الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
112 - باب ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ
702 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ ح، وحَدَّثَنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهَّرٍ وابْنُ كَثِيرٍ - الْمَعْنَى - أَنَّ سُلَيْمانَ بْنَ المُغِيرَة أَخْبَرَهُمْ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ - قال حَفْصٌ - قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقالا: عَنْ سُلَيْمانَ قال أَبُو ذَرٍّ: "يَقْطَعُ صَلاةَ الرَّجُلِ - إِذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ قِيدُ آخِرَةِ الرَّحلِ: الحِمارُ والكَلْبُ الأَسْوَدُ والمَرْأَةُ". فَقُلْتُ: ما بال الأَسْوَدِ مِنَ الأَحْمَرِ مِنَ الأَصْفَرِ مِنَ الأَبْيَضِ؟ فَقال يا ابن أَخِي سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَما سَأَلْتَنِي فَقال: "الكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطانٌ"(1).
703 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنا قَتادَة قال: سَمِعْتُ جابِرَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابن عَبّاسٍ -رَفَعَهُ شُعْبَةُ- قال:"يَقْطَعُ الصَّلاةَ: المَرْأَةُ الحائِضُ والكَلْبُ"(2).
قال أَبُو داوُدَ: وَقَفَهُ سَعِيدٌ وَهِشامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ جابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَلَى ابن عَبّاسٍ.
704 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْماعِيلَ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنا مُعاذٌ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: أَحْسَبُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ: الكَلْبُ والحِمارُ والخِنْزِيرُ واليَهُودِيُّ والمَجُوسِيُّ والمَرْأَةُ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ إِذا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ"(3).
(1) رواه مسلم (510).
(2)
رواه النسائي 1/ 272 (827)، وابن ماجه (949)، وأحمد (3241).
وصححه الألباني (700).
(3)
"مصنف عبد الرزاق" 2/ 27 (2352)، "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 281 (2913).
ضعفه الألباني (789).
قال أَبُو داوُدَ: فِي نَفْسِي مِنْ هذا الحَدِيثِ شَيءٌ كُنْتُ أُذاكِرُ بِهِ إِبْراهِيمَ وَغَيْرَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا جاءَ بِهِ عَنْ هِشامٍ وَلا يَعْرِفُهُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ هِشامٍ وَأَحْسَبُ الوَهَمَ مِنَ ابن أَبِي سَمِينَةَ -يَعْنِي: مُحَمَّدَ بْنَ إِسْماعِيلَ البَصْرِيَّ مَوْلَى بَنِي هاشِمٍ- والمنْكَرُ فِيهِ ذِكْرُ المجُوسِيِّ وَفِيهِ: "عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ". وَذِكْرُ الِخنْزِيرِ، وَفِيهِ نَكارَةٌ.
قال أَبُو داوُدَ: وَلَمْ أَسْمَعْ هذا الحَدِيثَ إِلا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْماعِيلَ وَأَحْسَبُهُ وَهِمَ؛ لأنَّهُ كانَ يُحَدِّثُنا مِنْ حِفْظِهِ.
705 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمانَ الأَنْبارِيُّ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ مَوْلًى لِيَزِيدَ بْنِ نِمْرانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نِمْرانَ قال: رأيْتُ رَجُلًا بِتَبُوكَ مُقْعَدًا فَقال: مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنا عَلَى حِمارٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقال: "اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ". فَما مَشَيْتُ عَلَيْها بَعْدُ (1).
706 -
حَدَّثَنا كَثِيرُ بْن عُبَيْدٍ يَعْنِي: المذْحِجِيَّ، حَدَّثَنا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ سَعِيدٍ بإسْنادِهِ وَمَعْناهُ زادَ فَقال:"قَطَعَ صَلاتَنا قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ".
قال أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ قال فِيهِ:"قَطَعَ صَلاتَنا"(2).
