المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٩

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌66 - باب الصَّلاةِ بِجَمْعٍ

- ‌67 - باب التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌68 - باب يَوْمِ الحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌69 - باب الأَشْهُرِ الحُرُمِ

- ‌70 - باب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ

- ‌71 - باب النُّزُولِ بمِنًى

- ‌72 - باب أي يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌73 - باب مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌74 - باب أي وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌75 - باب ما يَذْكُرُ الإِمامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌76 - باب يَبِيتُ بمَكَّةَ لَيالي مِنًى

- ‌77 - باب الصَّلاةِ بِمِنًى

- ‌78 - باب القَصْرِ لأَهْلِ مَكَّةَ

- ‌79 - باب في رَمْي الجِمارِ

- ‌80 - باب الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ

- ‌81 - باب العُمْرَةِ

- ‌82 - باب المُهِلَّةِ بِالعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُها الحَجُّ فَتَنْقُضُ عُمْرَتَها وَتُهِلُّ بِالحَجِّ هَلْ تَقْضي عُمْرَتَها

- ‌83 - باب المَقامِ في العُمْرةِ

- ‌84 - باب الإِفاضَةِ في الحَجِّ

- ‌85 - باب الوَداعِ

- ‌86 - باب الحائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفاضَةِ

- ‌87 - باب طَوافِ الوَداعِ

- ‌88 - باب التَّحْصِيبِ

- ‌89 - باب فِيمَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيء في حَجِّهِ

- ‌90 - باب في مَكَّةَ

- ‌91 - باب تَحْرِيمِ حَرَمِ مَكَّةَ

- ‌92 - باب في نَبِيذِ السِّقايَةِ

- ‌93 - باب الإِقامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌94 - باب في دُخُولِ الكَعْبَةِ

- ‌95 - باب الصلاة في الحِجْرِ

- ‌96 - باب في مالِ الكَعْبَةِ

- ‌97 - باب في إِتْيانِ المَدِينَةِ

- ‌98 - باب في تَحْرِيمِ المَدِينَةِ

- ‌99 - باب زِيارَةِ القُبُورِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌1 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكاحِ

- ‌2 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذاتِ الدِّينِ

- ‌3 - باب في تَزْوِيجِ الأَبْكارِ

- ‌4 - باب النَّهْي عَنْ تَزْوِيجِ منْ لَمْ يَلِدْ مِنَ النِّساءِ

- ‌5 - باب في قَوْلِهِ تَعالَى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً}

- ‌6 - باب في الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُها

- ‌7 - باب يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌8 - باب فِي لَبَنِ الفَحْلِ

- ‌9 - باب فِي رَضاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌10 - باب فِيمَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌11 - باب هَلْ يُحَرِّمُ ما دُونَ خَمْسِ رَضَعاتٍ

- ‌12 - باب فِي الرَّضْخِ عِنْدَ الفِصالِ

- ‌13 - باب ما يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّساءِ

- ‌14 - باب فِي نِكاحِ المُتْعَةِ

- ‌15 - باب فِي الشِّغارِ

- ‌16 - باب فِي التَّحْلِيلِ

- ‌17 - باب فِي نِكاحِ العَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوالِيهِ

- ‌18 - باب فِي كَراهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌19 - باب فِي الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى المَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَها

- ‌20 - باب فِي الوَليِّ

- ‌21 - باب فِي العَضْلِ

- ‌22 - باب إِذا أَنْكَحَ الوَلِيّانِ

- ‌23 - باب قَوْلِهِ تَعالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌24 - باب فِي الاسْتِئْمارِ

- ‌25 - باب فِي البِكْرِ يُزَوِّجُها أَبُوها وَلا يَسْتَأْمِرُها

- ‌26 - باب فِي الثَّيِّبِ

- ‌27 - باب فِي الأَكْفاءِ

- ‌28 - باب فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌29 - باب الصَّداقِ

- ‌30 - باب قِلَّةِ المَهْرِ

- ‌31 - باب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى العَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌32 - باب فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَداقًا حَتَّى ماتَ

- ‌33 - باب في خُطْبَةِ النِّكاحِ

- ‌34 - باب فِي تَزْوِيجِ الصِّغارِ

- ‌35 - باب فِي المَقامِ عِنْدَ البِكْرِ

- ‌36 - باب في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُنْقِدَها شيْئًا

- ‌37 - باب ما يُقالُ لِلْمُتَزَوِّجِ

- ‌38 - باب في الرَّجُلِ يتَزَوَّجُ المَرْأَةَ فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌39 - باب في القَسْمِ بيْنَ النِّساءِ

