الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب الرَّجُلِ يُراجِعُ وَلا يُشْهِدُ
.
2186 -
حَدَّثَنا بِشْرُ بْنُ هِلالٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمانَ حَدَّثَهُمْ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ سُئِلَ، عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِها وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلاقِها وَلا عَلَى رَجْعَتِها فَقَالَ: طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ. وَراجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ أَشْهِدْ عَلَى طَلاقِها وَعَلَى رَجْعَتِها وَلا تَعُدْ (1).
* * *
باب في نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث (2)
[2186]
(ثنا بشر بن هلال) الصواف، شيخ مسلم وابن خزيمة (أن جعفر بن سليمان) الضبعي أخرج له مسلم والأربعة.
(حدثهم عن يزيد) ابن أبي يزيد الذراع (3) أبو الأزهر الضبعي، وذكر الترمذي في أثناء الصوم أن يزيد (الرشك) هو يزيد بن القاسم، والرشك بكسر الراء وسكون الشين المعجمة، بالفارسية ومعناه بالعربية: القسام؛ لأنه كان يقسم الدور، مسح مكة قبل أيام الموسم فبلغ كذا ومسح أيام الموسم فإذا قد زاد كذا وكذا (عن مطرف بن عبد الله: أن عمران بن حصين) بن عبيد الخزاعي وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم يقول عنه أهل البصرة: إنه كان يرى الحفظة وكانت تكلمه حتى اكتوى. قال
(1) رواه ابن ماجه (2025). وصححه الألباني في "الإرواء"(2078).
(2)
كذا بوب له هنا. وهذا الباب يأتي بعد بخمسة أبواب. لكن كما فعل الشارح هنا فعل المنذري كما أشير إليه في حاشية "المختصر" 3/ 112 فليحرر.
(3)
في الأصل: تبات. والمثبت من مصادر التخريج.
محمد بن سيرين: هو أفضل من نزل البصرة من الصحابة (1)(سئل عن رجل طلق امرأته) ظاهر تبويب المصنف أن الطلاق كان ثلاثًا (ثم يقع بها) أي: يراجعها، وأصله اللوم والتعنيف، يقال: وقع بفلان وقيعة إذا عنفه ولامه واغتابه، والغالب أن المراجعة تقع بعد اللوم والعتاب على ما وقع بسببه الطلاق (ولم يشهد) الشهود (على طلاقها ولا على رجعتها) فتح الراء أفصح من كسرها (فقال: طلقت) بفتح تاء المخاطب (لغير سنة) حيث لم يشهد على طلاقها؛ لقوله تعالى: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (2)، قال المفسرون: أمروا أن يشهدوا عند الطلاق وعند الرجعة (3). قال ابن الأثير: معنى قوله: ثم يشهد على رجعتها، أي: ثم يشهد عليها أنه قد ردها وارتجعها إلى عصمته (4)(وراجعت لغير سنة) ولا خلاف بين أهل العلم أن السنة الإشهاد، لكن هو واجب أو مستحب (أشهد على طلاقها و) أشهد ([على] رجعتها) ذوي عدل من الأمة، بدليل الآية المتقدمة {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (5) ورواية البيهقي:"وأشهد الآن"(6). وزاد الطبراني: "واستغفر الله"(7).
(1) انظر: "الاستيعاب" 3/ 285.
(2)
الطلاق: 2.
(3)
انظر: "التفسير الوسيط" للواحدي 4/ 312.
(4)
"الشافي" 5/ 8
(5)
الطلاق: 2.
(6)
"السنن الكبرى" 7/ 373.
(7)
"المعجم الكبير" 18/ 181 (420).
وقد اختلف الشافعية وغيرهم في الإشهاد على الرجعة، هل هو واجب أو مستحب؟ فأظهر القولين والمشهور في المذهب أنها مستحبة (1).
وهو قول مالك (2) وأبي حنيفة (3)؛ لأنها لا تفتقر إلى القبول فلم تفتقر إلى الشهادة كسائر حقوق الزوج؛ ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد، وعند ذلك يحمل الأمر في الآية والحديث على الاستحباب.
