الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
70 - باب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ
1949 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، حَدَّثَني بُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي يَعْمَرَ الدِّيلي قَالَ: أَتَيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِعَرَفَةَ فَجاءَ ناسٌ - أَوْ نَفَرٌ - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَمَرُوا رَجُلًا فَنادى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ الحَجُّ؟ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَنادى: "الحَجُّ الحَجُّ يَؤمُ عَرَفَةَ مَنْ جاءَ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَتَمَّ حَجُّهُ أَيّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ". قَالَ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنادي بِذَلِكَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَواهُ مِهْرانُ، عَنْ سُفْيانَ قَالَ:"الحَجُّ الحَجُّ". مَرَّتَيْنِ وَرَواهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطّانُ، عَنْ سُفْيانَ قَالَ:"الحَجُّ". مَرَّةً (1).
1950 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا عامِرٌ، أَخْبَرَني عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطّائي قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمَوْقِفِ - يَعْني بِجَمْعٍ قُلْتُ: جِئْتُ يا رَسُولَ اللهِ مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ مَطِيَّتي وَأَتْعَبْتُ نَفْسي والله ما تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَ مَعَنا هذِه الصَّلاةَ وَأَتَى عَرَفاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ"(2).
* * *
(1) رواه الترمذي (889)، والنسائي 5/ 256، 264، وابن ماجه (3015)، وأحمد 4/ 309، والدارمي (1929)، وابن حبان (3892).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1703).
(2)
رواه الترمذي (891)، والنسائي 5/ 263، 264، وابن ماجه (3016)، وأحمد 4/ 15، 261، 262، وابن خزيمة (2820، 2821)، وابن حبان (3851).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1704).
باب من لم يدرك يوم عرفة (1)
[1949]
(ثنا محمد بن كثير) قال (ثنا سفيان) الثوري قال (حدثني بكير، عن (2) عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر) بفتح المثناة من تحت وفتح الميم، غير منصرف للعلمية ووزن الفعل، له صحبة ورواية، نزل الكوفة، وأتى خراسان، لم يرو عنه بكير سوى هذا الحديث كما قال ابن الأثير (3) (الديلي) بكسر الدال وإسكان المثناة تحت (قال: أتيت) [نسخة: رأيت](4)(النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة) رواية الترمذي عن عبد الرحمن بن يعمر: أن ناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه.
(فجاء ناس أو نفر) شك من الراوي، ورواية الترمذي المتقدمة: ناس. من غير شك (من أهل نجد، فأمروا رجلًا فنادى) يا (رسول الله كيف الحج؟ ) أي كيف حج من لم يدرك يوم عرفة كما بوب عليه البخاري (فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا فنادى) فيه النداء بأحكام الحج ليشتهر أمره بارتفاع صوت المنادي، وهذا إذا [كبر الراكب](5)[الحاج أو](6) الغزاة، وفي رواية للترمذي: عن يحيى: وأردف رجلًا فنادى (الحج) أي: الحج الصحيح، و (الحج) الكامل لمن أدرك (يوم عرفة) قال
(1) سقط من (م).
(2)
في (م): ابن.
(3)
"جامع الأصول" 12/ 591.
(4)
و (5) سقط من (م).
(6)
في (م): الحجاج.
الترمذي: قال سفيان الثوري: والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن من لم يقف بعرفات قبل الفجر فقد فاته الحج، ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر، ويجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل وهو قول الشافعي وأحمد (1)، وروى هذا الحديث وكيع، وقال: هذا الحديث أم المناسك (2).
و(من جاء عرفة من ليلة جمع) أي: ليلة المبيت بالمزدلفة (فيتم) بالياء المثناة (حجه) يوضحه رواية الترمذي: "فقد أدرك الحج"؛ لأنه وقت الوقوف بعرفة من زوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، فيكفي الحصول في جزء من أرض عرفة ولو في لحظة لطيفة في هذا الوقت إذا كان أهلًا للعبادة (3)، هذا هو المذهب الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور، وعند (4) أحمد أن وقته ما بين طلوع الفجر الثاني يوم عرفة وطلوعه يوم العيد (5). وحكى الفوراني قولًا أنه لا يكفي الوقوف ليلًا، ومن اقتصر عليه فقد فاته الحج.
(أيام) مرفوع لأنه مبتدأ، كلام استؤنف (منى ثلاثة) أيام، وهي الأيام المعدودات، وأيام التشريق، وأيام رمي الجمار، وهي الثلاثة التي بعد يوم (6) النحر، وليس يوم النحر منها؛ لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد
(1)"الأم" 2/ 248، "المغني" 5/ 424 - 426.
(2)
"سنن الترمذي" 3/ 228.
(3)
سقط من (م).
(4)
في (م): عن.
(5)
"المغني" 5/ 274.
