الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: يا أُخْتِي
2210 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ ح وَحَدَّثَنا أَبُو كامِلٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ وَخالِدٌ الطَّحّانُ - المَعْنَى - كُلُّهُمْ عَنْ خالِدٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الهُجَيْمِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لامْرَأَتِهِ: يا أُخَيَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُخْتُكَ هِيَ". فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ (1).
2211 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْراهِيمَ البَزّازُ، حَدَّثَنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ السَّلامِ - يَعْنَي: ابن حَرْبٍ - عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ:"يا أُخَيَّةُ". فَنَهاهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَواهُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتارِ عَنْ خالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمانَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَواهُ شُعْبَةُ، عَنْ خالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2).
2212 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهّابِ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ إِبْراهِيمَ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ إِلَّا ثَلاثًا: ثِنْتانِ فِي ذاتِ اللهِ تَعالَى: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وَبَيْنَما هُوَ يَسِيرُ فِي أَرْضِ جَبّارٍ مِنَ الجَبابِرَةِ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَأُتِيَ الجَبّارُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ نَزَلَ ها هُنا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ هِيَ أَحْسَنُ النّاسِ قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيهِ فَسَأَلَهُ عَنْها فَقَالَ: إِنَّها أُخْتِي. فَلَمّا رَجَعَ إِلَيْها قَالَ: إِنَّ هذا سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي وَإِنَّهُ لَيْسَ اليَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيرُكِ وَإِنَّكِ أُخْتِي فِي كِتابِ اللهِ فَلا تُكَذِّبِينِي
(1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(12595).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(383).
(2)
رواه البيهقي 7/ 366 من طريق المصنف. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(384).
عِنْدَهُ". وَساقَ الحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوى هذا الخَبَرَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ (1).
2229 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ البَزّازُ، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ القَطّانُ، حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَها حَيْضَةً (2).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهذا الحَدِيثُ رَواهُ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا (3).
2230 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ قَالَ: عِدَّةُ المُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ (4).
* * *
باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي
[2210]
(ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد) بن سلمة (وثنا أبو كامل) فضيل بن الحسين الجحدري، روى عنه البخاري تعليقًا قال (حدثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري (وخالد) بن عبد الله الواسطي الطحان، اشترى نفسه من الله ثلاث مرات بوزن نفسه فضة (المعنى كلهم عن خالد) بن مهران الحذاء.
(عن أبي تميمة) بفتح المثناة فوق، واسمه طريف بفتح الطاء المهملة
(1) رواه البخاري (3358)، ومسلم (2371).
(2)
رواه الترمذي (1185). وصححه الألباني "صحيح أبي داود"(1931).
(3)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(11858).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(18777).
وصححه الألباني "صحيح أبي داود"(1932).
ابن مجالد بضم الميم وتخفيف الجيم، أخرج له البخاري في الأدب (1) والأحكام (2)، وحديثه هذا مرسل؛ لأنه تابعي كما سيأتي (الهجيمي) بضم الهاء وفتح الجيم مصغر نسبة إلى محلة بالبصرة نزلها بنو الهجيم بن عمرو بن تميم بن (مُرِّ بن أُدٍّ)(3) بطن من تميم فنسب إليهم، والصحيح أن أبا تميمة تابعي يروي عن أبي هريرة وأبي موسى، قال في "الاستيعاب": وقد ذكر بعض من ألف في الصحابة أبا تميمة الهجيمي فغلط. وذكره العقيلي في كتابه في الصحابة، قيل لأبي تميمة: كيف أنت؟ قال: بين نعمتين: ذنب مستور وثناء بين الناس مشهور (4).
(أن رجلًا قال لامرأته: يا أُخيَّة) بضم الهمزة وتشديد ياء التصغير أصله أُخيوة فالواو لام الفعل، فلما اجتمعت الياء والواو سبقت إحداهما بالسكون قلبت ياء وأدغمت في ياء التصغير ولحقته هاء التأنيث، ولم يقيد بهذِه التاء التي كانت في أخت التي يسميها النحاة بالإلحاق، كما (5) تقول في تصغير بنت: بنية (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أختُك هي؟ ) الظاهر أن فيه همزة الاستفهام التي للإنكار ثم حذفت للعلم بها، والتقدير في الأصل: أأختك هي؟ وحذف همزة الاستفهام كثير كما تقدم (فكره ذلك) من الزوج (ونهى عنه) نهي كراهة. قال بعضهم: معنى كراهة ذلك - والله أعلم - خوفًا عليه من شبهة التحريم، فإن من
(1) حديث رقم (6003).
(2)
حديث رقم (7152).
(3)
بياض بالنسخة، والمثبت من "عجالة المبتدي" للحازمي.