707 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْدانِيُّ ح، حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ قالا: حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعاوِيَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوانَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حاجٌّ فَإِذا رَجُلٌ مُقْعَدٌ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَقال لَهُ: سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا فَلا تُحَدِّثْ بِهِ ما سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلَةٍ فَقال: "هذِه قِبْلَتُنا" ثمَّ صَلَّى إِلَيْها، فَأَقْبَلْتُ وَأَنا غُلامٌ أَسْعَى حَتَّى مَرَرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها، فَقال: "قَطَعَ صَلاتَنا قَطَعَ اللهُ
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 365 (3349)، وابن أبي شيبة 1/ 283 (2937)، والبيهقي 2/ 275.
وضعفه الألباني (111).
(2)
رواه البيهقي في 2/ 324.
وضعفه الألباني (112).
أَثَرَهُ". فَما قُمْتُ عَلَيْها إِلَى يَوْمِي هذا (1).
* * *
باب ما يقطع الصلاة
[702]
(ثنا حفص بن عمر) قال: (ثنا شعبة ح (2)، وثنا عبد السلام بن مطهر) بضم الميم وتشديد الهاء المكسورة (3)، ابن حسام بن مصك بفتح الميم والصاد المهملة (4)، الأزدي، روى له البخاري (و) محمد (ابن كثير) العبدي، شيخ البخاري (المعنى (5) أن سليمان بن المغيرة) القيسي (6)(أخبرهم، عن حميد (7) بن هلال، عن عبد الله بن الصامت) الغفاري البصري وثقه النسائي (8)(عن) عمه (أبي ذر) الغفاري.
(1) رواه البخاري "التاريخ الكبير" 8/ 365، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 302 (561)، والطبراني في "مسند الشاميين" 3/ 195 (2067)، والبيهقي 2/ 275، والمزي في "التهذيب" 23/ 101.
وضعفه الألباني (112).
(2)
من (س، ل، م).
(3)
كذا قيده الشارح، وقيده آخرون بفتح الهاء مع التشديد، لا بكسرها. انظر:"فتح الباري" لابن حجر 11/ 239، "عمدة القاري" للعيني 1/ 236، 23/ 36.
(4)
كذا قيده المصنف، وقيده آخرون بكسر الميم وفتح الصاد بعدها كاف مثقلة.
ومعناه: القوي الجسيم الشديد الخلق. انظر: "مطالع الأنوار" 4/ 279، "النهاية" لابن الأثير 3/ 43.
(5)
في (س): المفتي.
(6)
في (ص): العبسي.
(7)
في (م): أحمد.
(8)
"تهذيب الكمال" 15/ 120.
(قال حفص) بن عمر في روايته (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقالا) أي عبد السلام وابن كثير دون حفص (عن سليمان) بن المغيرة (قال: قال أبو ذر يقطع صلاة الرجل) وكذا المرأة، والصبي (إذا لم يكن بين يديه قِيد) بكسر القاف يقال بينهما قيد رمح وقاد رمح أي قدره (آخرة) بمد الهمزة (الرحل) والسرج، وهي الخشبة التي يستند إليها الراكب، والجمع الأواخر، وهذِه أفصح اللغات، وهي أفصح من مُؤْخِرَة كما تقدَّم، وتقدَّم تقديرها بثلثي ذراع على المشهور والمراد: إذا وضع شيئًا مرتفعًا بقدر مُؤخِرَةِ الرَّحل، فإذا وضع ذلك فلا يضره مَن مَرَّ من (1) وراء ذلك؛ فإن لم يضع شيئًا يقطع صلاته من مَرَّ، هذا ظاهر الحديث.
ولكن لا يجوز أن يُحمل هذا الحديث على ظاهره للأحاديث الدالة على خلاف ذلك فيحمل القطع هنا على أن المراد هنا يقطع كمال الصلاة؛ لأن الرجل إذا مر بين يديه شيء من هذِه الأشياء شوش عليه قلبه واجتماع حضوره، فإذا زال حضور القلب زال كمال الصلاة.
