المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌141 - باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌70 - باب الرَّجُلَين يَؤمُّ أَحَدهما صاحبهُ كيْفَ يقُومان

- ‌71 - باب إِذا كانوا ثَلاثةً كيْف يَقُومُونَ

- ‌72 - باب الإِمامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌73 - باب الإمامِ يتطَوَّعُ في مَكانه

- ‌74 - باب الإِمامِ يُحْدثُ بَعْد ما يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَة

- ‌75 - باب في تحْرِيمِ الصَّلاة وتَحْليلِها

- ‌76 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ المَأْمُومُ مِنَ اتباع الإِمامِ

- ‌77 - باب التَّشْدِيدِ فيمَنْ يرْفَعُ قبْل الإِمامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌78 - باب فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمامِ

- ‌79 - باب جِماع أَثْوابِ ما يُصَلَّى فِيهِ

- ‌80 - باب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثوبَ فِي قَفاهُ ثُمَّ يُصَلِّي

- ‌81 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثَوْبٍ واحِدٍ بَعْضُهُ علَى غيْرِهِ

- ‌82 - باب فِي الرَّجُلِ يُصلِّي فِي قمِيصٍ واحِدٍ

- ‌83 - باب إذا كان الثَّوْبُ ضَيِّقًا يَتَّزِرُ بِهِ

- ‌85 - باب الإسْبالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌84 - باب مَنْ قال: يَتَّزِرُ بهِ إِذا كانَ ضَيِّقًا

- ‌86 - باب فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ

- ‌87 - باب المَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمارٍ

- ‌88 - باب ما جاءَ فِي السَّدْلِ فِي الصّلاةِ

- ‌89 - باب الصَّلاةِ فِي شُعرِ النِّساءِ

- ‌90 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي عاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌91 - باب الصّلاةِ في النَّعْلِ

- ‌92 - باب المُصَلِّي إذا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يضَعهما

- ‌93 - باب الصَّلاةِ عَلَى الخُمْرة

- ‌94 - باب الصّلاةِ عَما الحَصِيرِ

- ‌95 - باب الرَّجُل يَسْجُدُ على ثَوْبِهِ

- ‌96 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌97 - باب الصُّفُوفِ بَينَ السَّوارِي

- ‌98 - باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الإِمامَ فِي الصَّفِّ وكراهِيَةِ التأَخُّر

- ‌99 - باب مُقامِ الصِّبْيان مِنَ الصَّفِّ

- ‌100 - باب صَفِّ النِّساءِ وَكَراهِيَةِ التَّأَخُّرِ عن الصَّفِّ الأَوَّل

- ‌101 - باب مُقامِ الإِمامِ مِن الصَّفِّ

- ‌102 - باب الرَّجلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌103 - باب الرَّجُل يَرْكع دُون الصّفِّ

- ‌104 - باب ما يَسْتُرُ المُصَلِّي

- ‌105 - باب الخَطِّ إِذا لَمْ يجِدْ عَصًا

- ‌106 - باب الصَّلاة إِلَى الرّاحِلَةِ

- ‌107 - باب إِذا صَلَّى إِلَى سارِيَةٍ أَوْ نَحْوِها، أَيْنَ يَجْعلُها مِنْهُ

- ‌108 - باب الصَّلاةِ إِلَى المُتَحَدِّثِينَ والنِّيامِ

- ‌109 - باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌110 - باب ما يؤْمَرُ المُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ المَمَرِّ بَينَ يَدَيْهِ

- ‌111 - باب ما يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ بينَ يَدَي المُصَلِّي

- ‌112 - باب ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌113 - باب سُتْرَة الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خلْفَهُ

- ‌114 - باب منْ قال: المَرْأَةُ لا تقْطعُ الصَّلاة

- ‌115 - باب مَنْ قال: الحِمارُ لا يَقْطَعُ الصَّلاة

- ‌116 - باب مَنْ قال: الكَلْبُ لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌117 - باب مَنْ قال: لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ

- ‌118 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ

- ‌119 - باب افتِتاح الصَّلاةِ

- ‌120 - باب

- ‌121 - باب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌122 - باب وضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ

- ‌123 - باب ما يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنَ الدُّعاءِ

- ‌124 - باب مَنْ رَأى الاسْتِفْتاحَ بِسُبْحانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ

- ‌125 - باب السَّكْتةِ عِنْد الافْتِتاحِ

- ‌126 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌127 - باب مَنْ جهَرَ بِها

