المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌50 - باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابة أهله - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٩

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌66 - باب الصَّلاةِ بِجَمْعٍ

- ‌67 - باب التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌68 - باب يَوْمِ الحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌69 - باب الأَشْهُرِ الحُرُمِ

- ‌70 - باب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ

- ‌71 - باب النُّزُولِ بمِنًى

- ‌72 - باب أي يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌73 - باب مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌74 - باب أي وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌75 - باب ما يَذْكُرُ الإِمامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌76 - باب يَبِيتُ بمَكَّةَ لَيالي مِنًى

- ‌77 - باب الصَّلاةِ بِمِنًى

- ‌78 - باب القَصْرِ لأَهْلِ مَكَّةَ

- ‌79 - باب في رَمْي الجِمارِ

- ‌80 - باب الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ

- ‌81 - باب العُمْرَةِ

- ‌82 - باب المُهِلَّةِ بِالعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُها الحَجُّ فَتَنْقُضُ عُمْرَتَها وَتُهِلُّ بِالحَجِّ هَلْ تَقْضي عُمْرَتَها

- ‌83 - باب المَقامِ في العُمْرةِ

- ‌84 - باب الإِفاضَةِ في الحَجِّ

- ‌85 - باب الوَداعِ

- ‌86 - باب الحائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفاضَةِ

- ‌87 - باب طَوافِ الوَداعِ

- ‌88 - باب التَّحْصِيبِ

- ‌89 - باب فِيمَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيء في حَجِّهِ

- ‌90 - باب في مَكَّةَ

- ‌91 - باب تَحْرِيمِ حَرَمِ مَكَّةَ

- ‌92 - باب في نَبِيذِ السِّقايَةِ

- ‌93 - باب الإِقامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌94 - باب في دُخُولِ الكَعْبَةِ

- ‌95 - باب الصلاة في الحِجْرِ

- ‌96 - باب في مالِ الكَعْبَةِ

- ‌97 - باب في إِتْيانِ المَدِينَةِ

- ‌98 - باب في تَحْرِيمِ المَدِينَةِ

- ‌99 - باب زِيارَةِ القُبُورِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌1 - باب التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكاحِ

- ‌2 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذاتِ الدِّينِ

- ‌3 - باب في تَزْوِيجِ الأَبْكارِ

- ‌4 - باب النَّهْي عَنْ تَزْوِيجِ منْ لَمْ يَلِدْ مِنَ النِّساءِ

- ‌5 - باب في قَوْلِهِ تَعالَى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً}

- ‌6 - باب في الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُها

- ‌7 - باب يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌8 - باب فِي لَبَنِ الفَحْلِ

- ‌9 - باب فِي رَضاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌10 - باب فِيمَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌11 - باب هَلْ يُحَرِّمُ ما دُونَ خَمْسِ رَضَعاتٍ

- ‌12 - باب فِي الرَّضْخِ عِنْدَ الفِصالِ

- ‌13 - باب ما يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّساءِ

- ‌14 - باب فِي نِكاحِ المُتْعَةِ

- ‌15 - باب فِي الشِّغارِ

- ‌16 - باب فِي التَّحْلِيلِ

- ‌17 - باب فِي نِكاحِ العَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوالِيهِ

- ‌18 - باب فِي كَراهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌19 - باب فِي الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى المَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَها

- ‌20 - باب فِي الوَليِّ

- ‌21 - باب فِي العَضْلِ

- ‌22 - باب إِذا أَنْكَحَ الوَلِيّانِ

- ‌23 - باب قَوْلِهِ تَعالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌24 - باب فِي الاسْتِئْمارِ

- ‌25 - باب فِي البِكْرِ يُزَوِّجُها أَبُوها وَلا يَسْتَأْمِرُها

- ‌26 - باب فِي الثَّيِّبِ

- ‌27 - باب فِي الأَكْفاءِ

- ‌28 - باب فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌29 - باب الصَّداقِ

- ‌30 - باب قِلَّةِ المَهْرِ

- ‌31 - باب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى العَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌32 - باب فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَداقًا حَتَّى ماتَ