(الحمار) بالرفع فاعل يقطع (والكلب الأسود) وتقييد الكلب بالأسود في مسلم أيضًا (2)(والمرأة) سيأتي (3) تقييدها بالحائض (فقلت: ما بال) الكلب (الأسود من الأحمر من) الكلب (الأصفر من الأبيض؟ ) من الأحمر (4)(فقال: يا ابن أخي) أي: فقال أبو ذر لعبد الله (5) بن
(1) من (م).
(2)
"صحيح مسلم"(510/ 265).
(3)
في (ص، س): شيئًا في.
(4)
ذِكرُ الأحمر في الشرح هنا مكرر، وقد تقدم ذكره في المتن.
(5)
كانت في (ص، س، م): عبادة. والمثبت من (ل).
الصامت: يا ابن أخي (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان) والمراد بالأسود: البهيم، وهو الذي ليس في لونه شيء سوى السواد، [وأخذ به أحمد](1)، فقال: إذا مر الكلب الأسود البهيم بين يدي المصلي، فإنه يقطع صلاته، ولا يقطعها شيء غيره؛ لا من الكلاب، ولا من غيرها (2).
وإذا لم يكن الأسود بهيمًا لم يقطعها؛ لقوله عليه السلام: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم"(3)، فخص الأسود البهيم بالذكر.
قال الطحاوي وغيره: إن حديث أبي ذر ومن وافقه منسوخ (4)، بحديث عائشة الآتي، وغيرها، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وتعذر الجمع، والتاريخ هنا لم يحقق، والجمع لم يتعذر.
ومال الشافعي، وغيره إلى تأويل القطع في حديث أبي ذر بأن المراد به قطع كمال الصلاة كما تقدم (5)، ونقص الخشوع لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أنَّ الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة (6) في التقييد بالأسود؟ فأجيب بأنه شيطان، ويشبه أن الكلب الأسود
(1) في (ص): آخرته أحمر. وسقط من (س).
(2)
انظر: "مسائل أحمد" رواية عبد الله (365/ 415).
(3)
أخرجه أحمد 4/ 85، وأبو داود (2845) وغيرهما من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
وسيأتي تخريجه في بابه إن شاء الله تعالى.
(4)
زاد في (م): والكلب.
(5)
انظر: "المجموع" 3/ 250 - 251.
(6)
في (ص، س، ل): الحكم.
يتصور به الشيطان دون الأحمر والأبيض، وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم يفسد صلاته كما في "الصحيح":"إن الشيطان عرض لي فشدَّ علي"(1)، وللنسائي من حديث عائشة:"فأخذته فخنقته فصرعته"(2). فقد حصل المرور منه، ولم تفسد صلاته.
وقال بعضهم: حديث أبي ذر مُقَدَّم؛ لأن حديث عائشة على أصل الإباحة. انتهى. وهو مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض.
[703]
(ثنا مسدد) قال: (ثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن شعبة) بن الحجاج العتكي، قال:(ثنا قتادة) بن دعامة السدوسي.
(قال: سمعت جابر بن زيد) الأزدي، صاحب ابن عباس (يحدث عن ابن عباس - رفعه شعبة - قال: يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب) كذا قيد المرأة بالحائض ابن ماجه من طريق أبي بكر بن خلاد، عن يحيى بن سعيد المذكور، ولفظه:"يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض"(3)، وفي معنى الحائض: النفساء، ويشبه أن يكون الرجل الجنب في معنى الحائض، وإذا قطعت الصلاة بالمرأة الحائض عند من قال به؛ فبالرجل المشرك أولى.
(قال أبو داود: أوقفه (4) سعيد، وهشام، وهمام، عن قتادة، عن جابر
(1)"صحيح البخاري"(1210).
(2)
"السنن الكبرى"(11375)، وفيه: فأخذه فصرعه فخنقه. أي: من فعله عليه السلام لا من قوله.
