المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌123 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌70 - باب الرَّجُلَين يَؤمُّ أَحَدهما صاحبهُ كيْفَ يقُومان

- ‌71 - باب إِذا كانوا ثَلاثةً كيْف يَقُومُونَ

- ‌72 - باب الإِمامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌73 - باب الإمامِ يتطَوَّعُ في مَكانه

- ‌74 - باب الإِمامِ يُحْدثُ بَعْد ما يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَة

- ‌75 - باب في تحْرِيمِ الصَّلاة وتَحْليلِها

- ‌76 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ المَأْمُومُ مِنَ اتباع الإِمامِ

- ‌77 - باب التَّشْدِيدِ فيمَنْ يرْفَعُ قبْل الإِمامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌78 - باب فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمامِ

- ‌79 - باب جِماع أَثْوابِ ما يُصَلَّى فِيهِ

- ‌80 - باب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثوبَ فِي قَفاهُ ثُمَّ يُصَلِّي

- ‌81 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثَوْبٍ واحِدٍ بَعْضُهُ علَى غيْرِهِ

- ‌82 - باب فِي الرَّجُلِ يُصلِّي فِي قمِيصٍ واحِدٍ

- ‌83 - باب إذا كان الثَّوْبُ ضَيِّقًا يَتَّزِرُ بِهِ

- ‌85 - باب الإسْبالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌84 - باب مَنْ قال: يَتَّزِرُ بهِ إِذا كانَ ضَيِّقًا

- ‌86 - باب فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ

- ‌87 - باب المَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمارٍ

- ‌88 - باب ما جاءَ فِي السَّدْلِ فِي الصّلاةِ

- ‌89 - باب الصَّلاةِ فِي شُعرِ النِّساءِ

- ‌90 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي عاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌91 - باب الصّلاةِ في النَّعْلِ

- ‌92 - باب المُصَلِّي إذا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يضَعهما

- ‌93 - باب الصَّلاةِ عَلَى الخُمْرة

- ‌94 - باب الصّلاةِ عَما الحَصِيرِ

- ‌95 - باب الرَّجُل يَسْجُدُ على ثَوْبِهِ

- ‌96 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌97 - باب الصُّفُوفِ بَينَ السَّوارِي

- ‌98 - باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الإِمامَ فِي الصَّفِّ وكراهِيَةِ التأَخُّر

- ‌99 - باب مُقامِ الصِّبْيان مِنَ الصَّفِّ

- ‌100 - باب صَفِّ النِّساءِ وَكَراهِيَةِ التَّأَخُّرِ عن الصَّفِّ الأَوَّل

- ‌101 - باب مُقامِ الإِمامِ مِن الصَّفِّ

- ‌102 - باب الرَّجلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌103 - باب الرَّجُل يَرْكع دُون الصّفِّ

- ‌104 - باب ما يَسْتُرُ المُصَلِّي

- ‌105 - باب الخَطِّ إِذا لَمْ يجِدْ عَصًا

- ‌106 - باب الصَّلاة إِلَى الرّاحِلَةِ

- ‌107 - باب إِذا صَلَّى إِلَى سارِيَةٍ أَوْ نَحْوِها، أَيْنَ يَجْعلُها مِنْهُ

- ‌108 - باب الصَّلاةِ إِلَى المُتَحَدِّثِينَ والنِّيامِ

- ‌109 - باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌110 - باب ما يؤْمَرُ المُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ المَمَرِّ بَينَ يَدَيْهِ

- ‌111 - باب ما يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ بينَ يَدَي المُصَلِّي

- ‌112 - باب ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌113 - باب سُتْرَة الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خلْفَهُ

- ‌114 - باب منْ قال: المَرْأَةُ لا تقْطعُ الصَّلاة

- ‌115 - باب مَنْ قال: الحِمارُ لا يَقْطَعُ الصَّلاة

- ‌116 - باب مَنْ قال: الكَلْبُ لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌117 - باب مَنْ قال: لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ

- ‌118 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ

- ‌119 - باب افتِتاح الصَّلاةِ

- ‌120 - باب

- ‌121 - باب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌122 - باب وضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ

- ‌123 - باب ما يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنَ الدُّعاءِ

- ‌124 - باب مَنْ رَأى الاسْتِفْتاحَ بِسُبْحانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ

- ‌125 - باب السَّكْتةِ عِنْد الافْتِتاحِ

- ‌126 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌127 - باب مَنْ جهَرَ بِها

- ‌129 - باب فِي تَخْفِيفِ الصَّلاةِ

- ‌128 - باب تَخْفِيفِ الصَّلاةِ لِلأَمْرِ يَحْدْثُ

- ‌130 - باب ما جاءَ فِي نُقْصانِ الصَّلاةِ

- ‌131 - باب ما جَاءَ فِي القِراءَةِ فِي الظُّهْر

- ‌132 - باب تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌133 - باب قَدْرِ القِراءَةِ في صَلاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ

- ‌134 - باب قَدْرِ القِراءَةِ فِي المَغْرِبِ

- ‌135 - باب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا

- ‌137 - باب القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ

- ‌136 - باب الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً واحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌138 - باب مَنْ تَرَكَ القِراءَةَ فِي صَلاتِهِ بِفَاتِحَة الكِتَابِ

- ‌139 - باب مَنْ كَرِهَ القِراءَة بِفاتِحَةِ الكِتابِ إِذَا جَهَرَ الإِمامُ

- ‌140 - باب مَنْ رَأَى القِراءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ

- ‌141 - باب ما يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالأَعْجَمِيَّ مِنَ القِراءَةِ

- ‌142 - باب تَمامِ التَّكْبِيرِ

- ‌143 - باب كَيْف يضَع رُكْبَتَيْه قبْلَ يدَيْهِ

- ‌144 - باب النُّهُوضِ فِي الفَرْدِ

- ‌145 - باب الإِقْعاء بَينَ السَّجْدَتيْنِ

- ‌146 - باب ما يَقُولُ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌147 - باب الدُّعاءِ بَينَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌148 - باب رَفعِ النِّساءِ إِذا كُنَّ مَعَ الرِّجالِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ

- ‌149 - باب طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السّجْدَتيْنِ

- ‌150 - باب صَلاةِ مَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ والسُّجودِ

- ‌151 - باب قَوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ صَلاةٍ لا يُتِمُّها صاحِبُها تَتِمُّ منْ تَطوُّعِهِ

- ‌152 - باب وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌153 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ

- ‌154 - باب فِي الدُّعاء فِي الرُّكوعِ والسُّجُودِ

الفصل: ‌123 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

‌123 - باب ما يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنَ الدُّعاءِ

760 -

حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الماجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ رضي الله عنه قال: كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا قامَ إِلَى الصَّلاةِ كَبَّرَ ثُمَّ قال: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَواتِ والأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَما أَنا مِنَ المُشْرِكينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لله رَبِّ العالمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إله لِي إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي واعْتَرَفْتُ بِذَنْبي فاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ واهْدِنِي لأحْسَنِ الأخْلاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِها إِلَّا أَنْتَ واصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَها لا يَصْرِفُ سَيِّئَها إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ والخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبارَكْتَ وَتَعاليْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ". وَإِذا رَكَعَ قال: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظامِي وَعَصَبِي". وِإذا رَفَعَ قال: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَمِلْءَ ما بَيْنَهُما وَمِلْءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ". وَإِذا سَجَدَ قال: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخالِقِينَ". وَإِذا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ وَما أَسْرَفْتُ وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ المُقَدِّمُ والمُؤَخِّرُ لا إله إِلَّا أَنْتَ"(1).

761 -

حَدَّثَنا الحَسَن بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ الهاشِمِيُّ، أَخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي الزِّنادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الفَضْلِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ

(1) رواه مسلم (771).

ص: 383

الحارِثِ بْنِ عَبْدِ المطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كانَ إِذا قامَ إِلَى الصَّلاةِ المكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذا قَضَى قِراءَتَهُ وَإِذا أَرادَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَصْنَعُهُ إِذا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاتِهِ وَهُوَ قاعِدٌ وَإِذا قامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ وَدَعا نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ العَزِيزِ فِي الدُّعاءِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَذْكُرْ:"والخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ". وَزادَ فِيهِ: وَيَقُولُ عِنْدَ انْصِرافِهِ مِنَ الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَما أَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لا إله إِلَّا أَنْتَ"(1).

762 -

حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عُثْمانَ، حَدَّثَنا شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قال: قال لِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ وابْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَغَيْرُهُما مِنْ فُقَهاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ: فَإِذا قُلْتَ أَنْتَ ذاكَ فَقُلْ: "وَأَنا مِنَ المُسْلِمِينَ". يَعْنِي قَوْلَهُ: "وَأَنا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ"(2).

763 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، أَخْبَرَنا حَمّادٌ، عَنْ قَتادَةَ وَثابِتٍ وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ رَجُلًا جاءَ إِلَى الصَّلاةِ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَقال: اللهُ أَكْبَرُ الحمْدُ لله حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ. فَلَمّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ قال: "أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بِالكَلِماتِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا". فَقال الرَّجُلُ: أَنا يا رَسُولَ اللهِ جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُها. فَقال: "لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَها أَيُّهُمْ يَرْفَعُها". وَزادَ حُمَيْدٌ فِيهِ: "وَإِذا جاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْشِ نَحْوَ ما كانَ يَمْشِي فَلْيُصَلِّ ما أَدْرَكَهُ وَلْيَقْضِ ما سَبَقَهُ"(3).

(1) رواه الترمذي (3721)، وأحمد 1/ 93.

وصححه الألباني (739).

(2)

رواه الدارقطني 1/ 298. وصححه الألباني (740).

(3)

رواه مسلم (600).

