المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌138 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌70 - باب الرَّجُلَين يَؤمُّ أَحَدهما صاحبهُ كيْفَ يقُومان

- ‌71 - باب إِذا كانوا ثَلاثةً كيْف يَقُومُونَ

- ‌72 - باب الإِمامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌73 - باب الإمامِ يتطَوَّعُ في مَكانه

- ‌74 - باب الإِمامِ يُحْدثُ بَعْد ما يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَة

- ‌75 - باب في تحْرِيمِ الصَّلاة وتَحْليلِها

- ‌76 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ المَأْمُومُ مِنَ اتباع الإِمامِ

- ‌77 - باب التَّشْدِيدِ فيمَنْ يرْفَعُ قبْل الإِمامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ

- ‌78 - باب فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الإِمامِ

- ‌79 - باب جِماع أَثْوابِ ما يُصَلَّى فِيهِ

- ‌80 - باب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثوبَ فِي قَفاهُ ثُمَّ يُصَلِّي

- ‌81 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثَوْبٍ واحِدٍ بَعْضُهُ علَى غيْرِهِ

- ‌82 - باب فِي الرَّجُلِ يُصلِّي فِي قمِيصٍ واحِدٍ

- ‌83 - باب إذا كان الثَّوْبُ ضَيِّقًا يَتَّزِرُ بِهِ

- ‌85 - باب الإسْبالِ فِي الصَّلاةِ

- ‌84 - باب مَنْ قال: يَتَّزِرُ بهِ إِذا كانَ ضَيِّقًا

- ‌86 - باب فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ

- ‌87 - باب المَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمارٍ

- ‌88 - باب ما جاءَ فِي السَّدْلِ فِي الصّلاةِ

- ‌89 - باب الصَّلاةِ فِي شُعرِ النِّساءِ

- ‌90 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي عاقِصًا شَعْرَهُ

- ‌91 - باب الصّلاةِ في النَّعْلِ

- ‌92 - باب المُصَلِّي إذا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يضَعهما

- ‌93 - باب الصَّلاةِ عَلَى الخُمْرة

- ‌94 - باب الصّلاةِ عَما الحَصِيرِ

- ‌95 - باب الرَّجُل يَسْجُدُ على ثَوْبِهِ

- ‌96 - باب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌97 - باب الصُّفُوفِ بَينَ السَّوارِي

- ‌98 - باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الإِمامَ فِي الصَّفِّ وكراهِيَةِ التأَخُّر

- ‌99 - باب مُقامِ الصِّبْيان مِنَ الصَّفِّ

- ‌100 - باب صَفِّ النِّساءِ وَكَراهِيَةِ التَّأَخُّرِ عن الصَّفِّ الأَوَّل

- ‌101 - باب مُقامِ الإِمامِ مِن الصَّفِّ

- ‌102 - باب الرَّجلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌103 - باب الرَّجُل يَرْكع دُون الصّفِّ

- ‌104 - باب ما يَسْتُرُ المُصَلِّي

- ‌105 - باب الخَطِّ إِذا لَمْ يجِدْ عَصًا

- ‌106 - باب الصَّلاة إِلَى الرّاحِلَةِ

- ‌107 - باب إِذا صَلَّى إِلَى سارِيَةٍ أَوْ نَحْوِها، أَيْنَ يَجْعلُها مِنْهُ

- ‌108 - باب الصَّلاةِ إِلَى المُتَحَدِّثِينَ والنِّيامِ

- ‌109 - باب الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌110 - باب ما يؤْمَرُ المُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ المَمَرِّ بَينَ يَدَيْهِ

- ‌111 - باب ما يُنْهَى عَنْهُ مِنَ المُرُورِ بينَ يَدَي المُصَلِّي

- ‌112 - باب ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌113 - باب سُتْرَة الإِمامِ سُتْرَةُ مَنْ خلْفَهُ

- ‌114 - باب منْ قال: المَرْأَةُ لا تقْطعُ الصَّلاة

- ‌115 - باب مَنْ قال: الحِمارُ لا يَقْطَعُ الصَّلاة

- ‌116 - باب مَنْ قال: الكَلْبُ لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌117 - باب مَنْ قال: لا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيءٌ

- ‌118 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ

- ‌119 - باب افتِتاح الصَّلاةِ

- ‌120 - باب

- ‌121 - باب مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌122 - باب وضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ

- ‌123 - باب ما يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنَ الدُّعاءِ

- ‌124 - باب مَنْ رَأى الاسْتِفْتاحَ بِسُبْحانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ

- ‌125 - باب السَّكْتةِ عِنْد الافْتِتاحِ

- ‌126 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌127 - باب مَنْ جهَرَ بِها

- ‌129 - باب فِي تَخْفِيفِ الصَّلاةِ

- ‌128 - باب تَخْفِيفِ الصَّلاةِ لِلأَمْرِ يَحْدْثُ

- ‌130 - باب ما جاءَ فِي نُقْصانِ الصَّلاةِ

- ‌131 - باب ما جَاءَ فِي القِراءَةِ فِي الظُّهْر

- ‌132 - باب تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌133 - باب قَدْرِ القِراءَةِ في صَلاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ

- ‌134 - باب قَدْرِ القِراءَةِ فِي المَغْرِبِ

- ‌135 - باب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا

- ‌137 - باب القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ

- ‌136 - باب الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً واحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌138 - باب مَنْ تَرَكَ القِراءَةَ فِي صَلاتِهِ بِفَاتِحَة الكِتَابِ

- ‌139 - باب مَنْ كَرِهَ القِراءَة بِفاتِحَةِ الكِتابِ إِذَا جَهَرَ الإِمامُ

- ‌140 - باب مَنْ رَأَى القِراءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ

