الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
76 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ المَأْمُومُ مِنَ اتباع الإِمامِ
619 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنِ ابن عَجْلانَ حَدَّثَنِي محَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ حَبّانَ، عَنِ ابن مُحَيْرِيزٍ عَنْ مُعاوَيةَ بنِ أَبي سُفْيانَ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تُبادِرُوني بِرُكُوعٍ وَلا بِسُجُودٍ، فَإِنَّهُ مَهْما أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذا رَكعْتُ تُدْرِكُوني بِهِ إِذا رَفَعْتُ إِنِّي قدْ بَدَّنْتُ"(1).
620 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ الخَطْمِي يخطبُ النّاسَ قال: حَدَّثَنا البَراءُ -وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ- أَنَّهُم كانُوا إِذا رَفَعُوا رؤوسَهمْ مِنَ الرّكُوعِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قامُوا قِيامًا فَإذا رَأَوْه قَدْ سَجَدَ سَجَدوا (2).
621 -
حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْن حَرْبٍ وَهارُون بْن مَعْرُوفٍ -الْمَعْنَى- قالا: حَدَّثَنا سُفْيان، عَنْ أَبانَ بْنِ تَغْلِبَ -قال أَبُو داوُدَ: قال زهَيْرٌ: حَدَّثَنا الكوفِيّونَ أَبان وَغَيْرُهُ- عَنِ الحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي لَيْلَى، عَنِ البَراءِ قال: كُنّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلا يحنو أحدٌ مِنّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ (3).
622 -
حَدَّثَنا الرَّبِيعُ بْن نافِعٍ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ -يَعْنِي الفَزارِيَّ- عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ مُحارِبِ بْنِ دِثارٍ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ يَقول عَلَى الِمنْبَرِ: حَدَّثَنِي البَراءُ أَنَّهُمْ كانوا يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذا رَكَعَ رَكَعُوا وَإذا قال: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". لَمْ نَزَلْ قِيامًا حَتَّى يَرَوْهُ قَدْ وَضَعَ جَبهَتَهُ بِالأرْضِ ثمَّ يَتَّبِعُونَهُ صلى الله عليه وسلم (4).
(1) رواه ابن ماجه (963)، وأحمد 4/ 92، 98.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(631).
(2)
رواه البخاري (690، 747)، ومسلم (474).
(3)
رواه مسلم (474/ 200).
(4)
رواه مسلم (474/ 199).
باب ما يؤمر المأموم من اتباع الإِمام
[169]
(ثنا مسدد، ثنا يحيى) القطان (عن) محمد (بن عجلان) القرشي (1)، روى له مسلم والبخاري تعليقًا.
(قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان) بفتح مهملة الحاء وتشديد الموحدة، ابن منقذ الأنصاري الفقيه (2)، كان له حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ويفتي (عن) عبد الله (بن محيريز)(3) الجمحي المكي (عن معاوية بن أبي سفيان) صخر بن حرب وهو وأبوه من مسلمة الفتح.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبادروني بركوع ولا سجود فإنه) هو ضمير الشأن والقصة (مهما) اسم يعود الضمير عليه في به، وقال بعضهم: إنها ضمير زمان، والمعنى: أي وقت، وزعم السهيلي أنها حرف (4)؛ لأنها بمعنى أن، وأنها لا محل (5) لها، والصحيح أنها اسم يحتمل أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر، وأنها بسيطة لا مركبة من مه وما الشرطية، ولا من ما الشرطية وما الزائدة، وهي تجزم الشرط والجزاء، وعلى القول بأنها (6) ظرفية فهي ظرف لفعل الشرط الذي هو
(1) في (م): المقدسي.
(2)
من (م).
(3)
في (ص): بكير بن. والمثبت من (ل، م).
(4)
"شرح قطر الندى"(ص 37).
(5)
في (ص، ل): محمل.
(6)
من (ل، م). وفي بقية النسخ: فإنها.
(أسبقكم) وهو بجزم (1) القاف شرط مهما (به) متعلق بأسبق (إذا ركعت) أي حين أركع (تدركوني) بضم أوله مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف النون الأولى أصله تدركونني بنونين.
(إذا رفعت) رأسي زاد أحمد وابن ماجه: "ومهما (2) أسبقكم به إذا سجدت تدركوني به إذا رفعت"(3)، ورواه ابن حبان من حديث معاوية (4).
(إني قد (5) بدنت) روي بتشديد الدال وتخفيفها، فمن قرأ بدَّنْت بالتشديد فمن قولهم: بَدَّنَ الرجل إذا كبر وأسن، أو ثقلت حركته (6) من السّن (7)، ومن قرأ بتخفيفها فيفتح الدال من قولهم بدن الرجل بدونًا كقعد قعودًا إذا عظم بدنه بكثرة لحمه ويقال: بدن بضم الدال كضخم ضخامة وأنكر ابن دريد وغيره التخفيف؛ لأن معناه عظم بدنه [ولم تكن هذِه صفته صلى الله عليه وسلم](8)، وفي حديث عائشة ما يصحح الوجهين؛ وذلك قولها: فلما أسن وأخذه اللحم (9)، ومن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بادن (10)، وفسر بالعظيم (11) البدن. قال ابن الأثير: لما قال: بادن
(1) من (ل). وفي بقية النسخ: بحرف.
