الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
149 - باب طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السّجْدَتيْنِ
852 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابن أَبى لَيْلَى، عَنِ البَراءِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ سُجُودُهُ وَرُكُوعُهُ وَقُعُودُهُ وَما بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّواءِ (1).
853 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّاد، أَخْبَرَنا ثابِتٌ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قال: ما صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ أَوْجَزَ صَلاةً مِنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمام وَكانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا قال: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ ". قامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ وَكانَ يَقْعدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ (2).
854 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ وَأَبو كامِلٍ -دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِما فِي الآخَرِ- قالا: حَدَّثَنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي لَيْلَى، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قال: رَمَقْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وقال أَبُو كامِلٍ: رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاةِ فَوَجَدْتُ قِيامَهُ كَرَكْعَتِهِ وَسَجْدَتِهِ واعْتِدالَهُ فِي الرَّكعَةِ كَسَجْدَتِهِ وَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَسَجْدَتَهُ ما بَيْنَ التَّسْلِيمِ والانصِرافِ قَرِيبًا مِنَ السَّواءِ.
قال أَبو داودَ: قال مُسَدَّدٌ: فَرَكْعَتَهُ واعْتِدالهُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَجْدَتَهُ فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَسَجْدَتَهُ فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ التَّسْلِيمِ والانصِرافِ قَرِيبًا مِنَ السَّواءِ (3).
* * *
باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين
[852]
(ثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الحوضي (4) شيخ
(1) رواه البخاري (792، 801، 820)، ومسلم (471/ 194).
(2)
رواه البخاري (800، 821)، ومسلم (472، 473).
(3)
رواه مسلم (471/ 193).
(4)
في (ص): الحرص.
البخاري، قال:(ثنا شعبة، عن الحكم) بن عتيبة الكندي مولاهم فقيه الكوفة (عن) عبد الرحمن (بن أبي ليلى) التابعي المشهور.
(عن البراء) بن عازب رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سجوده وركوعه وما بين السجدتين) [أي: وجلوسه بين السجدتين.
(قريبًا من السواء)] (1) فيه إشعار بأن فيها تفاوتًا لكنه لم يعينه، وهو دال على الطمأنينة في الاعتدال وما بين السجدتين لما علم من عادته من تطويل الركوع والسجود، والمراد أن زمان ركوعه وسجوده واعتداله وجلوسه بين السجدتين متقارب (2) ولعل المراد أن (3) جلوسه بين السجدتين [متقارب لركوعه](4) وسجوده وهو دونهما في التطويل.
[853]
(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي، قال:(ثنا حماد) بن سلمة، قال:(أنا ثابت) بن أسلم البناني بضم الباء الموحدة وتخفيف النون (وحميد) بن أبي حميد الطويل، سمي بذلك لقصره، قال الأصمعي: رأيت حميدًا ولم يكن طويلًا ولكن كان طويل اليدين (5).
(عن أنس بن مالك قال: ما صليت خلف رجل أوجز) بالنصب صفة (6) لمصدر محذوف أي: ما صليت صلاة أوجز (صلاة) بالجر (7)
(1) من (م).
(2)
من (س، ل).
(3)
من (م).
(4)
من (م).
(5)
انظر: "ألقاب الصحابة والتابعين" 1/ 9.
(6)
في (ص): معه.
(7)
سقطت من (م).
أي: أخفها، يقال كلام وجيز أي: خفيف مقتصد مع التمام (من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام) أي: يجمع صلى الله عليه وسلم في صلاته بين الخفة والاقتصاد مع تمام الأركان والأفعال.
ولمسلم عن أنس أيضا: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، وفي رواية له:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أخف الناس صلاة في تمام"(2)، وفي رواية:"كان يوجز الصلاة ويتم"(3).
(وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده قام حتى نقول) بالنون (قد أوهم) بالألف كذا رواية مسلم (4) وغيره، وفي رواية له:"كان (5) إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول القائل: قد نسي"(6). قال القرطبي: كذا صوابه بفتح الهمزة والهاء فعل ماض مبني للفاعل ومعناه ترك قال ثعلب: يقال: أوهمت الشيء إذا تركته كله أوهم، ووهمت في الحساب وغيره إذا غلطت (7) أوهم ووهمت إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره (8).
