الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - باب فِي الظِّهارِ
2213 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ - المَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا ابن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطاءٍ - قَالَ ابن العَلاءِ ابن عَلْقَمَةَ بْنِ عَيّاشٍ - عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ - قَالَ ابن العَلاءِ البَياضِيِّ - قَالَ: كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّساءِ ما لا يُصِيبُ غَيْرِي فَلَمّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ خِفْت أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ فَظاهَرْتُ مِنْها حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضانَ فَبَيْنَما هِيَ تَخْدُمُنَي ذاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لي مِنْها شَئ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْها فَلَمّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمي فَأَخْبَرْتُهُمُ الخَبَرَ، وَقُلْتُ: امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قالُوا: لا والله. فانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "أَنْتَ بِذاكَ يا سَلَمَةُ". قُلْتُ: أَنا بِذاكَ يا رَسُولَ اللهِ - مَرَّتَيْنِ - وَأَنا صابِرٌ لأَمْرِ اللهِ فاحْكُمْ فِيَّ ما أَراكَ اللهُ. قَالَ: "حَرِّرْ رَقَبَةً". قُلْتُ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَها وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتَي قَالَ: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ". قَالَ: وَهَلْ أُصِبْتُ الذِي أُصِبْتُ إِلَّا مِنَ الصِّيامِ. قَالَ: "فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا". قُلْتُ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَقَدْ بِتْنا وَحْشَيْنِ ما لَنا طَعامٌ. قَالَ: "فانْطَلِقْ إِلَى صاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْها إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيالُكَ بَقِيَّتَها". فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأي وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السَّعَةَ وَحُسْنَ الرَّأي وَقَدْ أَمَرَنِي - أَوْ أَمَرَ لِي - بِصَدَقَتِكُمْ. زادَ ابن العَلاءِ: قَالَ ابن إِدْرِيسَ: بَياضَة بَطْنٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ (1).
2214 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا ابن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
(1) رواه الترمذي (3299)، وابن ماجه (2062).
وصححه الألباني في "الإرواء"(2091).
سَلامٍ، عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ مالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: ظاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصّامِتِ فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَشْكُو إِلَيْهِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجادِلُنِي فِيهِ وَيَقُولُ: "اتَّقِي اللهَ فَإِنَّهُ ابن عَمِّكِ". فَما بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إِلَى الفَرْضِ فَقَالَ: "يُعْتِقُ رَقَبَةً". قَالَتْ: لا يَجِدُ قَالَ: "فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ". قَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ ما بِهِ مِنْ صِيامٍ. قَالَ: "فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا". قَالَتْ: ما عِنْدَهُ مِنْ شَيء يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَتْ: فَأُتِي ساعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ فَإِنِّي أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ. قَالَ: "قَدْ أَحْسَنْتِ اذْهَبِي فَأَطْعِمِي بِها عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وارْجِعِي إِلَى ابن عَمِّكِ". قَالَ: والعَرَقُ سِتُّونَ صاعًا.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي هذا إِنَّها كَفَّرَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَأْمِرَهُ. وقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهذا أَخُو عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ (1).
2215 -
حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الأَصْبَغِ الحَرّانِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابن إِسْحاقَ بهذا الإِسْنادِ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: والعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلاثِينَ صاعًا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهذا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ (2).
2216 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا أَبانُ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: يَعْنِي بِالعَرَقِ زَنْبِيلًا يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا (3).
2217 -
حَدَّثَنا ابن السَّرْحِ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابن لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الحارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ بهذا الخَبَرِ، قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ
(1) رواه أحمد 6/ 410، وإسحاق بن راهويه (2208)، وابن حبان (4279).
وصححه الألباني بشواهده في "الإرواء"(2087).
(2)
رواه ابن الجارود (746)، والطبراني 1/ 225 (616)، والبيهقي 7/ 389.
وصححه الألباني بشواهده في "الإرواء"(2087).
(3)
رواه الطبراني 7/ 42 (6329).
وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(1919) صحيح مرسل.
- صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَأَعْطاهُ إِيّاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا قَالَ: "تَصَدَّقْ بهذا" قَالَ: فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ"(1).
2218 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَزِيرٍ المِصْرِيِّ قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنا الأَوْزاعِيُّ، حَدَّثَنا عَطاءٌ عَنْ أَوْسٍ أَخِي عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَعَطاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَدِيمُ المَوْتِ والحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَإِنَّما رَوَوْهُ عَنِ الأَوْزاعِيِّ، عَنْ عَطاءٍ أَنَّ أَوْسًا (2).
2219 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصّامِتِ وَكَانَ رَجُلًا بِهِ لَمَمٌ فَكَانَ إِذَا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعالَى فِيهِ كَفّارَةَ الظِّهارِ (3).
2220 -
حَدَّثَنا هارُونُ بْن عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ (4).
2221 -
حَدَّثَنا إِسْحاقُ بْنُ إِسْماعِيلَ الطّالقانِيُّ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، حَدَّثَنا الحَكَمُ بْنُ أَبانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ واقَعَها قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ:"ما حَمَلَكَ عَلَى ما صَنَعْتَ". قَالَ: رَأَيْتُ بَياضَ ساقَيْها فِي القَمَرِ.
(1) رواه ابن الجارود (745). وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1920)
(2)
رواه البيهقي 7/ 392 من طريق المصنف.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1921).
(3)
رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2880) عن هشام عن أبيه.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(1922) مرسل صحيح الإسناد.
(4)
رواه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 398، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(7563)، والحاكم 2/ 482. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1923).
قَالَ: "فاعْتَزِلْها حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ"(1).
2222 -
حَدَّثَنا الزَّعْفَرانِيُّ، حَدَّثَنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ أَبانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَرَأى بَرِيقَ ساقِها في القَمَرِ فَوَقَعَ عَلَيها فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ (2).
2223 -
حَدَّثَنا زِيادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ، حَدَّثَنا الحَكَمُ بْنُ أَبانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ السّاقَ (3).
2224 -
حَدَّثَنا أَبُو كامِلٍ أَنَّ عَبْدَ العَزِيزِ بْنَ المُخْتارِ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنا خالِدٌ حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ سُفْيانَ (4).
2225 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى يُحَدِّثُ بِهِ، حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ الحَكَمَ بْنَ أَبانَ يُحَدِّثُ بهذا الحَدِيثِ وَلَمْ يَذْكُرِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ، عَنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَتَبَ إِلَى الحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: أَخْبَرَنا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الحَكَمِ بْنِ أَبانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ بِمَعْناهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (5).