- ‌141 - باب ما يُجْزِئُ الأُمِّيَّ وَالأَعْجَمِيَّ مِنَ القِراءَةِ

- ‌142 - باب تَمامِ التَّكْبِيرِ

- ‌143 - باب كَيْف يضَع رُكْبَتَيْه قبْلَ يدَيْهِ

- ‌144 - باب النُّهُوضِ فِي الفَرْدِ

- ‌145 - باب الإِقْعاء بَينَ السَّجْدَتيْنِ

- ‌146 - باب ما يَقُولُ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌147 - باب الدُّعاءِ بَينَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌148 - باب رَفعِ النِّساءِ إِذا كُنَّ مَعَ الرِّجالِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ

- ‌149 - باب طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السّجْدَتيْنِ

- ‌150 - باب صَلاةِ مَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ والسُّجودِ

- ‌151 - باب قَوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ صَلاةٍ لا يُتِمُّها صاحِبُها تَتِمُّ منْ تَطوُّعِهِ

- ‌152 - باب وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌153 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ

- ‌154 - باب فِي الدُّعاء فِي الرُّكوعِ والسُّجُودِ

الفصل: ‌138 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

‌138 - باب مَنْ تَرَكَ القِراءَةَ فِي صَلاتِهِ بِفَاتِحَة الكِتَابِ

818 -

حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قال: أُمِرْنا أَنْ نَقْرَأَ بِفِاتِحَةِ الكِتابِ وَما تَيَسَّرَ (1).

819 -

حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنا عِيسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ البَصْرِيِّ، حَدَّثَنا أَبُو عُثْمانَ النَّهْدِيُّ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قال: قال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "اخْرُجْ فَنادِ فِي المَدِينَةِ أَنَّهُ لا صَلاةَ إِلَّا بِقُرْآنٍ وَلَوْ بِفاتِحَةِ الكِتابِ فَما زادَ"(2).

820 -

حَدَّثَنا ابن بَشَّار، حَدَّثَنا يَحْيَى، حَدَّثَنا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِي عُثْمانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: أَمَرَني رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُنَادِيَ أَنَّهُ لا صَلاةَ إِلَّا بِقِراءَةِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ فَما زادَ (3).

821 -

حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنِ العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَولَى هِشام بْنِ زُهْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيها بِأُمِّ القُرْآنِ فَهِيَ خِداجٌ فَهِيَ خِداجٌ فَهِيَ خِداجٌ غَيْرُ تَمامٍ". قال: فَقُلْتْ: يا أَبا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَكُونُ أَحْيانًا وَراءَ الإِمامِ. قال: فَغَمَزَ ذِراعِي وقَال: اقْرَأْ بِها يا فارِسِيُّ فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "قال

(1) رواه أحمد 3/ 3، والبخاري في "القراءة خلف الإمام"(13، 75)، وعبد بن حميد في "المنتخب" 1/ 278 (879)، والبزار 18/ 71 (7)، وغيرهم.

وصححه الألباني (777).

(2)

رواه أحمد 2/ 428، والبخاري في "القراءة خلف الإمام"(70)، والببيهقي 2/ 37.

وصححه الألباني (778).

(3)

رواه أحمد 2/ 428، والبخاري في "القراءة خلف الإمام"(58)، وابن حبان 5/ 93 (1791).

وصححه الألباني (778).

ص: 545

اللهُ تَعَالى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُها لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلعَبْدِي ما سَأَلَ". قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَءُوا، يَقُولُ العَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} يَقُولُ اللهُ عز وجل: حَمِدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ العَبْدُ:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَقُولُ الله عز وجل: أَثْنَى عَلي عَبْدِي يَقُول العَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يَقُولُ اللهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ العَبْدُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يَقُولُ الله: وهذِه بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلعَبْدِي ما سَأَلَ، يَقُول العَبْدُ:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} يَقُولُ اللهُ: فهَؤُلَاء لِعَبْدِي وَلِعَبدِي ما سَأَلَ" (1).

822 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وابْنُ السَّرْحِ قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَبْلُغ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفاتِحَةِ الكِتابِ فَصاعِدًا". قال سُفْيانُ: لَمِنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ (2).

823 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ قال: كُنّا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاةِ الفَجْرِ فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ القِراءَةُ فَلَمّا فَرَغَ قال: "لَعَلَّكُمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ إِمامِكُمْ". قُلْنا: نَعَمْ هذّا يا رَسُولَ اللهِ. قال: "لا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفاتِحَةِ الكِتابِ فَإِنَّهُ لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِها"(3).

824 -

حَدَّثَنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمانَ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنا الهَيْثَمُ بْن حُمَيْدٍ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ واقِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ نافِعِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، قال نافِعٌ: أَبْطَأَ عُبادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ فَأَقامَ أَبُو نُعَيْمٍ المُؤَذِّنُ

(1) رواه مسلم (395).

(2)

رواه البخاري (756)، ومسلم (394).

(3)

رواه الترمذي 2/ 116 (311)، والإمام أحمد 5/ 81، (1848). وضعفه الألباني (146).

ص: 546

الصَّلاةَ فَصَلَّى أَبُو نُعَيْمٍ بِالنَّاسِ وَأَقْبَلَ عُبادَةُ وَأَنا مَعَهُ حَتَّى صَفَفْنا خَلْفَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَرُ بِالقِراءَةِ فَجَعَلَ عُبادَةُ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ فَلَمّا انْصَرَفَ قُلْتُ لِعُبادَةَ: سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَرُ قال: أَجَلْ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ الصَّلَواتِ التِي يَجْهَرُ فِيها بِالقِراءَةِ قال: فالتَبَسَتْ عَلَيْهِ القِراءَة فَلَمّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنا بِوَجْهِهِ وقال: "هَلْ تَقْرَؤُونَ إِذا جَهَرْتُ بِالقِراءَةِ". فَقال بَعْضُنا: إِنّا نَصْنَعُ ذَلِكَ. قال: "فَلا وَأَنَا أَقُولُ ما لِي يُنازَعُنِي القُرْآنُ فَلا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ إِذا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ القُرْآنِ"(1).