- ‌33 - باب في خُطْبَةِ النِّكاحِ

- ‌34 - باب فِي تَزْوِيجِ الصِّغارِ

- ‌35 - باب فِي المَقامِ عِنْدَ البِكْرِ

- ‌36 - باب في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُنْقِدَها شيْئًا

- ‌37 - باب ما يُقالُ لِلْمُتَزَوِّجِ

- ‌38 - باب في الرَّجُلِ يتَزَوَّجُ المَرْأَةَ فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌39 - باب في القَسْمِ بيْنَ النِّساءِ

- ‌40 - باب فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا

- ‌41 - باب فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المَرْأَةِ

- ‌42 - باب فِي حَقِّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌43 - باب في ضَرْبِ النِّساءِ

- ‌44 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ البَصَرِ

- ‌45 - باب في وَطْءِ السَّبايا

- ‌46 - باب في جامِعِ النِّكَاحِ

- ‌47 - باب في إِتْيَانِ الحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌48 - باب في كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌49 - باب ما جَاءَ في العَزْلِ

- ‌50 - باب ما يُكْرَهُ منْ ذِكْرِ الرَّجُلِ ما يَكُونُ مِنْ إِصابَةِ أَهْلِهِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌1 - باب فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأةً عَلى زَوْجِها

- ‌2 - باب فِي المَرْأَةِ تَسْأَلُ زَوْجَها طَلاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌3 - باب فِي كَراهِيَةِ الطَّلاقِ

- ‌4 - باب فِي طَلاقِ السُّنَّةِ

- ‌5 - باب الرَّجُلِ يُراجِعُ وَلا يُشْهِدُ

- ‌6 - باب في سُنَّةِ طَلاقِ العَبْدِ

- ‌7 - باب فِي الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكاحِ

- ‌8 - باب الطَّلاقِ عَلَى غَيْظٍ

- ‌9 - باب الطَّلاقِ عَلَى الهَزْلِ

- ‌10 - باب نَسْخِ المُراجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقاتِ الثَّلاثِ

- ‌11 - باب فِيما عُنِيَ بِهِ الطَّلاقُ والنِّيّاتُ

- ‌12 - باب فِي الخِيارِ

- ‌13 - باب فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌14 - باب فِي البَتَّةِ

- ‌15 - باب فِي الوَسْوَسَةِ بِالطَّلاقِ

- ‌16 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: يا أُخْتِي

- ‌17 - باب فِي الظِّهارِ

الفصل: ‌50 - باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابة أهله

‌50 - باب ما يُكْرَهُ منْ ذِكْرِ الرَّجُلِ ما يَكُونُ مِنْ إِصابَةِ أَهْلِهِ

.