ص: 384

764 -

حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرَّةَ، عَنْ عاصِمٍ العَنَزِيِّ، عَنِ ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلاةً. قال عَمْرٌو: لا أَدْرِي أَيَّ صَلاةِ هِيَ فَقال: "اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا والحَمْدُ لله كَثِيرًا والحَمْدُ لله كَثِيرًا والحَمْدُ لله كَثِيرًا وَسُبْحانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. -ثَلاثًا- أَعُوذُ باللهِ مِنَ الشَّيْطانِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ". قال: نَفْثُهُ: الشِّعْرُ وَنَفْخُهُ الكِبْرُ وَهَمْزُهُ المُوتَةُ (1).

765 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي التَّطَوُّعِ، ذَكَرَ نَحْوَهُ (2).

766 -

حَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ رافِعٍ، حَدَّثَنا زَيْدُ بْن الحبابِ أَخْبَرَنِي مُعاوِيَةُ بْن صالِحٍ أَخْبَرَنِي أَزْهَرُ بْن سَعِيدٍ الحرازِيُّ، عَنْ عاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قال: سَأَلْتُ عائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِيامَ اللَّيْلِ فَقالتْ: لَقَدْ سَأَلَتَنِي عَنْ شَيْءٍ ما سَأَلنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كانَ إِذا قامَ كَبَّرَ عَشْرًا وَحَمِدَ اللهَ عَشْرًا وَسَبَّحَ عَشْرًا وَهَلَّلَ عَشْرًا واسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وقال:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي واهْدِنِي وارْزُقْنِي وَعافِنِي". وَيَتَعَوَّذ مِنْ ضِيقِ المقامِ يَوْمَ القِيامَةِ (3).

قال أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ خالِدُ بْنُ مَعْدانَ، عَنْ رَبِيعَةَ الجُرَشِيِّ، عَنْ عائِشَةَ نَحْوَهُ.

767 -

حَدَّثَنا ابن المُثَنَّى، حَدَّثَنا عُمَرُ بْن يُونُسَ، حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: سَأَلْتُ عائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذا قامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالتْ: كانَ إِذا قامَ مِنَ اللَّيْلِ

(1) رواه ابن ماجه (708)، وأحمد 4/ 80.

وضعفه الألباني (132).

(2)

رواه أحمد 4/ 80.

(3)

رواه ابن ماجه (1356)، والنسائي في "الكبرى" 2/ 122 (1319).

وصححه الألباني (742).

ص: 385

يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ فاطِرَ السَّمَواتِ والأَرْضِ عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ إِلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ"(1).

768 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ رافِعٍ، حَدَّثَنا أَبُو نُوحٍ قُرادٌ، حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ بِإِسْنادِهِ بِلا إِخْبارٍ وَمَعْناهُ، قال: كانَ إِذا قامَ بِاللَّيْلِ كَبَّرَ وَيقُولُ (2).

769 -

حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ قال: لا بَأْسَ بِالدُّعاءِ في الصَّلاةِ في أَوَّلهِ وَأَوْسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ فِي الفَرِيضَةِ وَغَيْرِها (3).

770 -

حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ المُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ الزُّرَقِيِّ قال: كُنّا يَوْمًا نُصَلِّي وَراءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمّا رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوعِ قال: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". قال رَجُلٌ وَراءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ رَبَّنا وَلَكَ الحمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ. فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ المُتَكَلِّمُ بِها آنِفًا". فَقال الرَّجُلُ أَنا يا رَسُولَ اللهِ. فَقال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَها أَيُّهُمْ يَكْتُبُها أَوَّلَ"(4).

771 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طاوُسٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذا قامَ إِلَى الصَّلاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُول: "اللَّهُمَّ

(1) رواه مسلم (770).

(2)

رواه أحمد 6/ 156.

وصححه الألباني (743).

(3)

رواه مالك في "الموطأ" 2/ 305.

وقال الألباني: صحيح مقطوع (769).

(4)

رواه البخاري (799).

ص: 386

لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الحَقُّ وَقَوْلُكَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ وَلِقاؤُكَ حَقٌّ والجَنَّةُ حَقٌّ والنّارُ حَقٌّ والسّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حاكَمْتُ فاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لا إله إِلَّا أَنْتَ" (1).

772 -

حَدَّثَنا أَبُو كامِلٍ، حَدَّثَنا خالِدٌ -يَعْنِي: ابن الحارِثِ- حَدَّثَنا عِمْرانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُ قال: حَدَّثَنا طاوُسٌ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ فِي التَّهَجُّدِ يَقُولُ بَعْدَ ما يَقُول:"اللهُ أَكْبَرُ". ثمَّ ذَكَرَ مَعْناهُ (2).

773 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الجبّارِ نَحْوَهُ، قال قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنا رِفاعَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ، عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُعاذِ بْنِ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَطَسَ رِفاعَةُ لَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: رِفاعَةُ فَقُلْتُ: الحمْدُ لله حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ مُبارَكًا عَلَيْهِ كَما يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى. فَلَمّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ فَقال: "مَنِ المُتَكَلِّمُ فِي الصَّلاةِ؟ ". ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مالِكٍ وَأَتَمَّ مِنْهُ (3).

774 -

حَدَّثَنا العَبّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظِيمِ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، أَخْبَرَنا شَرِيكٌ، عَنْ عاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قال: عَطَسَ شابٌّ مِنَ الأَنْصارِ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَقال: الحمْدُ لله حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّنا وَبَعْدَ ما يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. فَلَمّا انْصَرَفَ

(1) رواه البخاري (1120)، ومسلم (769).

(2)

رواه مسلم (769).

(3)

رواه الترمذي 2/ 254 (404)، والنسائي في "الكبرى" 1/ 322 (1003).

وحسنه الألباني (747).

ص: 387

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ القائِلُ الكَلِمَةَ؟ ". قال: فَسَكَتَ الشّابُّ ثُمَّ قال: "مَنِ القائِلُ الكَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا؟ ". فَقال: يا رَسُولَ اللهِ أَنا قُلْتُها لَمْ أُرِدْ بِها إِلَّا خَيْرًا. قال: "ما تَناهَتْ دُونَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ تبارك وتعالى"(1).

* * *

باب فيما يستفتح به الصلاة من الدعاء

[760]

(ثنا عبيد الله) مصغر (ابن معاذ) قال: (ثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري، قال:(ثنا عبد العزيز) بن عبد الله (بن أبي سلمة) التيمي مولاهم الفقيه.

(عن عمه) يعقوب بن أبي سلمة (الماجشون) بكسر الجيم، مولى آل (2) المنكدر، أخرج له مسلم عن الأعرج (3)، (بن أبي سلمة عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج، عن عبيد الله) بالتصغير (ابن أبي رافع) كاتب علي.

(عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة) زاد مسلم: من جوف الليل. وبوب عليه: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل (4). ورواية ابن حبان: إذا افتتح الصلاة (5)(كبر) لافتتاح الصلاة،

(1) رواه البزار 6/ 418 (2446).

وضعفه الألباني (134).

(2)

من (س، م، ل).

(3)

"صحيح مسلم"(771)(202).

(4)

"صحيح مسلم"(769).

(5)

رواية ابن حبان: كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة. "صحيح ابن حبان"(1771) أما رواية: إذا افتتح الصلاة. فهي عند ابن خزيمة في "صحيحه"(462).

ص: 388

(ثم قال: وجهت وجهي) أي: قصدت بعبادتي. وقيل: أقبلت (1) بوجهي اللذي فطر) خلق من (2) غير مثال سابق أو ابتدأ خلقي على غير مثال سابق خلق (السماوات والأرض) وجمع السما وات دون الأرض، وإن كانت سبعًا أيضًا؛ لأن السماء أشرف، وقال القاضي أبو الطيب: لأنا لا ننتفع من الأرض إلا بالطبقة الأولى بخلاف السماء فإن الشمس والقمر والكواكب موزعة عليها (حنيفًا) منصوب على الحال، الحنيف يطلق على المائل والمستقيم، فعلى الأول يكون المراد المائل إلى الحق، والحنيف أيضًا عند العرب من كان على ملة إبراهيم عليه السلام (مسلمًا) (3) بعد قوله: حنيفًا ليست في رواية مسلم (4) أيضًا بل رواها ابن حبان في "صحيحه"(5)(وما أنا من المشركين) بيان للحنيف وإيضاح لمعناه (إن صلاتي ونسكي) النسك العبادة لله استحقاقًا وملكًا، وهذا من ذكر العام بعد الخاص (ومحياي ومماتي) أي: حياتي وموتي، كما قال للأنصار:"المحيا محياكم والممات مماتكم"(6). والجمهور على فتح الياء الآخرة في محياي، وأصلها الفتح؛ لأنها حرف مضمر، فهي كالكاف في رأيتك والتاء في قمت، وقرئ بإسكان الياء كما تسكن في أبي، ونحوه، وجاز ذلك وإن كان قبلها ساكن؛

(1) في (ص، س، ل): أقبل.

(2)

في (م): على.

(3)

تكررت في (ص، س، ل).

(4)

"صحيح مسلم"(771)(201).

(5)

"صحيح ابن حبان"(1771).

(6)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(1780)(84) من حديث أبي هريرة.

ص: 389

لأن المدة تفصل بينهما.

قال أبو (1) البقاء: وقرئ في الشاذ بكسر الياء على أنه اسم مضمر كُسِر لالتقاء الساكنين، ويجوز الفتح في مماتي على أصل الضمير (لله) أي: ذلك كله مستحق (رب العالمين) أي: مالكهم (2)، وكل من ملك شيئًا فهو ربه، والرب هو المصلح والمدبر والقائم بالمصالح (لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) المتمكنين في الاستسلام الذين سلموا أنفسهم وجميع أمورهم لله تعالى، وفي رواية لمسلم (3) - وهي (4) رواية أكثرهم كما قال الشافعي في "الأم" (5) -:"وأنا أول المسلمين"؛ لأنه عليه السلام كان أول مسلمي هذِه الأمة، ومقتضى الإطلاق أنه لا فرق في قوله:"وأنا من المسلمين" وبقوله: "وما أنا من المشركين" بين الرجل والمرأة، وهو صحيح على [الإرادة للشخص](6)، وفي "المستدرك" للحاكم من رواية عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة:"قومي فاشهدي أضحيتك، وقولي: إن صلاتي ونسكي، إلى قوله: من المسلمين"(7)؛ فدل على ما ذكرناه.

