الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
132 - باب تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ
803 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَبي عَوْنٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال: قال عُمَرُ لِسَعْدٍ: قَدْ شَكاكَ النّاسُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاةِ. قال: أَمّا أَنا فَأَمُدُّ فِي الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ في الأُخْرَيَيْنِ وَلا آلُو ما اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: ذاكَ الظَّنُّ بِكَ (1).
804 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: النُّفَيْليَّ-، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا مَنْصُورٌ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبي الصِّدِّيق النّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال: حَزَرْنا قِيامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الظُّهْرِ والعَصْرِ فَحَزَرْنا قِيامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلاثِينَ آيَة، قَدْرَ {الم (1) تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ. وَحَزَرْنا قِيامَهُ فِي الأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَحَزَرْنَا قِيامَهُ فِي الأُولَيَيْنِ مِنَ العَصْرِ عَلَى قَدْرِ الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَحَزَرْنا قِيامَهُ فِي الأُخْرَيَيْنِ مِنَ العَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ (2).
* * *
باب تخفيف الأخريين
[803]
(ثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الأزدي الحوضي، شيخ البخاري، قال:(ثنا شعبة، عن محمد بن عبيد الله) بالتصغير كنيته (أبي عون) الثقفي أخرج له الشيخان.
(عن جابر بن سمرة) بن جنادة، بضم الجيم وتخفيف النون، وجابر ووالده سمرة صحابيان، وكان جابر نزل الكوفة، ومات بها سنة أربع وسبعين (قال: قال عمر) بن الخطاب (لسعد) بن أبي وقاص، وهو
(1) رواه البخاري (755)، ومسلم (453).
(2)
رواه مسلم (452).
خال جابر بن سمرة الراوي عنه: (شكاك الناس) فيه مجاز، وهو من إطلاق الكل على البعض، والمراد بالبعض هنا بعض أهل الكوفة، وفي رواية (1) البخاري: شكا أهل الكوفة [سعدًا (2). و](3) فيه: فقال عمر: لقد شكوك (4).
(في كل شيء حتى في الصلاة) قال ابن سعد (5) وسيف: زعموا أنه حابى في بيع خمس باعه، وأنه صنع على داره بابًا من خشب، وكان السوق مجاورًا له، فكان يتأذى بأصواتهم، وذكر سيف أنهم زعموا أنه كان يلهيه الصيد (6) عن الخروج في السرايا (7).
قال الزبير بن بكار في كتاب "النسب": رفع أهل الكوفة عليه أشياء كشفها عمر فوجدها باطلة (8)، ولكن عزله واستعمل عليهم عمار بن ياسر، قال خليفة: استعمل عمار على الصلاة، وابن مسعود على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض (9).
(قال: أمَّا) بتشديد الميم (أنا) وهي للتقسيم، والقسم هنا محذوف،
(1) تكررت في (ص).
(2)
"صحيح البخاري"(755).
(3)
في (ص): أو.
(4)
"صحيح البخاري"(770).
(5)
"الطبقات الكبرى" 5/ 62.
(6)
في (ص، س): الصد. والمثبت من (م)، و"فتح الباري".
(7)
انظر: "فتح الباري" 2/ 278.
(8)
"فتح الباري" 2/ 278.
(9)
"تاريخ خليفة" 1/ 31.
تقديره: وأما هم فقالوا ما قالوا.
(فأمد في الأوليين) بتحتانيتين، تثنية الأولى، أو كما قال، ورواية الصحيحين (1): فأركد في الأوليين. وهما متقاربتان، قال القزاز: ثم إني أقيم طويلًا أطول فيهما القراءة، ويحتمل أن يكون التطويل بما هو أعم كالأذكار والقراءة والركوع والسجود و (2) في المعهود في التفرقة (3) بين الركعات إنما هو في القراءة (4).