2174 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا بِشْرٌ، حَدَّثَنا الجُريْريُّ ح وَحَدَّثَنا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ ح وَحَدَّثَنا مُوسَى، حَدَّثَنا حَمّادٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الجُريْريِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَني شيْخٌ مِنْ طُفاوَةَ قَالَ: تَثَوّيْتُ أَبا هُريْرَةَ بِالمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلا أَقْوَمَ عَلَى ضيْفٍ مِنْهُ فَبيْنَما أَنا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوى - وَأَسْفَل مِنْهُ جارِيَةٌ لَهُ سَوْداءُ - وَهُوَ يُسَبِّحُ بِها حَتَّى إِذا أَنْفَدَ ما في الكِيسِ أَلْقاهُ إِليْها فَجَمَعَتْهُ فَأَعادَتْهُ في الكِيسِ فَدَفَعَتْهُ إِليْهِ فَقَالَ أَلا أُحَدِّثُكَ عَنّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ بيْنا أَنا أُوعَكُ في المَسْجِدِ إِذْ جاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ. فَقَالَ: "مَنْ أَحَسَّ الفَتَى الدَّوْسيَّ". ثَلاثَ مَرّاتٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يا رَسُولَ اللهِ هُوَ ذا يُوعَكُ في جانِبِ المَسْجِدِ فَأَقْبَلَ يَمْشي حَتَّى انْتَهَى إِلَى فَوَضَعَ يَدَهُ عَليَّ فَقَالَ لي مَعْرُوفًا فَنَهَضْتُ فانْطَلَق يَمْشي حَتَّى أَتَى مَقامَهُ الذي يُصَلّي فِيهِ فَأَقْبَلَ عَليْهِمْ وَمَعَهُ صَفّانِ مِنْ رِجالٍ وَصَفٌّ مِنْ نِساءٍ أَوْ صَفّانِ مِنْ نِساءٍ وَصَفٌّ مِنْ رِجالٍ فَقَالَ: "إِنْ أَنْساني الشّيْطانُ شيْئًا مِنْ صَلاتي فَلْيُسَبِّحِ القَوْمُ وَلْيُصَفِّقِ النِّساءُ". قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَنْسَ مِنْ صَلاتِهِ شيْئًا. فَقَالَ: "مَجالِسَكُمْ مَجالِسَكُمْ". زادَ مُوسَى: "ها هُنا". ثُمَّ حَمِدَ اللهَ تَعالَى وَأَثْنَى عَليْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمّا بَعْدُ". ثُمَّ اتَّفَقُوا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرِّجالِ فَقَالَ: "هَلْ مِنْكُمُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَليْهِ بابَهُ وَأَلْقَى عَليْهِ سِتْرَهُ واسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللهِ؟ ". قالُوا نَعَمْ. قَالَ: "ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فيَقُولُ فَعَلْتُ كَذا فَعَلْتُ كَذا". قَالَ: فَسَكَتُوا قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى النِّساءِ فَقَالَ: "هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ؟ ". فَسَكَتْنَ فَجَثَتْ فَتاةٌ - قَالَ مُؤَمَّلٌ في حَدِيثِهِ فَتاةٌ كَعابٌ - عَلَى إِحْدى زكْبَتيْها وَتَطاوَلَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَراها ويَسْمَعَ كَلامَها فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُمْ ليَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ ليَتَحَدَّثْنَهْ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ ما مَثَلُ ذَلِكَ". فَقَالَ: "إِنَّما ذَلِكَ مَثَلُ شيْطانَةٍ لَقِيَتْ شيْطانًا في السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْها حاجَتَهُ والنّاسُ يَنْظُرُونَ إِليْهِ أَلا وَإِنَّ طِيبَ الرِّجالِ ما ظَهَرَ

ص: 546

رِيحُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ أَلا إِنَّ طِيبَ النِّساءِ ما ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ رِيحُهُ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مِنْ ها هُنا حَفِظْتُهُ، عَنْ مُؤَمَّلٍ وَمُوسَى: "أَلا لا يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ وَلا امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ إِلَّا إِلَى وَلَدٍ أَوْ والِدٍ". وَذَكَرَ ثالِثَةً فَأُنْسِيتُها وَهُوَ في حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَلَكِنّي لَمْ أُتْقِنْهُ كَما أُحِبُّ وقَالَ مُوسَى، حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنِ الجُريْريِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ الطُّفاويِّ (1).

* * *

باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله

[2174]

(ثنا مسدد، ثنا بشر) بن المفضل بن لاحق الإمام (ثنا) سعيد بن إياس (الجريري) بضم الجيم نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن بكر بن وائل (وثنا مؤمل) بتشديد الميم الثانية ابن هشام اليشكري، شيخ البخاري (ثنا إسماعيل) ابن علية (ح وثنا موسى) بن إسماعيل (ثنا حماد) بن سلمة، الثلاثة (كلهم، عن) سعيد (الجريري، عن أبي نضرة) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة هو المنذر بن مالك بن قطعة بسكون الطاء العوقي بفتح العين المهملة والواو المخففة وكسر القاف، قال الأمير: نسبة إلى العوقة من عبد القيس (2). وبالبصرة محلة يقال لها: العوقة سكنها هذا البطن فنسب إليهم، وأبو نضرة بصري تابعي (قال: ثني شيخ من طفاوة) بضم الطاء المهملة وتخفيف الفاء بعد

(1) رواه مختصرا بقصة الطيب الترمذي (2787)، والنسائي 8/ 151.

وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود"(372).

ولذكر التسبيح للرجال والتصفيق للنساء انظر ما سلف برقم (939)، وهو صحيح.

(2)

"الإكمال" 6/ 315.