(1) سقط من (م).

(2)

في (ص، س، ل): مماليكه.

(3)

(771/ 202).

(4)

في (ص): هو.

(5)

"الأم" 1/ 207.

(6)

في (م): إرادة الشخص. وفي (ل): الإرادة الشخص.

(7)

"المستدرك" 4/ 222.

ص: 390

(اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت) زاد الطبراني: "سبحانك وبحمدك"(1)(أنت ربي) المنعم (وأنا عبدك) المسيء (ظلمت نفسي) بملابسة ما يوجب غبنها أو ينقص حظها، وللظلم تقسيم ومراتب، نعوذ بالله من جميعها، وأراد بالنفس ها هنا الذات المشتملة على الروح.

(واعترفت بذنبي) أي: بذنوب عظيمة (فاغفر لي) رجح بعضهم هذا في الاستغفار على قوله: أستغفرك؛ لأن قوله (2): أستغفرك. إذا قاله ولم يكن متصفًا به كان كاذبًا. وهو ضعيف؛ لأن السين في أستغفرك للطلب فكأنه يقول: أطلب مغفرتك، وليس المراد الإخبار بأنه مستغفر، فاغفر لي (ذنوبي جميعًا) بالتنوين وهو للتوكيد، زاد مسلم (إنه) ولفظ الطبراني: فإنه (لا) أحد (يغفر الذنوب إلا أنت) أي: لا يغفر المعصية ويزيل عقوبتها إلا أنت (واهدني لأحسن الأخلاق) أي: لأكملها وأفضلها، ووفقني للتخلق به.

قال القرطبي: أجاب الله دعاء نبيه في ذلك فجمع له منها ما تفرق في العالمين (3). وذكر بعضهم زيادة، فقال:"واهدني لأحسن الأخلاق والأعمال والأهواء"(4)(لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها) أي: قبيحها (لا يصرف) عني (5)(سيئها إلا أنت، لبيك) من ألب

(1)"المعجم الكبير" للطبراني 19/ 231 (515).

(2)

سقط من (م).

(3)

"المفهم" 2/ 401.

(4)

رواه الدارقطني 1/ 298، وابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 342.

(5)

من (م).

ص: 391

بالمكان إذا أقام به، ويبنى (1) هذا المصدر مضافًا إلى المكان.

وقيل (وسعديك) أي: أنا ملازم لطاعتك لزومًا بعد لزوم، وعن الخليل أنهم بنوه على جهة التأكيد، وأصل لبيك: لبين لك، فحذفت النون للإضافة (والخير كله في يديك) زاد الشافعي (2)، عن مسلم بن خالد، عن موسى بن عقبة:"والمهدي (3) من هديت" أي (4): (والشر ليس إليك) أي: لا يضاف إليك؛ مخاطبة لك (5) ونسبة إليك تأدبًا مع الله بقضاء الله وقدره، وقد قال تعالى:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (6)(أنا بك) بتخفيف النون، أي: التجائي (و) انتمائي (إليك) وتوفيقي بك.

(تَبَارَكْتَ وَتَعَاليْتَ) أي: استحققت (7) الثناء، وقيل: ثبت (8) الخير عندك.

قال ابن الأنباري: تبارك (9) العباد بتوحيدك (10)(أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ) زاد الطبراني في "الكبير"(11) بعد قوله: "لبيك وسعديك والخير

(1) في (م): بنى.

(2)

"الأم" 1/ 207.

(3)

في (م): الهدى. في (ص، س، ل): المهتدي. والمثبت من (م) و"الأم".

(4)

ورد بعدها في (م): [والشر كله في يديك، وهو نظير قوله تعالى:{بِيَدِكَ الْخَيْرُ} ، زاد مسلم.

(5)

سقط من (م).

(6)

النساء: 78.

(7)

في (س، ص، ل): استحقيت.

(8)

في (ص): يثن.

(9)

في (م)، و"شرح النووي": تباركت.

(10)

"شرح النووي على مسلم" 6/ 59.

(11)

1/ 314 (928) من حديث أبي رافع.

ص: 392

في يديك: ولا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك أستغفرك وأتوب إليك" ثم يقرأ وملجأ (1) بهمز آخره دون ملجا (2) (وَإذَا رَكَعَ قَال: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ) أي: صدقت بك، وكل ما أخبرت به وأمرت ونهيت (وَلَكَ أَسْلَمْتُ) هكذا لمسلم وابن حبان (3)، زاد الشافعي (4) في روايته: "وأنت ربي". ومعنى: أسلمت استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك (خَشَعَ لَكَ) أي: خضع وأقبل بقلبه عليك من قولهم خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت (سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي) المراد به هنا الدماغ وأصله الودك الذي في العظم، وخالص كل شيء مخه (وَعِظَامِي) هكذا الرواية، ورواية مسلم: "وعظمي" (5) بالإفراد (وَعَصَبِي).

والعصب طنب (6) المفاصل، تقول: عصب اللحم بكسر الصاد كثر عصبه، وهو ألطف (7) من العظم. زاد الشافعي في "مسنده" (8) من رواية أبي هريرة:"وشعري وبشري". وإن كان الجمهور على تضعيفه؛ لكن (9) الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال.

وزاد النسائي من رواية جابر: "ودمي ولحمي"(10). وزاد ابن حبان

(1) في (ص، س): (منجأ).

(2)

لعل الصواب: (منجا).

(3)

"صحيح مسلم"(771)، "صحيح ابن حبان" 1/ 336 (2597).

(4)

"الأم" 1/ 217.

(5)

"صحيح مسلم"(771).

(6)

الطنب: عصبة تشد العظام والمفاصل وتربطها ببعضها. "اللسان" مادة: طنب.

(7)

في (ص، س، ل): العطف.

(8)

"مسند الشافعي" ص 38.

(9)

في النسخ: لأن. والمثبت أليق بالسياق.

(10)

"المجتبى" 2/ 192.

ص: 393

في "صحيحه": "وما استقلت (1) به قدمي لله رب العالمين"(2). وقدمي بميم (3) مكسورة وياء ساكنة على أنه مفرد، ولا يصح هنا التشديد على أنه مثنى؛ لأنه مرفوع إذ لو كان مثنى لقال: قدماي، والقدم مؤنثة فلهذا قال: وما استقلت، قال الله تعالى:{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} (4) لكن القدم تأنيثه مجازي فيجوز إثبات التاء وحذفها، ومعنى استقلت حملت يعني وجميع جسمي (5) الذي حمله قدمي ورفعه.

(وَإذَا رَفَعَ) رأسه من الركوع (قَال: سَمِعَ اللُّه لِمَنْ حَمِدَهُ) تقدم، وقيل: معناه سمع حمد الحامدين (6) له (رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) بالواو وكما تقدم أنه أبلغ (ملء) يجوز فيه الرفع على الصفة للحمد، ويجوز النصب (7) على الحال أي: مالئًا (السماوات والأرض وَمَا بَينَهُمَا).

قال عياض في "الإكمال": قيل: هو محتمل لطريق الاستعارة إذ الحمد ليس بجسم فيقدر بالمكيال وتسعه الأمكنة والأوعية، فالمراد تكثير العدد كما لو كان مما يقدر بمكيال أو ما يملأ الأماكن لكان بهذا المقدار، وقيل أن يعود ذلك التقدير لأجورهما وقيل: يحتمل التعظيم والتفخيم لشأنهما، وقد قيل: إن الميزان له كفتان كل كفة

(1) في (ص): استقل.

(2)

"صحيح ابن حبان"(1901).

(3)

في (ص): بهمز.

(4)

النحل: 94.

(5)

في (ص، س، ل): حملي.

(6)

في (ص، س، ل): الحامد.

(7)

في (ص، ل): الحمد.

ص: 394

طباق السماوات والأرض.

وفي الحديث: "والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماء والأرض"(1). قال: والأول أظهر للحديث الآخر: "سبحان الله عدد خلقه وزنة عرشه"(2). وظاهره تكثير (3) العدد، قال: والملء بكسر الميم وفتحها المصدر. (4)

(وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شيء بَعْدُ) أي: كالكرسي والعرش وغيرهما مما لم نعلمه قال الله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (5) وفي الحديث: "إن السماوات والأرض في الكرسي كالحلقة الملقاة في فلاة من الأرض"(6)، والكرسي وما فيه في العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، ويحتمل أن يكون معناه: من شيء يمكن أن يخلقه بعد، ومقصود هذا الحديث الاعتناء في تكثير الحمد والثناء.

(وإذَا سَجَدَ قَال) في سجوده (اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ) قال البيهقي في "الأسماء والصفات"(7): خلق الله عز وجل الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث (8)

(1) أخرجه مسلم (223)(1)، والترمذي (3517) من حديث أبي مالك الأشعري.

(2)

"إكمال المعلم" 3/ 134.

(3)

أخرجه مسلم (2726)(79)، والترمذي (3555)، والنسائي في "المجتبى" 3/ 77 من حديث جويرية بنت الحارث.

(4)

في (ص، ل): يكثر.

(5)

البقرة: 255.

(6)

أخرجه محمد بن أبي شيبة في "العرش"(58) من حديث أبي ذر الغفاري.

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(109) بمجموع طرقه.

(7)

"الأسماء والصفات" 1/ 79.

(8)

في (ص، ل): بلاد.

ص: 395

خلق: جعله (1) علقة، ثم مضغة، ثم جعله صورة، وهو التشكيل الذي يكون به ذا صورة وهيئة يعرف بها ويتميز (2) عن غيره (فَأَحْسَنَ صُورَهُ) هكذا أكثر النسخ (3)، وهي رواية مسلم (4)، وهو الموافق لقوله تعالى:{فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} (5)، وفي بعض النسخ:"فأحسن صورته" على الإفراد، وهي رواية ابن حبان (6).