* * *
باب في الظهار
[2213]
(ثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى قالا: ثنا)
(1) رواه النسائي 6/ 167.
قال الألباني في "صحيح أبي داود"(1924): صحيح مرسل.
(2)
لم أقف عليه - بلفظه - عند غير المصنف.
والكلام في سنده كباقي الروايات: الحكم بن أبان ضعيف ولكنه حسن بشواهده.
(3)
رواه النسائي 6/ 167. وصححه الألباني بشواهده في "صحيح أبي داود" (1925).
(4)
صححه الألباني بشواهده في "صحيح أبي داود"(1926).
(5)
رواه النسائي 6/ 167. وصححه الألباني بشواهده في "صحيح أبي داود" (1926).
عبد الله (ابن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي (عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء) بن عباس بن علقمة القرشي العامري (قال) محمد (بن العلاء) في روايته: فوقع في نسبه فقال: هو محمد بن عمرو بن عطاء بن علقمة بن عباس.
(عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر قال) محمد (ابن العلاء) هو سلمة بن صخر بن سليمان الخزرجي، ودعوتهم في بني بياضة، فلهذا يقال له (البياضي) قال في "الاستيعاب": يقال سلمان بن صخر وسلمة أصح، وهو أحد البكائين (1).
قال أبو القاسم البغوي: لا أعلم لسلمة بن صخر حديثًا مسندًا غير هذا الحديث (2). وقال الترمذي عن البخاري: سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر (3).
(قال: كنت امرَأً أصيب من النساء ما لا يصيب غيري) ولفظ ابن ماجه: كنت امرأً أستكثر من النساء لا أرى رجلًا كان يصيب من ذلك ما أصيب (4)، وفيه أنه كان كثير الجماع، ويقال: إن كثرة جماع الرجل يدل على التقوى، فإن غير المتقي إذا مرت به امرأة أو مر بها ينظر إليها ويأخذ حظه من النظر إليها، وأما المتقي فإذا بدت له امرأة غض بصره عنها، وكذا في الثانية والثالثة فيجتمع كثرة غضه عن المحارم في قلبه شيء من التوقان فإذا أتى عند أهله أزال ما اجتمع عنده بكثرة
(1)"الاستيعاب" 2/ 201.
(2)
"معجم الصحابة"(1022).
(3)
"سنن الترمذي" 5/ 379.
(4)
"سنن ابن ماجه"(2062).
جماع أهله (فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يُتَابَعُ) بضم المثناة تحت وتخفيف المثناة فوق وبعد الألف موحدة (1) تحت مفتوحة، والتتابع الوقوع في الشر والتهافت عليه من غير فكرة ولا روية، ولا يكون في الخير، وفي الحديث:"لا تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار"(2) والسكران يتتابع، أي: بنفسه (بي حتى أصبح) بضم الهمزة وكسر الموحدة، وفيه حرص الآدمي على نفسه من الوقوع في منهي عنه، وتوَقِّي ما يخاف منه، ولعل هذا الذي خاف منه هو ما كان في أول الإسلام كما في البخاري (3): لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} (4). قال ابن الأثير: وفي رواية الترمذي قال: كنت رجلًا أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقًا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع (5). ولم أجد هذا في النكاح ولا في التفسير منه (6)(فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان) استدل به الرافعي على صحة تعليق الظهار (7) وتعقبه ابن الرفعة بأن الذي في
(1) في الأصل: مثناة، والصواب ما أثبتناه.
(2)
رواه أحمد 6/ 454، والطبراني في "الكبير" 24/ 164.
(3)
"صحيح البخاري"(4508) من حديث البراء رضي الله عنه.
(4)
البقرة: 187.
(5)
"جامع الأصول" 7/ 647.
(6)
بل هو في كتاب التفسير، في تفسير سورة المجادلة، برقم (3299).
(7)
"الشرح الكبير" 9/ 260.
السنن لا حجة فيه على جواز التعليق، وإنما هو ظهار مؤقت لا معلق (1).
قال ابن حجر: واللفظ المذكور في البيهقي يعني: أن سلمة بن صخر جعل امرأته على نفسه كظهر أمه إن غشيها حتى ينصرف رمضان يشهد لما قاله الرافعي (2)(فبينا) وفي رواية: فبينما. بزيادة الميم (هي تخدمني ذات ليلة) فيه دليل على خدمة المرأة زوجها وهو عند الشافعي مستحب وليس بواجب (3)(إذ تكشف لي منها شيء) لعل هذا الذي رآه ما جاء في رواية الترمذي عن ابن عباس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر (4).
وللبزار عن ابن عباس أيضًا أني ظاهرت من امرأتي رأيت ساقها في القمر فواقعتها (5)، وسيأتي (فلم ألبث) بفتح الموحدة (أن نزوت عليها) بفتح النون والزاي وسكون الواو، أي: وثبت إلى جماعها، وفي الحديث: ألا تأمرنا أن نُنْزِيَ الحمر على الخيل؟ (6)، أي: نحملها عليها للنسل، وقد يكون في الأجسام والمعاني، وفي الحديث:"انترى على القضاء فقضى بغير علم"(7)(فلما أصبحت خرجت) فيه جواز تأخير السؤال عما يحتاج إليه من الأحكام إذا كان لخوف أو عدو أو
(1)"التلخيص الحبير" 3/ 444.
(2)
"التلخيص الحبير" 3/ 444 - 445.
(3)
انظر: "البيان" 9/ 508.
(4)
الترمذي (1199).
(5)
"مسند البزار"(4797).
(6)
سبق برقم (808) من حديث ابن عباس بلفظ: أمرنا ألا ننزي الحمار على الفرس.
(7)
ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول" 10/ 167 وعزاه إلى رزين، وانظر:"النهاية"(نزا).
نحوه (إلى قومي فأخبرتهم الخبر) ولابن ماجه: غدوت على قومي وأخبرتهم خبري، وقلت لهم: سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
(وقلت: امشوا) بوصل الهمزة (معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه استعانة الآدمي بإخوانه في أموره المهمة؛ فإن هذِه الأمة كالبنيان يشد بعضهم بعضًا، وإن هذا من قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2)، وفيه أنه إذا أراد إخوانه أن يمشوا معه في حاجته أن يذكر لهم قضيته قبل أن يطلب منهم المشي معه ليعرفوا ما يذهبون إليه ولا يطالبهم أن يمشوا معه ويساعدوه قبل أن يعرفوا قضيته، وفيه جواز ذكر الإنسان ما يكون من إصابته أهله إذا كان لحاجة لا يكون هذا من كشف ستر المرأة، ويكون الحديث المتقدم من حديث الطفاوي عن أبي هريرة في باب: ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله (3). مخصوص كما إذا كان لغير حاجة (قالوا: لا والله) فيه جواز القسم لتأكيد الكلام وإن لم يطلب منه، ولابن ماجه: فقالوا: ما كنا لنفعل إذًا ينزل الله فينا كتابًا، أو يكون فينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قول فيبقى علينا عاره، ولكن سوف نسلمك بخزيتك (4) اذهب أنت فاذكر شأنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (5).
(فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: أنت بذاك يا سلمة) معناه: أنت الملم بذاك الفعل، وأنت المرتكب له (قلت: أنا الملم بذاك) الفعل
(1)"سنن ابن ماجه"(2062).
(2)
المائدة: 2.
(3)
سبق برقم (2174).
(4)
في "السنن": بجريرتك.
(5)
ابن ماجه (2062).
(يا رسول الله مرتين) الظاهر أن مرتين متعلق بالمحذوف، أي: أنا الملم بذلك الفعل مرتين، وأخبر بالوطء مرتين لاحتمال تعدد الكفارة بتعدد الوطء في وقتهن وليعلم ما يجب بالوطأة الثانية، وهذا أولى من تعلق مرتين بالقول ويكون التقدير: قلت له هذا القول مرتين (وأنا صابر لأمر الله) تعالى أي: لما يقضي الله به علي، ولفظ ابن ماجه: وها أنا يا رسول الله صابر لحكم الله علي.
(فاحكم فيَّ ما أراك الله) معناه: على قوانين الشرع إما بوحي ونص أو بنظر جارٍ على سنن الوحي، وهذا أصل في القياس، وفيه دليل على أنه عليه السلام كان يجتهد فيما لا نص فيه عنده من الحوادث وهي مسألة خلاف في أصول الفقه، وهذا الحديث والآية حجة للجواز، وأن الاجتهاد في الأحكام منصب كمال، فلا ينبغي أن يفوته عليه السلام، وقد دل على وقوعه منه عليه السلام:"لو قلت نعم لوجبت"(1) وحجة المانعين {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (2) وعلى القول بجواز الاجتهاد له، هل يقع منه الخطأ؟ والصواب أنه إن رأى شكًّا كان صوابًا؛ لأن الله تعالى أراه ذلك، وقد تضمن الله لأنبيائه العصمة، وأما أحدُنا إذا رأى شيئًا فظنه فلا قطع فيما رآه، ولم يرد به رؤية العين في الحديث ولا الآية؛ لأن الحُكم لا يرى بالعين.
(قال: حرر) لفظ ابن ماجه قال: "أعتق"(رقبة) هو موافق لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (3)، وهذِه الرقبة مؤمنة؛ لأنها مقيدة في كفارة
(1) أخرجه مسلم (1337)، وأصله في "صحيح البخاري" أيضًا.
(2)
النجم: 4.
(3)
المجادلة: 3.
قتل (1) الخطأ بالإيمان، وهذا مما حمل فيه المطلق على المقيد كما أطلق الشهادة في موضعين في النور وقيدها في المائدة والطلاق.
واختار ابن المنذر عدمَ شرط الإيمان، قال: لأنهم لم يجعلوا حكم أمهات النساء حكم الربائب، بل قالوا: لكل آية حكمها فما أطلقه الله فهو مطلق (2). والمذهب اشتراط الإيمان في جميع الكفارات (3).
وفي قوله في الحديث: "حرر رقبة" دليل على أن المظاهر إذا جامع امرأته مرتين أو ثلاثًا أو أكثر ليس عليه إلا كفارة واحدة كما أن المجامع في رمضان وإن كرر الجماع ليس عليه إلا كفارة واحدة؛ لأنَّ سلمة وطئ مرتين ولم يأمره إلا برقبة، وفيه رد على ما روي عن عمرو بن العاص أنَّ عليه كفارتين؛ لأن الوطء يوجب كفارة، والظهار يوجب أخرى (4). وروي عن قبيصة وسعيد بن جبير والزهري (5). أو حلف أن لا يفعل شيئًا وكرر اليمين وفعل المحلوف عليه ليس عليه إلا كفارة واحدة (6) (قلت: والذي بعثك بالحق ما) أصبحت (أملك رقبة غيرها) أي: لا أملك التصرف إلا في رقبة نفسي (وضربت صفحة) أي: جانب (رقبتي) وكل شيء عريض: صفحة.
(قال: فصم شهرين متتابعين) بالهلال، وأن نقصا؛ لأنه الأشبه شرعًا
(1) سقطت من النسخة الخطية، وإثباتها يوضح المعنى.
(2)
"الأوسط" 9/ 405.
(3)
انظر: "الحاوي الكبير" 10/ 461.
(4)
"المحلى" 9/ 197.
(5)
انظر: "الأوسط" لابن المنذر 9/ 397، "الاستذكار" 17/ 121.
(6)
انظر: "الروضة" 8/ 275، "جواهر العقود" 2/ 264.
بشرط نية الكفارة لكل يوم من الليل، ولا يشترط نية التتابع، بل يكفي التتابع بالفعل (قال: وهل أصبت) بفتح الهمزة والصاد (الذي أصبت) بفتحهما أيضًا (إلا من الصيام) لفظ ابن ماجه: وهل دخل علي ما دخل من البلاء إلا بالصوم، يعني الذي خاف منه في رمضان، فظاهر بسببه كما تقدم (قال: فأطعم) بفتح الهمزة (وسقًا) بفتح الواو، وحكى بعضهم الكسر مثل حمل وأحمال، والوسق ستون صاعًا، والصاع أربعة أمداد (من تمر) احتج به سفيان الثوري وأصحاب الرأي على أن كفارة الظهار من القمح مدان لكل فقير، ومن التمر والشعير صاع لكل مسكين (1). وكذا رواه الإمام أحمد في "المسند"(2) كما رواه المصنف ورواه غيرهما، وقوله:"من تمر" مثال لنوع من أنواع ما يخرج في الكفارة وذكر التمر دون غيره؛ لأنه غالب أقواتهم (بين ستين مسكينًا) فيه حذف الموصوف، أي: ستين رجلًا مسكينًا، وظاهره لا بد من تعدد المساكين، وفيه حجة على أبي حنيفة أنه لو دفع طعام ستين مسكينًا إلى مسكين واحد في ستين يومًا أجزأه (3)، ويرده الحديث، ولأنه لم يطعم إلا واحدًا فلم يمتثل الأمر، ولأن في التعدد فائدة وهو أن دعاءهم إذا تعدد كان أقرب للإجابة (قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين) بفتح (4) الواو وسكون الحاء المهملة بعدها شين معجمة مفتوحة أي: مفتقرين جائعين، قال في "النهاية": يقال: رجل وَحش
(1) انظر: "الأوسط" 9/ 427.