ص: 547

الألف واو مفتوحة وهو حي من قيس عيلان (قال: تثويت) بفتح التاء المثناة فوق مع المثلثة والواو المشددة وسكون المثناة تحت (أبا هريرة بالمدينة) أي: جئته ضيفًا، والثوي بفتح المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء هو الضيف، وهذا كما تقول: تضيفته إذا ضفته، ومن قولهم: ثوى بالمكان إذا أقام به.

وفيه استضافة أهل الدين والعلم والمجيء إليهم ليأكلوا من طعامهم ويستشفوا به؛ فإن طعامهم شفاء لحاجة ولغير حاجة، وأما استضافة أهل الشر أو من لا يعرف حاله فلا يكون إلا لحاجة إلى الطعام، كما في قصة موسى عليه السلام والخضر حين أتيا أهل قرية فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، أي: استضافوهم فلم ينزلوهما منزلة الأضياف.

(فلم أر رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد) لما لم يجز أن يصاغ من (شَمَّرَ) أفعل التفضيل لكونه رباعيًّا توصل بـ (أشد) الذي جمع الشروط صيغ منه أفعل، وأتى بمصدر الفعل الذي عَدِمَ الشروط تمييزًا فقيل:(تشميرًا) مصدر شمر ثوبه تشميرًا إذا رفعه عن الأرض، وشمر في العبادة تشميرًا إذا اجتهد فيها مع السرعة (ولا أقوم على ضيف منه) من قام على الضيف إذا قام بخدمته وبما يتعين له من حقه.

وفي الحديث دلالة على إكرام الضيف وخدمته، وفيه تشمير الثوب عند الخدمة كتشمير كمه وذيله عند السباق، وفيه التشمير والاجتهاد في إكرام الضيف بسرعة، وخدمة الضيف دون استنابة، بل يتولى من جاءه الضيف خدمته بنفسه وإن كانت مرتبته أعلى من ضيفه؛ فإن أبا هريرة أفضل من ضيفه، وإبراهيم عليه السلام أفضل من الملائكة الذين أتوه على

ص: 548

هيئة الأضياف فتولى خدمتهم بنفسه وفاجأهم حين جاءهم بعجلٍ حنيذٍ.

(فبينما أنا يومًا عنده) يحتمل أن يريد يومًا من أيام الضيافة (وهو على سرير) فيه جواز الجلوس والنوم على السرير؛ لأنه يرفع عن برودة الأرض وعن هوامها وحشراتها، وكان له صلى الله عليه وسلم سرير (1) ينام عليه (له) فيه أن اليد تدل على الملك، فمن عليه ثوب أو تحته سرير فيحكم بأنه له إلى أن يثبت ما يخالفه (ومعه كيس) وهو الذي يخاط من الخرق (فيه حصًى أو نوىً) شك من الراوي، والحصى أقرب إلى المعنى، ولكونه ابتدأ به (وأسفل) بالنصب على الظرفية وهو خبر مقدم (منه جارية) ولهذا جاز رفع جارية وهي نكرة؛ لتقدم الظرف عليها، ولأنه وصف بقوله (له) أي: ملك له، وفيه استخدام الجواري واسترقاقهن للخدمة؛ لأنه إعانة على الطاعة وفي اقتنائهن تفريغ القلب عن تدبير المنزل والتكفل بشغل الطبخ والكنس والفرش وتنظيف الأواني؛ إذ لو تكفل الإنسان بجميع أشغال المنزل لضاعت أكثر أوقاته ولم يتفرغ للعبادة، وعلى هذا فليست الخادم من الدنيا؛ لأنها تفرغ العبد للآخرة كالزوجة الصالحة.

(سوداء) وهي أولى من البيضاء لكونها أخف ثمنًا وأقوى للعمل وأبعد عن الشهوة في حق من يدخل إليه (وهو يسبح بها) فيه فضيلة التسبيح، وفي معناه التحميد والتهليل والإكثار منه وإشغال الأصابع بتحريك الحصى أو النوى ونحوهما أو السبحة وهو داخل في الحديث المتقدم:"واعقدن بالأصابع فإنهن مسئولات مستنطقات"(2). وفيه

(1) في الأصول: سريرًا. والمثبت الصواب.