(2)
في (س): وهما.
(3)
"مسند أحمد" 4/ 92، و"سنن ابن ماجه"(963).
(4)
"صحيح ابن حبان"(2229).
(5)
من (م).
(6)
في (س): فمركبة.
(7)
في (ص): الشيب.
(8)
سقط من (م).
(9)
رواه الترمذي في "الشمائل"(8) من حديث هند بن أبي هالة.
(10)
رواه مسلم (746) وسيأتي برقم (1342).
(11)
في (ص، س): بالعظم.
أردفه بمتماسك، وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضًا فهو معتدل الخلق (1). وفسر المتماسك اللحم بالذي هو غير مسترخيه، وفي الحديث النهي عن مسابقة الإِمام فإن سبقه بالتحرم لم تنعقد صلاته، أو بالفاتحة أو بالتشهد لم يضره، وإن سبقه بركنين عامدًا بطلت صلاته إن كانا فعليين، وإن سبقه بركوع أو سجود أو مما هو دون الركنين الفعليين لم تبطل، ويحكى عن نص الشافعي؛ لأنها مخالفة يسيرة، وصرح صاحب "التتمة" و"التهذيب" أن ذلك حرام، لورود النهي عنه، ومقتضى الحديث (2) أن مبادرته بركوع أو سجود حرام.
[620]
(ثنا حفص بن عمر قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق) السبيعي (قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخطمي) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء نسبة إلى بطن من الأوس، وكان عبد الله أميرًا على الكوفة في زمن ابن الزبير (يخطب الناس قال: ثنا البراء) بن عازب رضي الله عنهما، وأبو إسحاق معروف بالرواية عن البراء، لكنه سمع هذا الحديث هنا بواسطة عبد الله وفيه لطيفة، وهو رواية صحابي عن صحابي، كلاهما من الأنصار ثم من الأوس، وكلاهما سكن الكوفة.
(وهو غير كذوب) الظاهر أنه من كلام عبد الله بن يزيد، وعلى ذلك جرى الحميدي في "جمعه"(3)، وصاحب "العمدة"(4)، لكن روى عباس (5) الدوري في "تاريخه" عن يحيى بن معين أنه قال: قوله: غير
(1)"النهاية" لابن الأثير (بدن).
(2)
"الجمع بين الصحيحين"(846).
(3)
"عمدة الأحكام"(82).
(4)
من (م).
(5)
في (ص، ل): عياش.
كذوب إنما يريد عبد الله بن يزيد الراوي لا البراء، ولا يقال لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غير كذوب؛ لأن هذِه العبارة إنما تحسن لمشكوك في عدالته (1).
قال عياض (2) وتبعه النووي: لا وصم في هذا على الصحابي؛ لأنه لم يرد به التعديل، وإنما أراد به تقوية الحديث، ومثل هذا قول أبي مسلم الخولاني: حدثني الحبيب الأمين، وقد قال ابن مسعود وأبو هريرة:[حدثنا الصادق المصدوق](3) وهذا تنبيه على صحة الحديث لا على أن قائله قصد به تعديل (4)، وروى الطبراني في:"مسند عبد الله بن يزيد" سبب قول البراء هذا الحديث الآتي فأخرج من طريقه أنه كان يصلي بالناس بالكوفة فكان الناس يضعون رؤوسهم قبل أن يضع رأسه ويرفعون قبل أن يرفع رأسه (5)، فذكر هذا الحديث في إنكاره عليهم.
(أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع (6) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) حين يقول سمع الله لمن حمده (قاموا قيامًا) فلم يزالوا قيامًا (فإذا رأوه قد سجد سجدوا) استدل به ابن الجوزي على أن المأموم لا يشرع في الركوع (7)
(1)"تاريخ ابن معين" رواية الدوري 3/ 518، وانظر:"فتح الباري" 2/ 181.
(2)
ساقطة من جميع النسخ، وأثبتناها من المصادر.
(3)
في (ص، ل، م): عياش. وفي (س): ابن عياض. والمثبت من "فتح الباري".
(4)
"إكمال المعلم" 2/ 389، "شرح مسلم للنووي" 4/ 190، وانظر:"فتح الباري" 2/ 181.
(5)
أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 66 - 67 من طريق الطبراني وفي آخره: أيها الناس لم تأثمون وتؤثمون؟ صليت بكم صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها.
(6)
في "الفتح": الركن.
(7)
أقحم هنا في (ص، س، ل): عند.
حتى يتمه الإِمام (1). وفيه جواز النظر إلى إمامه لاتباعه في انتقالاته وكذا يجوز نظر المأموم إلى بعض الصفوف الذين خلف الإِمام.
