الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
111 - باب ما يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ بينَ يَدَي المُصَلِّي
701 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خالِدٍ الجُهَنِيَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ، ماذا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المارِّ بَيْنَ يَدَي المصَلِّي، فَقال أَبُو جُهَيْمٍ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ المارُّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي ماذا عَلَيْهِ لَكانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ".
قال أَبُو النَّضْرِ: لا أَدْرِي قال: أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً (1).
* * *
باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي
[701]
(ثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية (مولى عمر بن عبيد (2) الله) بن معمر الليثي القرشي روى له الجماعة.
(عن بسر بن سعيد أنَّ (3) زيد بن خالد الجهني) الصحابي (أرسله إلى أبي جهيم)[بضم الجيم](4) مصغر، واسمه: عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري (5)، وقيل: هو عبد الله بن الحارث بن الصمة (6).
(1) رواه مسلم (507).
(2)
في (م): عبد.
(3)
في (ص): بن. وغير واضحة في (ل).
(4)
من (م).
(5)
"الكنى والأسماء" للإمام مسلم (598).
(6)
"معرفة الصحابة" لأبي نعيم 3/ 1611.
وروى هذا الحديث البخاري، ومالك في "الموطأ"(1) هكذا لم يختلف عليه فيه (2) أنَّ المرسلَ هو زيد، وأن المرسلَ إليه هو أبو جهيم، وتابعهما سفيان الثوري، عن أبي النضر [عند مسلم وابن ماجه (3) وغيرهم، وخالفهم ابن عيينة عن أبي النضر](4)، فقال: عن بسر بن سعيد قال: أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله، فذكر هذا الحديث (5).
قال ابن عبد البر: هكذا رواه ابن عيينة مقلوبًا (6). أخرجه ابن أبي خيثمة، عن أبيه، عن ابن عيينة (7)، قال ابن القطان: ليس هذا بخطأ؛ لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسرًا إلى زيد وبعثه زيد إلى أبي جهيم، يستثبت (8) كل واحد منهما ما عند الآخر (9)(يسأله (10) ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي) اختلف في تحديد
(1)"صحيح البخاري"(510)، و"موطأ مالك" 1/ 154.
(2)
من (م).
(3)
"صحيح مسلم"(507)، و"سنن ابن ماجه"(945).
(4)
من (س، م).
(5)
رواه هكذا أحمد 4/ 116، وعبد بن حميد في "المنتخب" 1/ 234 (282)، والدارمي 2/ 888 (1456)، والبزار في "المسند" 9/ 239 (3782).
(6)
"التمهيد" 21/ 147.
(7)
"تاريخ ابن أبي خيثمة" السِّفر الثالث (1014)، ونقل عن ابن معين خطأ هذه الرواية، قال ابن معين: إنما هو زيدٌ إلى أبي جهيم.
(8)
في (ص): سميت. وفي (م): يستصلب. والمثبت من (س، ل).
(9)
"بيان الوهم والإيهام" 2/ 107. وتعقبه الحافظ في "الفتح" 1/ 585.
(10)
في (ص): سأله.
ذلك، فقيل: إذا مر بينه وبين مقدار موضع سجوده، وقيل: بينه وبين ثلاثة أذرع، وقيل: بينه وبين قدر رمية حجر، ولم يذكر السترة في هذا الحديث، فقيل: المطلق في هذا الحديث محمول على المقيد بالسترة.
وروى عبد الرزاق، عن عمر (1) التفرقة بين من يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة (2)، فإن الذي يصلي إلى غير سترة مقصر بتركها لاسيَّما إن صلى إلى شارع المشاة، وفي "الروضة" تبعًا للرافعي لو صلى إلى غير سترة، أو كانت (3) سترة وتباعد منها، فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره، ولا يحرم المرور بين يديه، ولكن الأولى تركه (4).
[(فقال (5) أبو جهيم) بالتصغير (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي المصلي (6)] استنبط ابن بطال من قوله: (لو يعلم) أن الإثم مختص بمن علم بالنهي وارتكبه. انتهى (7)، وهو معلوم من أدلة أخرى.
وظاهر الحديث أن النهي والوعيد فيه في هذا الحديث مختص بمن
(1) في (ص، س، ل): معمر.
(2)
أخرجه عبد الرزاق من طريق قتادة عن عمر قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، كان يقوم حولًا خير له من ذلك، إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة. انظر:"المصنف"(2324).