قال الزمخشري: قرئ (فأحسن صوركم) بكسر الصاد (7)، قال: والمعنى واحد، قيل: لم يخلق حيوانًا أحسن صورة من الإنسان (8). ولهذا لو نظر إلى من صورته ذميمة في غاية القبح، فقال: والله وجهك أحسن من القمر لم يحنث؛ لقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (9)(فشَق) هكذا الرواية، ورواية مسلم وابن حبان:"وشق" بالواو (10)(يسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ) أي: منفذهما، قال القرطبي: أي

(1) في (ص، س، ل): خلقه. والمثبت من (م) و"الأسماء والصفات".

(2)

في (ص، ل): تمييز.

(3)

وفي النسخة التي بين أيدينا: "فأحسن صورته".

(4)

"صحيح مسلم"(771/ 202).

(5)

غافر: 64. والتغابن: 3.

(6)

رواه النسائي 2/ 220، والبزار 2/ 168 (563)، وأبو عوانة 1/ 504 (1886)، والطبراني في "الدعاء"(579 - 580).

أما رواية ابن حبان 5/ 315 (1977): "فأحسن صوره" كرواية مسلم.

(7)

هي قراءة أبي رزين. "مختصر شواذ القرآن" ص 133.

(8)

"الكشاف عن حقائق التنزيل" 3/ 435.

(9)

التين: 4.

(10)

مسلم (771)، وابن حبان 5/ 315 - 316 (1977 - 1978).

ص: 396

خلق فيه السمع والبصر (1).

قال عياض: قال الإمام (2): يحتج به من يقول إن (3) الأذنين من الوجه يغسلان في الوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف السمع إلى الوجه، واختلف في حكمهما، فقيل: يمسحان؛ لأنهما من الرأس، وقيل: يغسلان؛ لأنهما من الوجه، وقيل: أما باطنهما فيغسل مع الوجه، وأما ظاهرهما فيمسح مع الرأس (4). ومذهب الشافعي (5): يمسح ظاهرهما وباطنهما لكن باطنهما يكون بماء جديد؛ لأنه من الأذن، كالأنف والفم من الوجه (وَتَبَارَكَ) بالواو، ورواية الشافعي وابن حبان بالفاء (6)، وهو في مسلم بدون الفاء (7) (اللُّه) أي: تعالى؛ لأن البركة الزيادة، وما زاد على الشيء قد علاه. وقال ابن فارس: معناه ثبت الخير عنده، وقيل: استحق التعظيم (أَحْسَنُ الخَالِقِين) أي: المصورين والمقدرين، والخلق في اللغة الفعل الذي يوجده فاعله مقدرًا له لا عن سهو وغفلة، والعبد قد يوجد منه ذلك؛ ولهذا استدل به على أن العباد يخلقون، كما قال تعالى:{بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (8) و {أَرْحَمُ

(1)"المفهم" 2/ 403.

(2)

هو المازري في "المعلم بفوائد مسلم".

(3)

سقط من (م).

(4)

"المعلم بفوائد مسلم" 1/ 220 - 221، "إكمال المعلم" 3/ 135.

(5)

"الأم" 1/ 85، ولكنه قال: يمسح ظاهر أذنيه وباطنهما بماء غير ماء الرأس.

(6)

"صحيح ابن حبان"(1977).

(7)

مسلم (771/ 201).

(8)

هود: 45.

ص: 397

الرَّاحِمِينَ} (1)، قال الكعبي (2): لكن لا يطلق الخالق على العبد إلا مقيدًا كالرب ورُدَّ هذا القائل بأن أفعال العباد مخلوقة بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (3) قال المعتزلة: كونه أحسن الخالقين يدل على أن كل ما خلقه حسن فلا يكون خالقًا للكفر والمعصية، وأجيب بأن المراد بالأحسن: الإحكام والإتقان.

وعن ابن عباس أن ابن (4) أبي السرح لما انتهى في الكتابة إلى قوله {خَلْقًا آخَرَ} (5) عجب فقال: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (6)، فقال له (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اكتب، هكذا أنزلت" فشك ابن أبي السرح فارتد (8)، وقيل: قائل هذا عمر، ولهذا قال: وافقت ربي في أربع، منها هذا (9).

قال العارفون: فالآية سبب لسعادة (10) عمر، وشقاوة الآخر {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} (11)، وصدور هذا من البشر موافقًا

(1) الأعراف: 151. وغيره.

(2)

في (ص، ل): الكفتي.

(3)

الرعد: 16، والزمر:62.

(4)

من (م).

(5)

و (6) المؤمنون: 14.

(7)

و (8) من (م).

(9)

رواه الطيالسي في "المسند" 1/ 64 (41)، ومن طريقه الآجري في "الشريعة" 4/ 1896 (1369) عن أنس بن مالك، عنه.

(10)

في (م): سعادة.

(11)

البقرة: 26.

ص: 398

للقرآن لا يقدح في إعجازه.

(وَإذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ) أي: قارب أن يسلم من باب إطلاق مما قارب الشيء عليه، كما قال تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} (1) أي: قاربن بلوغه، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} (2) أي: الذين يقاربون الوفاة، ويدل على هذا التقدير رواية مسلم في "صحيحه":"ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والسلام: اللهم اغفر لي" .. إلى آخره (3)، ويجوز أن يكون فعله قبل السلام هو الأكثر، وقاله بعد السلام مرة.

(قَال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ) والمراد بقوله: "ما أخرت" إنما هو بالنسبة إلى ما وقع من ذنوبه المتأخرة؛ لأن الاستغفار قبل الذنب محال، كذا ذكره في شرح خطبة "رسالة الشافعي" لأبي الوليد النيسابوري أحد أصحاب ابن شريح نقلًا عن الأصحاب، قال الإسنوي: ولقائل أن يقول المحال إنما هو طلب مغفرته قبل وقوعه، وأما الطلب قبل الوقوع أن يغفر إذا وقع فلا استحالة فيه (4) (وما أسررت وما أعلنت) أي: جميعها؛ لأن الذنب إما سر أو علن (وَمَا أَسْرَفتُ) أي: في أموري من الكبائر؛ لأن الإسراف الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد فيه، وأما ما قدمت وأخرت فصغائر (وَمَا أنت أَعْلَم به مني) من ذنوبي وإسرافي في

(1) البقرة: 231.

(2)

البقرة: 240.

(3)

"صحيح مسلم"(771/ 201)

(4)

سقط من (م).

ص: 399

أموري وغير ذلك (أَنْتَ المُقَدِّمُ و) أنت (الْمُؤَخِّرُ) قال البيهقي: قدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين، وأخر من شاء عن مراتبهم وثبطهم بمحقها (1)، وأخر الشيء عن حين توقعه لعلمه بما في عواقبه من الحكمة، وقيل: قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده، وأخر من أبعده عن غيره، فلا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم (2).

ولكون (3) المقدم والمؤخر بمعنى الهادي والمضل، قدم من شاء لطاعته؛ لكرامته، وأخر من شاء بقضائه؛ لشقاوته (لَا إله إِلَّا أَنْتَ) أي: ليس لنا معبود نتذلل له ونتضرع إليه في غفران ذنوبنا إلا أنت.

[761]

(ثنا الحسن بن علي) قال: (ثنا سليمان بن داود) بن داود بن علي (الهاشمي) قال النسائي: ثقة مأمون (4).

قال: (ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ) الهاشمي.

(عَنْ) عبد الرحمن (الأَعْرَجِ (5)، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ (6) رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ) وكذا غير المكتوبة (كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيهِ وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا قَضَى

(1) في "الأسماء والصفات": عنها.

(2)

"الأسماء والصفات" للبيهقي 1/ 210.

(3)

في (س): ويكون.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 11/ 410.

(5)

سقط من (م).

(6)

في (ص): من. والمثبت من (س، م، ل).

ص: 400

قِرَاءَتَهُ) تقدم قريبًا.

(وَإذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَصْنَعُهُ إِذَا رَفَعَ)(1) تقدم بسنده (مِنَ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شيء مِنْ صَلَاتهِ وَهُوَ قَاعِدٌ) فيه ما تقدم، وحمله بعضهم على ما إذا رفع رأسه من السجود للقعود؛ فإنه لا يرفع يديه كما تقدم.

(وَإذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَينِ) بعد التشهد الأول (يرفَعَ يَدَيْهِ) وتقدم قول النووي أن المراد بالسجدتين الركعتين بلا خلاف إلا الخطابي فإنه ظن أن المراد السجدتان المعروفتان، ثم استشكل الحديث، وقال: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به، فلعله لم يقف على طرق هذا الحديث، ولو وقف عليها لحمله على الركعتين كما حمله الأئمة (2) (كَذَلِكَ) أي: حتى يحاذي منكبيه (وكبر) للقيام (ودعا) أي: بعد تكبيرة الإحرام، وفي الركوع والسجود كما تقدم (نحو حديث عبد العزيز) بن أبي سلمة (في الدعاء) المذكور إلا أنه (يزيد) البعض (وينقص) بفتح أوله (الشيء) بالنصب (وَلَمْ يَذْكُرْ) فيه (وَالْخَيْرُ [كله] (3) فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ) قال الإمام: تتعلق به المعتزلة في أن الله لا يخلق الشر، ونحمله نحن على أن معناه لا نتقرب إليك بالشر.

وقيل: لا يضاف إلى الله مخاطبة ونسبة تأدبًا مع الله تعالى [مع أنه](4) بقضاء الله تعالى وقدره واختراعه، فهو خالق له كالخير لقوله تعالى: {قُلْ

(1) في (م): ركع.

(2)

"المجموع" 3/ 447.

(3)

مستدركة من "السنن".

(4)

ليست في الأصول الخطية. والمثبت من "المفهم" للقرطبي 2/ 401.

ص: 401

كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (1)(2){وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} (3).

(وَزَادَ فِيهِ: ويَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ) وفي رواية لمسلم من طريق الماجشون: وإذا سلم من الصلاة قال (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ و) ما (أَخَّرْتُ وَ) مَا (أَسْرَرْتُ و) ما (أَعْلَنْتُ) أَنْتَ المقدم وأنت المؤخر (أنت إِلَهِي لَا إله إِلَّا أَنْتَ) زاد ابن ماجه بعد: "لا إله إلا أنت: ولا إله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك"(4).