825 -

حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنا الوَليدُ، عَنِ ابن جابِرٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ العَلاءِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُبادَةَ نَحْوَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمانَ قالوا: فَكانَ مَكْحُولٌ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ والعِشاءِ والصُّبْحِ بِفاتِحَةِ الكِتابِ فِي كلِّ رَكْعَةٍ سِرًّا. قال مَكْحُولٌ: اقْرَأْ بِها فِيما جَهَرَ بِهِ الإِمامُ إِذا قَرَأَ بِفاتِحَةِ الكِتابِ وَسَكَتَ سِرًّا فَإِنْ لَمْ يَسْكُتِ اقْرَأْ بِها قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ لا تَتْرُكْها عَلَى حالٍ (2).

* * *

باب من ترك القراءة في صلاته (3)

[818]

(ثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي) البصري، قال أبو حاتم: ما رأيت قط كتابًا أصح من كتابه (4)، قال:(ثنا همام، عن قتادة، عن أبي نضرة) المنذر بن مالك العبدي، عداده في تابعي

(1) رواه الدارقطني 1/ 319 (9)، والنسائي في "الكبرى" 1/ 320 (992).

وضعفه الألباني (147).

(2)

انظر الحديث السابق.

(3)

زاد في مطبوعة "سنن أبي داود" بفاتحة الكتاب.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال"30/ 231.

ص: 547

البصرة.

(عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري (قال: أمرنا) بضم الهمزة، وكسر الميم وسكون الراء (أن نقرأ) رواه ابن الجوزي في "التحقيق" بلفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ (بفاتحة الكتاب) في كل ركعة.

وقال: رواه أصحابنا من حديث عبادة وأبي سعيد (1)، وعزاها غيره إلى رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجي (2).

قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": رواه إسماعيل هذا، وهو صاحب الإمام أحمد (3).

وفي "سنن ابن ماجة" معناه، ولفظه:"لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وسورة، في فريضة أو غيرها"(4). وفي هذِه الروايات حجة لما ذهب إليه الشافعي، وغيره من وجوب الفاتحة في كل ركعة، ويعضدها رواية أحمد (5)، وابن حبان (6)، والبيهقي (7) في قصة المسيء صلاته، وقال في آخره:"ثم افعل ذلك في كل ركعة". ويعضدها أيضًا رواية البخاري من حديث أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

(1)"التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي 1/ 372 من حديث عبادة وأبي سعيد بلفظ: أمرنا رسول الله أن نقرأ بالفاتحة في كل ركعة.

(2)

انظر: "التلخيص الحبير" 1/ 566.

(3)

"تنقيح التحقيق" 1/ 384.

(4)

"سنن ابن ماجة"(839) وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 567: إسناده ضعيف.

(5)

"مسند أحمد" 4/ 340.

(6)

"صحيح ابن حبان"1787.

(7)

"السنن الكبرى" 2/ 374.

ص: 548

يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب (1). وهذا مع قوله: "صلوا كلما رأيتموني أصلي"(2).

(وما تيسر) هكذا رواه ابن حبان، ولفظه: أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر (3). وبوب عليه: ذكر الخبر المصرح بإباحة تعقيب المرء قراءة فاتحة الكتاب بما أحب من السور في صلاته. ثم قال آخر الحديث (4): هذا الحديث مما نقول في كتبنا أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد يأمر بشيئين مقرونين في اللفظ، أحدهما يكون فرضًا تقوم الدلالة على فرضيته من خبر آخر، والاخر (5) يكون نفلًا يدل الإجماع على نفليته، وذلك أن الأمر بقراءة فاتحة الكتاب في الصلاة أمر فرض قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته كما ذكرنا، وما تيسر من القرآن سوى فاتحة الكتاب أمر نفل دل الإجماع على نفليته.

[819]

(ثنا إبراهيم بن موسى الرازي) الحافظ، قال:(أنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق أحد الأعلام في الحفظ والعبادة كان يحج سنة ويغزو سنة.

(عن جعفر بن ميمون البصري) بياع الأنماط، روى له الأربعة، قال:(ثنا أبو عثمان) عبد الرحمن بن ملّ (النهدي، قال: حدثني أبو هريرة قال:

(1)"صحيح البخاري"(759).

(2)

أخرجه البخاري (631) من حديث مالك بن الحويرث.

(3)

"صحيح ابن حبان"(1790).

(4)

"صحيح ابن حبان" 5/ 93.

(5)

سقط من (م).

ص: 549

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج فناد في المدينة) لفظ ابن حبان فى روايته: "اخرج فناد في الناس أن لا صلاة إلا بقراءة"(1).

(أنه لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب) رواية (2) ابن حبان: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب"(3). (فما زاد) يعني: عليها.

[820]

(ثنا) محمد (بن بشار) بندار.

قال: (ثنا يحيى) القطان، قال:(ثنا جعفر) بن ميمون.

(عن أبي عثمان) النهدي (عن أبي هريرة قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي) في الناس بالمدينة.

(أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد) عليها، تعم السورة أو بعضها من الآي، ويدخل في عمومه ما رواه الطبراني في "الأوسط" بسند فيه سهيل بن أبي حزم، وثقه ابن معين (4) وبقية رجاله ثقات، عن أنس بن مالك قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤون القرآن من أوله إلى آخره في الفرائض (5).

وروى أيضًا عن ابن عمرو (6) قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدد الآي

(1)"صحيح ابن حبان"(1791).

(2)

في (م): رواه.

(3)

"صحيح ابن حبان"(1791).

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 12/ 218.

(5)

"المعجم الأوسط"(8162).