[621]
(ثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف) أبو علي المروزي الضرير، روى عنه مسلم والبخاري عن رجل عنه (المعنى قالا: ثنا سفيان، عن أبان بن تغلب) لا ينصرف للتعريف، ووزن الفعل الربعي الكوفي، روى له مسلم [تلقن القرآن من](2) الأعمش، وعرض على عاصم (قال زهير) -دون هارون- (ثنا الكوفيون أبان وغيره، عن الحكم) بن عتيبة بفتح المثناة فوق، مصغر عتبة، ابن النهاس (3) الكوفي، روى له الشيخان (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحنو) بفتح المثناة تحت وسكون الحاء المهملة، أي: يثني من حنَيت (4) العود إذا ثنيته، وفي رواية البخاري: لم يحن (5)، بكسر النون وحذف الياء للجزم وهما لغتان صحيحتان يقال: حنيت الشيء وحنوته لغتان.
(أحد منا ظهره) لركوع أو سجود (حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم يضع) أي جبهته على الأرض كما في البخاري (6)، وكما سيأتي، وفي رواية لأحمد حتى
(1)"فتح الباري" 2/ 182.
(2)
في (ص): زمن.
(3)
في جميع النسخ: ابن النحاس. وهو خطأ، وابن النهاس الكوفي غير الذي معنا هنا؛ فابن النهاس قاضي الكوفة لم يرو له شيء من الحديث. وقد خلط بينهما عدد من الأئمة. انظر:"التاريخ الكبير" 2/ 332، "الجرح والتعديل" 3/ 123 - 125، "تهذيب الكمال" 7/ 114.
(4)
في (ص): حنين.
(5)
"صحيح البخاري"(690) من طريق عبد الله بن يزيد عن البراء.
(6)
"صحيح البخاري"(811).
يسجد ثم يسجدون (1)، وفي رواية لمسلم: فكان لا يحني أحدٌ منا ظهره حتى يستتم ساجدًا (2)، وهذا صريح في أنه لا يشرع في ركن حتى يتمه الإمام وهو واضح (3) في [انتفاء المقارنة](4).
[622]
(ثنا الربيع بن نافع) أبو توبة، نزيل طرسوس، روى له الشيخان (قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن أبي إسحاق) سليمان بن أبي سليمان فيروز الشيباني (عن محارب بن دثار قال: سمعت عبد الله بن يزيد) الخطمي رضي الله عنه في الكوفة.
(يقول على المنبر: حدثني البراء رضي الله عنه أنهم كانوا) يعني الصحابة رضي الله عنهم (يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا ركع ركعوا) أي: إذا تكامل ركوعه ركعوا بعده (وإذا قال: سمع الله لمن حمده) فيه جهر الإمام بسمع الله لمن حمده (لم نزل) بسكون اللام (5)(قيامًا) فيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، والمقصود به نقل الكلام من أسلوب إلى آخر صيانة لخاطر السامع عن الملال، والضجر (6) كما قيل:
لا يصلح النفس إذ كانت مصرفة
…
إلا التنقل من حال إلى حال
وقد تكرر الالتفات في أول سورة سبحان (7) إلى قوله: {السَّمِيعُ
(1)"مسند أحمد" 4/ 284.
(2)
"صحيح مسلم"(475)(201) من حديث عمرو بن حريث.
(3)
في (س): أصح.
(4)
في (ص): انتقالات مقارنة.
(5)
سقط من (م).
(6)
من (م). وفي باقي النسخ: الصحة.
(7)
الإسراء: 1.
الْبَصِيرُ} في أربع مواضع، فانتقل من الغيبة إلى الخطاب في قوله:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} إلى التكلم في قوله: {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ثم عن التكلم إلى الغيبة في قوله: {لِنُرِيَهُ} على قراءة الحسن (1) ثم إلى التكلم في قوله: {آيَاتِنَا} ثم إلى الغيبة في قوله: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، وكذلك في الحديث من الغيبة في قوله:"فإذا ركع ركعوا" ثم إلى الخطاب بالمتكلم ومن معه في قوله: (لم نزل) ثم إلى الغيبة في قوله: (حتى يروه) بالمثناة تحت أوله (قد وضع جبهته بالأرض)، ورواية أبي يعلى من حديث أنس: حتى يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من السجود (2)(ثم يتبعونه) هو بإثبات النون التي هي علامة للرفع على الاستئناف، وليس معطوفًا على (يروه) المنصوب بحتى، وكذا (3) رواية البخاري: حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا ثم نقع سجودًا (4)، الرواية: نقع بالرفع على الاستئناف، وفيه ما كانت الصحابة عليه من الاقتداء بالشارع والمتابعة له في الصلاة وغيرها حتى لم يتلبسوا بالركن الذي ينتقل إليه حتى يشرع في الهوِيِّ إليه، بل يتأخرون عنه، وهو دليل واضح على انتفاء مقارنة المأموم الإمام وفي فعل الصحابة ذلك دليل (5) على طول الطمأنينة في الركوع والسجود.
* * *
(1) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص 281.
(2)
"مسند أبي يعلى"(4082) وإسناده ضعيف فيه رجل مبهم.
(3)
من (س، ل، م).
(4)
"صحيح البخاري"(690).
(5)
من (م).