- ‌129 - باب فِي تَخْفِيفِ الصَّلاةِ

- ‌128 - باب تَخْفِيفِ الصَّلاةِ لِلأَمْرِ يَحْدْثُ

- ‌130 - باب ما جاءَ فِي نُقْصانِ الصَّلاةِ

- ‌131 - باب ما جَاءَ فِي القِراءَةِ فِي الظُّهْر

- ‌132 - باب تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌133 - باب قَدْرِ القِراءَةِ في صَلاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ

- ‌134 - باب قَدْرِ القِراءَةِ فِي المَغْرِبِ

- ‌135 - باب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا

- ‌137 - باب القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ

- ‌136 - باب الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً واحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌138 - باب مَنْ تَرَكَ القِراءَةَ فِي صَلاتِهِ بِفَاتِحَة الكِتَابِ

- ‌139 - باب مَنْ كَرِهَ القِراءَة بِفاتِحَةِ الكِتابِ إِذَا جَهَرَ الإِمامُ

- ‌140 - باب مَنْ رَأَى القِراءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ

- ‌141 - باب ما يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالأَعْجَمِيَّ مِنَ القِراءَةِ

- ‌142 - باب تَمامِ التَّكْبِيرِ

- ‌143 - باب كَيْف يضَع رُكْبَتَيْه قبْلَ يدَيْهِ

- ‌144 - باب النُّهُوضِ فِي الفَرْدِ

- ‌145 - باب الإِقْعاء بَينَ السَّجْدَتيْنِ

- ‌146 - باب ما يَقُولُ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌147 - باب الدُّعاءِ بَينَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌148 - باب رَفعِ النِّساءِ إِذا كُنَّ مَعَ الرِّجالِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ

- ‌149 - باب طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السّجْدَتيْنِ

- ‌150 - باب صَلاةِ مَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ والسُّجودِ

- ‌151 - باب قَوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ صَلاةٍ لا يُتِمُّها صاحِبُها تَتِمُّ منْ تَطوُّعِهِ

- ‌152 - باب وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌153 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ

- ‌154 - باب فِي الدُّعاء فِي الرُّكوعِ والسُّجُودِ

الفصل: ‌141 - باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

‌141 - باب ما يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالأَعْجَمِيَّ مِنَ القِراءَةِ

830 -

حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعرَجِ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقْرَأُ القُرْآنَ وَفِيْنَا الأعرابِيُّ وَالأَعْجَمِيُّ فَقال: "اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ وَسَيَجِيءُ أَقْوامٌ يُقِيمُونَهُ كَما يُقامُ القِدْحُ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلا يَتَأَجَّلُونَهُ"(1).

831 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوادَةَ، عَنْ وَفاءِ بْنِ شريحٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِيِّ قال: خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَنَحْنُ نَقْتَرِئُ فَقال: "الحَمْدُ لله كِتَابُ اللهِ واحِدٌ وَفِيكُمُ الأحْمَرُ وَفِيكُمُ الأَبْيَضُ وَفِيكُمُ الأَسْوَدُ اقْرَؤوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ أَقْوامٌ يُقِيمُونَهُ كَما يُقَوَّمُ السَّهْمُ يَتَعَجَّلُ أَجْرَهُ وَلا يَتَأَجَّلُهُ"(2).

832 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا وَكِيعُ بْنُ الجَرّاحِ، حَدَّثَنا سُفْيان الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي خالِدٍ الدّالانِيُّ، عَنْ إِبْراهِيمَ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قال: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقال: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ القُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي ما يُجْزِئنِي مِنْهُ. قال: "قُلْ سُبْحانَ اللهِ والحَمْدُ لله وَلا إِلَه إِلَّا اللهُ والله أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ". قال: يا رَسُولَ اللهِ هذا لله عز وجل فَما لِي؟ قال: "قُلِ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وارْزُقْنِي وَعافِنِي واهْدِنِي". فَلَمَّا قَامَ قال هَكَذا بِيَدِهِ فَقال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا فَقَدْ فَقَدْ مَلَأ يَدَهُ مِنَ الخَيْرِ"(3).

(1) رواه أحمد 3/ 297، والبغوي 3/ 88 (609).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(783).

(2)

رواه أحمد 5/ 338، وابن حبان 3/ 36 (760)، والطبراني 6/ 207 (6024).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(784).

(3)

رواه النسائي 2/ 143، وأحمد 4/ 353.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(785).