(2)

سبق تخريجه برقم (1501) باب التسبيح بالحصى.

ص: 549

جمع بين العبادة بالقلب واللسان والجوارح، والظاهر أن الحصى شاهدات للمسبح بهن كما أن الأرض تشهد كما قال تعالى:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)} (1)(حتى إذا أنفد) بفتح الهمزة والفاء، والدال المهملة، أي: أفنى جميع (ما في الكيس) يقال: نفد الشيء كتعب نفادًا إذا فني، وأنفدته أنا فيتعدى بالهمزة (ألقاه إليها) والظاهر أن الحصى الذي يفنى له عدد مخصوص معلوم من الأعداد التي ورد لها ثواب مخصوص في السنة.

(فجمعته فأعادته في الكيس فدفعته إليه) ليعيد التسبيح به، وهذا يدل على شدة اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم في العبادة، وملازمتهم التسبيح والأذكار وإعراضهم عن السعي في التكاثر من الدنيا والاكتلاب عليها كما هو مشاهد اليوم (فقال: ألا أحدثك عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وما سمعته منه؟ فيه تعليم العلم لمن لا يسأل عنه (قال الشيخ: قلت: بلى) أبا هريرة (قال: بينا أنا أوعك) بضم الهمزة وفتح العين، والوعك هو الحمى أو ألمها، وقد وعكه المرض فهو موعك (في المسجد) فيه جواز إقامة الموعك والمريض في المسجد إذا لم يحصل منه نجاسة في المسجد ونومه فيه ليلًا أو نهارًا (إذ جاء رسول الله) يسأل عنه (حتى دخل المسجد) الظاهر أنه في غير أوقات الصلاة؛ فإنه لم يأته إلا ليعود المريض الذي به (فقال: من أحس الفتى) أصل الإحساس الإبصار، ومنه:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} (2)، ثم استعمل في الوجدان

(1) الزلزلة: 4.

(2)

مريم: 98.

ص: 550

والعلم بأي حاسة كانت، وربما زيدت الباء فقيل: أحس به. على معنى: شعرت به (الدوسي) بفتح الدال المهملة نسبة إلى دوس بن عدنان بطن كبير من الأزد، ونسب إليه خلق كثير منهم أبو هريرة هنا، ومنهم الطفيل بن عمرو الدوسي الذي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث مرات) وليس هذا من إنشاد الضالة المنهي عنه.

(فقال رجل: هو ذا) حاضر (يوعك في جانب المسجد) فيه أن المريض إذا احتاج إلى الإقامة في المسجد لكونه عازبًا أو غريبًا ونحوهما أن يجلس في جانب المسجد لا في صدره ومواضع الصفوف الأول، بل في جوانب المسجد وأواخره لئلا يضيق على المصلين، قال:(فأقبل يمشي) بعدما صلى تحية المسجد؛ فإن تحية المسجد حق لله تعالى، وهو مقدم على حق الآدمي من عيادة مريض أو سلام على قادم حاضر فيه ونحو ذلك (فوضع يده علي) في الحديث دلالة على أن من تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأله كيف هو (وقال لي معروفًا) صفة لمصدر محذوف، أي: قولًا معروفًا كقوله: "لا بأس طهور إن شاء الله تعالى"(1). ونحو ذلك مما كان يقوله صلى الله عليه وسلم ويدعو به للمريض إذا عاده.

(فنهضت) من ساعتي فرحًا برسول الله صلى الله عليه وسلم (فانطلق يمشي) في المسجد (حتى مقامه) بفتح الميم هو اسم الموضع الذي يقوم فيه المصلي وغيره، وبضم الميم اسم موضع من أقام بالموضع اتخذه وطنًا (الذي) يعتاده (يصلي فيه) فيه مشروعية أن يتخذ الإنسان مكانًا

(1) رواه البخاري (3616) عن ابن عباس.

ص: 551

في المسجد يعتاد الصلاة فيه أو التدريس أو التعليم ونحو ذلك.