[762]

(ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ) بن سعيد بن كثير الحمصي، كان حافظًا صدوقًا، مات سنة 250 (5).

قال (ثَنَا شُرَيْحُ) بضم الشين المعجمة (ابْنُ يَزِيدَ) الحضرمي المؤذن، والد حيوة بن شريح، ذكره ابن حبان في "الثقات"(6)، قال (حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزاي، واسمه دينار القرشي الأموي، قال حين حضرته الوفاة: هذِه كتبي قد صححتها من أراد أن يأخذها فليأخذها، ومن أرد أن يسمعها من ابني فليسمعها فإنه سمعها مني (قال: قَال لِي) محمد (بْنُ المُنْكَدِرِ و) إسحاق بن عبد الله (ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَغَيرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ فَإِذَا قُلْتَ أَنْتَ ذَلكَ) يعني دعاء

(1) النساء: 78.

(2)

ساقطة من (ص).

(3)

الأنعام: 17.

(4)

أخرجه الترمذي (3423)، وابن ماجه (864)، وأحمد 1/ 93 من طريق سليمان بن داود به.

(5)

"الكاشف" 2/ 336.

(6)

"الثقات"(1363).

ص: 402

التوجه (فَقُلْ: وَأنا مِنَ المُسْلِمِينَ -يَعْنِي) مكان ([قوله] (1): وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ) هكذا ذكرها المصنف موقوفة على بعض التابعين، وهي في رواية لمسلم (2). قال الشافعي: أستحب أن يأتي به المصلي بتمامه ويجعل مكان: "وأنا أول المسلمين": "وأنا من المسلمين"(3).

[763]

(ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) قال: (ثنا حَمَادٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ وَحُمَيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى الصَّلَاةِ) قال الخطيب: هو رفاعة الأنصاري (4)(وَقَدْ حَفَزَهُ) بفتح الحاء المهملة والفاء (5) والزاي المفتوحتين (النَّفَسُ) أي: أجهده من شدة الاستعجال، ومنه الحديث: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر فجعل يقسمه وهو محتفز (6). أي: مستعجل يريد القيام (فقال: الله أكبر الحمد لله حمدًا كثيرَا طَيِّبًا) الطيب من الحمد وغيره من الكلام، [هو أفضله وأحسنه [(مُبَارَكًا فِيهِ)] (7) زاد الطبراني في "الأوسط":"ينبغي لكرم (8) وجه ربنا عز وجل"(9) البركة: زيادة الخير.

(1) من "السنن".

(2)

"صحيح مسلم"(771)(202).

(3)

"الأم" 1/ 208.

(4)

"الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"(ص 76).

(5)

سقط من (س، م).

(6)

أخرجه مسلم (2044)(149) من حديث أنس.

(7)

تأخرت تلك العبارة في (ص، س، ل) فجاءت بعد قوله: ربنا عز وجل. والمثبت كما في (م).

(8)

في (م): لكن.

(9)

"المعجم الأوسط"(6965) من حديث أبي ثعلبة الخشني.

ص: 403

(فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتهُ قَال: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ) زاد مسلم (1): فأرم -بفتح الراء وتشديد الميم (2) - القوم، أي: سكتوا، من الرم وهو القطع، والرمة بضم الراء القطعة من الجبل، وبها كُني ذو (3) الرمة، قال القاضي عياض: ورواه بعضهم في غير "صحيح مسلم" بالزاي المفتوحة وتخفيف الميم من الأزم (4). وهو: الإمساك، قال ابن الأثير: الرواية المشهورة فأرم بالراء وتشديد الميم، والثانية فأزم القوم بالزاي، أي: أمسكوا عن الكلام كما يمسك الصائم عن الطعام، قال: ومنه سميت الحمية عن الطعام: الأزم (5).

(فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا) أي: شيئًا في كراهة ولا ضرر.

(فقال الرجل: [أنا يا] (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ) أي: أزعجني من سرعة المشي (فَقُلْتُهَا. فَقَال: لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَي عَشَرَ) بسكون الياء وفتح العين والشين بعدها (مَلَكًا) بفتح اللام (يَبْتَدِرونَهَا) أي: يتسابقون (7) إليها (أَيهُمْ) يكتبها، أيهم (يَرْفَعُهَا) إلى المحل الذي ترفع إليه الصلاة، [فيه دليل على بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة

(1)"صحيح مسلم"(650)(149).

(2)

زاد في (م): ورواية النسائي: من صاحب الكلمة. وهذه الزيادة مخرجة عند النسائي في "المجتبى" 2/ 145 من حديث وائل بن حجر.

(3)

في (ص، س، ل): ذي.

(4)

"إكمال المعلم" 2/ 551.

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(أزم).

(6)

في (ص): أتانا. وبياض في (ل).

(7)

في (م): يتسارعون.

ص: 404

الكرام أيضًا] (1) زاد الطبراني في "الأوسط": ثم شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره حتى توارت بالحجاب، قال:"هي لك بخاتمها يوم القيامة ومثلها"(2). [ورواه أحمد في ثلاثياته من "المسند"(3)، عن ابن أبي (4) عدي، عن حميد، عن أنس، قال: أقيمت الصلاة فجاء رجل يسعى فانتهى (5) وقد حفزه النفس أو انبهر، فلما انتهى إلى الصف قال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى صلاته قال:"أيكم المتكلم؟ " فسكت القوم، قال:"أيكم المتكلم فإنه قال خيرًا، ولم يقل بأسًا"

الحديث] (6).

(زَادَ حُمَيدٌ) بن أبي حميد، عن أنس بن مالك (فِيهِ: وإذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ) إلى الصلاة (فَلْيَمْشِ نَحْوًا مما (7) كَانَ يَمْشِي) قبلْ أن يأتي الصلاة (فَلْيُصَلِّ) منها (مَا أَدْرَكَ وَلْيَقْضِ مَا سَبَقَهُ) فيه أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو آخر صلاته، وأنه يكون قاضيًا لما سبق به (8) من الأقوال والأفعال، وهو مذهب أبي حنيفة (9).

(1) تأخرت هذه العبارة في (ص، س، ل) فجاءت بعد قوله: مثلها. والمثبت كما في (م).

(2)

في (ص، س، ل): ومسكها. "المعجم الأوسط" 7/ 97 (6965).

(3)

"المسند" 3/ 106.

(4)

سقط من (م).

(5)

سقط من (م).

(6)

تأخرت هذه العبارة في (ص، س، ل) فجاءت بعد قوله: مذهب أبي حنيفة.

(7)

في مطبوعة أبي داود: نحو ما.

(8)

سقط من (م).

(9)

"المبسوط" 1/ 135.

ص: 405

وحكى القرطبي عن أبي محمد عبد الوهاب أنه مشهور مذهب مالك (1)، وتقدم أن مذهب الشافعي (2) أنه أول صلاته، وأنه (3) كما يكون ثابتًا عليه في الأقوال والأفعال متممًا (4) لصلاته، وأجابوا عن هذا الحديث بأن المراد بالقضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه.

[764]

(ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ) قال: (أنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَاصمٍ) بن عمير (الْعَنَزِيِّ) بفتح العين والنون، ذكره ابن حبان في "الثقات"(5)، وروى له المصنف وابن ماجه (6) ولم يرويا عنه غيره، (عَنِ) نافع (بنِ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ) شريف مفتي (عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم[يصلي صلاة] (7) قال عمرو: لا أدري أيَّ) بالتشديد والنصب؛ لأن أيا الاستفهامية والشرطية تعربان دائمًا، وكذلك جعل الكوفيون وجماعة من البصريين مثلها معربة دائمًا (صَلاةً هي) رواية الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: "سيحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثًا (8)، ثم يقول: الله

(1)"المفهم" 2/ 221.

(2)

"الأم" 1/ 311.

(3)

في (ص): إنما.

(4)

في (ص، ل): منها. وفي (س): منهما.

(5)

"الثقات"(4657).

(6)

(807).

(7)

من مطبوع "السنن".

(8)

سقط من (م).

ص: 406

أكبر ثلاثًا" (1). (فقال: الله أكبر كبيرًا) منصوب بإضمار فعل كأنه قال: أكبر كبيرًا، وقيل: منصوب على القطع من اسم الله (الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله) حمدًا (كثيرًا الحمد لله كثيرًا) كذا لابن ماجه (2)، ولم يثلث (وسبحان الله بكرة) البكرة وقت الغداة، جمعها: بُكر، مثل: غرفة وغُرف، وأبكار: جمع الجمع، مثل: رطب، وأرطاب، وإذا أريد بكرة يوم بعينه منعت الصرف للتأنيث والعلمية (وأصيلًا) الأصيل: العشي، وهو ما بعد صلاة العصر إلى الغروب (ثلاثًا) يحتمل أن يعود التثليث على (3) الأخير، ويحتمل أن يعود على الثلاثة جميعها، وهو الظاهر، وكذا رواه ابن حبان (4)، فإن قاعدة مذهب الشافعي والأصوليين أن الصفة والاستثناء (5) وعطف البيان والتأكيد والبدل إذا ورد عقب جمل يعود على (6) جميع ما قبله، والوارد بعد مفردات أولى بالعود (أعوذ) أي: ألجأ (بالله من الشيطان) اسم لكل متمرد عات، مأخوذ من شطن إذا بعد، وقيل: من شاط إذا احترق (من نفخه ونفثه وهمزه. قال) عمرو: كذا لابن ماجه (7)، وهو عمرو بن مرة الجملي، بفتح الجيم

(1) سيأتي برقم (775)، ولم أقف عليه في "المستدرك" وإنما هو فيه 1/ 235 من حديث جبير بن مطعم، وانظر ص 324 هنا.

(2)

"سنن ابن ماجه"(807).

(3)

في (ص، س): إلى.

(4)

"صحيح ابن حبان" 5/ 80 (1780)، 6/ 336 - 337 (2601).

(5)

في (م): الاستئناف.

(6)

في (ص): إلى. والمثبت من (س).