وفي (2339) عن عبد الله بن شقيق قال: مرَّ عمر بن الخطاب برجل يصلي بغير سترة، فلمَّا فرغ قال: لو يعلم المارُّ والممرور عليه ماذا عليهما ما فعلا.
(3)
في (ص، س، ل): كان.
(4)
"روضة الطالبين" 1/ 295.
(5)
في (م): فقال عليه.
(6)
سقط من (س).
(7)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 138.
مرَّ، لا بمن وقف عامدًا مثلًا بين يدي المصلي أو قعد أو رقد، لكن إن كانت العلة فيه التشويش على المصلي فهي في معنى المار، وظاهره عموم النهي في كل مصل. وخصه بعض المالكية بالإمام والمنفرد لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه؛ لأن سترة إمامه سترة له [أو إمامه سترة له] (1) (2) (ماذا عليه) زاد الكشميهني في رواية للبخاري:"من الإثم"(3) وفي مصنف ابن أبي شيبة: يعني: من الإثم (4). وقد عزى (5) هذِه الزيادة المحب الطبري في الأحكام للبخاري (لكان أن يقف) يعني المار لو علم مقدار الإثم الذي يلحقه في مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف (أربعين) حتى لا يلحقه ذلك الإثم.
قال الكرماني: جواب (6)(لو) ليس هو المذكور، بل التقدير: لو يعلم (7) ما عليه لوقف أربعين، ولو وقف أربعين لكان خيرًا له (8).
وأبهم المعدود تفخيمًا للأمر وتعظيمًا، وأبدى الكرماني لتخصيص الأربعين بالذكر حكمتين:
إحداهما: كون الأربعة أصل جميع الأعداد، فلما أُرِيدَ التكثير
(1) من (س، ل، م).
(2)
"المدونة" 1/ 202 - 203.
(3)
قال ابن رجب في "فتح الباري" 4/ 91: وهي غير محفوظة.
(4)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2910).
(5)
في (ص، س): روى. وغير واضحة في (ل).
(6)
في (ص): جواد.
(7)
في (س): علم.
(8)
"شرح البخاري" للكرماني 4/ 163.
ضُرِبت في عشرة.
ثانيهما: كون كمال أطوار الإنسان بأربعين كالنطفة، والمضغة، والعلقة، وكذا بلوغ الأشد، قال: ويحتمل غير ذلك. انتهى (1).
وفي ابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة: "لكان أن يقف مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها"(2). وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين، واحتج الطحاوي إلى أن التقييد بالمائة وقع بعد التقييد بالأربعين زيادة في تعظيم الأمر على المار؛ لأنهما لم يقعا معًا (3)؛ إذ المائة أكثر من الأربعين، والمقام مقام زجر وتهديد، فلا يناسب أن يتقدم ذكر المائة على الأربعين؛ بل المناسب أن يتأخر (4).
ووقع في ["مسند البزار" من طريق ابن عيينة (5): "لكان أن يقف أربعين خريفًا"(6).
(خير) بالرفع كما في رواية] (7) الترمذي (8) على أنه اسم كان، وما
(1)"شرح البخاري" للكرماني 4/ 163.
(2)
"سنن ابن ماجه"(946)، و"صحيح ابن حبان"(2365). وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(4859).
(3)
في (س): تبعًا.
(4)
"شرح مشكل الآثار" 1/ 84.
(5)
بعدها في (م): التي ذكرها القطان. ولا نعلم وجهًا لها.
(6)
"مسند البزار"(3782).
(7)
من (م).
(8)
"جامع الترمذي"(336).
قبله الخبر، كقول الشاعر:
يكون مزاجها عسل وماء
و(1) يجوز أن يكون خبر [مبتدأ محذوف](2) تقديره: وقوفه أربعين هو خير له، ورواية البخاري بالنصب (3)، على أنه خبر كان، و (أن يقف) اسمها (له من أن يمر بين يديه قال أبو النضر) سالم، وهو كلام مالك وفي هذا الحديث أخذ [القرين عن قرينه](4) واستفتائه فيما سمع منه، وفيه الاعتماد على خبر الواحد فإنه اكتفى برسوله، وفيه استعمال لو في الوعيد.
(لا أدري قال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة) وقد تقدم ما فيه.
* * *
(1) من (م).
(2)
في (ص): مستند المحذوف. وفي (س، ل): مبتدأ لمحذوف.
(3)
"صحيح البخاري"(510).
(4)
في (ص، س): القريب عن قريبه.