ص: 579

833 -

حَدَّثَنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنا أَبُو إِسْحَاقَ -يَعْنِي: الفَزارِيَّ- عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: كُنَّا نُصَلِّي التَّطَوُّعَ نَدْعُو قِيامًا وَقُعُودًا وَنُسَبِّحُ رُكُوعًا وَسُجُودًا (1).

834 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ مِثْلَهُ لَمْ يَذْكُرِ التَّطَوُّعَ قال: كانَ الْحَسَنُ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ إِمامًا أَوْ خَلْفَ إِمامٍ بِفاتِحَةِ الكِتابِ وَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ قَدْرَ ق والذَّارِياتِ (2).

* * *

باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

[830]

(ثنا وهب بن بقية) الواسطي، شيخ مسلم، قال:(أنا خالد) ابن عبد الله الواسطي (عن) حميد بن قيس (3)(الأعرج، عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله القرشي، ومن كلامه:[نعم العون](4) على تقوى الله (5) الغنى.

(عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن) أي: نقرأ منه.

(وفينا الأعرابي) ما كان من البدو صاحب نجعة، زاد الأزهري فقال:

(1) رواه البيهقي 2/ 88.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(149).

(2)

انظر: "ضعيف أبي داود" 1/ 330.

(3)

زاد في (ص، ل): عن. وهي مقحمة.

(4)

من (س، ل، م).

(5)

ليست بالأصول الخطية والسياق يقتضيها، وقد أثبتها من "سير أعلام النبلاء" 5/ 355.

ص: 580

سواء كان من العرب أو من مواليهم (1).

(والعجمي) واحد المعجم بفتحتين منسوب إليهم والياء فيه للوحدة، والعجم خلاف العرب، وأما الأعجم (2) فهو غير الفصيح، مأخوذ من العجمة وهي اللكنة (3) وعدم فصاحته. (4)

(فقال: اقرؤوا) على الكيفية التي تسهل (5) على ألسنتكم النطق بها مع اختلاف السنتكم في الفصاحة واللكنة واللثغة (6) من غير تكلف ولا مشقة في مخارج الحروف، ولا مبالغة ولا إفراط في المد والهمز والإشباع وإفحاش في الإضجاع والإدغام، فقد كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخيار (7) السلف والتابعين سهلة رسلة، لو أراد السامع أن يعدها حرفًا حرفًا لعدها، وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل كل لسان على قراءتهم الجبلية التي طبعهم الله تعالى عليها (8)، ولم يكلف أحدًا منهم بأن يجتهد في إصلاح لسانه وتردده إلى المعلمين كما في هذا الزمان حتى أن بعضهم يستمر (9) يقرأ في فاتحة (10) الكتاب شهرًا أو نحوه، ويلازم

(1)"تهذيب اللغة" 2/ 218.

(2)

في (س، ل، م): الأعجمي.

(3)

في (م): لكنه.

(4)

في (م): فصاحة.

(5)

في (ص): تشهد.

(6)

في (ص): اللغة.

(7)

في (ص): أجاد.

(8)

من (م).

(9)

زاد في (ص): أن.

(10)

في (م): أم.

ص: 581

التلفظ بالضاد المعجمتين في: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} أيامًا.

قال ابن قيم الجوزية: ومن مكائد الشيطان ومكره وتلعبه بالمقرئين الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها (1). ونحن نذكر ما قاله العلماء بألفاظهم قال أبو الفرج ابن الجوزي: قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول: الحمد الحمد، فيخرج إعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة، وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد، وفي إخراج ضاد المغضوب، قال (2): ولقد رأيتُ من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده، والمراد تحقيق الحرف حسب الطاقة (3)، وإبليس يخرج هؤلاء عن حد التحقيق بالزيادة ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة (4).

وعد الغزالي في "الإحياء" من الأسباب المانعة من فهم معاني كلام الله والحجب التي أسدلها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن أن يكون هَمُّ القارئ منصرفًا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، وللقراء شيطان يصرفهم عن معاني كلام الله تعالى، فهو موكل بهم فلا يزال يحملهم على ترديد الحرف، ويخيل إليهم أنه لم يخرجه من مخرجه، فهذا يكون تأمله مقصورًا على مخارج الحروف، فأنى تنكشف له المعاني، فما أعظم ضحكة

(1)"إغاثة اللهفان" 1/ 160.

(2)

من (س، ل، م).

(3)

سقط من (س، ل، م).