والقول الثاني: واجب (4)؛ لأنه مأمور في الآية وفي هذا الأثر، والأمر يقتضي الوجوب، ولأنه استباحة بضع مقصود فوجبت الشهادة فيه، كالنكاح. قال شيخنا البلقيني في "التدريب": وقال الشافعي في "الإملاء": لا رجعة إلا بشاهدين، قال: وهو آخر قوليه كما ذكره الربيع في غير "الأم". قال: وينبغي أن يرجح ولم يرجحوه.
(ولا تعد) بفتح التاء وضم العين يعني إلى ما وقع منك، وليست هذِه اللفظة في ابن ماجه.
[2195]
(ثنا أحمد بن محمد) بن ثابت بن شبويه (المروزي) بفتح الواو من كبار الأئمة، وفي "الإكمال" قال الدارقطني: روى عنه البخاري (5).
(1) انظر: "الإقناع" للماوردي ص 153، "الحاوي" 10/ 311، "نهاية المطلب" 14/ 342.
(2)
انظر: "الكافي" 2/ 617، "البيان والتحصيل" 5/ 418.
(3)
انظر: "المبسوط" 6/ 19.
(4)
وهي رواية عند الحنابلة. انظر: "المغني" 7/ 522.
(5)
لم أقف على هذا النقل في "الإكمال" عند ترجمة أحمد بن محمد شبويه 5/ 21. وإنما وقفت عليه عند المزي في "تهذيب الكمال" 1/ 436.
(قال: حدثني علي بن حسين بن واقد) بكسر القاف المروزي.
(عن أبيه) صرح بالتحديث عند (1) النسائي فقال: حدثني أبي (2). يعني حسين بن واقد قاضي مرو، خرج له مسلم. (عن يزيد) بن أبي سعيد المروزي (النحوي) متقن عابد (3)، روى له الأربعة.
(عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنهما، زاد النسائي في قوله تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (4)، وقال:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} (5) الآية، وقال:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (6)، فأول ما نسخ من القرآن القبلة (7) و (قال:{وَالْمُطَلَّقَاتُ} ) (8) لفظ عموم، والمراد به الخصوص في المدخول بهن؛ لأن المطلقة قبل الدخول خرجت بآية الأحزاب {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (9) وكذلك الحامل بقوله {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (10).
({يَتَرَبَّصْنَ}) أي: ينتظرن، وهذا خبر، والمراد به الأمر كقوله:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} (11)، وقيل: أصله: ليتربصن. فحذفت اللام ({بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}) على وزن فعول عند الجمهور، القروء هي (12)
(1) سقطت من الأصل والسياق يقتضيها.
(2)
"سنن النسائي" 6/ 187.
(3)
"الكاشف" 3/ 278.
(4)
البقرة: 106.
(5)
النحل: 101.
(6)
الرعد: 39.
(7)
"المجتبى" 6/ 187.
(8)
البقرة: 228.
(9)
الأحزاب: 49.
(10)
الطلاق: 4.
(11)
البقرة: 233.
(12)
في الأصل: هو.
الأطهار عند الشافعي (1)({وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}) يعني من الحيض، قاله عكرمة (2)، وقيل: من الحمل، قاله ابن عباس (3) (الآية) إلى {حَكِيمٌ} ورواية النسائي: إلى قوله {إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها) من غيره (وإن) كان قد (طلقها ثلاثًا) فله أن يراجعها إلى عصمته بعد الطلقات الثلاث، أي: سواء كان الثلاث بكلمة واحدة أو متفرقة (فنسخ) بفتح النون والسين، أي: فنسخ الله تعالى (ذلك، فقال: {الطَّلَاقُ}) الذي يملك الزوج به الرجعة ({مَرَّتَانِ}) الآية. قال أبو عمر: أجمع العلماء على أن قوله تعالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (4) هي الطلقة الثالثة بعد التطليقتين، وبين ذلك بقوله تعالى {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (5) وأجمعوا على أن من طلق امرأته طلقة أو طلقتين فله مراجعتها، فإن طلقها ثلاثًا فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره، وكان هذا من محكم القرآن الذي لم يختلف في تأويله (6)، ونسخ ما كان في الجاهلية أن الطلاق ليس له عدد ينتهي إليه، وكذا كان أول الإسلام فنسخ واستمر النسخ.
(1)"الأم" 5/ 224.
(2)
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 517.
(3)
انظر: "الكشف والبيان" 3/ 126.
(4)
البقرة: 229.
(5)
البقرة: 230.
(6)
"الاستذكار" 18/ 158.