الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
117 - باب مَنْ قال: لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ
719 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنْ مُجالِدٍ، عَنْ أَبي الوَدّاكِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ وادْرَؤوا ما استَطَعْتُمْ فَإِنَّما هُوَ شَيْطانٌ"(1).
720 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ بْنُ زِيادٍ، حَدَّثَنا مُجالِدٌ، حَدَّثَنا أَبُو الوَدّاكِ قال: مَرَّ شابّ مِنْ قرَيْشِ بَيْنَ يَدَيْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَهُوَ يُصَلِّي فَدَفَعَهُ ثُمَّ عادَ فَدَفَعَهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ فَلَمّا انْصَرَفَ قال: إِنَّ الصَّلاةَ لا يَقْطَعُها شَيءٌ ولكن قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ادْرَؤوا ما اسْتَطَعْتُمْ فإنَّهُ شَيْطانٌ".
قال أَبُو داوُدَ: إِذا تَنازَعَ الخَبَرانِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُظِرَ إِلَى ما عَمِلَ بِهِ أَصْحابُهُ مِنْ بَعْدِهِ (2).
* * *
باب من قال لا يقطع الصلاة شيء
[719]
(ثنا محمد بن العلاء) قال: (ثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة بن زيد، الكوفي الحافظ (عن مجالد) بكسر اللام، ابن سعيد الهمداني الكوفي، أخرج له مسلم مقرونًا بغيره (3)، قال النسائي: ثقة. وقال في موضع آخر: ليس بالقوي (4).
(1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 280، والبيهقي في "الكبرى" 2/ 278.
وضعفه الألباني (115).
(2)
رواه البيهقي في "الكبرى" 2/ 278. وضعفه الألباني.
(3)
"صحيح مسلم"(1480/ 42).
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 223.
(عن أبي الوداك) واسمه جبر بفتح الجيم وإسكان الباء الموحدة، ابن نوف (1) البكالي، أخرج له مسلم في النكاح والفتن (2).
(عن أبي سعيد) الخدري (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة شيء وادرؤوا) أي: ادفعوا من مر بين أيديكم (ما استطعتم) أي: بأسهل ما استطعتم.
(فإنما هو شيطان) قال ابن عبد البر: هذا الحديث يفسر حديث أبي سعيد المتقدم: " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه وليدرءه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان"(3). فيؤخذ من الحديثين أن المرور لا يقطع الصلاة، وأن المرور إذا كان المصلي وحده وصلى إلى غير سترة ليس بحرام بل هو مكروه.
قال ابن عبد البر: وكذلك حكم الإمام إذا صلى إلى غير سترة، وأشد من ذلك أن يدخل المار بين المصلي وبين (4) سترته، هذا في الإمام وفي المنفرد، فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه، كما أن الإمام والمنفرد لا يضر واحد منهما من مر من وراء سترته؛ لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه، وإذا كان الإمام والمنفرد مصليا إلى سترة فليس عليه أن يدفع من يمر من وراء سترته، ثم قال: وهذا كله لا خلاف فيه بين (5) العلماء على ما رسمته (6).
(1) في (ص، ل): قوف. وسقط من (س).
(2)
"صحيح مسلم"(1438/ 133، 2938/ 113).
(3)
"الاستذكار" 6/ 181.
(4)
من (م).
(5)
في (ص، س، ل): من بين.
(6)
"الاستذكار" 6/ 162 - 163.
[720]
(ثنا مسدد) قال: (ثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي مولاهم، البصري، قال:(ثنا مجالد) بن سعيد بن عمير الهمداني، قال:(ثنا أبو الوداك)(1) جبر، كما تقدم.
(قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي فدفعه ثم عاد فدفعه ثلاث مرات) فيه: تكرار الدفع إذا تكرر المرور.
قال أصحابنا: يدفعه أولًا بالأسهل، فإن عاد ثانيًا فبأشد من الأولى، فإن عاد ثالثًا فبأشد من الثانية، فإن أدى إلى قتله كان هدرًا، ولا يجب شيء به (2) كالصائل (3) (فلما انصرف) أي: من صلاته.
(قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء) قال ابن عبد البر: قال أبو بكر: وحدثنا ابن عينية، عن عبد الكريم قال: سألت سعيد بن المسيب فقال: لا يقطع الصلاة إلا الحدث (4) يعني: إلا ما يوجب الحدث الأصغر أو الأكبر، وفي معناه الحيض، قال: وحدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان يقول: لا يقطع الصلاة شيء (5) إلا الكفر (6).
(ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرؤوا) يعني: المار (ما استطعتم) يعني ادفعوا المار بما تقدرون عليه (فإنه شيطان) قال ابن حبان: له معنيان،
(1) في (ص): داود.