(7)

"سنن ابن ماجه"(807).

ص: 407

والميم، وهو الإمام الحجة العامل.

قال (1) مسعر: لم يكن بالكوفة أفضل منه (2)(نفثه: الشعر) قال ابن الأثير: لأنه ينفث من الفم، والنفث شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل؛ [لأن التفل] (3) لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (4). ومنه:{النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (5) وهي: السواحر اللاتي يعقدن عقدًا في خيوط وينفثن ويرقين عليها، ولعل المراد بالشيطان الذي يقول الشعر: شياطين الجن والكهان الذين يقولون الشعر والسجع كثيرًا، ويحتمل أن يراد به: شياطين الإنس من الشعراء المداحين الهجائين المعظمين المحقرين بالشعر، وسموا بذلك؛ لأن الشيطان هو الذي يدعوهم إلى ذلك فيختلقون كلامًا يخيلونه لا حقيقة له (ونفخه: الكبر) لأن المتكبر يتعاظم ويجمع نفسه لا سيمًا إذا مدح فيحتاج إلى أن ينفخ الشيطان فيه، ويقال: رجل منتفخ ومنفوخ، أي: سمين (وهمزه: الموتة) بسكون الواو ودون همز، وأما مؤتة بالهمز فهي قرية من أرض البلقاء قريبة من الكرك كان بها وقعة مشهورة، قتل فيها جعفر وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة والمراد بالموتة هنا: الجنون، ولعل المراد بالجنون هنا الحاصل من شرب محرم كالمسكر ونحوه.

(1) زاد بعدها في (ص، س): ابن.

(2)

انظر: "ميزان الاعتدال"، للذهبي (6453).

(3)

من (س، م) و"النهاية".

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(نفث).

(5)

الفلق: 4.

ص: 408

ورواية الحاكم في رواية أبي سعيد المتقدمة (1): "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه". ورواه أحمد (2) من حديث أبي أمامة نحوه، وفيه:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". لكن في إسناده من لم يسم.

[765]

(ثنا [مسدد) قال: (ثنا] (3) يحيى) القطان (عن مسعر) بكسر الميم.

(عن عمرو بن مرة، عن رجل، عن نافع بن جبير، عن أبيه) جبير ابن مطعم.

(قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في) صلاة (التطوع) ويدل عليه الرواية المتقدمة رواية الحاكم: إذا قام إلى الصلاة بالليل (4)([ذكر] (5) نحوه) وروى ابن ماجه (6)، وابن خزيمة (7) من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه".

ورواه أحمد (8) والبيهقي (9) بلفظ: كان إذا دخل في الصلاة.

(1) سبق، ولم أقف على رواية الحاكم من حديث أبي سعيد، وإنما الرواية عنده من حديث جبير بن مطعم 1/ 235.

(2)

"مسند أحمد" 5/ 253 من طريق يعلى بن عطاء عن رجل حدثه.

(3)

في (ص): سنيد. وفي (ل): مسدد ثنا.

(4)

سقط من (م).

(5)

من المطبوع.

(6)

"سنن ابن ماجه"(808). وقال البوصيري في "الزوائد": في إسناده مقال.

(7)

"صحيح ابن خزيمة"(472).

(8)

أخرجه أحمد 4/ 80 عن يحيى القطان به.

(9)

"السنن الكبرى" للبيهقي 2/ 36.

ص: 409

[766]

(ثنا محمد بن رافع) قال: (ثنا زيد بن الحباب) بضم الحاء المهملة وتكرير الموحدة.

قال: (أخبرني معاوبة بن صالح) قال (أخبرني أزهر بن سعيد الحرازي) بفتح الحاء المهملة وتخفيف الراء وبعد الألف زاي، الحميري الحمصي، [أخرج له البخاري في كتاب "الأدب"](1).

[قال الدارقطني: ثقة، وهو صاحب معاذ بن جبل](2).

(عن عاصم بن حميد) السكوني (قال: سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام) أي: أراد القيام، قال النووي: يستحب لمن أراد القيام إلى الصلاة في الليل ما جاء في حديث عاصم (3) بن حميد.

(كبر عشرًا وحمد) بكسر الميم (الله عشرًا، وسبح عشرًا، وهلل) أي: قال لا إله إلا الله (عشرًا) أي: عشر مرات (واستغفر عشرًا، وقال: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني) وعند ابن حبان: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني، عشرًا (4)(ويتعوذ) بالله (من ضيق (5) المقام) بفتح الميم (يوم

(1) تأخرت تلك العبارة في (ص، س، ل) فجاءت بعد معاذ بن جبل. والمثبت من (م).

(2)

وردت هذه العبارة في هذا الموضع بجميع الأصول الخطية كتعليق على أزهر بن سعيد. وهو وهم وإنما ورد كلام الدارقطني هذا في عاصم بن حميد كما في "تهذيب الكمال" 13/ 481.

(3)

في (ص) صحيح.

(4)

"صحيح ابن حبان (2602).

(5)

في (ص): سوء.

ص: 410

القيامة) أي: من ضيق القيام في عرصات يوم القيامة إذا ازدحم أهل السماوات السبع والأراضين (1) السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وطائر، ويدافع بعضهم من بعض من شدة الزحام واختلاف الأقدام.

(ورواه خالد بن معدان، عن ربيعة) بن عمرو (الجرشي) -بضم الجيم، وفتح الراء وبالشين المعجمة- نزيل دمشق، مختلف في صحبته، قال أبو حاتم وغيره: ليس له صحبة، كان فقيه الناس في زمن معاوية (2)، قتل يوم مرج راهط (3) عام 64 (4) (عن عائشة نحوه) أي: نحو ما تقدم.

[767]

(ثنا) محمد (بن المثنى) قال: (ثنا عمر بن يونس) اليمامي وثقوه (5)، قال:(ثنا عكرمة) قال: (حدثني يحيى بن أبي كثير) قال: (حدثني أبو سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته (يقول (اللهم رب جبريل) ابتدأ به (6)، لأنه أفضلهم (وميكائيل وإسرافيل) عليهم السلام، قال في

(1) في (ص، س، ل): الأرض.

(2)

"الجرح والتعديل" 3/ 472.

(3)

في (ص): راهه. وفي (س): دابق.

(4)

"الكاشف" 1/ 307.

(5)

"الكاشف" 2/ 323.

(6)

من (م).

ص: 411

"الإكمال": [تخصصهم بربوبيته](1)(2) وهو رب كل شيء وجاء مثل هذا كثير من إضافة كل عظيم الشأن له دون ما يستحقر ويستصغر وششقذر، كالحشرات والكلاب والقردة إلا على سبيل العموم.

({فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ})(3) قدَّم صفة القدرة على صفة العلم، لأن العلم بكونه تعالى قادرًا متقدم على العلم بكونه عالمًا ({أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ}) قيل: لما شق على رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة شكيمتهم في الكفر والعناد قيل له: ادع الله تعالى بأسمائه العظمى، وقل: أنت وحدك تقدر على الحكم بيني وبينهم ({فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}) ولا حيلة فيهم على ما وقع منهم من الاختلاف والعناد والحكم بينهم إلا أنت يوم القيامة، وفيه إعذار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتسلية له ووعيد لهؤلاء الكفار، وعن الربيع بن خثيم، وكان قليل الكلام أنه أخبر بقتل الحسين وسخط على قاتليه، قالوا: الآن يتكلم فما زاد على أن قال: أو (4) قد فعلوا؟ وقرأ هذِه الآية؛ لأنه كان لا يتكلم إلا بالقرآن (اهدني لما اختلف فيه من الحق) قال في "الإكمال": أي: ثبتني، مثل قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (5).

وقال القرطبي: أرشدني ودلني على صواب ما اختلف فيه (6)(بإذنك)

(1) في (ص، ل): تخصيصهم بربويتهم. وفي (س): تخصيصه بربوبيته.

(2)

انظر: "فيض القدير" 2/ 185.

(3)

الزمر: 46.

(4)

في (م): و.

(5)

الفاتحة: 6، "إكمال المعلم" 3/ 78.

(6)

"المفهم" 2/ 400.

ص: 412

أي: بتمكينك ([إنك تهدي] (1) من تشاء إلى صراط مستقيم) أي: لا اعوجاج فيه، زاد ابن ماجه: قال عبد الرحمن بن عمر -يعني: شيخه- احفظوه جبرئيل مهموزة؛ فإنه كذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).

[768]

(ثنا محمد بن رافع) قال: (ثنا أبو نوح، قراد) بضم القاف وتخفيف الراء وبعد الألف دال، اسمه: عبد الرحمن بن غزوان البغدادي أخرج له البخاري، قال:(ثنا عكرمة) عن يحيى (بإسناده بلا إخبار، ومعناه قال: إذا قام) إلى صلاة (كبر) للإحرام (ويقول) الدعاء إلى آخره.

[769]

(ثنا القعنبي، عن مالك) بن أنس (قال: لا بأس بالدعاء في أوله) أي: في أول قيام الليل كما تقدم (و) في (أوسطه) لما في الحديث: "خير الأمور أوسطه"(3) حكاه القرطبي (4)، والذي هو خير يرتجى فيه إجابة الدعاء.

وروى المصنف (5) والترمذي (6)، وصححه من حديث عمرو بن عبسة (7): أي الليل أسمع قال: "جوف الليل"(وفي آخره) لأنه تهجده

(1) في مطبوعة أبي داود: إنك أنت تهدي.

(2)

"سنن ابن ماجه"(1357).

(3)

انظر: "المقاصد الحسنة" ص 332.

(4)

" المفهم" 9/ 137.

(5)

"سنن أبي داود"(1277).

(6)

"سنن الترمذي"(3579).

(7)

في (ص، س): عنبسة.

ص: 413

فيختمه بالدعاء؛ لأنه وقت انصراف الملائكة عنه، ويدعو (في الفريضة و) في (غيرها) من النوافل.

[770]

(ثنا القعنبي، عن مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر) بسكون الجيم والخفض صفة لنعيم ولأبيه، سمي بذلك؛ لأنه كان يجمر المسجد أي: يبخره.