(1)"صحيح مسلم"(469)(190).
(2)
"صحيح مسلم"(469)(189).
(3)
"صحيح مسلم"(469)(188).
(4)
"صحيح مسلم"(473).
(5)
من (م).
(6)
"صحيح مسلم"(472).
(7)
في (ص، ل، م): غلب. والمثبت من "المفهم".
(8)
"المفهم" 2/ 81.
وقال في "النهاية": أوهم في صلاته أي: أسقط منها شيئًا، يقال: أوهمت الشيء إذا تركته، وأوهمت في الكلام والكتاب إذا أسقطت منه شيئًا، ووهم يعني بكسر الهاء ويوهم وهمًا بالتحريك إذا غلط قال: وفي الحديث: قيل له صلى الله عليه وسلم: كأنك وهمت؟ ! قال: "كيف لا إيْهَمُ (1) " هذا [على لغة](2) بعضهم، الأصل أوْهَمُ بالفتح والواو فكسر الهمزة؛ لأن قومًا من العرب يكسرون مستقبل فَعِلَ فيقولون: إعلم ونِعْلَم وتِعْلَم فلما كسر همزة أوْهَمُ انقلبت الواو ياء (3).
(ثم يكبر ويسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم) ويحتمل أن يكون معناه: نسي أنه في صلاة كرواية مسلم: "وإذا رفع رأسه من السجدة (4) مكث حتى يقول القائل: قد نسي"(5). أي: نسي وجوب الهوي إلى السجود. قاله الكرماني (6).
ويحتمل أن يكون المراد أنه نسي أنه في صلاة أو ظن أنه في وقت القنوت حيث كان معتدلًا، والتشهد حيث كان جالسًا.
ووقع عند الإسماعيلي من طريق غندر عن شعبة: قلنا: قد نسي من طول القيام. أي: لأجل طول قيامه. فيه دليل على جواز تطويل الركن القصير، واختاره النووي فهو خلاف المرجح في المذهب، واستدل
(1) في (ص، س، ل): أهم أيهم.
(2)
في (ص، س): مخالفة.
(3)
"النهاية"(وهم).
(4)
في (ص، س): السجدتين.
(5)
"صحيح مسلم"(472/ 195).
(6)
"شرح صحيح البخاري" للكرماني 5/ 155.
لذلك بحديث حذيفة في مسلم (1): أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة بالبقرة ثم قرأ نحوًا من ذلك. ثم قال النووي: والجواب عن هذا الحديث صعب والأقوى جواز الإطالة بالذكر (2).
وقد أشار الشافعي في "الأم" إلى عدم البطلان، فقال: ولو أطال القيام بذكر الله يدعو أو ساهيًا وهو لا ينوي به القنوت كرهت له ذلك ولا إعادة (3). إلى آخر كلامه، والعجب مِمَّن يصحح من الشافعية مع هذا بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين وتوجيههم ذلك أنه إذا أُطيل انتفت الموالاة (4)، معترض (5) بأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان بما ليس منها، وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونه منها.
[854]
(ثنا مسدد وأبو كامل) فضيل بن حسين الجحدري (دخل حديث أحدهما في الآخر قالا: ثنا أبو عوانة) الوضاح مولى ابن عطاء اليشكري، بصري رأى الحسن وابن سيرين.
(عن هلال بن أبي حميد) ويقال: هلال بن حميد الجهني الوزان الكوفي، أخرج له الشيخان (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب رطا قال: رمقت محمدًا صلى الله عليه وسلم قال أبو كامل) الجحدري في روايته: محمدًا (رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة) إطلاقه يحتمل الفرضية والنفلية.
(1)"صحيح مسلم"(772)(203).
(2)
"المجموع" 4/ 127.
(3)
"الأم" 1/ 221.
(4)
و (5) من (س، ل، م).
