الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذاتِ الدِّينِ
.
2047 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى - يَعْنَي: ابن سَعِيدٍ - حَدَّثَني عُبَيْدُ اللهِ حَدَّثَني سَعِيدُ بْنُ أَبي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تُنْكَحُ النِّساءُ لأَرْبَعٍ لِمالِها وَلحَسَبِها وَلِجَمالِها وَلدِينِها فاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ"(1).
* * *
باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين
[2047]
(ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد) القطان، قال (ثني عبيد الله) بالتصغير بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (عن سعيد بن أبي سعيد) المقبري (عن أبيه) أبي سعيد بن كيسان (عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تنكح النساء لأربع: لمالها) وفيه دليل على أن للرجل الاستمتاع بمال الزوجة، وأنها تقصد لذلك، وإلا فكانت كالفقيرة، فإن طابت به نفسها فهو حلال، وإن منعت فله بقدر ما بذل من الصداق.
قال النووي: الصحيح في معنى الحديث، أخبر بما يفعله الناس في العادة؛ فإنهم يقصدون هذِه الخصال الأربع، وخيرها (2) ذات الدين فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين، لا أنه أمر بذلك (3).
قال عياض في "الإكمال": قال الإمام: ظاهر هذا حجة لقولنا أن
(1) رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
(2)
في "شرح النووي": آخرها عندهم.
(3)
"شرح النووي" 10/ 51 - 52.
المرأة إذا دفع إليها في الصداق الزوج ليسارها، أو لأنها تسوق إلى بيته من الجهاز ما جرت عادة أمثالها به، وجاء الأمر بخلافه، أن للزوج مقالًا في ذلك، ويحط من الصداق الزيادة؛ لاستباحة البضع، كمن اشترى سلعتين فاستحقت الأدنى منهما، فإنه إنما ينقضي في البيع في قدر المستحقة خاصة (1).
(وحسبها) قال الهروي: احتاج أهل العلم لمعرفة الحسب مما يعتبر في مهر مثل المرأة، قال شمر: الحسب: الفعل الجميل للرجل وآبائه، مأخوذ من الحساب، إذا حسبوا مناقبهم، وذلك أنهم إذا تفاخروا أعد كل منهم مناقبه ومآثر آبائه، وفي حديث آخر:"كرم الرجل: دينه، وحسبه: خلقه"(2). (وجمالها) حسن الوجه مطلوب؛ إذ به يحصل التحصن، والطبع لا يكتفي بالدميمة غالبًا، (ودينها) والحث على الدين كما سيأتي، وأن المرأة لا تنكح لجمالها؛ ليس زجرًا عن رعاية الجمال، بل هو زجر عن النكاح لأجل الجمال المحض مع عدم الدين وقلة الصلاة، ويدل على الالتفات إلى معنى الجمال أن الألفة والمودة تحصل به غالبًا، وقد ندب الشرع إلى مراعاة أسباب الألفة، ولذلك استحب النظر، ومعلوم أن النظر لا يعرف به الخلق والدين والمال، وإنما يعرف به الجمال والقبح، وروي أن رجلًا تزوج على عهد عمر، وكان قد خضب لحيته، فنصل عليه خضابه، فاستعدى عليه أهل
(1)"إكمال المعلم" 4/ 346.
(2)
أخرجه أحمد 2/ 365، وصححه ابن حبان (483)، والحاكم 1/ 123، 2/ 162 من حديث أبي هريرة. وضعفه الألباني في "الضعيفة"(2369).
المرأة، وقالوا: حسبناه شابًّا. فأوجعه عمر ضربًا، وقال: غررت القوم.
(فاظفر) أنت (بذات الدين) قال الرافعي في "أماليه": الدين يمكن حمله هنا على الملة والتوحيد، ولكن الأظهر حمله على الطاعات والأعمال الصالحة والعفة التي هي من واجب الملة، وفي الحديث الحث على استحباب الدينة فهي أولى من الفاسقة، والمسلمة أولى من الكتابية، نعم لو كانت المسلمة تاركة للصلاة، قال الزركشي: ويحتمل أن الذمية الكتابية أولى؛ لأن نكاحها مجمع على صحته وتاركة الصلاة باطل عند قوم بناء على ارتدادها، فإن كانت ضعيفة الدين في صيانة نفسها وزوجها وأزرت بزوجها فإن سلك فيها سبيل الغيرة والحمية لم يزل في بلاء ومحنة وإن سلك سبيل التهاون كان نقصًا في دينه، وإنما بالغ في الحث على الدين، لأنها حينئذٍ تكون عونًا له على الدين وإن لم تكن متدينة كانت شاغلة عن الدين ومشوشة له إذ يأمرها بالصلاة فلا تطيع أو تطيع في حضوره دون غيبته.
(تربت يداك) ترب الرجل إذا افتقر، وأترب إذا استغنى، وهذِه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به كما يقولون: قاتله الله. وقيل: معناها: لله درك. وقال بعضهم: هو دعاء على الحقيقة، فإنه قد قال لعائشة:"تربت يداك"، لأنه رأى الفقر خيرًا لها، والأول أوجه.