(6)

في جميع الأصول الخطية عمر. والمثبت كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي 2/ 290.

ص: 550

في الصلاة (1).

[821]

(ثنا) عبد الله (القعنبي (2)، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن) مولى الحرقة، أخرج له مسلم والأربعة (أنه سمع أبا السائب) يقال: اسمه السائب.

(مولى هشام بن زهرة) التابعي، قال ابن عبد البر: لا يعرف اسمه (3).

وهذا هو الأصح، وكان من جلساء أبي هريرة، قال: وأجمعوا على أنه ثقة مقبول النقل.

(يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج) بكسر الخاء المعجمة.

قال الخليل بن أحمد والأصمعي والهروي وآخرون؛ الخداج النقصان (4) يقال: خدجت الناقة إذا القت ولدها قبل أوان النتاج، وإن كان تام الخلق. فقوله (خداج) أي: ذات خداج، فحذفت ذات وأقام الخداج (5) مقامه، هذا مذهب الخليل وأبي حاتم والأصمعي، وأما الأخفش فعكس وجعل الإخداج قبل الوقت وإن كان تام الخلق (6).

(1) أخرجه الطبراني كما في "المجمع" 2/ 290. وقال الهيثمي: في سنده نصر ابن طريف وهو متروك.

(2)

سقط من (ص)، وفي (م): التجيبي. والمثبت من (س، ل).

(3)

"الاستغنا" 2/ 923 (1106)، 3/ 1576 - 1577 (2443).

(4)

"غريب الحديث" 1/ 65.

(5)

في (ص، س، ل): خداه.

(6)

"المفهم" بتصرف 2/ 25.

ص: 551

(فهي خداج فهي خداج) فيه التأكيد بإعادة اللفظ (غير) بالرفع صفة لما قبلها (تمام) أي: ناقصة غير تامة.

قال أبو السائب (فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحيانًا) لفظ رواية مسلم: إنا نكون (1)(وراء الإمام. قال: فغمز ذراعي) الذراع الساعد، وغمزه كبسه باليد ليكون أبلغ في حفظ ما ينقله عنه.

(وقال: اقرأ بها يا فارسي) كذا (2) للنسائي (3)، وابن حبان (4)، وليس تسميته بالفارسي في مسلم (في نفسك) فيه دليل على أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد ومعناه اقرأها سرًا بحيث تسمع نفسك، وأما ما حمله بعض المالكية وغيرهم أن المراد يدبَّر ذلك ويذَّكره فلا يقبل؛ لأن القراءة لا تطلق إلا على حركة اللسان بحيث يسمع نفسه؛ ولهذا اتفقوا على أن الجنب لو تدبر القرآن بقلبه من غير حركة لسانه لا يكون قارئًا مرتكبًا لقراءة الجنب المحرمة، وحكى عياض وغيره، عن علي بن أبي طالب وربيعة ومحمد بن أبي صفرة وبعض أصحاب مالك: أنه لا يجب قراءة أصلًا، وهي رواية شاذة عن مالك والمشهور عن مالك وابن المسيب في جماعة من التابعين وغيرهم وفقهاء الحجاز والشام (5) كما قال القرطبي أنه لا يقرأ معه

(1)"صحيح مسلم"(395)(38).

(2)

في (ص): لكن.

(3)

"سنن النسائي" 2/ 135.

(4)

"صحيح ابن حبان"(1784).

(5)

من (س، ل، م).

ص: 552

فيما جهر فيه، وإن لم يسمعه، ويقرأ معه فيما أسر الإمام تمسكًا بقوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1)(2) وبقول أبو هريرة: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: قسمت) معنى القسمة هنا من جهة المعاني؛ لأن نصفها الأول في حمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه وتوحيده، والنصف الثاني في أعتراف العبد بعجزه وحاجته إليه وسؤاله في تثبيته بهدايته ومعونته على ذلك، وهذا التقسيم حجة لمالك وغيره من القائلين بأن البسملة ليست من الفاتحة (3)، وهو من أوضح ما احتجوا به لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله، وثلاث بدعاء أولها:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ} والسابعة متوسطة وهي (4){إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقالوا: ولأنه تعالى قال: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فإذا قال {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} فلم يذكر البسملة، وأجاب أصحابنا وغيرهم بأجوبة. أحدها: أن النصف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا حقيقة اللفظ، والثاني: أن النصف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة، والثالث: معناه: فإذا انتهى العبد في قرائته إلى الحمد لله رب العالمين.

(الصلاة) يعني: أم القرآن سماها (5) صلاة؛ لأن الصلاة لا تصح أو

(1) الأعراف: 204.

(2)

"المفهم" 2/ 28.

(3)

"الذخيرة" 2/ 178.

(4)

من (م).

(5)

في (ص): سماه.

ص: 553

لا تتم إلا بها، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم:"الحج عرفة"(1). وفيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة.

(بيني وبين عبدي نصفين فنصفها) وصف (لي ونصفها) وصف العبدي، ولعبدي) أن أعطيه (2)(ما سأل) فإن النصف الثاني دعاء العبد لنفسه، والنصف الأول ثناء على الله تعالى، وفيه: بيان أدب الدعاء وهو تقديم المدح والثناء على الله.

(قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم اقرؤوا) أم القرآن فحيث (يقول العبد) فيها رواية النسائي موافقة لرواية المصنف {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2)} يقول الله تعالى: حمدني) بكسر الميم (عبدي) قال في "النهاية": الحمد رأس الشكر؛ لأن فيه إظهار النعمة والاعتراف بها والحمد أعم من الشكر، فهو شكر وزيادة (3).

و(يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يقول الله تعالى: أثنى علي عبدي) جمعهما الثناء (4)؛ لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية.