(6)
في (ر): عيد.
يوم القر، وهو ثاني يوم النحر [ولو كان يوم النحر] (1) من الثلاث لجاز أن ينفر من شاء مستعجلًا يوم القر (فمن تعجل في يومين) أي: من تعجل في يومين من أيام التشريق فنفر (2) في اليوم الثاني (فلا إثم عليه) في تعجيله.
(ومن تأخر) عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى نفر فيه (فلا إثم عليه) في تأخيره، وهو مغفور له ذنبه، قال معاوية بن قرة: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والتخيير هنا وقع بين الفاضل والأفضل، وقيل: المعنى: ومن تأخر عن الثالث إلى الرابع ولم ينفر مع العامة لا إثم. كأنه قال: من زاد عن أيام منى الثلاث أو نقص عنها فلا إثم عليه.
فإن قيل: إنما يخاف الإثم المتعجل، فما بال المتأخر الذي أتى بالأفضل ألحق به؟ فالجواب: أن من تعجل في يومين فلا إثم عليه في استعماله الرخصة، ومن تأخر وترك الرخصة فلا إثم عليه في ترك استعمال الرخصة، وذهب بعضهم إلى أن المراد بوضع الإثم عنه المتعجل دون المتأخر، ولكن (3) ذكرا معًا والمراد أحدهما كقوله:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} والجناح على الزوج؛ لأنه أخذ ما أعطى كما قال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} (4)(ثم أردف رجلًا خلفه فجعل ينادي بذلك) كما تقدم في رواية
(1) سقط من (م).
(2)
في (م): فتفرق.
(3)
من (م).
(4)
البقرة: 229.
الترمذي.
(قال أبو داود: وكذلك (1) رواه مهران) بكسر الميم (عن سفيان قال: الحج الحج مرتين) كما تقدم، (ورواه وروى يحيى بن سعيد القطان عن سفيان: الحج مرة واحدة) بالنصب فيهما أي: ينادي نداء مرتين، فناب العدد عن المصدر المحذوف.
[1950]
(ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن إسماعيل) بن أبي خالد، قال (ثنا عامر) بن شراحيل الشعبي، قال (أخبرني عروة بن مضرس) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المهملة المكسورة، ثم سين مهملة، ابن حارثة بالحاء والثاء المثلثة (الطائي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف) بالمزدلفة (يعني: بجمع) زاد الترمذي: حين خرج إلى الصلاة.
(قلت: جئت يا رسول الله من جبلي طيئ) بفتح الطاء وتشديد الياء بعدها همزة (أكللت) أي: أعييت من المشي (مطيتي) أي: راحلتي كما في الترمذي (وأتعبت نفسي) في طول المسير إليك (والله ما تركت من حبل) بفتح الحاء المهملة وإسكان الباء أحد حبال الرمل، وهو ما اجتمع واستطال وارتفع. قال الجوهري: يقال للرمل المستطيل حبل (2)(إلا وقفت عليه) في مجيئي إليك (فهل لي من حج؟ ) أي: هل يصح حجي؟ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذِه الصلاة) يعني صلاة الفجر (وأتى عرفات قبل ذلك) رواية الترمذي: "من شهد صلاتنا هذِه
(1) من (م).
(2)
"الصحاح"(حبل).
ووقف معنا حتى يدفع وقد وقف بعرفات قبل ذلك" (ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه) فيه حجة لأحمد على أن وقت الوقوف لا يختص بما بعد الزوال، بل بما بين طلوع الفجر الثاني يوم عرفة وطلوعه يوم العيد (1)؛ لأن لفظ النهار في الحديث مطلق يحمل على ما قبل الزوال، واستدل أصحابنا والجمهور على أنه عليه السلام والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال، ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله (2). وأجابوا عن الحديث بأن المراد به ما بعد الزوال، (وقضى تفثه) أي: ما عليه من الحج والمناسك كلها، قاله ابن عمر.
والمشهور أن التفث ما يصنعه المحرم عند حله (3) من تقصير شعر أو حلقه، وحلق عانته، ونتف إبطه، وغيره من خصال الفطرة، كما في الحديث، ويدخل فيه نحر البدن، وفي ضمن ذلك قضاء جميع مناسكه؛ إذ لا يقضى التفث إلا بعد ذلك، وأصل التفث الوسخ والقذر، وعن قطرب: تفث الرجل كثر (4) وسخه (5). وقال أبو محمد البصري: التفث أصله من التفف بفاءين، وهو وسخ الأظفار، وقلبت الفاء الثانية ثاء مثلثة كما في مقبور (6).
(1)"المغني" 5/ 274.
(2)
"المجموع" 8/ 120.
(3)
في (م): رحله.
(4)
في (ر): كيره.
(5)
زاد بعدها في (ر): في سفره.
(6)
في (م): مفثور.