- ‌40 - باب فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا

- ‌41 - باب فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المَرْأَةِ

- ‌42 - باب فِي حَقِّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌43 - باب في ضَرْبِ النِّساءِ

- ‌44 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ البَصَرِ

- ‌45 - باب في وَطْءِ السَّبايا

- ‌46 - باب في جامِعِ النِّكَاحِ

- ‌47 - باب في إِتْيَانِ الحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌48 - باب في كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌49 - باب ما جَاءَ في العَزْلِ

- ‌50 - باب ما يُكْرَهُ منْ ذِكْرِ الرَّجُلِ ما يَكُونُ مِنْ إِصابَةِ أَهْلِهِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌1 - باب فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأةً عَلى زَوْجِها

- ‌2 - باب فِي المَرْأَةِ تَسْأَلُ زَوْجَها طَلاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌3 - باب فِي كَراهِيَةِ الطَّلاقِ

- ‌4 - باب فِي طَلاقِ السُّنَّةِ

- ‌5 - باب الرَّجُلِ يُراجِعُ وَلا يُشْهِدُ

- ‌6 - باب في سُنَّةِ طَلاقِ العَبْدِ

- ‌7 - باب فِي الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكاحِ

- ‌8 - باب الطَّلاقِ عَلَى غَيْظٍ

- ‌9 - باب الطَّلاقِ عَلَى الهَزْلِ

- ‌10 - باب نَسْخِ المُراجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقاتِ الثَّلاثِ

- ‌11 - باب فِيما عُنِيَ بِهِ الطَّلاقُ والنِّيّاتُ

- ‌12 - باب فِي الخِيارِ

- ‌13 - باب فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌14 - باب فِي البَتَّةِ

- ‌15 - باب فِي الوَسْوَسَةِ بِالطَّلاقِ

- ‌16 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: يا أُخْتِي

- ‌17 - باب فِي الظِّهارِ

الفصل: ‌7 - باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

‌7 - باب يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

2055 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينارٍ عَنْ سُلَيمانَ بْنِ يَسارٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ"(1).

2056 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْليُّ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ هَلْ لَكَ في أُخْتي؟ قَالَ: "فَأَفْعَلُ ماذا؟ ". قَالَتْ: فَتَنْكِحُها. قَالَ: "أُخْتَكِ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "أَوَتُحِبِّينَ ذاكَ". قَالَتْ: لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ بِكَ وَأَحَبُّ مَنْ شَرَكَني في خَيْرٍ أُخْتي. قَالَ: "فَإِنَّها لا تَحِلُّ لي". قَالَتْ: فَواللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ - أَوْ ذُرَّةَ شَكَّ زُهَيْرٌ - بِنْتَ أَبي سَلَمَةَ. قَالَ: "بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "أَما والله لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبتي في حجْري ما حَلَّتْ لي إِنَّها ابنةُ أَخي مِنَ الرَّضاعَةِ أَرْضَعَتْني وَأَباها ثُوَيْبَةُ فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَناتِكُنَّ وَلا أَخَواتِكُنَّ"(2).

* * *

باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

[2055]

(ثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب (عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها (زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحرم من الرضاعة) بفتح الراء من رضع بكسر الضاد، كتعب ورضع أيضًا من باب ضرب، لغة لأهل تهامة،

(1) رواه البخاري (2646، 3105، 5099)، ومسلم (1444، 1445). وانظر: ما سيأتي برقم (2057).

(2)

رواه البخاري (5101، 5106، 5107، 5123، 5372)، ومسلم (1449).

ص: 275

وأنكر الأصمعي كسر الراء مع الباء.

(ما يحرم من الولادة) واستدل بإطلاقه من قال: أن قليل الرضاع وكثيره يحرم، وقد روى ذلك علي وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن ومكحول ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي، وهو رواية عن أحمد (1). وزعم الليث أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر به الصائم، واستدل أيضًا:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (2)، وبقول الأمة السوداء: أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، قال:"وكيف قد زعمت أنها أرضعتكما"(3). ولأنه فعل يحرم به تحريم مؤبد فلم يعتبر فيه العدد كتحريم أمهات النساء، ولا يلزم اللعان؛ لأنه قول (4).

والصحيح عند الشافعي، وأحمد وغيرهما أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات؛ لرواية مسلم عن عائشة أنها قالت: أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن (5). فنسخ من ذلك خمس، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك (6).

(1) انظر: "المدونة" 2/ 295، و"الاستذكار" 18/ 259، و"اللباب في شرح الكتاب" 1/ 7262، و"المغني" 11/ 310.

(2)

النساء: 23.

(3)

أخرجه البخاري (2659)، والترمذي (1151)، والنسائي 6/ 109، وأحمد 4/ 7 من حديث عقبة بن الحارث.