(يقول العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} أي: يوم الحساب والجزاء (يقول الله تعالى: مجدني عبدي) قال العلماء: قوله: (حمدني

(1) أخرجه الترمذي (889)، والنسائي في "المجتبى" 5/ 256، وابن ماجة (3015)، وأحمد 4/ 309، وابن خزيمة (2822).

وقال الترمذي: حسن صحيح.

(2)

في (ص، س): أعطيته.

(3)

"النهاية": (حمد).

(4)

من (س، ل، م).

ص: 554

عبدي) و (أثنى علي) و (مجدني) إنما قاله لأن التحميد الثناء بجميل الفعال والتمجيد (1) الثناء بصفات الجلال، ويقال: أثنى عليه في ذلك كله (2)، ومعنى "مجدني": ذكرني بالعظمة والجلال، وهذِه الآية بيني وبين عبدي يعني: الآية الآتية.

(يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي: نطيع {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، أي: نطلب العون والتأييد.

قال السلمي في "حقائقه": سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان (3) يقول: سمعت أبا حفص الفرغاني يقول: من أقر بإياك نعبد وإياك نستعين فقد برئ من الجبر والقدر (4).

(وهذِه بيني وبين عبدي) قال القرطبي: إنما قال الله هذا؛ لأن في ذلك تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه، وذلك يتضمن تعظيم الله وقدرته على ما طلب منه (5) (ولعبدي ما سأل) أي: أعطيه ما سأله.

(يقول العبد: {وَاهْدِنَا} أرشدنا وثبتنا على الهداية ({اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}) الذي لا عوج فيه ({صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}) المنعم عليهم هم: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ({غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}) وهم اليهود ({وَلَا الضَّالِّينَ}) هم النصارى عند

(1) في (ص، ل): التحميد.

(2)

"شرح النووي" 4/ 104.

(3)

في (م): يسادان.

(4)

انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 1/ 145.

(5)

"المفهم" 2/ 27.

ص: 555

الجمهور، وجاء هذا التفسير مفسرًا في حديث عدي بن حاتم وقصة إسلامه أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1) والترمذي في "جامعه" (2) ويشهد لهذا التفسير أيضًا قوله تعالى في اليهود:{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (3)، وقال في حق النصارى:{قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (4).

(فهؤلاء لعبدي) هو إشارة بجمع، وأقل الجمع ثلاثة، قال مالك وغيره: في قوله إشارة إلى أن من قوله: {اهدنا} إلى آخر السورة ثلاث آيات لا آيتان؛ لأن المسلمين اتفقوا على أن الفاتحة سبع آيات، فإذا كانت ثلاث آيات عند (5) قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} بقيت (6) أربع آيات {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} آية (7) بقيت ثلاث آيات، فتصح الإشارة إليها بهؤلاء. وقد عد المصريون (8) والشاميون والمدنيون {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، وعليه (9) تصح القسمة والإشارة انتهى (10).

(1)"مسند الطيالسي"(1040).

(2)

"جامع الترمذي"(2953).

(3)

البقرة: 61، آل عمران:112.

(4)

المائدة: 77.

(5)

سقط من (م).

(6)

في (م): تعقب. وفي (ل): بقت.

(7)

من (س، ل، م).

(8)

في (م): البصريون.

(9)

في (م): عليهم.

(10)

"الاستذكار" 4/ 201 - 202.

ص: 556

وفي المسألة خلاف مبني على أن البسملة من الفاتحة أم لا، قال النووي: مذهبنا ومذهب الأكثرين أنها من الفاتحة، وأنها آية، وأن:{وَاهْدِنَا} وما بعدها آيتان، والأكثرون على أن المراد بالإشارة بـ (هؤلاء) الكلمات لا الآيات؛ بدليل رواية مسلم (1) وابن حبان (2):"فهذا لعبدي". قال: وهذا أحسن من الجواب بأن الجمع محمول على اثنين؛ لأن هذا مجاز عند الأكثرين فيحتاج إلى دليل على صرفه عن الحقيقة إلى المجاز (3). ورواية النسائي (4) كرواية المصنف، (ولعبدي) أعطيه جميع (ما سأل) والله أعلم.

[822]

(ثنا قتيبة (5) بن سعيد، و) أحمد بن عمرو (بن السرح، قالا: ثنا سفيان) بن عيينة.

(عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت) الصحابي (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) قال ابن الصلاح وغيره: قول (6) الراوي عن الصحابي: يرفع الحديث. أو: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أو ينميه. حكمه عند أهل العلم حكم المرفوع صريحًا (7).

ورواه ابن حبان من طريق معمر، عن الزهري، عن محمود بن

(1)"صحيح مسلم"(395).

(2)

"صحيح ابن حبان"(776).

(3)

"شرح النووي" 4/ 104.

(4)

"سنن النسائي" 2/ 135.

(5)

في (ص): ميسرة. والمثبت من (س، ل).

(6)

قبلها في (س، ص، ل): هو.

(7)

"مقدمة ابن الصلاح" 1/ 28.

ص: 557

الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)(1)(2) فيه رد لمن كره تسميتها بأم القرآن مع وجود هذا الحديث، وكره أنس وابن سيرين تسميتها بأم الكتاب وأم القرآن.

(فصاعدًا) اسم فاعل من صعد يصعد إذا ارتقى من سفل إلى علو ومعنى صاعد هنا الزائد، والصاعد هنا منصوب على الحال، تقديره لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فقط أو بأم القرآن في حال كونه صاعدًا في حال قراءته أي: زائدًا على أم القرآن، وفيه دليل على أن قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة بشيء (3).

وبوب ابن حبان على هذا الحديث ذكر الخبر الدال على أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا إلا بأم القرآن" لم يرد به الزجر عن قراءة ما وراء فاتحة الكتاب (4).

[823]

(ثنا عبد الله بن محمد النفيلي) قال: (ثنا محمدبن سلمة) بفتح السين واللام، [ابن عبد الله](5) الباهلي مولاهم الحراني، أخرج له مسلم والأربعة.