(عن علي بن يحيى الزرقي) وفيه رواية الأكابر عن الأصاغر؛ لأن نعيمًا أكبر سنًّا من علي بن يحيى، وأقدم سماعًا منه، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق، وهم بين مالك والصحابي هذا في الراوية.

(عن أبيه) وأما من حيث شرف الصحبة فيحيى بن خلاد والد علي مذكور في الصحابة؛ لأنه قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قبله (1) لما ولد.

(عن رفاعة بن رافع (2) الزرقي قال: كنا يومًا نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم) رأسه (من) [الركعة من] (3) (الركوع قال: سمع الله لمن حمده) ظاهره أن قوله (سمع الله لمن حمده) وقع بعد رفع الرأس من الركوع فيكون من أذكار الاعتدال.

وفي حديث أبي هريرة في البخاري (4) وغيره ما يدل على أنه ذكر

(1) كذا في جميع الأصول الخطية. والصواب: حنكه. كما أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 269. وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 72.

(2)

في (ص): نافع.

(3)

سقط من (م).

(4)

"صحيح البخاري"(796) ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه".

ص: 414

الانتقال وهو المعروف عند الفقهاء، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: معنى قوله: فلما رفع رأسه أي: فلما شرع في رفع رأسه ابتدأ القول المذكور وأتمه بعد أن اعتدل.

(قال رجل وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن بشكوال: هذا الرجل هو رفاعة بن رافع راوي الحديث، واستدل على ذلك بما رواه النسائي وغيره، عن قتيبة، عن رفاعة بن يحيى الزرقي، عن عم أبيه معاذ بن رفاعة، عن أبيه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت: الحمد لله .. الحديث (1)، وأفاد بشر بن عمر الزهراني (2) في روايته، عن رفاعة بن يحيى أن تلك الصلاة كانت المغرب (3).

(ربنا ولك الحمد) كذا ثبت بزيادة الواو، وثبت في بعضها بحذف الواو، قال ابن دقيق العيد: إثبات الواو دال على معنى زائد؛ لأنه يكون التقدير: ربنا استجب ولك الحمد فيشتمل على معنى الدعاء، ومعنى الخير (4). انتهى، وهذا بناء (5) منه على أن الواو عاطفة، ومنهم من جعلها حالية، والجملة الاسمية منصوبة على الحال، ورجح الأكثر ثبوتها (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) زاد رفاعة بن يحيى: مباركًا عليه

(1) أخرجه الترمذي (404)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 145، وقال الترمذي: حديث حسن.

(2)

في (م): الزهري.

(3)

"غوامض الأسماء المبهمة" 1/ 388.

(4)

"إحكام الأحكام" 1/ 224.

(5)

في (ص، س): ثناء.

ص: 415

كما يحب ربنا ويرضى (1)، فأما قوله: مباركًا عليه، فيحتمل أن يكون تأكيدًا، وهو الظاهر، وقيل: الأول بمعنى الزيادة. والثاني بمعنى البقاء، قال الله تعالى:{وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} (2) فهذا يناسب الأرض؛ لأن المقصود به النماء والزيادة لا البقاء؛ لأنه بصدد التغير، وقال تعالى:{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} (3) فهذا يناسب الأنبياء؛ لأن البركة باقية لهم.

ولما كان الحمد يناسبه المعنيان جمعهما (4)، كذا قرره بعض شراح البخاري.

وقوله: كما يحب ربنا ويرضى، فيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد.

(فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال من المتكلم آنفًا؟ ) بالمد والقصر لغتان قرئ بهما في السبع (5)، زاد رفاعة بن يحيى: في الصلاة. فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثانية فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة فقال رفاعة بن رافع:(فقال الرجل: أنا يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) كيف قلت؟ فذكره، فقال: والذي نفسي بيده (لقد رأيت بضعة وثلاثين

(1) انظر الحديث الآتي (773).

(2)

فصلت: 10.

(3)

الصافات: 113.

(4)

في (م): جميعها.

(5)

انظر: "الحجة للقراء السبعة" 6/ 192.

ص: 416

ملكًا) والبضع بكسر الباء الموحدة (1) وحكي الفتح وهو من الثلاثة إلى التسعة، ويستعمل فيما دون العشرة في المذكر والمؤنث بلا هاء، وهو (2) من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر بالهاء في البضع مع المذكر وبحذفها مع المؤنث، قيل: ولا يستعمل فيما زاد على العشرين، وأجازه بعضهم، وهذا الحديث شاهد له، وهكذا قاله أبو زيد، وعلى هذا فمعنى البضع والبضعة قطعة مبهمة غير محدودة.

(يبتدرونها أيهم يكتبها أول) وفي رواية رفاعة بن يحيى: "أيهم يصعد بها أول". وللطبراني من حديث أبي أيوب: "أيهم يرفعها"(3).

قال السهيلي: روي أولُ. بالضم على البناء؛ لأنه ظرف قطع عن الإضافة، وبالنصب على الحال. انتهى.

وأما (أيهم) قال ابن حجر: رويناها بالرفع وهو مبتدأ وخبره: (يكبتها) قال القرطبي (4) وغيره تبعًا لأبي البقاء، في إعراب قوله تعالى:{يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (5) إن (6){أَيُّهُمْ يَكْفُلُ} : جملة في موضع نصب، قال: والعامل فيه ما دل عليه {يُلْقُونَ} أي: يقترعون (7). وأي: استفهامية والتقدير مقول فيهم {أَيُّهُمْ} يكتبها،

(1) و (2) سقط من (س، ل، م).

(3)

"المعجم الكبير"(4088).

(4)

في (م): الطيبي، وانظر:"الجامع لأحكام القرآن" 4/ 86.

(5)

آل عمران: 44.

(6)

في (م): أي.

(7)

"التبيان في إعراب القرآن" للعكبري 1/ 259.

ص: 417

ويجوز في أيهم النصب بأن يقدر المحذوف ينظرون (1) أيهم، وعند سيبويه: أي: [موصولة](2) والتقدير يبتدرون الذي هو يكتبها أول، وأنكر ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين (3).

وقال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين هذا أحدها، فإنه يسلم (4) أن أيا الموصولة تعرب (5) إذا أفردت، فكيف يقول ببناءها (6) إذا أضيفت (7)، ولا تعارض بين روايتي يكتبها، ويصعد بها؛ لأنه يحمل على أيهم (8) يكتبونها ويصعدون بها، واستدل به على أن لله ملائكة غير الحفظة يكتبون، ويؤيده ما في "الصحيح"(9)، عن أبي هريرة مرفوعًا:"إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر (10) ".

وقد استشكل تأخير رفاعة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كرر سؤاله ثلاثًا مع أن إجابته واجبة عليه وعلى كل من سأله، وأجيب بأنه لما لم يعين واحدًا

(1) في (ص): للظروف.

(2)

انظر: "فتح الباري" 2/ 286.

(3)

من "فتح الباري" 2/ 286.

(4)

في جميع النسخ الخطية: لا يسلم. والمثبت من "مغني اللبيب".

(5)

في (م): تعرف.

(6)

في (م): شأنها.

(7)

"مغني اللبيب" 1/ 108.

(8)

في (ل، م): أنهم.

(9)

"صحيح البخاري"(6408).

(10)

في جميع النسخ الخطية: الحديث. والمثبت من "الصحيح".

ص: 418

بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد (1) بعينه، وحمله على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنًّا منهم (2) أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو عنه قبل أن يعلم، وفهم النبي صلى الله عليه وسلم من سكوتهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسًا، ويدل على ذلك رواية سعيد بن عبد الجبار، عن رفاعة بن يحيى، عند ابن قانع (3) قال رفاعة: فوددت أني أخرجت من مالي وأني لم أشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة (4). وللطبراني من رواية أبي أيوب: "من هو؟ فإنه لم يقل إلا صوابًا" فقال: أنا قلتها يا رسول الله أرجو بها الخير (5). والحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم عما قال؛ ليتعلم السامعون كلامه، فيقولوا مثله، واستدل به على جواز إحداث ذكر ودعاء في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور، وعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على الحاضرين وعلى أن العاطس في الصلاة يحمد الله بغير كراهة، وأن المتلبس بالصلاة لا يتعين عليه تشميت العاطس، وعلى تطويل الاعتدال كما سيأتي واستنبط منه ابن بطال جواز رفع الصوت بالتبليغ خلف الإمام في الجملة (6).

قيل: الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر

(1) في (م): أحد.

(2)

في (م): منه.

(3)

في (ص، س، ل): عن ابن نافع. والمثبت من (م) و"فتح الباري".

(4)

أخرجه الطبراني في "الكبير" 5/ 41 (4532)، والبيهقي في "الكبرى" 2/ 95.

(5)

"المعجم الكبير" للطبراني (4088).

(6)

"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 419 بمعناه.

ص: 419

أن عدد حروفه مطابق لهذا العدد المذكور فإن البضع من الثلاث إلى التسع، وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفًا ويعكر على هذا الزيادةُ المتقدمة في [رواية](1) رفاعة، والقصة واحدة، ويمكن أن يقال: المتبادر (2) إليه هو (3) الثناء الزائد على المعتاد، وهو من قوله: حمدًا كثيرًا إلى آخره دون قوله: مباركا عليه. فإنها كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفًا.

وأما الرواية المتقدمة رواية مسلم (4)، عن أنس:"لقد رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها".

وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني: "ثلاثة عشر" فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها في سياق حديث الباب.

[771]

(ثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس (5) مولى حكيم بن حزام (عن طاوس) بن كيسان، طاوس القراء.

(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام للصلاة من جوف الليل) شبه (6) حديث عائشة، عن مسروق قلت لعائشة: أي: الليل كان

(1) ليست بالأصول الخطية: والمثبت من "فتح الباري" 2/ 286 لحاجة السياق إليها.

(2)

في (م): المشار.

(3)

في (ص، س، ل): من هذا.

(4)

"صحيح مسلم"(600)(149).

(5)

في (ص): بدر نبت.