(فأقبل عليهم ومعه) في المسجد (صفان من رجال وصف من نساء) فيه ترتيب الصفوف وهو أن يتقدم في الصفوف الرجال ثم النساء، هذا إذا لم يكن صبيان؛ فإن كان صبيان قدم الرجال ثم الصبيان ثم النساء حتى لو حضر النساء أولًا ووقفوا في الصف ثم جاء الرجال، تأخروا للرجال ولو لم يكمل الصف الأول بالرجال لم يكمل بالنساء بل بالصبيان (أو) معه.

(صفان من نساء وصف من رجال) قبلهم وأمامهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن نسَّاني) بتشديد السين (الشيطان شيئًا من صلاتي) فيه جواز النسيان عليه في أحكام الشرع، وهو مذهب جمهور العلماء وظاهر القرآن، لكن لا يقر عليه بل يعلمه الله تعالى به، وظاهر الحديث وقوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} (1)، أن الشيطان ينسي الأنبياء، وكما قال تعالى {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} (2) قال ابن عباس: لما تضرع يوسف إلى مخلوق وكان قد اقترب خروجه أنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن (3).

(فليسبح القوم) يعني: يسبح الرجال دون النساء إذا نسي الإمام في الصلاة، وأما النساء فيصفقن، وصفة التسبيح سبحان الله، ويجهر بحيث يسمع المقصود، لا واحد له من لفظه، قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ

(1) الكهف: 63.

(2)

يوسف: 42.

(3)

رواه الطبري 16/ 93.

ص: 552

قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} (1){وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} ، فخص القوم بالرجال، جاء لفظ الحديث على ذلك، قال بعضهم: وربما يجعل النساء فيه على سبيل التبع؛ لأن قوم كل نبي رجال ونساء، والقوم يذكر ويؤنث، قال تعالى:{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} (2) فذكَّر، وقال تعالى {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} (3) فأنث، وسمي القوم قومًا لأنهم قوامون على النساء، بالأمور التي ليست للنساء أن يقمن بها وسميت النساء (4) لتأخرهن عن منازل الرجل، من نسأته إذا أخرته أو نسيته إذا تركته. (ولتصفق النساء) بضرب الكف اليمين على ظهر اليسار، ولا ينبغي أن تضرب بطن الكف على بطن الكف؛ فإنه لعب، ولو فعلت ذلك على وجه اللعب بطلت صلاتها وإن كان قليلًا؛ لأن اللعب ينافي الصلاة، وتقدم في كتاب الصلاة زيادة.

(قال: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينس من صلاته شيئًا) وفيه تعليم الإمام المأمومين أحكام الصلاة قبل الدخول فيها (فقال: مجالسكم مجالسكم) بالنصب فيهما على الإغراء، وهما منصوبان بفعل مضمر تقديره: الزموا مجالسكم، ولا يجوز إظهار هذا الفعل المضمر؛ لأن التكرار جعل كالبدل من التلفظ بالفعل، فلا يجمع بين البدل والمبدل، وأمرهم بلزوم مجالسهم ليستمعوا ما يعلمهم من أمر دينهم بعد

(1) الحجرات: 11.

(2)

الأنعام: 66.

(3)

الشعراء: 105.

(4)

زاد هنا في الأصل: رجال. ولعلها مقحمة.

ص: 553

الصلاة، وفيه أن الصلاة إذا أريد بعدها قراءة حديث أو (. . .) (1) أو تفسير أو تعليم شيء من أمور الدين فللإمام أو المبلغ والمؤذن أن يقول بعد انتهاء الصلاة: مجالسكم مجالسكم. كما في الحديث، أو كما يقال اليوم: رحم الله من جلس وسمع الواعظ أو المحدث. وهذا إنما يحتاج إليه إذا كان في الابتداء، فإن استمرت قراءة الحديث أو غيره فيعلم بالعادة ولا يحتاج إلى إعلامهم.