(وأحذف) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة، قال ابن حجر: وكذا هو في جميع طرق هذا الحديث الذي وقفت عليها، لكن في رواية البخاري (5): وأخف. بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة، وفي رواية محمد بن كثير، عن شعبة عند الإسماعيلي بالميم بدل الفاء، والمراد بالحذف (6) حذف التطويل وتقصيرهما (7) عن الأوليين [لا حذف أصل القراءة والإخلال بها، فكأنه قال: أحذف (8) المد، وفيه دليل على أن الأوليين](9) من الرباعية متساويتان في الطول وكذا الأوليان من
(1)"صحيح البخاري"(755)، و"صحيح مسلم"(453)(158).
(2)
ليست في (م).
(3)
في (م): التفرق.
(4)
"عون المعبود" 3/ 14.
(5)
"صحيح البخاري"(755).
(6)
من (م).
(7)
في (ص، س): يقصدهما .. و"فتح الباري".
(8)
"فتح الباري" 2/ 279.
(9)
من (م).
الثلاثية (1)، وتقدم شيء من هذا.
(ولا آلو) بمد الهمزة من ألو وضم اللام بعدها، أي: لا أقصر في ذلك، ومنه قوله تبارك وتعالى:{لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} (2) أي: لا يقصرون في إفسادكم.
(ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه الاقتداء بما وردت به السنة من أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
(قال: ذاك الظن بك) يا أبا إسحاق. كما في الصَّحيحين (3)، أي: هذا الذي تقوله هو الذي كنا نظنه بك، وفيه: جواز مدح الرجل الجليل في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة بإعجاب ونحوه، والنهي عن ذلك إنما هو لمن خيف عليه الفتنة، وقد جاءت فيه أحاديث كثيرة في الصحيح بالأمرين.
[804]
(ثنا عبد الله بن محمد) بن علي (النفيلي)، وبقية إسناده من رجال مسلم، قال:(ثنا هشيم) ابن بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة أخرج له الستة، (4) قال:(أنا منصور) ابن زاذان، (5)(عن الوليد بن مسلم الهجيمي) العنبري التابعي، وليس هو الوليد بن مسلم الدمشقي الإمام الجليل المشهور صاحب الأوزاعي (عن أبي (6)
(1) في (ص، س، ل): الثلاثة.
(2)
آل عمران: 118.
(3)
البخاري (755)، ومسلم (453).
(4)
ليست في (م).
(5)
بياض في (م).
(6)
زاد هنا في (س): بكر.
الصديق) بكسر الصاد والدال المشددتين، بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس (الناجي) بالنون والجيم، منسوب (1) إلى ناجية قبيلة.
(عن أبي سعيد الخدري قال: حزرنا) لفظ مسلم: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم (2). [وحزرنا [نحزُر نحزِر](3) بضم الزاي وكسرها، والحزر: التقدير.
(قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولفظ ابن حبان (4): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم (في) صلاة (الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين) بمثناتين تحت، كما تقدم (من (صلاة (الظهر قدر) قراءة، كذا لمسلم (5)، وابن (6) حبان (ثلاثين آية) زاد ابن حبان: في كل ركعة (7).
فيه نص على استحباب قراءة هذا القدر في الركعة الأولى كتبارك الملك فإنها ثلاثون آية أيضًا، وعلى أن القراءة في الصلاة لا تختص بالمفصل، ولهذا قدروا قراءته بقوله:(قدر) بالنصب بدل، وفيه: شاهد على جواز اتحاد البدل والمبدل منه لفظًا، إن كان مع الثاني زيادة بيان، فإن قدر الثانية فيها زيادة مثال الثلاثين آية، وهي ({الم (1) تَنْزِيلُ} بالرفع، ومثاله قوله تعالى في قراءة يعقوب ({وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ
(1) في (ص): منشور.
(2)
"صحيح مسلم"(452)(156).
(3)
في (ل): ويجوز.
(4)
"صحيح ابن حبان"(1825).
(5)
(452/ 157).
(6)
في (س، ل، م): لابن.
(7)
(1825).
جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ} (1) بنصب كل الثانية على أنها بدل من الأولى.
(السجدة) يجوز جر السجدة على البدل ونصبها بأعني، ورفعها خبر مبتدأ محذوف، وفيه (2) دليل على أن قراءة صلاة الظهر تنقص عن طوال المفصل، فإن من طوال المفصل سورة الرحمن، وهي ثمان (3) وسبعون (4) آية، ومنه الذاريات ستون آية.
وعبارة الرافعي (5) والنووي: ويقرأ في الظهر بما يقرب من القراءة في الصبح (6). وكذا الإمام في "النهاية"(7)؛ ولعل السبب فيه أن وقت [الصبح طويل (8) والصلاة ركعتان فحسن تطويلهما، بخلاف](9) الظهر والعشاء فإنهما وإن كانتا طويلتين لكن صلاتهما طويلة، فلما تعارض رتب عليه التوسط، وفي مسلم عن جابر:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (10) "(11). ولأن قوله: حزرنا. يدل على أنه تقدير وتخمين من أبي سعيد، فإن حزرنا بمعنى قدرنا.
(1) قراءة الجمهور برفع كل الثانية على أنها مبتدأ. الجاثية: 28.
(2)
في (ص): وقفه.
(3)
في جميع النسخ الخطية: سبع. والمثبت هو الصواب.
(4)
في (م): تسعون.
(5)
"الشرح الكبير" 3/ 358.
(6)
"روضة الطالبين" 1/ 248.
(7)
"نهاية المطلب" 2/ 287.
(8)
في (س، ل): طول. والمثبت أنسب للسياق.
(9)
سقط من (م).
(10)
الليل: 1.
(11)
"صحيح مسلم"(459)(170).
(وحزرنا قيامه في الركعتين) الأخريين (1) كذا لابن حبان (على النصف من ذلك) فإن لفظه: وفي الركعتين الأخريين قدر خمس عشرة آية (2).
(وحزرنا قيامه في الأوليين من) صلاة (العصر على قدر) قراءة (الأخريين) بضم الهمزة وسكون الخاء.
(من الظهر) فيه أن القراءة في العصر أقصر من القراءة في الظهر، وروى ابن حبان عن أبي هريرة: ما رأيت رجلًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان، فكان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر (3).
وفيه دليل على قراء السورة بعد الفاتحة في الأخريين من الظهر، وكذا العصر، وثالثة المغرب.
(و [حزرنا] (4) قيامه في الأخريين من) صلاة (العصر) للقراءة (على النصف من ذلك) يبين هذا رواية مسلم من رواية أبي سعيد أيضًا: وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك (5).
واستدل الشافعي بهذا الحديث على استحباب القراءة في الثالثة
(1) من (م).
(2)
"صحيح ابن حبان" 5/ 133 (1825).
(3)
"صحيح ابن حبان"(1837) ولفظه: ما رأيت أحدًا.
(4)
من المطبوع.
(5)
"صحيح مسلم"(452)(157).
والرابعة بعد الفاتحة، وعلى تقدير أن تكون الفاتحة داخلة في هذا القدر، ففيه دليل أيضًا؛ لأن الفاتحة سبع آيات فقط بالإجماع، ونصف الخمس عشرة يزيد على سبع آيات، وهذا هو الذي نص عليه الشافعي في "الأم"(1)، وصححه البيضاوي في شرحه لكتاب "التبصرة" المسمى بـ "التذكرة"، وأكثر العراقيين.
قال السبكي (2) وتبعه الأذرعي (3) وغيره، وهو المختار؛ لهذا الحديث، وثبت في "الموطأ"(4) من فعل الصديق ما يدل على هذا؛ ولعل حديث أبي قتادة كان في بعض الأحيان لحاجة.
* * *
(1)"الأم" 1/ 215.
(2)
"الأشباه واالنظائر" 1/ 231.
(3)
في (س، م): الأوزاعي.
(4)
"الموطأ" 1/ 89.