(3)
"سنن ابن ماجه"(949).
(4)
في (ص، س، ل): وفيه.
ابن زيد، على بن عباس) (1) والموقوف على الصحابي عندهم أن يروي الراوي الحديث مسندًا إلى الصحابي، فإذا وصل إلى الصحابي وقف عليه، وقال: إنه كان يقول كذا وكذا.
[704]
(ثنا محمد بن (2) إسماعيل) ابن أبي سمية (3)(البصري) مولى بني (4) هشام، روى له (5) البخاري عن محمد بن أبي غالب، عنه (6).
(1) أما الطريق المرفوعة فأخرجها ابن ماجه (949)، وأحمد 1/ 347، وابن خزيمة (832)، وابن حبان (2387). وهذه طريق شعبة.
وأما الرواية الموقوفة فأخرجها النسائي 2/ 64 من طريق شعبة وهشام عن قتادة، وقفه هشام ورفعه شعبة. وأخرجه البزار في "مسنده"(5268)، من طريق سعيد عن قتادة.
وفي "علل ابن أبي حاتم"(606): وسالت أبي عن حديث رواه يحمى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب". قال يحيى بن سعيد: أخاف أن يكون وهم.
وقال أبو حاتم: هو صحيح عندي.
ورجح الإمام أحمد رواية الوقف. نقله ابن رجب في "فتح الباري" 4/ 121 قال: وقال الإمام أحمد: ثنا يحيى، قال شعبة رفعه، قال: وهشام لم يرفعه.
قال أحمد: كان هشام حافظًا.
قال ابن رجب: وهذا ترجيح من أحمد لوقفه. وصححه الألباني على شرط البخاري في "صحيح أبي داود"(700).
(2)
من (س، م).
(3)
في (ص، س): ابن أبي. وسقط من (م). والمثبت من (ل) والمصادر.
(4)
في (م): ابن.
(5)
من (م).
(6)
"صحيح البخاري"(7554).
قال: (ثنا معاذ) قال: (ثنا هشام، عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم إلى غير سترة) بالشروط المتقدمة.
(فإنه يقطع صلاته الحمار) والكلب الأسود (والخنزير، واليهودي) والنصراني (والمجوسي، والمرأة) الحائض (ويجزئ عنه)[أي عن الساتر](1) إذا مروا) يعني الحمار، واليهودي، فغلب ضمير المذكر العاقل على غيره، أن يبعُدوا عنه إذا مروا [بين يديه] (2) (على قذفة) أي: رمية (بحجر) فيه دلالة على أن التحديد بين المصلي وبين المار بين يديه إذا لم يكن سترة، مقداره رمية بحجر، وفي المسألة ثلاثة أوجه تقدمت قريبًا، وهذا أقواها لهذا الحديث.
[(قال أبو داود: في نفسي من هذا الحديث شيء ذاكرته إبراهيم وغيره [فلم أر أحدًا](3) يحدث به عن هشام، والوهم من ابن أبي سمينة [والمنكر فيه] ذكر المجوسي وفيه على قذفة بحجر، وذكر الخنزير، وفيه نكارة، [ولم أسمع](4) هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، وأحسبه وهم لأنه كلان يحدثنا من حفظه)] (5).
[705]
(ثنا محمد بن سليمان الأنباري) بتقديم النون على الموحدة قال: (ثنا وكيع، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مولى) اسمه سعيد
(1) من (م).
(2)
من (م).
(3)
و (4) ساقط من (م).
(5)
ما بين المعقوفين من (م)، والمثبت من "السنن".
(ليزيد بن نمران) بكسر النون وسكون الميم [ذكره ابن حبان في "الثقات"(1).
(عن يزيد بن نمران) بكسر النون وسكون الميم، (2) بعد الألف نون - ويقال: يزيد بن غزوان - المذحجي بفتح الميم وإسكان الذال المعجمة، الذماري، شهد يوم راهط مع مروان، ذكره ابن حبان في "الثقات"(3).
