الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب فِي الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكاحِ
.
2190 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا هِشامٌ، ح وَحَدَّثَنا ابن الصَّبّاحِ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قالا: حَدَّثَنا مَطَرٌ الوَرّاقُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا طَلاقَ إِلَّا فِيما تَمْلِكُ وَلا عِتْقَ إِلَّا فِيما تَمْلِكُ وَلا بَيْعَ إِلَّا فِيما تَمْلِكُ". زادَ ابن الصَّبّاحِ: "وَلا وَفاءَ نَذْرٍ إِلَّا فِيما تَمْلِكُ"(1).
2191 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ أَخْبَرَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شعَيْبٍ بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ زادَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَلا يَمِينَ لَهُ وَمَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَلا يَمِينَ لَهُ"(2).
2192 -
حَدَّثَنا ابن السَّرْحِ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ المَخْزُومِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: في هذا الخَبَرِ زادَ: "وَلا نَذْرَ إِلَّا فِيما ابْتُغيَ بِهِ وَجْهُ اللهِ تَعالَى ذِكْرُهُ"(3).
* * *
باب في الطلاق قبل النكاح
[2190]
(ثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي الفراهيدي (ثنا هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي (عن) محمد (بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي (4)،
(1) رواه الترمذي (1181)، والنسائي 7/ 12، وابن ماجه (2047) بنحوه.
وحسنه الألباني في "الإرواء"(2069).
(2)
رواه النسائي 7/ 12. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (1901).
(3)
رواه أحمد 2/ 185. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7522).
(4)
كذا قال الشارح، والصواب أن هذا هو عبد الله بن الصباح الهاشمي العطار. فإن محمد بن الصباح لم يرو عن عبد العزيز بن عبد الصمد. كما أن الخطابي صرَّح =
وثقه أبو زرعة وغيره (1)(ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد) العمي (قال: ثنا مطر) بن طهمان (الوراق) الخراساني، مولى علي السلمي، أخرج له مسلم (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص (عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق) لابن آدم، أي: لا صحة لطلاق زوج (إلا فيما يملك) الزوج بعد النكاح الذي كان بيد الولي بالخطاب، وانتقل إليه بالعقد، وحمل بعضهم قوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (2) أنه على حذف مضاف تقديره الذي بيده حل عقدة النكاح.
والظاهر أنه سَمَّى النِّكاح ملكًا لأنه يملك الاستمتاع بالزوجة، أو سُمِّيَ ملكًا على سبيل المشاكلة لما بعده من قوله:"ولا نذر إلا فيما تملكُ، ولا بيع إلا فيما تملك". كما سمى الله تعالى إعطاء المرأة المهر كله عفوًا لمشاكلة ما قبله إلا أن يعفون؛ لأنه عفى عن أخذه النصف الذي يستحقه.
وقد استدل به الشافعية ومن وافقهم على أن خطاب الأجنبية بالطلاق لغو (3)، وكذا تعليقه الطلاق بنكاحها كقوله: إن تزوجتك فأنت طالق، أو قال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق (4)، ثم نكحها ثم دخلت الدار،
= باسمه. وهو ثقة روى عنه الجماعة إلا ابن ماجه.
(1)
"الجرح والتعديل" 7/ 289.
(2)
البقرة: 237.
(3)
انظر: "نهاية المطلب" 13/ 322، و"منهاج الطالبين" 1/ 232.
(4)
زاد بعدها في الأصل: ثم دخلت فيه شرط النكاح في إيقاع الطلاق. والراجح أنها مقحمة.
أما المنجَزُ فالإجماع على أنه لغو (1)، وأما المعلَّقُ على النِّكاح فلهذا الحديث، ولقوله تعالى:{إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} (2)، وعلله الشيخ عز الدين بفوات المقصود من العقد فبطل أثره، وهو أحسن من الاستدلال بهذا الحديث، إذ يقال فيه: تقديره: لا طلاق واقع إلا فيما يملك، والخصم الذي هو أبو حنيفة ومن وافقه يلتزمه (3).
قال الماوردي: ولا يجوز حمله (4) على وقوع الطلاق دون عقده؛ لأن عدم الوقوع في الأجنبية معلوم لا يحتاج إلى إثباته، فيحمل على عموم الأمرين فيكون معناه: لا طلاق واقع ولا معقود؛ لأن اللفظ يحتملها (5).
وناظر الكسائي أبا يوسف في هذِه المسألة وتعلق بقولهم (6): السيل لا يسبق (7) المطر. ولو عمَّمَ الزوجات فقال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فهو لغو عند الشافعي ويمين عند الخصم، فلو رفع إلى قاضٍ شافعي ففسخه انفسخت اليمين؛ لأنه مجتهد فيه، هل هو يمين أم لا، قاله العبادي.
قال الهروي: ليس ذلك بفسخ، بل هو حكم بإبطال اليمين؛ فإن
(1) يعني إجماع الشافعية.
(2)
الأحزاب: 49.
(3)
"المبسوط" 6/ 96.
(4)
في "النسخة": حكمه. والمثبت مستفاد من "الحاوي الكبير" للماوردي.
(5)
"الحاوي الكبير" للماوردي 10/ 27.
(6)
سقطت من (الأصل) وأثبتناها من المصادر وهي في "وفيات الأعيان" 3/ 296 وغيره.
(7)
في موضعها بياض. والمثبت من المصادر.
اليمين الصحيحة لا تنفسخ (1)(ولا عتق) صحيح لعبد أو أمة (إلا فيما يملك) السيد رقبته، وفيما لا يملكه لا يصح عتقه فيؤخذ منه أن من أعتق عبد ولده الصغير أو يتيمه الذي في حجره لم يصح، وبهذا قال الشافعي وأحمد (2)، وقال مالك: يصح عتق عبد ولده الصغير وإن كان لا يملكه؛ لحديث: "أنت ومالك لأبيك"(3). ولأن له عليه ولاية وله فيه حق فيصح إعتاقه (4). ودليلنا أنه عتق من غير مالك فلم يصح كإعتاق ولده الكبير.