(4)
"الاستيعاب" 4/ 180 - 181.
(5)
في الأصل: ولا. ولعل المثبت الصواب.
قال لزوجته: يا أختي، أو أنت أختي، أو أمي ممن يحرم عليه فهو بمنزلة من قال: أنت علي كظهر أمي. في التحريم إذا قصد ذلك، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي إلى اجتناب الألفاظ المشكلة التي يتطرق بها إلى تحريم المحللات، ولكن لا تحرم عليه بهذا اللفظ ولا يثبت بهذا حكم الظهار؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لَهُ: حَرُمَت عليك، ولأن هذا اللفظ ليس بصريح في الظهار ولا نواه به، فلا يثبت التحريم؛ ولأنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أرسل إليه الجبار فسأله عنها يعني: عن زوجته سارة فقال: إنها أختي، ولم يعد ذلك ظهارًا كما سيأتي، ولأن الزوج نوى بقوله: أخية ما نواه إبراهيم من أخوة الدين فلا يضره شيء عن جماعة العلماء.
[2211]
(ثنا محمد بن إبراهيم البزاز) بزاءين معجمتين (ثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين الملائي، (ثنا عبد السلام يعني: ابن حرب) الملائي، سكن الكوفة، أخرج له البخاري في المغازي والطلاق (1)(عن خالد الحذاء، عن أبي تميمة) طريف بن مجالد الهجيمي.
(عن رجل من قومه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول لامرأته: يا أخية، فنهاه) نهي كراهة، وقد استدل به على الكراهة دون التحريم كما تقدم. قال المنذري: وذكر أبو داود ما يدل على اضطرابه (2).
(قال المصنف: ورواه عبد العزيز بن المختار) البصري (3) الدباغ (عن
(1)"التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري"(985).
(2)
"مختصر سنن أبي داود" 3/ 136.
(3)
في النسخة: المصري، والمثبت من "التهذيب" وغيره.
خالد) الحذاء (عن أبي عثمان) عبد الرحمن ملٍّ (1) النهدي (عن أبي تميمة، عن النبي) بنحو ما تقدم.
(ورواه شعبة، عن خالد) الحذاء (عن رجل، عن أبي تميمة) أيضًا.
[2212]
(ثنا محمد بن المثنى) بن عبيد بن قيس العنزي (ثنا عبد الوهاب، ثنا هشام) بن حسان القُردوسي، والقراديس من الأزد (عن محمد) بن سيرين.
(عن أبي هريرة، عن النبي: أن إبراهيم) الخليل عليه الصلاة والسلام (لم يكذب قط إلا ثلاثًا) أي: ثلاث كذبات، ذكر مسلم في كتاب الإيمان أنها أربعًا (2)، وزيد في هذِه الثلاثة قوله للكوكب: هذا ربي. ولم يذكرها في هذا الحديث مع أنه قد جاء بلفظ الحصر، فينبغي أن لا يقال عليها كذبة في حق إبراهيم إذ قد نفاها الرسول عليه السلام بهذا الحصر، وإنما لم تعد عليه كذبة وهي أدخل في الكذب من هذِه الثلاث؛ لأنه والله أعلم كان حين قال ذلك في حال الطفولية وليست حال تكليف (3)(ثنتان) منهما، هكذا جاءت الرواية بالرفع على تقدير الحذف، أي: منهما ثنتان فيكون مبتدأ وخبر، ورواية الصحيحين:"ثنتين"(4) بالنصب بدل
(1) في النسخة الخطية: مؤمل. وهو خطأ. راجع "التهذيب" 17/ 425.
(2)
ليس في "صحيح مسلم" ولا غيره لفظ: أربع كذبات، والذي فيه أن الراوي ذكر شيئًا مكان آخر، ورجح الحافظ أنه وهم من بعض الرواة. راجع "الفتح" 6/ 391.
(3)
الصواب أن قوله: {هَذَا رَبِّي} استفهام إنكار، أو هو من باب المحاجة.
أما قول الشارح إن إبراهيم عليه السلام كان صغيرًا حين قال ذلك فذلك مردود، فإن الأنبياء عليهم السلام لم يشكوا قط ولا كفروا قبل البعثة ولا بعدها. والأدلة على ذلك كثيرة.
(4)
"صحيح البخاري"(3358)، و"صحيح مسلم"(2371).
من ثلاث (في ذات الله) أي: في حق ذات الله ودفع كل آلهة سوى الله تعالى، وبيان الحجة على أن المستحق للإلهية هو الله تعالى لا غيره، وفيه دليل جواز إطلاق لفظ الذات على وجود الله، وفيه رد على بعض المتكلمين، وواحدة في شأن سارة.
(قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ})(1) هذا اعتذار عما دعوه إليه من الخروج معهم بأنه سقيم، فورى بهذا اللفظ وهو يريد خلاف ما فهموا عنه حتى يخلو بالأصنام فيكسرها، وتأويل قوله {إِنِّي سَقِيمٌ} أي: ما سأسقم فإن ابن آدم عرضة للأسقام (وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ}) قال هذا لما احتج بأنه سقيم ويخلو عنهم فكسر الأصنام وترك كبيرها لينسب إليه كسرها في الظاهر، فلما قال هذا القول قطعهم به فإنهم لما رجعوا من عيدهم وجدوا الأصنام مكسورة {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} (2) فقال بعضهم:{سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (3) وكان هذا الذكر قول إبراهيم {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (4) فلما أحضروه قالوا: من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ فأجابهم بقوله: {بَلْ فَعَلَهُ} . قال ابن قتيبة وطائفة: جعل النطق شرطًا لفعل كبيرهم، أي: فعله كبيرهم إن كان ينطق (5).
(1) الصافات: 59.
(2)
الأنبياء: 59.
(3)
الأنبياء: 60.
(4)
الأنبياء: 57.
(5)
"تأويل مختلف الحديث" ص 86.
وقال الكسائي: توقف عند قوله: {فَعَلَهُ} أي: فاعله فأضمره ثم يبتدئ فيقول: ({كَبِيرُهُمْ هَذَا}){فَاسْأَلُوهُمْ} عَن ذلك الفاعل {إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} (1) قال النووي: وذهب الأكثرون إلى أنها على ظاهرها وجوابها ما سبق (2)(وبينما هو) يعني: إبراهيم، ولم يذكر زوجته؛ لأنها تابعة له والحكم للمتبوع لا للتابع (يسير في أرض جبار من الجبابرة) الجبار هو الذي يُجبِرُ الناس على فعلِ ما أراد فعله، يقال: جبره السلطان وأجبره على الشيء، قال بعض المفسرين عند قوله تعالى {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} (3) إنَّ الثلاثي لغة حكاها الفراء وغيره، واستشهد لصحتها بما معناه أنه لا يُبنَى فَعَّال إلا من فعل ثلاثي نحو الفتاح والعلام ولم يجئ من أفعل (4) (إذ نزل) بفتح الزاي (فأتي) بضم الهمزة وكسر التاء (الجبار) قيل: اسمه صادوق، وهو ملك الأردن، وقيل: هو سنان بن علوان، وقيل: هو عمرو بن امرئ القيس، وكان على مصر (فقيل له: إنه نزل) بأرضك (ها هنا) قال الكرماني: قيل: كان ملك حَرَّان بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء (5). قال البكري: هي كورة من كور ديار مضر، سميت بحران بن آزر أخي إبراهيم عليه السلام (6)(رجل معه امرأة هي أحسن الناس) وكانت أحسن الموجودين في زمانها
(1) الأنبياء: 63.
(2)
انظر: "شرح النووي على مسلم" 15/ 125.
(3)
ق: 45.
(4)
"معاني القرآن" 3/ 81.
(5)
"صحيح البخاري بشرح الكرماني" 14/ 16.
(6)
"معجم ما استعجم" 2/ 435.
كما قيل، وهي سارة أم إسحاق وهو أصغر من إسماعيل بأربع عشرة سنة.
(قال: فأرسل) الملك (إليه) فأتاه (فسأله عنها فقال: إنها أختي) فإن قيل: ما فائدة القول بأنها أخته والحال أن الجبار يأخذها سواء كانت أخته أو زوجته أو أجنبية؟
فالجواب: أن هذا الجبار كان من عادته وسيرته أن لا يتعرض إلا لذوات الأزواج غير الإخوان، وهذا مساق الحديث، وإلا فما الذي فرق بينهما في حق جبار عنيد ظالم، وهذِه الواحدة أيضًا في ذات الله لأنها بسبب دفع كافر ظالم عن مواقعة فاحشة عظيمة لا سيما زوجات الأنبياء (فلما رجع) من عنده (إليها قال) لها:(إن هذا) الظالم الجبار (سألني عنك فأنبأته أنك أختي) قيل: خاف أن يقول زوجتي فيكرهه على طلاقها، أو يقصد قتله ليتزوجها بعده (وإنه) أي: إن الشأن والقصة (ليس) يوجد على ظهر الأرض (اليوم مسلم غيري وغيرك) بالرفع نعت لما قبله (وإنك أختي في كتاب الله) أي دين الله وحكمه كما في الحديث: "لأقضين بينكما بكتاب الله"(1) أي بحكمه، ولم يرد القرآن؛ لأن النفي والرجم لا ذكر لهما في كتاب الله، ومنه الحديث:"من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله"(2)(فلا تكذبيني) بكسر الذال المشددة (عنده) وفي الحديث أن من قال لامرأته: يا أختي أو أنت بنتي ولا يريد بذلك طلاقها لا يكون طلاقًا كما تقدم، وفي هذا ما يدل على جواز المعاريض والحيل في التخلص من الظلمة.
