيق العيد، ويحتمل وهو الظاهر المراد من الانصراف

(1) في (س): من بينهم.

(2)

أجاز لها فقط في صلاة التراويح، إذا لم يكن هناك قارئ غيرها، انظر:"حلية العلماء" للقفال 2/ 170.

(3)

من (م)، وفي بقية النسخ: هذان.

(4)

"المنتقى" 1/ 274.

(5)

كذا في (ص، م)، وفي (س): العين. وبياض في (ل) ولم أقف على هذا النص.

(6)

في (م): فضلها ركعتين. وفي (س): فضلها بركعتين.

ص: 22

من الصلاة بناء على أن السلام (1) لا يدخل تحت مسمى الصلاة (2) عند أبي حنيفة (3)، وأما على رأي غيره فيكون الانصراف عبارة عن التحلل، ويؤيده الحديث الآخر:"لا تسبقوني بالركوع ولا بالانصراف"(4) يعني السلام، فيكون أراد بالانصراف السلام.

[613]

(ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا [محمد بن] (5) فضيل) بن غزوان الضبي الحافظ (عن هارون بن عنيزة)(6) بن (7) عبد الرحمن الشيباني، وثقه أحمد (8) وابن معين (9) (عن عبد الرحمن بن الأسود) أحد فقهاء التابعين (عن أبيه) الأسود بن يزيد النخعي (قال: استأذن علقمة) بن يزيد (و (10) الأسود) النخعي (على عبد الله) بن مسعود، وكان يقرأ القرآن على ابن مسعود رضي الله عنه (وقد كنا) قد هنا للتوقع كما أثبته الأكثرون، لقوله تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ؛ لأنها كانت تتوقع إجابة الله تعالى لدعائها وأنكر بعضهم كونها للتوقع

(1) من (م). وفي بقية النسخ: الكلام.

(2)

من (م). وفي بقية النسخ: السلام.

(3)

إذ السلام عنده ليس هو ركن من أركان الصلاة، بل هو علامة انقضائها، انظر:"المبسوط" للسرخسي 1/ 230.

(4)

طرف حديث أخرجه أحمد 3/ 102، ومسلم (112)(426) وغيرهما.

(5)

من (س، ل، م).

(6)

من (ل، م).

(7)

في (س): عن.

(8)

"سؤالات أبي داود لأحمد"(369).

(9)

"تهذيب الكمال" 30/ 101.

(10)

من (م). وفي باقي النسخ: بن.

ص: 23

مع الماضي، وقال: التوقع انتظار الوقوع (1)، والماضي قد وقع، ويرد هذا أنها تدل على أن (2) الفعل الماضي كان قبل الإخبار متوقعًا. كما أخبر الأسود أنه كان يتوقع الإذن لا (3) أنه الآن متوقع، وعبارة ابن مالك في ذلك حسنة؛ فإنه قال: إنها تدخل على ماضٍ متوقع ولم يقل أنها تفيد التوقع (4).

(أطلنا القعود على بابه) ليؤذن لنا (فخرجت الجارية فاستأذنت لهما) فيه أنه لا بأس بالكبير أن يكون له جارية تخدمه وتعينه على العبادة وتستأذن له في الباب ليتوفر عنه الظهور كل وقت وعلى زوجته من مخاطبة الأجانب وغير ذلك (فأذن) لها أن تأذن (لهما) فدخلا (ثم قام فصلى) فيه وجوب القيام في الصلاة للقادر (بيني وبينه) أي: بين علقمة بن يزيد حتى (5) دخل وقت الصلاة.

(ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل) احتج به أبو حنيفة والكوفيون أن الإِمام إذا كان خلفه ذَكَرَانِ يكون أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (6)، وقد يحتج أيضًا بما رواه المصنف:"وسِّطوا الإِمام وسدوا الخلل"(7)، ورأى الشافعي أن هذا منسوخ بحديث أنس

(1) من (س، م). وفي باقي النسخ: الموقوع.

(2)

من (م).

(3)

في (م): إلا.

(4)

انظر: "مغني اللبيب" ص 228.

(5)

من (م). وفي باقي النسخ: حين.

(6)

"شرح فتح القدير" 1/ 355 - 356.

(7)

أخرجه المصنف (681)، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.

ص: 24

المتفق على صحته: صليت أنا ويتيم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأم سليم خلفنا (1). ويعضده ما (2) رواه مسلم من حديث جابر (3): صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقمت عن يمينه [ثم جاء](4) آخر فقام عن يساره فدفعنا جميعًا (5) حتى أقامنا خلفه. وسمى الآخر جبار (6) بن صخر. فرأى الشافعي حديث أنس ناسخًا لحديث ابن مسعود، قال إمام الحرمين: وثبت عنده تأخر هذا الفعل -والله أعلم- قال: وفي بعض كلامه تقديم رواية أنس؛ لأنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك فرأى (7) روايته أثبت والله أعلم.

(1)"الأم" 7/ 185 ط دار المعرفة.

(2)

في (م): بما.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (ص): مخرجا.

(5)

من (م). وفي بقية النسخ: جمعنا.

(6)

في (ص): حياب.

(7)

من (س، م). وفي باقي النسخ: برأي.

ص: 25