(4)

انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 2/ 314 (811)، "الاستذكار" 18/ 260، "المغني" 11/ 310.

(5)

"صحيح مسلم"(1452)(24).

(6)

"الأم" 5/ 45، وانظر:"المغني" 11/ 310 - 311.

ص: 276

وصريح هذا الحديث تخصيص مفهوم ما احتجوا به من الأدلة، وسيأتي الحديث مع زيادة على هذا.

واستدل بهذا الحديث حيث لم يستثن منه شيئًا أن ما قالوه استثناء من القاعدة أن أربع نسوة يحرمن من الولادة، وفي الرضاع قد يحرمن وقد لا يحرمن، جمعها بعضهم في بيتين:

أربع في الرضاع هن حلال

وإذا ما نسبتهن حرام

جدة ابن وأخته ثم أم

لأخيه وحافد والسلام

أي: جدة الابن وأخت الابن وأم الأخ وأم الحافد.

وهذِه الصور الأربع ذكر الرافعي في كتاب الرضاع أنه لا حاجة إلى استثنائها، ونقل النووي من زياداته عن المحققين مثله، ولهذا لم يستثنها الشافعي ولا الجمهور، ولا استثنيت في هذا الحديث (1).

[2056]

(ثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا زهير) بن معاوية بن خديج الحافظ.

(عن هشام بن عروة، عن) أبيه (عروة) بن الزبير (عن زينب بنت أم سلمة) وهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، وكان اسمها برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري (عن) أمها (أم سلمة) هند بنت أبي أمية.

(1)"الشرح الكبير" 8/ 32، "روضة الطالبين" 7/ 110.

ص: 277

(أن أم حبيبة) بنت أبي سفيان بن صخر (قالت: يا رسول الله، هل لك في أختي) فيه عرض البنات والأخوات على الأكابر، واسمها عزة بفتح العين المهملة والزاي المشددة بنت أبي سفيان.

(قال: فأفعل ماذا؟ ) فيه مراجعة السائل إذا لم يفهم المفتي مراده (قالت: فتنكحها) أي: أرضى بأن تنكحها، قال بعض المتأخرين: أنها إنما سألت ذلك نيابة عن والدها أبي سفيان؛ فإنه أراد أن يزوج النبي صلى الله عليه وسلم بابنته الأخرى عزة فاستعان بأم حبيبة.

(قال: أختك؟ ) أي: بالرفع أي: مرادك أختك؟ (قالت: نعم. قال: أو تحبين) بفتح الواو، أراد بالاستفهام ها هنا الاستثبات في شدة الرغبة ليقرر الجواب بعد ذلك، وإنصافًا ليعلم ما السبب في محبتها ذلك ليترتب عليه الحكم الشرعي، فلذلك أجابت بقولها: لست لك بمخلية إلى آخره والكاف في (1)(ذلك) مكسورة لأنه خطاب لمفرد مؤنث.

(قالت: لست بمخلية) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر اللام وتخفيف الياء اسم فاعل من أخلاه وجده خاليًا، وهو من معاني أفعل كأحمدته وجدته حميدًا، وأبخلته وجدته بخيلًا، والمعنى: لست أجدك خاليًا من طلب الزوجات بعدي.

قال البرماوي: أما تفسير النووي له بقوله: أي أخلى بك بغير ضرة، فإن قرئ مبنيًّا للمفعول فخالف ضبطه أولًا، أو مبنيًّا للفاعل فلا معنى (2)، وإنما ينبغي أن يقال: لست بمخليتك (بك) وظاهره على ما قاله النووي:

(1) سقطت من الأصل والسياق يقتضيها.

(2)

كلمة غير مقروءة وأقرب تصور لها للكلام.

ص: 278

لست أخلى بك دون ضرة (1).

(وأحب من شركني) بكسر الراء الخفيفة، أي: أحب من شاركني (في خير) يحصل من صحبتك ومحبتك والانتفاع بك في الدنيا والآخرة (أختي) عزة بفتح المهملة كما تقدم، وأختي مرفوع بضمة مقدرة خبر المبتدأ الذي هو أحب، وإنما قالت ذلك اعتقادًا بخصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وإلا فصريح القرآن تحريم الجمع بين الأختين، بل قال بذلك بعض أصحابنا أن ذلك كان من خصائصه فلهذا اعترضت بنكاح درة بنت أبي سلمة مع أن تحريم الربيبة أيضًا جوزت الجمع بين الأختين له قياسًا على الربيبة، أما إذا لم تكن عالمة بالآية فيهما فلا يلزم من تحريم الجمع بين الأختين تحريم الربيبة؛ لعدم الملازمة.