(2)
4/ 37.
(3)
انظر: "المبسوط" 7/ 18، و"المحيط البرهاني" 3/ 438.
(4)
في الأصل: (بضم)، والصواب ما أثبتناه.
بالسكون من قوم أوحاش إذا [كان جائعًا](1) لا طعام له، وقد أوحش إذا جاع وتوحش للدواء إذا احتمى لَهُ وجاء في رواية الترمذي: لقد بتنا ليلتنا هذِه وَحشى (2). يعني: مثال صرعى كأنه أراه مجاعة وحشى (3).
وفي الحديث أنه جاءه سائل فأعطاه تمرة فوحَّش بها كأنه رمى بها (4)(ما لنا طعام) ليس هذا شكوى، بل هو إعلام بأنه عاجز (قال: فانطلق إلى صاحب) أي: عامل (صدقة بني زريق) قال المنذري: هو بضم الزاي وبعدها راء مهملة مصغر، وهم بطن من الأنصار، وفيه أنه يقبل قول من ادعى الفقر أو المسكنة ولم يكلف البينة، بل يدفع إليه بلا يمين بخلاف من عرف له مال وادعى قلته واليمين بغير إذن الحاكم لا تعتبر (فليدفعها) يعني: صدقة بني زريق لا الستين صاعًا (إليك) فيه حجة لمن ذهب إلى أنه يجوز أن يدفع الرجل صدقته في الظهار والزكاة وغيرهما إلى صنف واحد من الأصناف ولا يفرقها على الأصناف الثمانية، لكن يعارضه قوله:"بعده وكل أنت وعيالك بقيتها".
(فأطعم) قد يستدل به على جواز الخبز في كفارة الظهار، ويعطي لكل مسكين رطلان، قال: وبه قال الأنماطي وابن أبي هريرة (5) والصيرفي وأحمد (6)، وقال الصيمَري في باب كفارة اليمين: وأصحابنا يعنون
(1) في الأصل: طائعًا. والمثبت من "النهاية".
(2)
"جامع الترمذي"(3299).
(3)
"النهاية في غريب الحديث" 5/ 161.
(4)
هو جزء من حديث رواه أحمد 3/ 260.
(5)
انظر: "الحاوي الكبير" 15/ 301.
(6)
انظر: "المغني" 13/ 507.
لكل واحد رطلين من الخبز لكثرة وقوعه، ولأنه المأكول الغالب لقوله: فأطعم، والخبز من أفضل ما يطعم ويعتاد، وليس الادخار مقصودًا في الكفارة فائتًا بنذره بما يقوت الإنسان في يومه، فدل على أن المقصود كفاية يومه واعتاده مؤنته (ستين مسكينًا وسقًا من تمر) وحمله ابن الصباغ على بيان الجواز، واستشكله ابن الرفعة لوروده في معرض بيان الواجب، ولذلك قال الخطابي: فيه حجة لأبي حنيفة أن خمسة عشر صاعًا لا يجزئ في كفارة الظهار (1). وهو أحوط الأمرين.
(وكل أنت وعيالك) وظاهر كلام الزجاج أن الخدم والسراري من العيال؛ لأنه قال: إن الله أباح كثرة السراري، وتعقبه ابن عطية بأن السراري مال يتصرف فيه بالبيع، وإنما العيال الحرائر ذوات الحقوق الواجبة (2) (بقيتها) فيه حذف تقديره: كُلْ وأطعم عيالك من بقيتها، وفيه جواز إطعام زوجته وأولاده الذين تلزمه نفقتهم من الزكاة إذا قبضها وأطعمهم.
(فرجعت إلى قومي فقلت) لهم (وجدت عندكم الضيق ووجدت عند النبي صلى الله عليه وسلم السعة) بفتح السين، يعني: الاتساع والتيسير (وحسن الرأي) أي: التدبير والعقل، يقال: فلان ذو رأي، أي: بصيرة وحذق بالأمور (وقد أمرني) بفتح الهمزة والميم والراء وكسر النون (أو أمر لي) بكسر اللام بدل النون شك من الراوي (بصدقتكم) وفي الرواية الأولى حذف مضاف، أي: أمرني بأخذ صدقتكم، وفيه أن القوم إذا كان فيهم فقير
(1)"معالم السنن" المطبوع مع "مختصر سنن أبي داود" 3/ 139.
(2)
"المحرر الوجيز" 2/ 8.
أو فقراء فهم أحق بأخذ الصدقة والكفارة ممن ليس من ذلك القوم، وعلى هذا يؤخذ منه أن الجار أحق بصدقة جاره، والقريب الذي يجوز الدفع إليه مقدم على الأجنبي، بل قالوا: يجوز أن ينتظر بالزكاة القريب والجار إذا كان غائبًا بخلاف غيره.
(زاد) محمد (بن العلاء) في روايته (قال) عبد الله (بن إدريس) الكوفي: (وبياضة بطن من بني زريق) بضم الزاي، وكذا هم بطن من الأنصار.
[2214]
(ثنا الحسن بن علي) الخلال، شيخ الشيخين (ثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي (ثنا) عبد الله (بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن معمر بن عبد الله بن حنظلة) بن أبي عامر عبد عمرو الراهب أبوه الغسيل غسلته الملائكة، وليس له في الكتاب سوى هذا الحديث أصيب في وقعة الحرة هو وستة بنين له، ورؤي في النوم ومعه لواء فقيل له: يا أبا عبد الرحمن أما قتلت؟ قال: بلى، لقيت ربي فأدخلني الجنة فأنا أسرح في ثمارها حيث شئت (1).
(عن يوسف بن عبد الله بن سلام) بتشديد اللام، أتى به عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ومسح رأسه وسماه يوسف. قال في "الاستيعاب": ومن حديث يوسف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ كسرة من خبز شعير ووضع عليها تمرة، وقال: هذِه إدام هذِه، ثم أكلها (2)(عن خويلة) بضم الخاء المعجمة وفتح الواو
(1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 68، وانظر:"أسد الغابة" 3/ 219.
(2)
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" 4/ 152.