(4)

"تلبيس إبليس" 1/ 126.

ص: 582

الشيطان بمن كان مطيعًا لمثل هذا التلبيس. انتهى (1).

والمقصود أن السلف الصالح والأئمة كرهوا التنطع في مخارج الحروف والغلو في النطق بها فنسأل الله العافية من ذلك، ومن تأمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره أهل البوادي وجلف الأعراب، ومن أسلم من الأعاجم على قراءتهم التي يألفونها ووصف قراءتهم مع قراءة فصحاء العرب بالحسن قوله اقرؤوا كما أنتم تقرؤون ودوموا عليها (فكل) هذا (حسن) وفيه فضيلة وأجر وثواب.

(وسيجيء أقوام) يشبه أن يكون الأقوام في قرون متوالية، في كل قرن قوم (يقيمونه) بألسنتهم (كما يقام القدح) بكسر القاف وسكون الدال، هو السهم كما يأتي في الرواية الآتية، وهو الذي يرمى به من القوس، والقدَّاح صانعه، وفي حديث عمر: كان يقومهم في الصف كما يقوم القداح القدح (2).

(يتعجلونه ولا يتأجلونه)(3) أي: يطلبون بقراءتهم الأجر عاجلًا ولا يلتفتون إلى الأجر الآجل في الدار الاخرة ولا يطلبونه. قال في "النهاية": التأجل (4) تفعُّل (5) من الأجل وهو الوقت المضروب المحدود في

(1)"إحياء علوم الدين" 1/ 284.

(2)

ذكره ابن الأثير في "النهاية" 4/ 20، وغيره من أصحاب المعاجم.

(3)

أخرجه أحمد 3/ 397، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/ 152، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2643). وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (783): إسناده صحيح على شرط مسلم.

(4)

في (ص): التأجيل. والمثبت من (س، ل) و"النهاية".

(5)

في (م): تفعيل.

ص: 583

المستقبل، أي: يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه (1).

[831]

(ثنا أحمد بن صالح) الطبري الحافظ المقرئ شيخ البخاري، قال:(ثنا عبد الله بن وهب) الفهري مولاهم، المصري الحافظ، قال:(أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، المصري، أحد الأعلام (و) عبد الله (بن لهيعة، عن بكر بن سوادة) بتخفيف الواو، الجذامي الفقيه، أخرج له مسلم.

(عن وفاء)[بتخفيف الفاء](2)(ابن شريح) بضم الشين المعجمة (الصدفي)(3) ذكره البخاري في "تاريخه"(4).

(عن سهل بن سعد الساعدي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا ونحن نقترئ) بسكون القاف وهمز آخره، أي: نقرأ كتاب الله تعالى ونتدارسه و [هو مما](5) جاء فيه افتعل (6) بمعنى فعل، كاقتدر بمعنى قدر.

(فقال: الحمد لله) فيه استحباب حمد الله تعالى إذا رأى زوجته أو ولده أو أحدًا (7) من إخوانه في عبادة وطاعة لله تعالى، وإظهار ذلك لهم ليقتدوا به من السنة.

(1)"النهاية": (أجل).

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ص، س، ل): الدقي. وفي (م): العقدي. والمثبت من "التاريخ الكبير" للبخاري.

(4)

"التاريخ الكبير" 8/ 191.

(5)

في (ص): هو لما. وفي (م): هما مما. والمثبت من (س، ل).

(6)

في (ص): أفعل.

(7)

في (س، ل، م): أحد.

ص: 584

(كتاب الله) بالرفع على الابتداء، لفظه (واحد و) ألسنتكم مختلفة (فيكم الأحمر) من أهل الشام سموا بذلك؛ لأن الغالب على ألوانهم الحمرة وعلى أموالهم الذهب.

(وفيكم الأبيض)(1) من أهل فارس، سموا بذلك لبياض ألوانهم؛ ولأن الغالب على أموالهم الفضة وهم المسمون قبله المعجم، وفي الحديث:"أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض"(2) يعني: ملك الشام وملك فارس والمراد أن فيهم [العرب والعجم](3).

(وفيكم الأسود) كما في الحديث قبله (اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه) بألسنتهم دون قلوبهم (كما يقوم) القِدح (السهم يتعجل)(4) بمثناتين مفتوحتين أوله.

(أجره ولا يتأجله) أي: يطلب بقراءته أجره العاجل في الدنيا ولا يطلب الآجل في الآخرة، وفي هذِه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في وقوع ما أخبر به قبل مجيئه.