(قال: فإنها لا تحل لي. قالت: فوالله لقد أخبرت) بضم الهمزة وكسر الموحدة (أنك تخطب درة) بضم الدال المهملة وتشديد الراء المهملة.

قال ابن دقيق العيد: ومن قال فيه (أو ذرة) بفتح الذال المعجمة فقد صحفه (2)(شك زهير) بن معاوية رضي الله عنه (بنت) بالنصب (أبي سلمة) بن عبد الأسد القرشية المخزومية ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم بنت زوجته أم سلمة (قال: بنت) بنصب التاء آخره؛ لأن ما قبله منصوب، وحرف الاستفهام محذوف، أي: أبنت (أم سلمة) بن عبد الأسد، تقدم. (قالت: نعم) ويحتمل أن يكون معنى هذا الاستفهام استئنافًا لرفع الاشتراك، ويحتمل أن يكون جاء على طريق الإنكار لما أرادت من نكاح أختها.

(1)"شرح النووي" 10/ 25.

(2)

"إحكام الأحكام" 1/ 392.

ص: 279

(قال: أما والله لو لم تكن ربيبتي في حجري) الربيب ولد امرأة الرجل من غيره؛ سمي بذلك لأن الرجل راب له من الرب وهو الإصلاح؛ لأنه يقوم بأموره ويصلح أحواله، فهو فعيل بمعنى مفعول، وكان العباس لا يلحقه بالتأنيث؛ لأن فعيلًا هذا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ لكنهم استعملوه بالياء خشية الالتباس؛ لأن اللفظ يشتق من التربية غلط؛ لعدم الاتفاق في الحروف الأصلية، في حجري بالفتح أفصح، ويجوز الكسر وهو مقدم على ثوب الإنسان وما بين يديه في حال اللبس، ثم استعملت اللفظة في الحفظ والستر، قال ابن عطية: لأن اللابس وما يحفظ إنما أشبهه الطفل وغيره بذلك الموضع من الثوب (1).

والتقييد بكونها في حجره جرى مجرى الغالب خلافًا لداود كما قرر ذلك في الآية الشريفة، ويجوز أن يكون عليه السلام ذكر الحجر اقتداء بالقرآن، ويكون ذلك من باب التأدب بآداب القرآن في قوله تعالى {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (2)، "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"(3).

(ما حلت لي) أي ليست الأخرى، أي أن هذا السبب وهو كونها ربيبة لو فقد لكانت حرامًا بسبب آخر وهو كذا، والحاصل أنها حرام بسببين لو فقد أحدهما لم يحتج إليه لوجود الآخر (إنها ابنة أخي) أبي سلمة (من الرضاعة) المحرمة (أرضعتني وأباها) بفتح الهمزة والموحدة أي: والدها أبو سلمة (ثويبة) بضم المثلثة وفتح الواو مصغر، زاد البخاري

(1)"المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" 2/ 38.

(2)

الكهف: 23/ 24.

(3)

رواه مسلم (249).

ص: 280

في أفراده، قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر خيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذِه بعتاقتي لثويبة (1)، انتهى.

قال السهيلي: يقال أنها بشرت مولاها أبا لهب بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اذهبي فأنت حرة (2). وقيل: إنه أعتقها بعد الهجرة، قاله ابن سعد في "الطبقات"(3)، والحاكم أبو أحمد، فعلى الأول سبب الإعتاق التخفف ببعض البشارة، وعلى الثاني الإعتاق ببعض الإرضاع (فلا تعرضن) بفتح التاء وسكون الضاد وكسر الراء؛ لوقوعها قبل نون النسوة مثل يضربن، ويجوز تشديد النون للتوكيد فيكسر الضاد حينئذٍ لالتقاء الساكنين، والأصل: فلا تعرضننّ بثلاث نونات، الأولى نون النسوة، والأخريان نون التوكيد المشددة فحذفت النون الأولى فالتقى ساكنان فكسر الأول، وخطابه لجمع النسوة، وأن القضية لامرأتين أم سلمة وأم حبيبة لتعميم الحكم لكل امرأة وردعًا وزجرًا أن يعود أحد لمثل ذلك.

(علي بناتكن ولا أخواتكن) بفتح الخاء. فيه النهي عن عرض ما لا يحل نكاحهن للأزواج، وكذا عرض شراء ما لا يجوز تملكه كالمعازف والملاهي ونحوه.

(1)"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 7/ 193.

(2)

"الروض الأنف" 5/ 123.

(3)

"الطبقات الكبرى" 1/ 108.

ص: 281

وفي الحديث دليل على تحريم الجمع بين الأختين سواء كان عقدًا واحدًا أو عقدين.

وفيه دليل على تحريم الرضاع من النسب، وأن يقاسا بنص القرآن.

ص: 282