مصغر (بنت مالك بن ثعلبة) قال في "الاستيعاب": هي خولة بنت ثعلبة وهو الأكثر وهي المجادلة (1).
(قالت: ظاهر مني زوجي أوس) وقالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر فدخل علي فراجعته فغضب، وقال: أنت علي كظهر أمي (2)، وذكر الحديث، وعن عمر أنه مر بها فجعل يحدثها فقال رجل: يا أمير المؤمنين، حبست الناس على هذِه العجوز فقال: ويلك، تدري من هذِه؟ هذِه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذِه خولة بنت ثعلبة التي نزل فيها {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} (3)، ولو أنها وقفت إلى الليل ما فارقتها إلا إلى الصلاة، ثم أرجع (4).
(ابن الصامت) بن قيس الخزرجي، شهد بدرًا والمشاهد كلها بعدها نزل الشام (فجئت رسول الله أشكو إليه) ما بي من المكروه، ولابن ماجه تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر (5) مني. أي: وندم، فهل من عذر؟ (ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه) المجادلة: هي مقابلة المعنى بما يدعو إلى خلافه للفصل فيه، ولهذا كان من قابل المعنى بخلافه لطلب الفائدة ليس بمجادل، وأصل الجدل الفَتْلُ، وكان جداله لها أن يقول لها: حُرمْتِ عليه (اتقي الله) فيه.
(1)"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" 4/ 390.
(2)
رواه أحمد 6/ 410، وابن حبان (4279) وأبو نعيم في "المعرفة" 6/ 3310.
(3)
المجادلة: 1.
(4)
رواه الدارمي في "الرد على الجهمية"(79)، وذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 390.
(5)
"سنن ابن ماجه"(2063).
(فإنه ابن عمك) يجتمع معها في أصرم؛ فإنه أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم وهي خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر الأنصاري الشامي (فما برحت) تجادل النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: إن لي صبية صغار إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا، وإنه والله ما ذكر طلاقًا، وترفع رأسها إلى السماء (حتى نزل القرآن) في شأنهما، وهو قوله تعالى:({قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا})(1) أوس بن الصامت، وكان جدالها له أن تقول: إن ابن الصامت أبو ولدي وابن عمي وأحب الناس إلي ظاهر مني، ووالله ما ذكر طلاقًا (إلى) أن جاء في الآية ذكر (الفرض) الذي أوجبه الله على المظاهر كفارةً لما وقع منه من الزور والقول المنكر.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغًا عن الله تعالى ما أنزل إليه بالوحي (يُعتق) بضم المثناة تحت وكسر المثناة فوق، أي: قال لخويلة: يعتق زوجك (رقبة) أو أمة، يقال: عَتَق العبدُ ثلاثي لازم للفاعل وأَعْتَقَ فلان العبد رباعي متعد بهمزة النقل، ولهذا قال في "البارع": لا يقال عتق العبد وهو ثلاثي مبني للمفعول، ولا أعتق وهو بالألف مبنيًّا للفاعل، بل الثلاثي لازم والرباعي متعد (2). (قالت) يا رسول الله (لا يجد) ها، أي: لا يملك الرقبة ولا يملك ثمنها، وهذِه المسألة للفقهاء فيها كلام طويل وخلاف كبير أعرضنا عن ذكره؛ لأن الغرض ذكر الرقبة ([قال: فيصوم] شهرين) بالهلال وإن
(1) المجادلة: 1.
(2)
انظر: "المصباح المنير"(عتق).
نقصا عن الستين يومًا لأنها الأشهر شرعًا؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} (1) وَآلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرًا ومكث تسعة وعشرين (2)(متتابعين) بنية الكفارة من الليل ويزول التتابع بفوات يوم ولو الأخير بلا عذر، وإنما يصح صوم الشهرين إذا ابتدأ بهما في وقت يعلم دوامهما فلو ابتدأ الصوم في وقت يعلم دخول ما يقطعه في أثنائه من رمضان أو يوم النحر لم يُجزِه وهل يبطل أو يقع نفلًا وفي عبارة الرافعي في "المحرر" ما يشعر أنه يقع نفلًا (3).
(قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به) يحتمل أن يكون الباء بمعنى في، وفيه حذف مضاف تقديره: ما في قدرته أو استطاعته كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} (4) أي: في وقعة أو في غزوة بدر، ثم حذف المضاف (من صيام) من زائدة للتوكيد؛ لأنها تزاد [بعد النفي](5)، وعند البصريين أن تكون بعد نفي ومجرورها نكرة كما هنا، وفيه دليل على أن هرم الشيخ مسقط لوجوب الصيام عليه إذا كان لا يقدر عليه (قال: فليطعم) أي يُمَلِّكْ فقد جاء في الحديث: أطعم النبي صلى الله عليه وسلم الجدة السدس، أي: ملَّكها (ستين) فلا يجوز الدفع إلى عدد دون الستين لاشتمال الآية والحديث على هذا العدد، فكما لا يجوز
(1) البقرة: 189.
(2)
راجع "صحيح البخاري"(378).
(3)
لفظه في "المحرر" ص 354 ولو ابتدأ بصوم شهرين قريبًا من مجيء رمضان لم يعتد به عن الكفارة.
(4)
آل عمران: 123.
(5)
سقطت من النسخة الخطية. والمثبت من المصادر.
الإخلال بوصف المسكنة لا يجوز الإخلال بالعدد كما في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1)(مسكينًا) أو فقيرًا؛ لأنه أسوأ حالًا من المسكين، فيجوز الدفع إليه بطريق الأولى، ولأنه حق لله فاعتبر صفات الزكاة (قالت) والله (ما عنده من شيء يتصدق) بفتح الياء والتاء، ويصح ضم أوله بناء على ما لم يسم فاعله (به، قالت) الزوجة (فأتي) بضم الهمزة وكسر التاء، من الإتيان، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم (ساعتئذٍ) بسكون الألف وفتح العين والتاء المثناة فوق وكسر الهمزة وتنوين الذال المعجمة، يعني: فأتي الساعة إذ كنت أقول له، فأضيفت الساعة إلى إذ ونُوِّنت إذ تنوينُ العوض عن الجملة، وفي بعض النسخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني سأعينه"(2). بتشديد نون إني التي للتأكيد، وسأعينه بضم الهمزة وكسر العين وسكون المثناة تحت من الإعانة (بعرق) بفتح العين والراء المهملتين المفتوحتين وسكن بعضهم الراء وصوبه بعضهم.