(عن محمد بن إسحاق) صاحب"المغازي"(عن مكحول) صرح ابن حبان بالتحديث عن مكحول فقال: ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ثنا ابن إسحاق، حدثني مكحول.

(1) قبلها في مطبوعة "سنن أبي داود": بفاتحة الكتاب.

(2)

"صحيح ابن حبان"(1786).

(3)

كذا في الأصول الخطية، ولعلها: يسن.

(4)

"صحيح ابن حبان" 5/ 87.

(5)

في (ص): وابن عبد.

ص: 558

(عن محمود بن الربيع) الأنصاري، وكان يسكن إيلياء، كذا لابن حبان (1).

(عن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر) رواية ابن حبان: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح (2).

(فثقلت عليه القراءة) أي: شق عليه التلفظ والجهر بالقراءة ويحتمل أن يراد به أنها [التبست عليه](3) القراءة بدليل الرواية الآتية وهو الأظهر.

(فلما فرغ) من صلاته (قال: لعلكم) يصلح أن يكون شاهدًا على أن لعل تأتي بمعنى الاستفهام كما أثبته الكوفيون؛ ولهذا علق بها الفعل في نحو {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (4)، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} (5)، ويدل على أنها للاستفهام قولهم في الجواب: نعم، وعلى تقدير أنها للاستفهام فهو استفهام إنكار لقوله بعده (لا تفعلوا).

(تقرؤون خلف إمامكم) فيه أن السنة للمأمومين أن يقفوا خلف الإمام صفًّا؛ فإن وقفوا قدامه لم يصح عند الشافعي (6) وأحمد (7)، وقال إسحاق (8) ومالك (9): يصح؛ لأن ذلك لا يمنع الاقتداء به فأشبه من

(1)"صحيح ابن حبان"(1785).

(2)

"صحيح ابن حبان"(1785).

(3)

في (ص): أسست. وفي (س، ل): التبست.

(4)

الطلاق: 1.

(5)

عبس: 3.

(6)

"الأم": 1/ 301 - 302.

(7)

و (8)"المغني" 3/ 52.

(9)

"التمهيد" 1/ 267 - 268.

ص: 559

خلفه (قلنا: نعم هَذًّا) بفتح الهاء والذال المعجمة المشددة، منصوب على المصدر أي: نهذُّه هَذًّا. أي: نسرع في قراءتها ونستعجل، والهذُّ: سرعة القطع (يا رسول الله) فيه الأدب في مخاطبة الكبير أن لا يسميه باسمه، بل يقول في جوابه: نعم يا سيدي. أو: يا أستاذي، ونحوه.

(قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب) هذا مخصوص بالصلاة التي يجهر فيها الإمام؛ لما روى الإمام مالك في "الموطأ"(1) والترمذي (2)، وحسنه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاته فقال: "هل قرأ معي أحد منكم؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله. قال: "ما لي أنازع القرآن؟ ! ". قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).

ورواه الدارقطني بلفظ آخر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فلما قضاها قال: "هل قرأ أحد منكم معي شيء من القرآن؟ " فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني أقول ما لي أنازع القرآن، إذا أسررت بقراءتي (4) فاقرؤوا، وإذا جهرت بقراءتي فلا يقرأ معي أحد"(5). ففي هذين الحديثين دليل على أن حديث هذا الباب مقيد

(1)"الموطأ"(193).

(2)

"سنن الترمذي"(312).

(3)

وأخرجه أيضًا النسائي 2/ 140، وابن ماجة (848)، وأحمد 2/ 240، وابن حبان (1843).

(4)

في (ص): بقراءة.

(5)

"سنن الدارقطني" 1/ 333.

ص: 560

بالصلاة الجهرية أن المأموم لا يقرأ السورة بل يستمع؛ فإن الاستماع مستحبٌ.

وفي "فوائد المهذب" للفارقي شيخ ابن أبي عصرون وتلميذ الشيخ أبي إسحاق: الجزم بوجوب الاستماع، وهو مقتضى الحديث.

وفي "التتمة" وجه أن قراءة السورة مستحبة، وهذا في الجهرية، وأما السرية فوجهان لأصحابنا أحدهما: لا يقرأ غير الفاتحة، وإذا قلنا بهذا الوجه لا يقرأ غير الفاتحة فالقياس أنه يشتغل بالذكر ولا يسكت، لأن السكوت في الصلاة منهي عنه، وهذا الوجه هو مقتضى إطلاق الحديث، والثاني: وهو الأصح أنه يقرأ السورة لانتفاء المعنى الموجب للسكوت والإنصاف (فإنه لا صلاة) أي: لا تجزئ صلاة، أو لا تصح صلاة، ويدل على هذا التقدير رواية أبي بكر ابن خزيمة في "صحيحه" بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"(1). وكذا رواه (2) أبو حاتم (3) ابن حبان (4).

واستدل به على أن قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة وركن من أركانها لا تصح إلا بها، وقال أبو حنيفة: لا تتعين الفاتحة وتجزئ قراءته (5) آية

(1)"صحيح ابن خزيمة"(490).

(2)

في (س، ص، ل): رواية. والمثبت الأنسب نحويًّا.

(3)

زاد في (ص، س): و.

(4)

"صحيح ابن حبان"(1789).

(5)

في (ص، س، ل): يجب قراءة.

ص: 561

من القرآن أي موضع كان (1).

وهو رواية عن أحمد لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "اقرأ ما تيسر لك من القرآن"(2). وحملوا حديث الباب على أن تقديره لا صلاة كاملة.

قال النووي: وهو خلاف ظاهر اللفظ (3).