(زاد موسى) بن إسماعيل شيخ المصنف (ها هنا: ) ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم (حمد الله) تعالى (وأثنى عليه) فيه أنه يستحب لكل خطيب وواعظ ونحو ذلك أن يبدأ أول كلامه بحمد الله تعالى وحسن الثناء عليه؛ لأن كل ما لا يبدأ فيه بحمد الله تعالى فهو أجذم أي: مقطوع البركة (ثم قال: أما بعد) مبني على الضم، والإضافة فيه مقدرة تقديره: أما بعد حمد الله والثناء عليه، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:"أما بعد". في خطبته وكتبه، حتى رواه الحافظ عبد القاهر الرهاوي في "الأربعين" التي له بأسانيد عن أربعين صحابيًّا، واختلفوا في أول من ذكرها، فقيل: داود عليه السلام، وأن هذِه الكلمة {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} المشار إليها في الآية (ثم اتفقوا) يعني: مسدد والجريري ومؤمل وموسى (ثم أقبل على الرجال) وبدأ بهم أولًا لتفضيلهم على النساء (فقال: هل منكم الرجل) الألف واللام للجنس وتعريف الحضور، فهو نفس الجنس بدأ به والحضور بدخول (الـ)(إذا أتى أهله فأغلق عليه) وعليها (بابه) فيه قول بسم الله

(1) كلمة غير مقروءة.

ص: 554

كما في الحديث (1)، فيه اتخاذ الأبواب للبيوت والدور (وألقى عليه) وعليها (ستره) الذي يسترهما.

(واستتر بستر الله) الذي يحبه كما في الحديث: "إن الله حيي ستير يحب الحياء ويريده لعباده"(2)، وفي حديث آخر:"أيما رجل أغلق بابه وأرخى أستاره فقد تم صداقها". والإسارة كالستارة (قالوا: ) الرجال (نعم، قال: ثم يجلس بعد ذلك) يحدث به في المجالس أو لآحاد الناس (فيقول: فعلت) بأهلي (كذا) و (فعلت كذا) وكذا (قال: فسكتوا) الرجال، فيه أن الإنسان إذا سئل عن فعل شيء قبيح وكان فعله فينبغي أن يسكت؛ لأن سكوته علامة على خجله واستحيائه بما وقع منه أن يذكره في حضرة الأكابر ومجالس أهل العلم والصلاح.

(قال: فأقبل في النساء فقال: هل منكن من متحدث) أصله: تتحدث به، بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفًا (فسكتن) النساء واستحيين (فجثت) بفتح الجيم والثاء المثلثة (فتاة) أي: شابة حديثة السن (على إحدى ركبتيها) أي: جلست على إحدى ركبتيها كما يجلس المخاصم، وفي "مسند أحمد" ما يدل على أن هذِه الفتاة أسماء بنت يزيد (3).

(وتطاولت) جلساؤها، أي: رفعت قامتها لتطول عليهن (لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها) رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقع نظره الكريم عليها (ويسمع كلامها)

(1) يشير إلى حديث "وأغلق بابك واذكر اسم الله .. " رواه البخاري (3280) ومسلم (2012).

(2)

سيأتي تخريجه عند أبي داود برقم (4012) باب النهي عن التعري.

(3)

"مسند أحمد" 6/ 456.

ص: 555

ويصغي إليه (يا رسول الله) والله (إنهم ليتحدثون) بذلك، يعني: الرجال (وإنهن) يعني: النساء (ليتحدثنه) أي: ليتحدثن به، أخبر صلى الله عليه وسلم بوقوع ذلك من الرجال والنساء ليعلم ما يتعلق به من الثواب والعقاب؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن هذا السؤال إلا لإظهار فائدة شرعية.

(فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟ ) فقالوا: لا يا رسول الله (فقال: إنما مثل ذلك مثل) بفتح الميم والثاء وبكسر الميم وسكون الثاء شَبَه وشِبْه، فيه ضرب الأمثال والمقصود منها أنها تؤثر في القلوب ولا يؤثر وصف الشيء في نفسه، وذلك لأن الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد، فيتأكد الوقوف على ماهيته ويصير الحس مطابقًا للعقل، وذلك هو النهاية في الإيضاح، ألا ترى أن التنفير إذا وقع عن ذكر ما يقع بين الزوجين في الخلوة مجردًا عن ضرب مثال لم يتأكد وقوعه كما إذا شبه بالشيطانة والشيطان في السكة يقضي بها حاجته، ولهذا أكثر الله تعالى ورسوله في كتبه المنزلة وعلى ألسنة أنبيائه من ذكر الأمثال (شيطانة لقيت شيطانًا) استشهد بالشيطان لأن الحامل على التحدث به الشيطان، ويحتمل أن هذا فعل الشيطان والشيطانة يفعلان حقيقة في الطريق فشبه فعله بفعلهما (في السكة) جمعها سكك وهي الطرق والأزقة وأصلها النخل المصطفة ثم شبهت السكك بالطرق لاصطفاف المنازل بجانبيها (فقضى منها حاجته) في الطريق (والناس) المارون بالطريق (ينظرون إليه) ومقصود الحديث أن الرجل له مع أهله خلوة وحالة يقبح ذكرها والتحدث بها، ويلزم من كشفها عار عند أهل المروءة والحياء؛ فإن تكلم بشيء من ذلك وأبداه كان مثل كشف عورة