[832]

(ثنا عثمان بن أبي شيبة) شيخ الشيخين، قال:(ثنا وكيع بن الجراح) الرؤاسي، أحد الأعلام، قال:(ثنا سفيان الثوري، عن أبي خالد) يزيد بن عبد الرحمن الأسدي (الدالاني) كان ينزل في دالان.

(1) زاد هنا في (م): وفيكم الأسود.

(2)

أخرجه مسلم (2889)(19).

(3)

من (م).

(4)

في (م): بتعجيل.

ص: 585

(عن إبراهيم) بن عبد الرحمن (السكسكي) بفتح السينين (1) كذا ضبطه السمعاني، وقال: نسبة (2) إلى سكسك بطن من الأزد (3). الكوفي، أخرج له البخاري في الجهاد والشهادات وأنه سمع ابن أبي أوفى وأبا بردة (4).

قال ابن عدي: لم أجد له حديثًا [منكر المتن](5).

ولم ينفرد بروايته (6) بل رواه الطبراني (7) وابن حبان في "صحيحه"(8) أيضًا من طريق طلحة بن مصرف، عن ابن أبي أوفى.

(عن عبد الله بن أبي أوفى) علقمة بن أبي خالد الأسلمي (قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ) أي: أحفظ (من القرآن شيئًا) لفظ ابن حبان (9) في الصلاة: إني لا أحسن من القرآن شيئًا.

(فعلمني) شيئًا يجزئني منه (ما يجزئني منه) وفي بعض النسخ: "ما يجزئ منه". ويجزئ بضم أوله وهمز آخره، يقال: أجزأ بالألف وهمز آخره، أي: أغنى.

(1) في (ص، س، ل): السين.

(2)

في (م): نسبته.

(3)

"الأنساب" 3/ 267، وفي "اللباب" 2/ 123: نسبة إلى السكاسك، وهو بطن من كندة.

(4)

"صحيح البخاري"(2675، 2996).

(5)

من "الكامل" 1/ 345.

(6)

أي: هذا الحديث.

(7)

رواية الطبراني في "المعجم الكبير" كما في "البدر المنير" 3/ 577.

(8)

(1810).

(9)

"صحيح ابن حبان"(1808).

ص: 586

قال الأزهري: والفقهاء تقول فيه أجزى من غير همز (1). قال: ولم أجده لأحد من أئمة اللغة، وبوب ابن حبان على هذا الحديث ذكر ما يقوم مقام قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة لمن لا يحسنها.

قال شارح "المصَابيح": اعلم أن هذِه الواقعة لا يجوز أن تكون في جميع الأزمان؛ لأن من يقدر على تعلم هذِه الكلمات لا محالة يقدر على تعلم الفاتحة بل تأويله: لا أستطيع أن أتعلم شيئًا من القرآن في هذِه الساعة، وقد دخل علي وقت الصلاة فقال: قل كذا، فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم الفاتحة.

(فقال: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) يجوز فيه خمسة أوجه مشهورة لأهل العربية، قيل: معناه لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، ويعبر عن هذِه الكلمة بالحولقة والحوقلة، وبالأول جزم الأزهري والأكثرون، فالحاء من الحول، والقاف من القوة، واللام من اسم الله.

(قال: يا رسول الله هذا لله فما لي؟ ) يعني: هذِه الكلمات ذكر لله تعالى وثناء عليه، فعلمني شيئًا يكون فيه دعاء لي ينفعني الله تعالى به في الدنيا والآخرة.

([قال: قل] (2) اللهم ارحمني) ولابن حبان (3): "اللهم اغفر لي

(1)"تهذيب اللغة": جزى.

(2)

سقط من (م).

(3)

"صحيح ابن حبان"(1809).

ص: 587

وارحمني" بزيادة "اغفر لي" قبل "ارحمني". وانتهت رواية النسائي (1) عند قوله: "ولا حول ولا قوة إلا بالله".

(وعافني) يعني من الأسقام والذنوب (واهدني وارزقني)(2) يعني ما أنتفع به من الحلال (فلما قام قال) فيه: استعمال القول بمعنى الفعل.

(هكذا بيده) وفي بعض النسخ: "بيديه". يشبه أن يكون بسط يديه للدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يده) وفي بعضها: "ملأ يديه".