(2)
من (م).
(3)
تقدم ذكر هذه المسألة.
(4)
"المصنف"(2905).
(5)
من (س، م).
(6)
"المصنف"(2908)، "الاستذكار" 6/ 162 - 163.
أحدهما: أن المراد إذا كان عالمًا بنهي المصطفى عن المرور بين يدي المصلي ثم مر بين يديه كان آثمًا عاصيًا، والعاصي يقال له في اللغة شيطان سواء كان من الجن أو الإنس؛ إذ العرب في لغتها توقع اسم الشيطنة على العصاة من أولاد آدم كما توقع مثله في العصاة من الجن، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} (1).
والثاني: أن المار بين يدي المصلي يكون معه شيطان يأمره بذلك، فأطلق اسم الشيطان على المار بين يدي المصلي على سبيل المجاز، كما في حديث ابن عمر:"فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين"(2).
(قال أبو داود: إذا تنازع الخبران) أي: تعارضا، واختلف معناهما من قولهم: تنازع القوم، إذا اختلفوا فيما بينهم (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا يدل على أن الأحاديث المتقدمة متعارضة عند أبي داود رحمه الله تعالى، وإذا تعارض الحديثان نظر إلى الترجيح من خارج، لإجماع الصحابة والأمة على ترجيح بعض الأدلة على بعض، والعمل بالراجح واجب، والقاعدة أن الخبرين المتعارضين إذا كان تاريخهما معلومًا، والمدلول قابل للنسخ، فالمتأخر ناسخ للمتقدم، ولو نقل المتأخر بالآحاد فإنه لا يرجح أحد الدليلين على الاخر إلا إذا لم يمكن (3) العمل بكل واحد منهما، فإن أمكن ولو من وجه دون وجه فهو أولى من الترجيح؛ لأن
(1) الأنعام: 112.
(2)
أخرجه مسلم (506)، وابن ماجه (955)، وأحمد 2/ 86 من حديث ابن عمر.
(3)
في (ص، ل): يكمن. وفي (س): تكملت.
فيه إعمال الدليلين، والترجيح يؤدي إلى العمل بالراجح، وإهمال المرجوح.
وقد اختلف العلماء في العمل بهذِه الأحاديث المتقدمة، فقال الطحاوي (1) وغيره: أحاديث القطع بالمرور منسوخة بالأحاديث الدالة على عدم القطع، كحديث عائشة، وابن مسعود (2)، وغيرهما، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ، وتعذر (3) الجمع كما تقدم، والتاريخ هنا لم يعلم، والجمع لم يتعذر (4).
وجمع الشافعي بينهما بأن أحاديث القطع محمولة على قطع الكمال بنقص (5) الخشوع (6).
ورجح بعضهم أحاديث قطع الصلاة والدالة على تحريم (7) المرور، على حديث عائشة الدال على الإباحة؛ لأنه أحوط، ونص عليه أحمد (8)، وبه قال الكرخي والرازي من الحنفية، وابن برهان من الشافعية، لكن هذا القول مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض، نظر إلى الترجيح من خارج، وهو أن ينظر.
(1)"شرح معاني الآثار" 1/ 463.
(2)
تقدم الحديثان قريبًا.
(3)
في (ص): تقدر. وبياض في (ل).
(4)
في (ص): يتقدر.
(5)
في (ص، س): ببعض.
(6)
"نهاية المحتاج" 2/ 57.
(7)
في (ص): تحذير. وبياض في (ل).
(8)
انظر: "مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(292، 293).
(إلى ما عمل به الصحابة)(1) جميعهم، وكذا إلى ما عمل به أكثرهم، وكذا يرَجَّحَ بعمل (2) أهل المدينة.
قال ابن التيمية كما قالت الشافعية فيما ذكره ابن العاص، وكذلك ذكره ابن برهان، وأبو الطيب (3)، واختاره أبو الخطاب من الحنابلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مات بينهم وهو أعلم بالسنة، وفي بعض النسخ: نظر إلى ما عمل به الناس (من بعده)(4) صلى الله عليه وسلم لأن الأمة لا تجتمع على خطأ.
ألا ترى إلى النزاع لما وقع للصحابة في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، ولمعارضة قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (5) فإنها عامة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا نورث ما تركناه صدقة"(6) عمل بالحديث؛ لأن الصحابة اتفقوا على العمل به دون عموم الآية، ولم ينقل عن أحد منهم أنه رد الحديث ولا عمل بخلافه، دل على ترجيحه، والله أعلم.
* * *
(1) في (ص، س): الصحاح. وبياض في (ل).
(2)
في (م): فعل.
(3)
زاد في (م): قال و.
(4)
في مطبوع "السنن": نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده.
(5)
النساء: 11.
(6)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.