وأما استدلال الحنفية لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب أو (4) غيرها"(5) فإن راويه أبو سفيان طريف بن شهاب السعدي، قال أحمد: لا يكتب حديثه (6). ثم يحتمل أنه أراد: أو غيرها ممن (7) لا يحسنها. والدليل عليه أنه روي في حديث (8)"أو نحوها".

(لمن لم يقرأ بها) أي: سواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا.

[824]

(ثنا الربيع بن سليمان الأزدي) المؤذن بمصر ثقة، قال:(ثنا (9) عبد الله بن يوسف) التنيسي الكلاعي الدمشقي شيخ البخاري.

قال يحيى بن معين: أثبت الناس في "الموطأ" القعنبي، وعبد الله بن

(1)"المبسوط" 1/ 104.

(2)

سبق تخريجه قريبًا.

(3)

"شرح النووي" 4/ 102.

(4)

في (ص): و.

(5)

رواه الترمذي (238)، وابن ماجة (839) بنحوه.

(6)

وضعفه ابن معين وأبو حاتم والبخاري وأبو داود والنسائي والدارقطني وابن حبان والذهبي وابن حجر. انظر: "تهذيب الكمال" 13/ 377 (2961)، والحديث ضعفه النووي في "الخلاصة" 1/ 363 (1117).

(7)

في (س، م): لمن.

(8)

في (م): حديثه.

(9)

في (ص، ل): لنا.

ص: 562

يوسف، وقال أيضًا: سمعت يحيى بن معين يقول: ما بقي على أديم الأرض أوثق في "الموطأ" من عبد الله بن يوسف التنيسي (1).

قال: (أنا الهيثم بن حميد) الغساني قال المصنف: ثقة قدري (2).

وقال دحيم: كان أعلم الناس بقول مكحول (3)، قال:(أخبرني زيد بن واقد) الدمشقي القرشي، من كبار أصحاب مكحول أخرج له البخاري.

(عن مكحول) قال ابن حبان في "الثقات": مكحول بن عبد الله كان هنديًا من سبي كابل لسعيد بن العاص فوهبه لامرأة من هذيل فأعتقته بمصر ثم تحول إلى دمشق (4).

(عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري) المقدسي ثقة (5).

(قال نافع: أبطأ عبادة بن الصامت) يومًا (عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس) فيه: أن الإمام ينتظر ليصلي بالناس فإن أبطأ أقيمت الصلاة في غيبته، وفيه: أن المؤذن والمقيم يكون واحدًا وأن الإمام إذا أبطأ ينوب عنه المؤذن إذا كان أهلًا.

(وأقبل عبادة) بن الصامت إلى المسجد (وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم) صفًّا في أواخر الصفوف.

(وأبو نعيم يجهر بالقراءة) أي في صلاة الصبح (فجعل عبادة) بن الصامت (يقرأ بأم القرآن) خلفه وأنا أسمع، وفيه جواز جهر المأموم بالقراءة خلف الإمام.

(1)"تهذيب الكمال" 16/ 335.

(2)

و (3)"تهذيب الكمال" 30/ 372.

(4)

"الثقات" 5/ 446.

(5)

"الثقات" لابن حبان 5/ 470.

ص: 563

(فلما انصرف) فيه جواز قول: انصرفت من الصلاة، خلافًا لمن كرهه لقوله تعالى:{ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (قلت لعبادة: سمعتك تقرأ بأم القرآن، وأبو نعيم) الإمام (يجهر) بالقراءة.

(قال: أجل) بفتح الهمزة والجيم، وسكون اللام المخففة، أي: نعم (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة) فيه ذكر الدليل للسائل ليكون أبلغ في الجواب.

(قال: فالتبست عليه القراءة) أي: بعض ما يقرأ به (فلما انصرف) من الصلاة (أقبل علينا بوجهه وقال: هل تقرؤون) خلفي (إذا جهرت بالقراءة؟ ) يؤخذ منه الدليل على تحريم الكلام في الصلاة إذ لو كان الكلام في الصلاة جائزًا لأنكر عليهم في الصلاة، فلما لم يكن جائزًا أخر الإنكار إلى أن انصرف من الصلاة واستفهمهم استفهام إنكار (فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك) في الصلاة.

(قال: فلا) تفعلوا، ثم ذكر السبب الموجب لالتباس القراءة واشتباهها عليه فقال (وأنا أقول) فيه جواز قول: أنا أفعل كذا وكذا، أو: فعلت كذا وكذا. خلافًا لمن أنكره.

(ما لي ينازعني) بضم الياء المثناة تحت (القرآن) بالرفع، وسيأتي معنى المنازعة (فلا تقرؤوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن)(1).

اشتراط الجهر للإمام في النهي عن القراءة بما زاد عن الفاتحة

(1) أخرجه النسائي 2/ 141، والدارقطني 1/ 320 من طريق زيد بن واقد.

وقال الدارقطني؛ هذا إسناد حسن ورجاله ثقات كلهم.

وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(147): إسناده ضعيف.

ص: 564

يفهم (1) أن الصلاة التي يسر فيها الإمام يقرأ فيها بسورة بعد الفاتحة أو بعض سورة، وهذا هو أصح الوجهين عند الشافعي (2) جمعًا بين الأحاديث، وقد تقدم.

[825]

(ثنا علي بن سهل) بن قادم (الرملي) قال النسائي: ثقة نسائي سكن الرملة، يقال: مات سنة 261 (3).

قال: (ثنا الوليد) بن مسلم عالم أهل الشام.

(عن) يزيد بن يزيد (4)(ابن جابر)(5) الأزدي، أخرج له مسلم خلف مكحولًا بدمشق (6).

(وسعيد بن عبد العزيز) التنوخي مفتي دمشق، كان بكاءً فسئل فقال: ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم، أخرج له مسلم والأربعة.

(وعبد الله بن العلاء، عن مكحول) أبو (7) عبد الله كان جده شاذل من أهل هراة فتزوج امرأة ملك من ملوك كابل، ثم هلك عنها وهي حامل فانصرفت إلى أهلها فولدت شهراب، فلم يزل في أخواله بكابل حتى

(1) في (م): ففهم.