(فوجدت قيامه كركعته وسجدته) فيه دليل على تخفيف القراءة في القيام فإنه شبهه بالركعة والسجدة وإطالة الركوع والسجود، وهذا محمول على بعض الأحوال، وإلا [فقد ثبتت](1) الأحاديث الصحيحة بتطويل القيام، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة (2) وفي الظهر بـ {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة (3)، وأنه كان تقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع إلى أهله ويتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى من الصلاة (4)، وفي البخاري أنه قرأ في المغرب بالأعراف (5).
(و) وجدت (اعتداله) بنصب اللام (في الركعة) في بمعنى من كما تقدم في قول الشاعر:
ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال
أي: من ثلاثة أحوال (6)(كسجدته، وجلسته) بفتح الجيم للمرة وكسرها للهيئة (بين السجدتين) فيه أن الاعتدال ركن طويل كما
(1) في (ص، س، ل): تقدمت.
(2)
رواه البخاري (541)، ومسلم (461) من حديث أبي برزة.
(3)
رواه مسلم (452) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4)
رواه مسلم (454) من حديث أبي سعيد الخدري.
(5)
"صحيح البخاري"(764) من حديث زيد بن ثابت، ولفظه عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولي الطوليين؟ وسبق برقم (812) تفسير الطوليين أنهما الأعراف والأنعام أو المائدة والأعراف.
(6)
سقطت من (س، م).
[تقدم، كذا الجلسة بين السجدتين؛ فإنه جعل الاعتدال والجلوس بين السجدتين كالسجود.
(وسجدته) كذا وجد في بعض أكبر النسخ، وهي محمولة على سجدته للسهو إذا سها قريبًا من السواء، ولعله: جلسته، (1) كما سيأتي في رواية مسدد يعني بالنصب والجر.
(بين التسليم) من الصلاة (والانصراف) منها (قريبًا من السواء) يدل على أن بعض هذِه الأركان أطول من بعض إلا أنها غير متباعدة وهذا واضح في كل الأركان إلا في القيام فإنه ثبت أنه كان يطوله كما تقدم، ويحتمل أن يكون ذلك الطول كان في أول أمره (2) ثم كان التخفيف بعد ذلك، كما قال جابر بن سمرة: ثم كانت صلاته بعد تخفيفًا (3)، وقد قيل: إن هذِه الرواية التي وقع فيها ذكر القيام وهم، والصحيح إسقاطه كما رواه البخاري (4) ومسلم (5) في رواية البراء [بن عازب](6) ولم يذكر فيها القيام، وزاد البخاري (7) فيه ما عدا القيام
(1) من (ل) وفي باقي النسخ: تقدم، وهي محمولة على سجدته للسهو إذا سها قريبًا من السواء وكذا الجلسة بين السجدتين فإنه جعل الاعتدال والجلوس بين السجدتين كالسجود وسجدته كذا وجد في أكثر النسخ: وجلسته. كما سيأتي في رواية مسدد يعني: بالنصب والجر.
(2)
في (م): مرة.
(3)
أخرجه مسلم (458).
(4)
"صحيح البخاري"(792).
(5)
"صحيح مسلم"(471)(194).
(6)
من (ع).
(7)
"صحيح البخاري"(792).
والقعود، قال القرطبي: والطريقة الأولى أحسن وأسلم (1)، وقوله: وجلسته (2) بين التسليم والانصراف. دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس بعد التسليم شيئًا يسيرًا في مصلاه.
قال مسدد في روايته: (فركعته) بالرفع مبتدأ (فاعتداله بين الركعتين) رواية مسلم: "فاعتداله بعد ركوعه"(3).
(فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته بين التسليم والانصراف قريبًا من السواء) كذا لمسلم في "صحيحه"(4) وهذه الجلسة لا تخلو من ذكر مشروع لها لكن لم (5) يبينه (6)، والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
(1)"المفهم" 2/ 81.
(2)
من (م)، وفي غسرها: وجلسة.
(3)
"صحيح مسلم"(471/ 193).
(4)
السابق، وفيه زيادة على أبي داود قبل (فجلسته ما بين التسليم والانصراف) قوله:(فسجدته).
(5)
ليست بالأصول الخطية، والسياق يقتضيها.
(6)
في (ص، س): سنة.