(من الخير) الألف واللام فيه للعموم الذي بمعنى كل، كقوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} (3) أي: ملأ يديه من خيري الدنيا والآخرة. قال أبو حاتم بن حبان: في هذا الخبر (4) بيان واضح أن من لم يحسن قراءة فاتحة الكتاب كان عليه أن يقول مما (5) علم النبي صلى الله عليه وسلم هذا السائل، فكان ذلك مجزيًا عن فرضه الذي يلزمه في قراءة فاتحة الكتاب وليس عليه أن يقرأ بفاتحة الكتاب بالفارسية؛ لأن قراءتها بالفارسية لا تكون قراءة قرآن، ولما سأل هذا السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أحسن من القرآن شيئًا فعلمني شيئًا يجزئني منه. وكان هذا السؤال بلفظ العموم لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم قراءة (6) فاتحة الكتاب بلغة من اللغات غير

(1)"سنن النسائي" 2/ 143.

(2)

رواية أبي داود في النسخة المطبوعة: (وارزقني) قبل: (وعافني).

(3)

العصر: 2.

(4)

في (ص، س، ل): الحديث.

(5)

في (م، س، ل): ما.

(6)

في (س، ص، ل): فملاه.

ص: 588

القرآن كان فيه الدليل الواضح على أن القرآن إذا تلي بلغة من اللغات سوى ما أنزله الله تعالى لم يكن ذلك بقرآن. انتهى.

قال أصحابنا وغيرهم: أن من جهل الفاتحة حفظ سبع آيات، لأن هذا العدد مرعي في الفاتحة قال الله تعالى:{سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} وقال الشافعي: واستحب أن يقرأ ثمان آيات لتكون الآية الثامنة بدلًا عن السورة، كذا نقله عنه (1) الماوردي (2) فإن عجز أتى بالذكر المذكور في هذا الحديث، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لقن العاجز عقب الذكر المتقدم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

[833]

(ثنا أبو توبة الربيع بن نافع) الحلبي، من الأبدال، روى له الشيخان.

قال: (أنا أبو إسحاق)(3) إبراهيم بن محمد بن الحارث (الفزاري) بفتح الفاء من أنفسهم (4) أصله الكوفة وسكن الشام كان يلزم (5) ثغور الشام للعبادة والجهاد وكان فاضلًا عالمًا ورعًا صاحب سنة.

(عن حميد) الطويل (عن الحسن) البصري، فيه انقطاع هنا لما ذكر علي بن المديني وغيره أن الحسن البصري لم يسمع من جابر.

(عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا نصلي التطوع) من الصلوات

(1) في (ص، س، ل): عن.

(2)

"الحاوي الكبير"(2/ 234).

(3)

زاد في (م): محمد بن.

(4)

في (م): الفهم.

(5)

في (ص): يكرم.

ص: 589

(ندعو قيامًا وقعودًا)(1) يحتمل أن يراد بالقيام القيام (2) للقنوت وفي القعود بين السجدتين (ونسبح ركُوعًا وسجودًا) أي: في حال الركوع والسجود، لأنهما حالتا تواضع وخضوع لله تعالى فناسب فيهما (3) التسبيح الذي هو تنزيه لله تعالى عما لا يليق به، قال أحمد بن حنبل في رسالته: جاء الحديث عن الحسن البصري (4) أنه قال: التسبيح التام سبع، والوسط (5) خمس، وأدناه ثلاث.

[834]

(ثنا موسى بن إسماعيل) قال: (ثنا حماد) بن سلمة (عن حميد) الطويل (مثله: ولم يذكر التطوع) في هذِه الرواية، وعلى هذِه الرواية لا فرق بين الفرض والتطوع و (قال) في هذِه الرواية (كان الحسن) البصري (يقرأ في الظهر والعصر إمامًا) كان (أو خلف إمام بفاتحة الكتاب وبسبح) أي: وسورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (6)(ويكبر ويهلل) في (7)(قدر) سورتي (قاف والذاريات) والله أعلم.

* * *

(1) في (ص، س، ل): سجودًا.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ص، س، ل): فيها.

(4)

زاد في (م): فيه انقطاع هنا لما ذكر علي بن المديني وغيره أن الحسن البصري لم يسمع من جابر.

(5)

في (ص، ل): الوسطى.

(6)

كذا قرأها الشارح، كذا فسرها أنها سورة الأعلى.، والذي في مطبوع "السنن":(ويسبح) أي: يقول: سبحان الله، وهو أكثر مناسبة لما بعده من قوله:(ويكبر ويهلل) والله أعلم.

(7)

بعدها في (م): في.

ص: 590