الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
109 - باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ
695 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبّاحِ بْنِ سُفْيانَ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ ح، وحَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحامِدُ بْنُ يَحْيَى وابْنُ السَّرْحِ قالوا: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنْ صَفْوانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْها لا يَقْطَعُ الشَّيْطانُ عَلَيْهِ صَلاتَهُ"(1).
قال أَبُو داوُدَ: رَواهُ واقِدُ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوانَ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال بَعْضُهُمْ: عَنْ نافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ واخْتُلِفَ فِي إِسْنادِهِ.
696 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ والنُّفَيْلِيُّ قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حازِمٍ قال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلٍ قال: وَكانَ بَيْنَ مُقامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ القِبْلَةِ مَمَرُّ، عَنْزٍ (2).
قال أَبُو داوُدَ: الخَبرُ لِلنُّفَيْلِيِّ.
* * *
باب الدنو من السترة
[695]
(ثنا محمد بن الصباح بن سفيان) قال: (أنا سفيان ح (3) وثنا عثمان بن أبي شيبة، وحامد بن يحيى) البلخي نزيل طرسوس، قال ابن حبان: كان أعلم أهل زمانه بحديث سفيان، أفنى (4) عمره في
(1) رواه أحمد 4/ 2، والنسائي في "الكبرى" 1/ 271 (824)، وابن حبان 6/ 136 (2373). وصححه الألباني (692).
(2)
رواه البخاري (496)، ومسلم (508/ 262).
(3)
من (س، م).
(4)
في (م): ابن. خطأ.
مجالسته (1). قال أبو حاتم: صدوق (2).
(و) عبد الله (3)(بن السرح، قالوا: ثنا سفيان، عن صفوان بن سليم) القرشي الزهري، قال ابن حنبل: يستسقى بحديثه، وينزل القطر بدعائه (4). كان يتردد إلى البقيع (5) فيقنع رأسه عند قبر ولم يزل يبكي حتى يُظَنَّ أن صاحب ذلك القبر أحد أبويه مات فى يومه، فكان كلما وجد في قلبه قسوة فعل ذلك (6).
قلت: وهذِه الزيارة هي التي تلين القلب القاسي؛ لا (7) زيارة الغافل (8).
(عن نافع بن جبير، عن (9) سهل بن أبي حثمة) بايع تحت الشجرة، وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُحد (10) (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها) بحيث أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع جدارًا كان أو سارية أو عصا أو نحوها، وكذا بين الصفين، وهو
(1)"الثقات" 8/ 218.
(2)
"الجرح والتعديل" 3/ 301.
(3)
كذا قال المصنف: عبد الله! وليس كذلك، وإنما الراوي هنا عن سفيان هو: أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح، وهو ثقة.
(4)
انظر: "سير أعلام النبلاء" 5/ 265، وعنده:(يستشفى) عوض: يستسقى.
(5)
في (س، ص، م): المغيرة. وفي (ل): المقبرة. والمثبت من مصادر الترجمة.
(6)
انظر: "سير أعلام النبلاء" 5/ 265.
(7)
في (ص): لأن.
(8)
في (س): المغافل.
(9)
في (س): بن.
(10)
انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 200 (864).
مقدار مسجد على التوسع (1)، قال الشافعي: وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة، وكان بينه وبين الحائط قريب من ثلاثة أذرع (2). وكذا رواه البخاري عن ابن عمر (3)، فلو خالف المصلي ذلك فتباعد عن سترته أكثر من ذلك كان كما لو صلى إلى غير سترة.
قال ابن المنذر: وكان مالك يصلي متباعدًا عن السترة فمر به رجل لا يعرفه، فقال له: أيها المصلي ادنُ من سترتك، قال: فجعل يتقدم، ويقول:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (4) نعم نعم.
فإذا دنا إلى السترة على هذا حرم المرور بين يديه كما سيأتي.
(لا يقطع) يجوز في العين الرفع والنصب والكسر، تُجزم العين، وتكسر لالتقاء الساكنين لأنه جواب الأمر في قوله:(فليدن) كما قيل في قوله تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ} أن حقه الجزم؛ لأنه جواب لاسم الفعل في قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} فإن تقديره احفظوا أنفسكم لا يضركم، ويظهر الجزم في قراءة (5) من قرأ:(يَضِرْكُمْ) بتخفيف الراء وسكونها مع كسر الضاد، من ضاره يضيره إذا ضره (6).
وأما قراءة الجمهور بالرفع وتشديد الراء، فهو أيضًا مجزوم على أنه
(1) في (م): المتوسع.
(2)
انظر: "الأم" 1/ 197.
(3)
"صحيح البخاري"(506، 1599).
(4)
النساء: 113.
(5)
في (س): قولة.
(6)
انظر: "مختصر شواذ القرآن" ص 41.
جواب الأمر أيضًا، والضمة فيه اتباع كالضمة في: لم تَرُدُّ. ولم تَسُدُّ. ويجوز رفع العين من (يَقْطَع) على الاستئناف، كما جوز أن تكون الراء في (يضركم) ضمة إعراب على الاستئناف، ورجحه جماعة، ويجوز نصب العين على أن يكون أصل التقدير: لئلا يقطع. ثم حذفت لام الجر، وأن الناصبة، ونظير هذا الحذف ما نقل في قوله تعالى:{قُلْ تَعَالوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} (1)[وفي كونه نظيرًا نَظَرٌ ظاهر؛ لأن أن في الآية موجودة واللام مقدرة أمَّا (2) الحديث ففيه حذف اللام وأن جميعًا، مع بقاء عمل أن، والمقرَّر أنَّ تقدير أن الناصبة للمضارع في [هذا الموضع شاذ](3) لا يقاس عليه، كما في الأوضح وشرحه] (4)؛ إذِ الأصل: لئلا تشركوا. وعلى هذا فما موصولة منصوبة بـ {أَتْلُ} ، والمراد: تعالوا اتلوا الذي حرمه ربكم عليكم فتعرفوه، وتجتنبوا غيره لئلا تشركوا بتحريم ما حرمه عليكم رؤساؤكم؛ لأنكم إذا طاوعتم رؤساؤكم فيما حرموا عليكم مما أحله الله تعالى من بحيرة وسائبة ووصيلة، أشركتم بالله، لأنكم جعلتم غير الله تعالى بمنزلته في التحريم والتحليل.