(1) هو جزء من حديث رواه البخاري (2695)، ومسلم (1697).
(2)
هو جزء من حديث رواه البخاري (456)، ومسلم (1504).
قال القرطبي: بل نقول: إنه إذا لم يخلص من الظالم إلا بالكذب الصريح جاز له أن يكذب، بل قد يجب في بعض الصور بالاتفاق ككذبة تنجي عبدًا صالحًا، وهو يريد قتله أو إنجاءُ أحدٍ من المسلمين من عدوهم (1)، انتهى.
وفي قوله: "لا تكذبيني عنده" دليل على أن من علم أنه كذب أو أتى بشيء من المعاريض لخلاصه من ظالم يريد قتله أو يريد أخذ وديعة عنده فلم يصدقه، وسأل غيره أن يكذب الآخر فيعرض ولا يكذبه فيكون تكذيبه سببًا لهلاكه (وساق الحديث) المذكور في الصحيحين وغيرهما.
(قال المصنف: روى) بفتح الراء والواو (هذا الخبر شعيب بن أبي حمزة) بفتح الحاء المهملة والزاي المعجمة واسمه دينار القرشي الأموي (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان مولى بني أمية (عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه) على ما تقدم.
[2229]
(حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز، ثنا علي بن بحر) بفتح الباء الموحدة وسكون الحاء المهملة البري قال ابن الأثير: بتشديد الراء فيه نظر، وقد وثقوه (القطان، ثنا هشام بن يوسف) قاضي صنعاء، أخرج له البخاري (عن معمر، عن عمرو بن مسلم) الجندي (2) بفتح الجيم والنون نسبة إلى الجند بلدة مشهورة باليمن، خرج منها جماعة، وأخرج له مسلم.
(عن عكرمة، عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس) بن شماس، واسمها حبيبة بنت سهل - كما سيأتي في كلام المصنف في الخلع -
(1)"المفهم" 6/ 186.
(2)
سقطت من النسخة الخطية والمثبت من "المصادر".
الأنصارية، قال الذهبي: وورد أيضًا أن جميلة بنت أُبِيٍّ اختلعت من ثابت فجائز أن تكون المرأتين اختلعتا (اختلعت) نفسها (منه) روى [أبو يعلى](1) في "المعرفة" في آخر الحديث أنه أول خلع في الإسلام.
(فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها) منه (حيضة) لفظ الترمذي: فأمرها النبي أن تعتد بحيضة، وقال: حديث حسن غريب (2).
واستدل به [ابن] المنذر من أصحابنا أن عدة المختلعة بحيضة، ورواه ابن القاسم عن أحمد، وقال الترمذي: إن ذهب إلى هذا فهو قوي، وهو مروي عن عثمان بن عفان وابن عمر وأبان بن عثمان وإسحاق والجمهور على أن عدة المختلعة كعدة المطلقة (3)؛ لقوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (4)؛ لأنها فرقة بعد الدخول في الحياة، فكانت ثلاثة قروء كغير الخلع، وأجابوا عن حديث الباب بأنه حديث عكرمة رواه مرسلًا وضعفه جماعة.
(قال المصنف: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم) المذكور قبله (عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا) كما تقدم، وذكره الترمذي مسندًا.
[2230]
(ثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله عنهما (قال: عدة المختلعة حيضة) فيه حجة أيضًا لما
(1) كذا في النسخة، ولعله يعني أبا نعيم، ولم أقف عليها في "الإرشاد في معرفة علماء البلاد" لأبي يعلى، وهو من "معرفة الصحابة"(7569).
(2)
انظر: "سنن الترمذي" 3/ 492.
(3)
"سنن الترمذي" 3/ 492، و"الأوسط" لابن المنذر 9/ 543 - 544.
(4)
البقرة: 228.
قال به ابن المنذر وغيره.
وأجيب بأن قول ابن عباس قد خالفه قول عمر وعلي؛ فإنهما قالا: عدتها ثلاث حيض، وقولهما أولى، وأما قول ابن عمر هنا فقد روى مالك، عن نافع عنه أنه قال: عدة المختلعة عدة المطلقة (1)، وفي "موطأ مالك" أنه بلغه عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهم كانوا يقولون: عدة المختلعة ثلاثة قروء (2).
(1) هاتان الروايتان ظاهرهما التناقض وليس كذلك، فإن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول بأن عدة المختلعة هي عدة المطلقة ثم قال بالقول الآخر لما رأى عثمان رضي الله عنه يفتي به.
(2)
"موطأ مالك" 2/ 443.