(2)

"الحاوي الكبير" 2/ 140 - 143.

(3)

"تهذيب الكمال" 20/ 455.

(4)

كذا قال الشارح، وصوابه عبد الرحمن بن يزيد، وهما أخوان، وكلاهما يروي عن مكحول، لكن لا رواية للوليد إلا عن عبد الرحمن، انظر:"تهذيب الكمال" 5/ 18 (3992)، 32/ 273 (7063).

(5)

في (ص): خالد.

(6)

انظر ترجمته في "الكاشف اللذهبي (9367). وقد ذكر العيني في "شرح سنن أبي داود" 3/ 507 أنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وهو أخو يزيد بن يزيد بن جابر المذكور.

(7)

في النسخ: بن.

ص: 565

ولد له مكحول بكابل، فلما ترعرع سبي من ثمة فوقع إلى سعيد ابن العاص فوهبه لامرأة (1) من هذيل فأعتقته، وعلى هذا فهو مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذل.

(عن عبادة) وهذا السند منقطع؛ لأن مكحولًا لم يدرك عبادة (2) بن الصامت (3).

(نحو حديث الربيع بن سليمان) الأزدي (قالوا) يعني: الثلاثة (وكان مكحول) يقول: (يقرأ)(4) فيما جهر فيه الإمام (في) صلاة (المغرب والعشاء والصبح بفاتحة الكتاب في كل ركعة سرًّا) الذي عليه جمهور علماء المسلمين القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية، وقال أبو حنيفة: لا يجب على المأموم قراءة (5).

ونقل القاضي أبو الطيب والعبدري عن أبي حنيفة: أن قراءة المأموم معصية (6).

و(قال مكحول: اقرأ فيما (7) جهر به الإمام إذا قرأ) استدل به الشافعي على وجوب القراءة على [المأموم في الصلوات](8) الجهرية، ولعموم الأحاديث الواردة بقراءة الفاتحة في كل ركعة (9).

(1) في (م): لامرأته.

(2)

زاد في (ص): عن عبادة. وهي زيادة مقحمة.

(3)

زاد هنا في (م): بن.

(4)

في (ص): هذا.

(5)

"البحر الرائق" 1/ 383.

(6)

"المجموع" 3/ 365.

(7)

في (ص): إذا.

(8)

في (م): الإمام في الصلاة.

(9)

"الحاوي الكبير" 2/ 331.

ص: 566

وخالف في ذلك أحمد وغيره، ومما استدل به أحمد قول علي: ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام (1).

وقال ابن مسعود: وددت أن من قرأ خلف الإمام ملئ فوه (2) ترابًا (3)(4). ولا يقاس على المنفرد؛ لأن المنفرد ليس له من يتحمل القراءة عنه خلاف المأموم.

(بفاتحة الكتاب وسكت) أي: إذا قرأ المأموم خلف الإمام فيقرأ إذا سكت الإمام فاتحة الكتاب إذا أمكنه ذلك، قال ابن قدامة في "المغني": إذا قرأ بعض الفاتحة في سكتة الإمام ثم قرأ الإمام أنصت له وقطع قراءته، ثم قرأ بقية الفاتحة في السكتة الأخرى (5). يعني: بعد فراغ الإمام من (6) القراءة، وتصح ولا تنقطع قراءته؛ لأنه مشروع فأشبه السكوت اليسير، وما أظن الشافعية تسمح بهذا فإن الرافعي قال (7): يقطع القراءة السكوت الطويل سواء كان القارئ مختارًا أم لعارض كالسعال والتوقف في القراءة ونحوها فإن كان ناسيًا لم يضر (8).

(سرًّا) أي: يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية سرًّا لئلا يشوش على الإمام، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"ما لي أنازع القرآن"(9). ولحديث أبي هريرة:

(1) أخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 187.

(2)

في (ص): فاه.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(2807).

(4)

"المغني" 2/ 269.

(5)

"المغني" 2/ 268.

(6)

ليست في الأصول الخطية، والسياق يقتضيها.

(7)

من (س، ل، م).

(8)

"الشرح الكبير" 1/ 498.

(9)

سبق تخريجه قريبًا.

ص: 567

"من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" فقال له حامل الحديث: إني أحيانًا أكون خلف الإمام قال: اقرأ بها في نفسك (1).

(فإن لم يسكت) الإمام عقب (2) قراءته الفاتحة (اقرأ بها قبله) أي: قبل قراءته الفاتحة وهذا فيما إذا علم بذلك أول صلاته.

(ومعه) الواو هنا بمعنى أو كقولك: الكلمة اسم و (3) فعل و (4) حرف، وقول الشاعر:

كما الناس مجروم عليه وجارم (5)

قال البغوي في "شَرح السُّنَّة": فإن أمكنه أن يقرأ الفاتحة في سكتة الإمام" وإلا قرأ معه (6).

(وبعده) تقديره: أو يقرأ الفاتحة بعد فراغ الإمام من القراءة قبل أن يركع.

و(لا تتركها) يعني: الفاتحة (على) كل (حال) إلا في ركعة المسبوق فإن الإمام يتحملها عنه بعد أن وجبت عليه وفي حكم المسبوق المزحوم لو دام على المتابعة ثم سجد ثم أدرك الإمام راكعًا، فالأصح أنه يدع القراءة ويركع معه كالمسبوق.

* * *

(1) سبق تخريجه قريبًا.

(2)

في (ص): عن.

(3)

و (4) في (ص): أو.

(5)

عجز بيت لعمرو بن براقة الهمداني وصدره: (وننصر مولانا ونعلم أنه) انظر: "سمط اللآلي" 1/ 749.

(6)

"شرح السنة" 3/ 85.

ص: 568