قال المنذري: والأشهر الفتح وهو الزنبيل الذي يُنسَجُ مِن خوص وغيره، وكل شيء مضفور فهو عَرق وعَرقة بفتح الراء فيهما كما تنسج (. .)(3)(من تمر) من هنا لبيان جنس مما يجوز دفعه.
(قلت لرسول الله: فإني أعينه بعرق آخر) فيه فضيلة إعانة الإمام آحاد الرعية والمرأة زوجها والرجل قريبه وصديقه فيما يحتاج إليه من وفاء دين أو دفع كفارة لزمته بالمال والنفس ونحوهما (قال) لها: (أحسنت) فيه أنه
(1) الطلاق: 2.
(2)
"السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 391 من رواية ابن داسة عن أبي داود.
(3)
كلمة غير واضحة، ولعلها: الفتائل.
يقال لمن فعل خيرًا مع المسلمين يعود عليهم نفعه أو أحد منهم: أحسنت أو أصبت أو جزاك الله خيرًا ونحو ذلك؛ فإن في ذلك ترغيب له في فعل الخير لا سيما إن كان للقائل إمارة أو جاه، أو قاله بحضرة جمع.
(اذهبي فأطعمي) بفتح الهمزة وكسر العين (بها عنه ستين مسكينًا) كما تقدم (وارجعي) فيه جواز دفع الكفارة عن المظاهر والمجامع في رمضان بغير إذنه كما يجوز أداء دين الآدمي بلا ضمان له ولا إذن منه ولا رجوع له بما أدى عنه قياسًا على من أنفق على دواب غيره بغير إذنه (إلى ابن عمك) فيه أن المظاهر إذا أخرج الكفارة أو أُخرِجَتْ عَنهُ جاز رجوع الزوجة إليه وجاز له وطؤها وسائر الاستمتاعات التي كانت قبل الظهار؛ فإن الكفارة دافعة للحرج (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والعَرَقُ ستون صاعًا) ويحتمل أن يكون هذا من تفسير بعض الرواة وقد ضعف بعضهم هذا بأن في هذا الحديث ما يدل على ضعفه؛ لأنه قال ذلك في سياق قوله: "إني سأعينه بعرق"، فقالت امرأته: إني سأعينه بعرق آخر، ثم قال:"فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا"، فلو كان العرق ستين صاعًا لكانت الكفارة مائة وعشرين صاعًا ولا قائل به.
(قال المصنف: في هذا) الحديث (إنها) إنما (كفرت عنه) أي دفعت عنه كفارة (من غير أن تستأمره) وهو جائز كما تقدم قريبًا.
[2215]
(حدثنا الحسن بن علي) الحلواني الخلال (ثنا عبد العزيز بن يحيى بن الأصبغ الحراني) وهو ثقة (1)(ثنا محمد بن سلمة، عن) محمد
(1) انظر: "الكاشف" 2/ 203.
(ابن إسحاق) صاحب المغازي (بهذا الإسناد نحوه) بفتح الواو (إلا أنه قال) في هذِه الرواية: (والعرق مِكتَل) بكسر الميم وفتح التاء، هو الزنبيل الآتي ذِكره، وقيل: هو القُفَّة، وهما بمعنى، وقيل: المكاتل القفاف العِظام، سميت بذلك لتكتل الشيء فيها وهو يلاصق بعضه ببعض (يسع ثلاثين صاعًا) والصاع أربعة أمداد كما تقدم.
(قال المصنف: ) والحديث بهذا الإسناد (أصح من حديث يحيى بن آدم) المذكور قبله، وبهذا استدل مالك رضي الله عنه على ما ذهب إليه أن كفارة الظهار ثلاثين صاعًا لستين مسكينًا لكل مسكين نصف صاع وهو مدان من جميع أنواع الكفارة (1)، وممن قال: مدان من قمح: مجاهد وعكرمة والشعبي والنخعي؛ لأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام، فكان لكل مسكين نصف صاع كفدية الأذى (2)، وقد يحتج به أحمد ومن تابعه على أن لكل مسكين من التمر الذي هو أغلب أقواتهم، وتقدم مصرحًا به في الرواية قبلها، وكذا في الشعير نصف صاع لكنه خالف في البر فقال: ربع صاع؛ لرواية الإمام أحمد: جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر:"أطعم هذا"، قال: هذا مدي شعير مكان مد قمح، وهذا نص في المسألة (3).
[2216]
(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا أبان) بن يزيد العطار (ثنا يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف
(1)"المدونة" 2/ 324.
(2)
"المغني" لابن قدامة 11/ 94.
(3)
انظر: "المغني" 11/ 94 - 95.
الزهري (قال: يعني بالعرق: زنبيلًا) بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة المخففة، فإذا كسرت الزاي شدت الباء الموحدة، فقيل: زبيل وزنبيل بزيادة النون والأولى أولى وأعلى، سمي زِبِّيلًا؛ لأنه (1) يُنقَل فيه الزبل للسِّماد (يأخذ) أي: يسع (خمس عشر صاعًا) وفي هذا وما بعده حجة للشافعي كما سيأتي.
[2217]
(ثنا) أحمد (بن) عمرو بن (السرح، ثنا) عبد الله (بن وهب قال: أخبرني) عبد الله (بن لهيعة) بفتح اللام الحضرمي الفقيه، قاضي مصر (2) وعالمها ومسندها، أخرج له مسلم (وعمرو بن الحارث) عن يزيد بن أبي حبيب في الصلاة (عن بكير) عبد الله (بن الأشج) الليثي السدوسي الكوفي
(عن سليمان بن يسار) مولى ميمونة أم المؤمنين، عن سلمة بن صخر البياضي (بهذا الخبر، وقال فيه: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعًا) وللترمذي في حديث سلمان بن صخر: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعروة بن عمرو: "أعطيه ذلك العرق" وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعًا أو ستة عشر صاعًا، ثم قال: حديث حسن، يقال سلمان وسلمة بن صخر البياضي ثم قال: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم في كفارة الظهار (3).
(قال: تصدق بهذا) يعني: على ستين مسكينًا؛ لرواية البيهقي في
(1) في النسخة الخطية: لم.
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" 15/ 488.
(3)
"سنن الترمذي"(1200).
حديث سلمة بن صخر أنه عليه الصلاة والسلام أتي بعرق فيه خمسة عشر صاعًا فقال: "تصدق على ستين مسكينًا"(1).