ص: 556

نفسه وزوجته؛ إذ لا فرق بين كشفها للعيان وكشفها للأسماع والآذان؛ إذ كل منهما يحصل به الاطلاع على العورة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"لا تعمد المرأة فتصف المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها"(1). كما تقدم في الحديث؛ فإن دعت حاجة إلى ذكر شيء من ذلك فليذكر معها غير معين بحسب الحاجة والضرورة كما قال عليه السلام: "فعلته أنا وهذِه"(2). وكقوله: "هل أعرستم الليلة"(3).

(ألا إن طيب الرجال) من هنا رواه الترمذي (4) والنسائي (5) دون ما قبله (ما ظهر ريحه) زاد الترمذي: "وخفي لونه"(ولم يظهر لونه) لأن لون الطيب والثياب ليسا مقصودين في الشرع، بل المحبوب استعمال الطيب والبخور، والرائحة الطيبة مرغوب فيه مندوب إليه، فإن فيه النفع المتعدي، لكن إنما يكون مندوبًا إليه إذا قصد به الأمور الشرعية كاستعماله عند حضور الجمع والجماعات والأمور المعظمات ليكون في العبادات على أشرف الحالات، فلو قصد بذلك المباهاة والفخر والاختيال لكان ذلك من أسوأ الذنوب وأقبح الأفعال (ألا إن طيب النساء) المحمود (ما ظهر لونه) للزوج كما لها أن تتحلى له بألوان الثياب المصبغة (ولم يظهر ريحه)(6) للرجال الأجانب؛ فإنه جالب

(1) تقدم تخريجه قريبًا برقم (2150) باب ما يؤمر به من غض البصر.

(2)

أخرجه مسلم (350)(89) من حديث عائشة.

(3)

أخرجه البخاري (5470)، ومسلم (2144)(23) من حديث أنس.

(4)

"سنن الترمذي"(2787).

(5)

"سنن النسائي" 8/ 151.

(6)

أخرجه الترمذي والنسائي كما تقدم، وأحمد 2/ 447 من طريق سفيان به.

ص: 557

للفتنة وداع إلى استجلاب قلوب الرجال إليهن.

(قال المصنف: ومن ها هنا حفظته) بكسر الفاء (عن مؤمل) بن هشام (وموسى) بن إسماعيل (ألا لا يفضين) بضم أوله وكسر الضاد المعجمة وتشديد نون التأكيد (رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة) قال بعضهم: الإفضاء المنهي عنه هنا أن يتضاجعا تحت لحاف واحد ويلتصق بشرة أحدهما بالآخر ليس بينهما حاجز، وإذا امتنع إفضاء الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة فأحرى وأحق أن يمتنع إفضاء الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل؛ إذ لا زوجية بينهما ولا مبيح لذلك (إلا إلى ولد أو والد) يحتمل أن يعود الاستثناء إلى جميع ما قبله كما هو قاعدة مذهب الشافعي أن الاستثناء يعود إلى جميع ما قبله، فيجوز أن يفضي الرجل إلى ولده الصغير تحت لحاف واحد، وكذا المرأة إلى ولدها الصغير، وكذا يفضي الولد إلى والده ووالدته وجده وجدته وإن علوا (وذكر) خصلة (ثالثة فنسيتها) ولم أذكرها.

قال المصنف (وهو في حديث مسدد، قال موسى: حدثنا حماد، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن الطفاوي) بضم المهملة كما تقدم في أول الإسناد.

ص: 558