قال ابن المنذر: لما ورث الأب من مال ابنه السدس مع ولده دل على أنه لا حق له في سائر أمواله غيره (5). وأما حديث: "أنت ومالك لأبيك" لم يُرِدْ به حقيقة الملك، وإنما أراد به المبالغة في وجوب حقه عليه وتأكده.
ويؤخذ من الحديث الرد على الثوري وإسحاق حيث قالا: لو بلغ رجل أن رجلًا قال لعبد: أنت حر من مالي، فقال: رضيت. لم يعتق عليه من ماله (6).
(ولا بيع) يصح (إلا فيما يملك) وبه استدل على أن بيع الفضولي باطل وإن أجاز مالكه؛ لأن الفضولي باع ما لا يملك.
(1)"تحفة المحتاج" وبهامشه "حاشية العبادي" 8/ 42.
(2)
"المغني" لابن قدامة 14/ 349.
(3)
سيأتي برقم (3530) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(4)
"البيان والتحصيل" 9/ 300.
(5)
"الأوسط" لابن المنذر 7/ 197.
(6)
"المغني" لابن قدامة 14/ 350.
وفيه حجة على أن بيع الحر باطل؛ لأنه لا يملك أصلًا.
(زاد) محمد (1)(بن الصباح: ولا) يلزم (وفاء نذر إلا فيما تملك) كما إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه بأن قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبد فلان، أو أتصدق بثوبه، أو داره، أو نحو ذلك. فأما إذا التزم في ذمته شيئًا لا يملكه فيصح نذره، وإذا شفي المريض ثبت العتق في ذمته ووجب عليه الوفاء به.
[2191]
(ثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الكوفي الحافظ (أنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن الوليد بن كثير) المخزومي، من أهل المدينة وكان بالكوفة قال (حدثني عبد الرحمن بن الحارث) بن عبد الله بن عياش المخزومي (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده (بإسناده ومعناه) المتقدم.
(وزاد) في هذِه الرواية (من حلف على) فعل (معصية) كأن يقول: لله علي أن أشرب الخمر، أو أقتل نفسًا محرمة، ونَذْر المرأة الصيام والصلاة في أيام الحيض أو الصوم في العيد، أو إن ولد له ولد أن ينحره ونحو ذلك (فلا) يصح نذره، ولا يجوز الوفاء به ولا كفارة (يمين) عليه ولا ينعقد (له) ولا يلزمه كفارة اليمين على المذهب، وهو مذهب مالك (2)، وروي عن أحمد ما يدل عليه؛ فإنه قال فيمن نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة: لا كفارة عليه. وهذا في معناه (3)؛ ولأنه نذر غير
(1) هكذا في الأصل: محمد - وصوابه: عبد الله. وقد سبق التنبيه على هذا.
(2)
"المدونة" 1/ 586.
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة 13/ 624.
منعقد فلم يوجب شيئًا كاليمين غير المنعقد، وذهب أبو حنيفة ومشهور مذهب أحمد: يجب عليه كفارة يمين (1). كما سيأتي في النذر.
وخرج بقوله في الحديث: "من حلف على معصية" المكروه كصوم الدهر، فإذا نذره انعقد ولزمه الوفاء به بلا خلاف، كذا في "شرح المهذب"(2) وتعقب بأن كلام المتولي يفهم عدم الانعقاد، وأشار الرافعي إليه تفقهًا؛ لأن النذر قربة والمكروه لا يتقرب فيه.
(ومن حلف على قطيعة رحم) وقطيعة الرحم ضد صلتها وذو الرحم الأقارب، ويقع على كل من بينك وبينه نسب (فلا) يبر فيها ولا (يمين) ينعقد (له) لأن قطيعة الرحم معصية، ولا يمين بالنذر في معصية الله.
[2192]
(ثنا)[أحمد بن عمرو](3)(ابن السرح، ثنا ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم) بن عبد الله العمري، أخرج له مسلم.
(عن عبد الرحمن بن الحارث) بن عبد الله (المخزومي) أخرج له مسلم (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الخبر) المذكور و (زاد) فيه (ولا نذر) يعتد قبوله من الله تعالى ويستحق صاحبه المدح (إلا فيما ابتغي) أي: طلب (به وجه الله) فعبر بالوجه عن الرضا (4)؛ لقوله تعالى: {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (5)، فهذا خبر اشترط
(1) انظر: "المغني" 13/ 624، "المبسوط" 8/ 151.
(2)
"المجموع" 6/ 391.
(3)
بياض بالأصل قدر كلمتين والمثبت من المصادر.
(4)
الصواب في ذلك أن لله تعالى وجهًا حقيقيًّا يليق به لا يشبه أحدًا من خلقه، وصفة الوجه غير صفة الرضا بلا خلاف.
(5)
البقرة: 207.
فيه قيد محذوف، أي: يعتد قبوله كما تقدم، وذكر الوجه لمعنيين أحدهما: إنك إذا قلت: فعلته لوجه زيد فهو أشرف في الذكر من قولك: فعلته له؛ لأن وجه الشيء أشرف ما فيه، ثم كثر حتى صار يعبر به عن الشرف بهذا اللفظ.
الثاني: أنك إذا قلت: فعلت هذا الفعل له فها هنا يحتمل أن يقال: فعلته له ولغيره، أما إذا قلت: فعلت هذا الفعل لوجهه فهو يدل على أنك فعلت الفعل له فقط لا شركة لغيره فيه.