(قال: رأيت رجلًا بتبوك مُقعدًا) بضم الميم وفتح العين مِن: أُقعِد بالبناء للمفعول إذا أصابه داء في جسده فلا يستطيع المشي والقيام، فسألته (فقال: مررت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا على حمار، وهو يصلي فلم أنزل عنه، فقال: اللهم اقطع أثره) دعا (4) عليه بالزمانة؛ لأنه إذا زَمِنَ انقطع مشيُه، فانقطع أثره من الأرض، فلا يرى لأقدامه في الأرض أثر، ومنه قوله تعالى:{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (5) أي: خطاهم إلى المسجد، ومنه حديث:"يا (6) بني سلمة دياركم تكتب آثاركم"(7)(8)(فما مشيت) بفتح الشين (عليها بعد) كذا رواية المصنف
(1)"الثقات" 6/ 373.
(2)
من (س، ل).
(3)
"الثقات" 5/ 539.
(4)
قبلها في (س، ص، ل): وفي رواية ذكرها.
(5)
يس: 12.
(6)
سقط من (ص).
(7)
أخرجه مسلم (665/ 280).
(8)
زاد هنا في جميع النسخ: ورواه أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر. وليس هذا موضعها. وهي زيادة مقحمة.
(عليها) بالإفراد، ورواه المستغفري في "دلائل النبوة" بهذا اللفظ إلا أنه قال: فما مشيت عليهما (1). بزيادة الميم على التثنية للرجلين.
[706]
(ثنا كثير (2) بن عبيد) مصغر الحمصي (المذحجي)(3) المقرئ إمام جامع حمص، أم بأهل حمص ستين سنة فما سها في صلاته قط، وثقه أبو حاتم (4).
قال: (ثنا حيوة)(5) بن شريح (6) بن صفوان التجيبي، قال خالد بن الفِزْر (7): كان ضيق الحال جدًّا فجلست إليه وهو يدعو، فقلت: لو دعوت الله أن يوسع عليك. فالتفت يمينًا وشمالًا فلم ير أحدًا، فأخذ حصاة، فقال: اللهم اجعلها ذهبًا. فإذا هي والله تبرة في كفه فرمى بها إلي، وقال: لا خير في الدنيا إلا للآخرة. فقلت: ما أصنع بهذِه؟ فقال: استنفقها. فهبته والله أن أرُدَّه (8).
(عن سعيد) بن عبد العزيز (بإسناده ومعناه) المتقدم و (زاد) فيه (قطع
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"(717).
(2)
في (ص، س، ل): محمد.
(3)
في جميع النسخ: المدلجي. والمثبت من المصادر.
(4)
"الجرح والتعديل" 7/ 155.
(5)
كذا في جميع النسخ: حيوة. وهو خطأ والصواب: أبو حيوة. وبناءً على هذا الخطأ فسَّره الشارح بأنه حيوة بن شريح الزاهد. وأبو حيوة هو شريح بن يزيد الحمصي، وثقه ابن حبان.
(6)
في (ص): سريج.
(7)
في (ص): العدر.
(8)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "مجابو الدعوة"(122)، وليعلم أن هذه المنقبة إنما هي لحيوة بن شريح، وليس هو الراوي هنا كما قدمنا.
صلاتنا قطع الله (1) أثره) فيه: جواز الدعاء على المسلم إذا فعل معصية تضر بالدين، وهذا الحديث يؤيد مذهب ابن حنبل بقطع الصلاة (2)؛ لأن الصلاة لو لم تبطل لما دعا عليه.
(ورواه أبو مسهر) عبد الأعلى بن مسهر، الغساني، شيخ الشام (عن سعيد) بن عبد العزيز (فقال فيه: قطع صلاتنا) (3) أي قطع كمال صلاتنا، أو أنه منسوخ كما تقدم عن الطحاوي.