(6)

في (م): يثبته.

ص: 420

يقوم؟ قالت: إذا سمع الصارخ (1). ورواية ابن ماجه (2): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل (يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض) وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (3) قيل: معناه: منور السماوات والأرض، أي: خالق نورهما.

قال أبو عبيد: معناه بنورك يهتدي أهل السماوات والأرض (4). وقال أبو العالية: مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء (5). وقال أبو القاسم القشيري: مزين الآفاق بالنجوم والأنوار، ومنور القلوب بالدلائل والبرهان، وقال الحليمي: هو الهادي لا يعلم العباد إلا ما علمهم ولا يدركون إلا ما يسر (6) لهم إدراكه بالحواس والعقل فطرته (7)، وفيه خلاف للمجسمة بل هو تعالى نور من حيث هو خالق النور وجاعله أو مدبر خلقه بذلك فيكون صفة فعل أو من حيث هو مبين، وهاد بإرادته وقدرته فيكون صفة ذات أو (8) على لسان أنبيائه وجعل ذلك في قلوب أوليائه فيكون صفة فعل.

(ولك الحمد أنت قيَّام السموات والأرض) قال في "الإكمال" في

(1) أخرجه البخاري (1132)، ومسلم (741)(131).

(2)

"سنن ابن ماجه"(1355).

(3)

النور: 35.

(4)

انظر: "شرح النووي على مسلم" 6/ 54.

(5)

انظر: "تحفة الأحوذي" 9/ 257.

(6)

في (ص، س): بين.

(7)

في (ص، س): فطر به.

(8)

في (ص، س): و.

ص: 421

أسمائه: قيام وقيوم، وقرئ بهما، وقيَّام: فيعال، وقيوم: فيعول من القيام بالأمور على المبالغة، وقائم أيضًا، وجاء في الحديث:"قيم"(1) قال ابن عباس: القيوم الذي لا يزول. وقال غيره: القائم على كل شيء ومعناه: مدبر أمر الخلق (2) قال الله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} (3)(ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن) أي: مصلحها ومصلح من فيها، من الربة، وهو نبت تصلح بها المواشي (أنت الحق) الحق من أسماء الله تعالى، قيل: معناه: المحقق وجوده، وكل شيء ثبت كونه ووجوده فهو حق، ومنه الحاقة أي: الكائنة حقًا بغير شك، ومنه قوله بعد هذا:"ولقاءك حق والجنة حق"(وقولك) أي: كلامك (حق) وقيل: خيرك حق (ووعدك الحق) أي: الصدق، ويحتمل أن الوعد راجع إلى ما جاء (4) بعده (ولقاؤك حق) فهو من وعد الله تعالى [قال الله تعالى] (5):{أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} (6)، وفي "الإكمال": لقاؤك حق، يعني: الموت، ويحتمل أنه البعث (7).

قال النووي: والقول بأن (لقاؤك حق)(8) هو الموت. باطل في هذا

(1) روى البخاري (1120) من حديث ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: "اللهم أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن

".

(2)

في (ص): الخلائق.

(3)

الرعد: 33.

(4)

من (م).

(5)

سقط من (م).

(6)

يونس: 55.

(7)

"إكمال المعلم" 3/ 131.

(8)

ليست في (س، ل، م).

ص: 422

الموضع، ونبهت عليه لئلا يغتر به، قال: والصواب: البعث؛ فهو الذي يقتضيه سياق الكلام (1)(والجنة حق، والنار حق، والساعة حق) أي: إتيانها حق لا ريب فيه، كما قال تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} (2).

(اللهم لك أسلمت) أي: استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك (وبك آمنت) أي: صدقت وجاء هنا التفريق بين الإيمان والإسلام، وهو قول الجمهور كما قال تعالى:{قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (3).

(وعليك توكلت) أي: اعتمدت في جميع أموري.

(وإليك أنبت) أي: أطعت ورجعت إلى عبادتك، والإقبال على ما يقرب إليك، والإنابة الرجوع، وقيل: رجعت إليك في أموري.

(وبك خاصمت) أي: بما آتيتني من الحجج والبراهين، خاصمت من عاندك وكفر بك وخاصم فيك بسيف أو لسان (وإليك حاكمت) أي: كل من أبى قبول الحق إليك أحاكمهم بالحجج والسيف دون غيرك ممن كانت تتحاكم إليه الجاهلية من الكهان والأصنام والنيران والشياطين، لا أرضى إلا حكمك ولا أتوكل إلا عليك كما قال تعالى:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (4)، {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (5) كما تقدم (فاغفر لي ما قدمت و)

(1)"شرح النووي على مسلم" 6/ 55.

(2)

الحج: 7.

(3)

الحجرات: 14.

(4)

الأعراف: 89.

(5)

الزمر: 46.

ص: 423

ما (أخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت).

[772]

(ثنا أبو كامل) الجحدري، قال:(ثنا خالد بن الحارث) قال: (ثنا عمران بن مسلم) القصير، أبو بكر (أن قيس بن سعد) المكي الحبشي مفتي مكة.

(حدثه قال: حدثه (1) طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في التهجد يقول) كما تقدم عن رواية ابن ماجه، وفيه دليل على أن هذا الدعاء لا يقوله الإمام إلا أن يكون خلفه جماعة محصورون يؤثرون التطويل، أما المنفرد في التهجد، وغيره من الصلوات فيطول ما شاء (بعدما يقول الله أكبر، ثم ذكر معناه) أي: معنى اللفظ المذكور، وفيه دليل على رواية الحديث بالمعنى.

[773]

(ثنا قتيبة بن سعيد، وسعيد بن عبد الجبار) بن يزيد القرشي شيخ مسلم نزيل مكة روى عن رفاعة بن يحيى الزرقي في جماعة (نحوه قال قتيبة) دون سعيد (ثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة ابن رافع) ابن مالك الزرقي [وثق (2).

(عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه) رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الزرقي، (3) مات أول خلافة معاوية (قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس) كضرب، وفي (4) لغة كقتل، وعطس الصبح:

(1) في (م): و.

(2)

"الكاشف" 1/ 311.

(3)

من (س، ل، م).

(4)

في (م): فيه.

ص: 424

أنار، على الاستعارة (رفاعة) يعني: نفسه (ولم يقل قتيبة) بن سعيد (رفاعة، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه) تقدم الكلام عليه في الحديث قبله (كما يحب ربنا ويرضى) فمعنى يحبه ويرضاه أي: يثيب عليه جزيل إنعامه وفضله، وتكون المحبة والرضا من صفات الفعل لا من صفات الذات، ومعنى المحبة لعبده إحسان مخصوص بعبده (فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف) من صلاته (فقال: من المتكلم في الصلاة) تقدم أنه كرر ذلك ثلاثًا، وأنه لم يجبه إلا بعد الثلاثة، وتقدم الكلام فيه (ثم ذكر نحو حديث مالك) بن أنس (وأتم منه) أي: بزيادة عليه.

[774]

(ثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل بن توبة العنبري، كانوا يقولون: ما بالبصرة أعقل منه. أخرج له البخاري تعليقًا، ومسلم، قال:(ثنا يزيد بن هارون) قال: (ثنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله) بالتصغير ابن عاصم بن عمر العمري.

(عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه) عامر بن ربيعة العنزي، أسلم قبل عمر وهاجر الهجرتين، وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى ممن شهد بدرًا كان حليفًا للخطاب قد تبناه ودعي إليه، وكان يقال له: عامر بن الخطاب حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (1) فرجع عامر إلى نسبه، وهو صحيح النسب في وائل (2).

(قال: عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة

(1) الأحزاب: 5.

(2)

"الطبقات الكبرى" لابن سعد 3/ 386.

ص: 425

فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه حتى يرضى ربنا، وبعد ما يرضى) ربنا به (من أمر الدنيا والآخرة) يحتمل أن المراد أنه حمده على أمور الدنيا والآخرة {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} (1) أي يحمده أولياؤه في الدنيا وفي الجنة.

ومذهب أهل السنة أن الثواب على الحمد وغيره فضل وإحسان من الله تعالى، ويرد على المعتزلة فيما يقولون: أن الثواب واجب على الله تعالى؛ لأن الحمد في الجنة، والجنة لا ثواب فيها.

(فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من القائل الكلمة؟ ) أي (2): التي في الصلاة (قال: فسكت الشاب) تقدم الجواب عن سكوته مع أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل من دعاه؛ لقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} (3) وتقدم أن العاطس يحمد الله في الصلاة من غير كراهة مع فوائد أخر في الباب قبله.

(ثم قال: من القائل الكلمة فإنه لم يقل بأسًا؟ ) وتقدمت رواية الطبراني: "إنه لم يقل إلا صوابًا"(4). (فقال: يا رسول ألله أنا قلتها ولم أرد بها إلا) تقدمت رواية الطبراني: فقال: إنما (5) قلتها يا رسول الله أرجو بها الخير (6).

(1) القصص: 70.

(2)

من (م).

(3)

الأنفال: 24.

(4)

"المعجم الكبير"(4088).

(5)

في (س، م): أنا.

(6)

"المعجم الكبير"(4088).

ص: 426

(خيرًا) أي: ثوابًا من الله تعالى (قال: ما تناهت) الكلمة (دون عرش الرحمن) وتقدم أنه لا يعارض هذِه الرواية المتقدمة: "يبتدرونها أيهم يكتبها أول يصعد بها"، لأن المراد به محمول على أنهم يبتدرونها للكتابة، فإذا كتبوها صعدوا بها إلى أن ينتهوا (1) بها دون عرش الرحمن، ولعل المراد أنهم (2) ينتهون بها [إلى](3) سدرة المنتهى التي ينتهى ويبلغ بالوصول إليها؛ فإنها لا يتجاوزها أحد من الملائكة، ولا علم الخلائق من البشر والملائكة، والله أعلم.

* * *

(1) في النسخ: ينتهون.

(2)

في (ص، س): أيهم.

(3)

ليست بالأصول الخطية والسياق يقتضيها.

ص: 427