قال البيهقي: هذا الحديث مختلف فيه فتارة يقول: ستون صاعًا، وتارةً يقول: ثلاثون صاعًا، وتارة يقول خمسة عشر صاعًا وأسانيدها ليست بالقوية ولا يقارب حديث المجامع في شهر رمضان في الصحة وإذا كان كذلك فالأخذ بالأصح أولى هذا، وقد روينا في حديث يوضحه خمسة عشر صاعًا (2) يعني: الرواية المذكورة، قال المنذري: واختلاف الروايات في هذا الحديث يدل على أن العرق تختلف في السعة والضيق فيكون بعضها أكبر من بعض (3).
(قال) الراوي: فقال (يا رسول الله على أفقر مني) هذِه الرواية رواية الأعرابي المجامع، وفيه حذف همزة الاستفهام والفعل تقديره: أأتصدق به على أحد أفقر مني؟ وحذف همزة الاستفهام كثير وكذا حذف الفعل بدلالة قوله صلى الله عليه وسلم قبله: "فتصدق به"، وهذا استفهام تعجبي أي: ليس أحدًا أفقر مني حتى أتصدق عليه، ولمسلم: أفقر منا (4). بحذف على، والرواية قبله بنصب الراء صفة لمحذوف، أي: أأجد أحدًا أفقر منا؟ ورواية لمالك: ما أجد أحدًا أحوج مني (5)، وقد يرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي: أَأَجَد أفقر منا؟
(1)"السنن الكبرى" للبيهقي (15278).
(2)
"مختصر خلافيات البيهقي" 4/ 260.
(3)
"معالم السنن" 3/ 140 ولكن هذا القول هو قول الخطابي وليس المنذري.
(4)
"صحيح مسلم" 2/ 781.
(5)
"الموطأ" 1/ 296.
وفي الحديث إشارة لترجيح مذهب الشافعي أن الفقير أسوء حالًا (1) من المسكين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصدقة فذكر في جوابه من هو أسوَءُ حالًا منه وأنه لم يوجد أكثر فقرًا منه للمبالغة (ومن أهلي؟ ! ) الأهل يطلق على المذكر والمؤنث وعلى الواحد وأكثر منه ويطلق على الزوجة وحدها وعلى من في عصمته (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كله أنت وأهلك) بالرفع عطف على الضمير المحذوف المؤكد بأنت، ويحتمل أن يراد بالأهل هنا كل من تلزمه نفقته أو زوجته أو يطلق على (2) أقاربه المحتاجين فإن للأهل إطلاقات في اللغة والعرف.
قال الزهري: هذا خاص بهذا الرجل وحده، يعني: أنه يجزئه أن يأكل من صدقة نفسه لسقوط الكفارة عنه فسوغها له النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو منسوخ، وقيل: يحتمل أنه أعطاه إياه ليخرجه عن كفارته ويأكل منه قدر كفاية يومه ويطعم الباقي من لا تلزمه نفقته من أهله (3)، لكن الرواية المتقدمة:"كل أنت وعيالك بقيتها" ترد هذا.
وقيل: لما كان عاجزًا عن نفقة أهله جاز له إعطاء الكفارة عن نفسه لهم، والذي عليه الشافعي ومالك وكافة العلماء لهذا أطعمه إياه لفقره وأبقى الكفارة عليه في ذمته يخرجها متى أيسر (4) كما في كفارة المجامع في رمضان.
(1)"المجموع شرح النووي" 6/ 197.
(2)
زيادة يقتضيها السياق.
(3)
انظر: "إكمال المعلم" 4/ 56.
(4)
انظر: "المجموع شرح المهذب" 6/ 344.
[2218]
(قال المصنف: وقرأت على) أبي عبد الله (محمد) بن يحيى (ابن وزير المصري) التجيبي وهو ثقة علامة (1)(حدثكم بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (ابن بكر) التِّنيسي (2) بكسر التاء المشدَّدة (3) نسبة إلى تنيس (4) قرية من قرى مصر (5)، أخرج له البخاري آخر الكتاب، وفي الحج مقرونًا بالوليد بن مسلم.
(ثنا) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي، ثنا عطاء) بن يسار (عن أوس أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير) وهو (إطعام ستين مسكينًا) مأخوذ من السكون؛ لأن المعدم ساكن الحال عن أمور الدنيا، والمراد بالمسكين هنا أعم من الفقير؛ لأن كلًّا منهم حيث أفرد يشمل الآخر، وإنما يفترقان عند اجتماعهما نحو آية الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (6) والخلاف في معناهما مشهور في كتب الفقه. واستنبط بعضهم من رواية خمسة عشر لستين مسكينًا أن إطعام كل مسكين مدًا لأن الصاع أربعة أمداد، وقد صرفت هذِه الخمسة عشر إلى ستين مسكينًا، وقِسمةُ خمسة عشر على ستين كيلة وهو ربع صاع وهو مد.
(قال المصنف: وعطاء) بن يسار (لم يدرك أوسًا) وأوس (من أهل
(1) لعل الشارح يعني أحمد بن وزير، وقد قيل هما واحد.
(2)
في النسخة الخطية: النسبي وهو تحريف.
(3)
في النسخة الخطية: الباء الموحدة، وهو تحريف.
(4)
في النسخة الخطية: نسبي. وهو تحريف.
(5)
في النسخة الخطية: الريِّ. هو خطأ.
(6)
التوبة: 60.
بدر) أي: شهد بدرًا والمشاهد ونزل الشام، وهو (قديم الموت) وكان نزل الشام وهو خزرجي رضي الله عنه.
(والحديث مرسل) مطلق، والمرسل من الحديث وهو أن يروي المحدث حديثًا عن من لم يعاصره، والمطلق أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[2219]
(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا حماد) بن سلمة (عن هشام بن عروة) بن الزبير بن أخي عبد الله، وهما من الأئمة الأعلام (أن جميلة) بفتح الجيم، ويقال: خولة، ويقال: خويلة بنت مالك بن ثعلبة كما تقدم (كانت تحت أوس بن الصامت) ولعله كانت له زوجتان خولة وجميلة، ولعلها كان لها اسمان أو جميلة وصف وخويلة اسم (وكان رجلًا به لمم) قال المنذري: اللمم هنا هو الإلمام بالنساء وشدة التوقان إليهن، ويدل على هذا الحديث المتقدم، وليس معنى اللمم ها هنا الجنون، ولو كان كذلك فَظَاهَر في تلك الحال لم يلزمه شيء (1)، انتهى، ويحتمل أن يكون اللمم على حقيقته وهو الجنون، وأنه كان يعتريه في بعض الأوقات، وأنه ظاهر وقت إفاقته وهو صحيح معتد به، ويحتمل أنه كان به لمم شفي منه، وظاهر بعد أن شفي منه، ويبعد هذا قوله.