[707]
(ثنا أحمد بن سعيد الهمداني) بإسكان الميم، المصري، قال النسائي: ليس بالقوي (4). وقال: تفرد بحديث الغار من وجه غريب، ولو رجع عنه لحدثت عنه (5). قال:(ثنا سليمان بن داود) بن حماد المهري، كان فقيهًا على مذهب مالك زاهدًا، قال النسائي: ثقة (6). (قالا: أنا) عبد الله (ابن وهب) قال (أخبرني معاوية) بن صالح الحضرمي.
(عن سعيد بن غزوان) الشامي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(7) لم يرو عنه أبو داود غير هذا الحديث.
(1) ساقطة من (ص).
(2)
"مسائل أحمد" رواية ابنه عبد الله (365).
(3)
أخرجه أحمد 5/ 376، والبخاري في "التاريخ" 8/ 365. قال الذهبي في "الميزان" 2/ 154: قال عبد الحق وابن القطان: إسناده ضعيف. قلت: أظنه موضوعًا. أهـ.
وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(112): إسناده ضعيف. والمتن منكر.
(4)
انظر: "المعجم المشتمل"(31).
(5)
انظر: "تهذيب الكمال" 1/ 314.
(6)
"مشيخة النسائي"(93).
(7)
"الثقات" 6/ 354.
(عن أبيه) غزوان الشامي (أنه نزل بتبوك (1) وهو حاج، فإذا رجل) مبتدأ، وهو نَكِرَة، وجاز الابتداء به لوروده بعد إذا الفجائية.
(مُقعَدٌ فسأله عن أمره، فقال له: سأحدثك حديثًا، فلا تحدث) مجزوم بلا (2) الناهية (به ما) ظرفية زمانية، وهي حرف يدل على الزمان بالنيابة، ولو دَلَّت (3) على معنى الزمان بذاتها؛ لكانت اسمًا (سمعت) أي: مدة سماعك (أني حي) ومنه قوله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} (4){فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (5).
(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة) أي: تحتها (فقال: هذِه) النخلة (قبلتنا) فيه: أن المسافر إذا أراد النزول في مكان فيستحب أن ينزل بالقرب من حائط أو شجرة، أو غير ذلك مما يعد سترة للمصلي كما تقدم، وإن لم يجد شيئًا فينصب عصا ونحوها.
(ثم صلى إليها) إلى النخلة (فأقبلت وأنا غلام): الصغير ما لم يبلغ، ويطلق على الرجل مجازًا باسم ما كان عليه (أسعى حتى مررت بينه وبينها) أي: النخلة التي اتخذها سترة.
(فقال: قطع صلاتنا قطع الله أثره) أصل الأثر أثر مشيه كما تقدم، ويطلق على ما يخلفه الإنسان بعده من أثر حسن، كعِلمٍ علَّمه أو
(1) في (ص): تبوك. والمثبت من (س) وبقية النسخ.
(2)
في (ص، ل): بلام.
(3)
في (ص): دل.
(4)
هود: 88.
(5)
التغابن: 16.
كتاب (1) صنَّفه، أو وَقفٍ أوقفه، أو بناءِ رباط، أو مسجد، ونحو ذلك، ويحتمل أن هذا المُقْعَد حُرِم هذا أيضًا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم مع الزمانة الظاهرة (فما قمت عليها إلى يومي هذا)(2) وهذا معدود من دلائل نبوته الظاهرة (3).
* * *
(1) في (ص): كان.
(2)
أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(2067)، وفي إسناده سعيد بن غزوان وأبوه لا يعرفان.
قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 65: والحديث في غاية الضعف، ونكارة المتن؛ فإن دعاءه عليه السلام لمن ليس له بأهل زكاة ورحمة فاعلم ذلك.
وحكم عليه الألباني بالنكارة كما في "ضعيف سنن أبي داود"(113).
(3)
معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق، وما كان ليدعوَ على غلام يلعب صلى الله عليه وسلم.