(1) الأنعام: 151.
(2)
في (س): إلى. والمثبت هو اللائق بالسياق.
(3)
في (س): غير المواضع أشار. وهي جملة لا معنى لها. ولعل المثبت أقرب للصواب؛ إذ تقدير أن هنا واللام، تكلف زائد.
(4)
ما بين المعقوفين من (س)، وقد جاءت هذه العبارة قبل موضعها. بعد قوله: وأن الناصبة، وأثبتناها في موضعها الصحيح بعد الآية.
(الشيطان عليه صلاته)(1)، والمراد بالشيطان هنا المار بين يدي المصلي.
قال في "شرح المصابيح": معناه يدنو (2) من السترة حتى لا يشوش (3) الشيطان عليه صلاته. انتهى. وسيأتي سبب تسمية المار شيطانًا، والخلاف فيه؛ فإن الشيطان الداعي للمرور.
(1) أخرجه النسائي 2/ 62، وأحمد 4/ 2، وهو في "السنن المأثورة" عن الشافعي (184)، وصححه ابن خزيمة (803)، وابن حبان (2373).
وقد اختلف في إسناد هذا الحديث.
- فرواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه عبد بن حميد، انظر:"المنتخب من مسند عبد بن حميد"(447).
- ورواه داود بن قيس عن نافع بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
أخرجه عبد الرزاق (2303)، وابن وهب في "الجامع"(399).
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1588) من طريق داود بن قيس عن نافع بن جبير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال أبو داود عقب الحديث: قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الطبراني في "الكبير"(6014)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2614). قال البيهقي بعد أن ذكر بعض الاختلافات في إسناد الحديث في "السنن الكبرى" 2/ 386: قد أقام إسناده سفيان بن عيينة، وهو حافظ حجة. اهـ.
والكلام على هذه الأسانيد التي أوردناها يطول، وفي كلام الإمام البيهقي مَقنع وكفاية. والحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين 1/ 251 - 252، وصححه الألباني على شرطهما، انظر:"صحيح أبي داود"(692).
(2)
في (م): يدلو.
(3)
في (س): يوسوس.
(ورواه واقد (1) بن محمد) بن زيد (2) العمري المدني، روى له الشيخان (عن صفوان) بن سليم (عن محمد بن سهل، عن أبيه) سهل ابن أبي حثمة، واسمه عبد الله شهد المشاهد كلها إلا بدرًا (أو)(3) رواه (عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم) بنحو ما تقدم (وقد قال بعضهم: عن نافع بن جبير) بن مطعم بن عدي النوفلي من جلة التابعين حج ماشيًا وراحلته تقاد معه [(عن سهل بن سعد](4) و) قد (اختلف في إسناده) على وجوه.
[696]
(ثنا القعنبي، والنفيلي قالا: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: أخبرني أبي) أبو حازم [سلمة بن دينار، عابد الحجاز](5).
(عن سهل) بن سعد الساعدي (قال: كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم) الذي يقوم فيه، ورواية البخاري: كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (6)(وبين القبلة ممر) بالرفع، وكان تامة، أو ممر اسم كان، والخبر: قدر أو نحوه، أو الظَّرف الخبر (7)، وأعربه الكرماني بالنصب على أن الممر خبر (8) كان
(1) في (ص): وائل.
(2)
في جميع النسخ: يزيد. والصواب ما أثبتنا. وهو من رجال "التهذيب".
(3)
في جميع النسخ: و. والمثبت من "سنن أبي داود".
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من "السنن".
(5)
أثبتنا هذه العبارة في هذا الموضع كما في (م)، وقد جاءت في بقية النسخ بعد قوله عبد العزيز بن أبي حازم.
(6)
"صحيح البخاري"(496).
(7)
في (ص): الصرف والخبر. وفي (س، ل): الصرف الخبر.
(8)
من (م).
واسمها نحو: قدرُ المسافة، قال: والمساق يدل عليه (1).
وروى الإسماعيلي من طريق أبي عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة: كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما يمر العنز. وأصله في البخاري (2).
قال ابن بطال (3): هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته - يعني: قدر ممر الشاة - وقيل: أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع (4).
وجمع الداوودي بأن أقله ممر الشاة، وأكثره ثلاثة أذرع، وجمع بعضهم بأن ممر الشاة في حال القيام، والثلاثة أذرع في حال الركوع والسجود. قال ابن الصلاح: قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع (5). انتهى.
وثلث ذراع أقرب إلى المعنى من ثلاثة أذرع، قال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف (6).
(عنز) هي الأنثى من المَعْز إذا أتى عليها حول وهي الماعزة، وهذا (الخبر) إسناده (للنفيلي) دون القعنبي.
* * *
(1)"الكواكب الدراري" للكرماني 4/ 153.
(2)
"صحيح البخاري"(497).
(3)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 130.
(4)
"صحيح البخاري"(506)، وسيأتي تخريجه عند الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
(5)
انظر: "عون المعبود" 2/ 390.
(6)
"شرح السنة" للبغوي 2/ 447.