(فكان إذا اشتد لممه) قال في "النهاية": الإلمام هو الإلمام بالنساء وشدة الحرص عليهن (2)(ظاهر من امرأته) لعله لما اشتدت شهوته
(1)"مختصر السنن" المطبوع مع "معالم السنن" 3/ 142.
(2)
"النهاية في غريب الحديث"(لمم).
للجماع أراد الجماع فراجعته لعذر أو غيره فغضب من مراجعتها له؛ لأنه كان قد ساء خلقه حين كبر فكان هذا سبب ظهاره كما تقدم عن الذهبي (فأنزل الله تعالى فيه) وفي كل من صح ظهاره (كفارة الظهار) والكفارة اسم من التكفير وهو التغطية سميت بذلك لأنها تستر الذنب وتغطيه تخفيفًا من الله تعالى، وسمي الكافر لأنه يغطي نعمة الله.
قال ابن عبد السلام في "القواعد": الخلاف في الكفارات هل هي زواجر أو جوابر؟ والظاهر الثاني؛ لأنها [عبادات وقربات](1) ولا تصح إلا بالنية (2).
[2220]
(ثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، شيخ مسلم (ثنا محمد بن الفضل) السدوسي البصري، الحافظ.
(ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) حديثًا (مثله) لما تقدم.
[2221]
(ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني) وهو ثقة (3)(ثنا سفيان) ابن عيينة.
(ثنا الحكم بن أبان) العدني، ثقة صاحب سنة، إذا هدأت السيول وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله وكان سيد أهل اليمن (4).
(عن عكرمة: أن رجلًا ظاهر من امرأته) هكذا ورد مرسلًا، قال ابن
(1) بياض في الأصل. والمثبت من "قواعد الأحكام في مصالح الأنام".
(2)
"قواعد الأحكام في مصالح الأنام" 1/ 178.
(3)
انظر: "الكاشف" 1/ 108.
(4)
انظر: "الكاشف" 1/ 244.
حزم: رجاله ثقات ولا يضر إرساله (1).
وفي "مسند البزار" طريق أخرى شاهدة لهذِه الرواية من طريق خصيف، عن عطاء، عن ابن عباس: أن رجلًا قال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي رأيت ساقها في القمر فواقعتها قبل أن أكفر (2)(ثم واقعها قبل أن يكفر) كفارة الظهار (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره) بحاله (فقال: ما حملك على ما صنعت) لما كان الجماع حرامًا عليه قبل التكفير، سأله عن السبب الموجب لذلك لاحتمال أن يكون له عذر في ذلك، وكذا ينبغي للمفتي والحاكم إذا وقع له شخص في معصية أن يسأله عن ذلك لاحتمال أن يكون له عذر من إكراه أو جهل بعدم التحريم أو نحو ذلك، ولفظ الترمذي: رأيت خلخالها في ضوء القمر (3).
(قال: فاعتزلها) قد يؤخذ منه تحريم التلذذ بما دون الجماع كالقبلة واللمس والمباشرة فيما دون الفرج، وهو أظهر قولي الشافعي (4)، وهو قول الزهري ومالك (5) وأصحاب الرأي (6)، وإحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن ما حرَّم الوطء من القول حرَّم دواعيه كالطلاق والإحرام (7)، ولأن اللمس والقبلة يدعوا إلى الجماع وحملًا للمس في
(1)"المحلى" 9/ 189.
(2)
"مسند البزار"(4797).
(3)
"سنن الترمذي"(1199).
(4)
انظر: "المجموع" 17/ 365.
(5)
"المدونة" 2/ 316، وانظر:"بداية المجتهد" 3/ 127.
(6)
انظر: "الدر المختار" 3/ 468.
(7)
"المغني" لابن قدامة 11/ 67.
الآية على التقاء البشرتين، وهو يشمل الجماع وغيره.
(حتى تكفر عنك) إطلاق الكفارة يشمل العتق والصوم، وكذا الإطعام، وهو قول أكثر أهل العلم، وبه قال الشافعي (1) وأصحاب الرأي (2) وأحمد (3).
وذهب أبو ثور إلى إباحة الجماع قبل التكفير بالإطعام، وعن أحمد ما يقتضي ذلك؛ لأن الله تعالى لم يمنع المسيس قبله كما في العتق والجماع (4)، وأجاب الجمهور بأن الإطعام محمول على العتق والصوم؛ لأنه في معناهما ولإطلاق الحديث.
[2223]
(ثنا زياد بن أيوب) الطوسي، الحافظ شيخ البخاري في باب: إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم (5)(ثنا إسماعيل) ابن علية (ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم) حديثًا (نحوه) كما تقدم، لكنه (لم يذكر السياق) كما لم يذكره الترمذي فيما تقدم.
[2224]
(ثنا أبو كامل) فضيل بن حسين الجحدري (أن عبد العزيز بن المختار حدثهم) قال: (ثنا خالد) الحذاء قال: (حدثني محدث، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم) وستأتي رواية باتصاله حديثًا (نحو حديث سفيان) بن عيينة المتقدم.
[2225]
(قال المصنف: وسمعت محمد بن عيسى) بن نجيح بن
(1)"الأم" 5/ 408.
(2)
"المبسوط" 6/ 262.
(3)
"المغني" لابن قدامة 11/ 66، 92.
(4)
"المغني" لابن قدامة 11/ 66.
(5)
"صحيح البخاري"(3943).
الطباع، روى عنه البخاري تعليقًا (يحدث به) قال:(حدثنا معتمر قال: سمعت الحكم بن أبان يحدث بهذا الحديث، ولم يذكر ابن عباس) كما لم يذكره في الرواية قبلها (ثنا الحسين بن حريث) بضم الحاء المهملة وفتح الراء مصغر وهو أبو (1) عمار الخزاعي (ثنا الفضل بن موسى) السيناني (عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنهما، هكذا رواه الترمذي بهذا الإسناد جميعه، وقال: حديث حسن صحيح (بمعناه عن النبي صلى الله عليه وسلم) ولفظ الترمذي أن رجلًا ظاهر أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر. قال:"ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله"(2)، انتهى.
وظاهره أن عليه كفارة واحدة.
قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم.
قال: وقال بعضهم: إذا واقعها قبل أن يكفر فعليه كفارتان، يعني: كفارة عن الظهار، وكفارة عن الجماع. قال: وهو قول عبد الرحمن بن مهدي (3).
(1) في النسخة الخطية: ابن، وهو خطأ.
(2)
"سنن الترمذي"(1199).
(3)
"سنن الترمذي" بعد حديث (1198).