الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالرَّجُلِ: إذا وَقَعَ فيما لا يَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ منه
(1)
.
قرأ نافع وشيبة وأبو عمرو وأبو جعفر: {كَلّا بَرّانَ} بالإدغام وَتَرْكِ الإمالة، وقرأ حَمْزةُ والكسائيُّ، وعاصمٌ في رواية أبِي بكر، والأعمشُ بالإدغام والإمالة، وقرأ الحَسَنُ وابنُ أبِي إسحاق بغير إدغام، وكان حَفْصٌ يَقِفُ على اللام وَقْفةً خفيفةً فِي وَصْلِهِ
(2)
.
فصل
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أذْنَبَ العَبْدُ كانَتْ نُكْتةً سَوْداءَ فِي قَلْبهِ، فإن تابَ واسْتَغْفَرَ صَفا قَلْبُهُ، وَإنْ عادَ زادَتْ حَتَّى يَسْوَدَّ قَلْبُهُ، وهو الرَّيْنُ الذي قال اللَّه عز وجل:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
(3)
.
قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ} يعني الكفار {عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} في إلآية دليلٌ على أن اللَّه تعالى يُرَى يَوْمَ القيامة، ولولا ذاك ما كان في هذه الآية،
(1)
قاله أبو زيد، ينظر قوله في: غريب الحديث للهروي 3/ 270، تهذيب اللغة 15/ 225، الصحاح 5/ 2129، تفسير القرطبي 19/ 260، اللسان: رين.
(2)
قرأ بالإدغام وترك الإمالة أيضًا: ابنُ عامر، وابنُ كثير في رواية قُنْبُلٍ، ورُوِيَ عن نافع أنه أدْغَمَ وَلَفِظَ بالرّاءِ بَيْنَ الكسر والفتح، ورَوَى خارجةُ عن نافع الإمالةَ، أيضًا ورُويَ عن نافع عدمُ الإدغام، أيضًا، وممن قرأ بغير إدغامٍ، أيضًا-: قالونُ، ورُوِيَ عن حمزة أنَّه كان يقف على "بَلْ" وقفا خفيفًا كحَفْص، ينظر: السبعة ص 675 - 676، معانِي القراءات 3/ 130، الحجة للفارسي 4/ 104، البحر المحيط 8/ 433، الإتحاف 2/ 596.
(3)
رواه الإمام أحمد في مسنده 2/ 297، وابن ماجه في سننه 2/ 1418 كتاب الزهد: باب ذِكْرِ الذنوب، والحاكم في المستدرك 1/ 5 كتاب الإيمان: باب صقل القلوب بالتوبة، 2/ 517 كتاب التفسير: سورة المطففين.
فائدةٌ، يعني: لَمّا كان الكفار مَحْجُوبِينَ دَلَّ على أن المؤمنين غَيْرُ مَحْجُوبِينَ، بل ينظرون اللَّهَ تعالى بالأبصار في دار القَرارِ، كما قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}
(1)
، ومعنى قوله:"مَحْجُوبُونَ"؛ أي: ممنوعون عن رؤيته وكرامته ورحمته، فكما حُجبُوا في الدنيا عن توحيده حُجِبُوا في الآخرة عن رؤيته، {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}؛ أي: لَداخِلُو النّارِ {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا} يعني العذاب {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)} .
ثم أعْلَمَ أيْنَ مَحَلُّ كتاب الأبرار، فقال تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ} يعني المتقين {لَفِي عِلِّيِّينَ (18)} يعني السماء السابعة تحت العرش، رَوَى البَراءُ بن عازِبٍ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"عِلِّيُّونَ فِي السَّماءِ السّابِعةِ تَحْتَ العَرْشِ"
(2)
، وقال ابن عباس:"هُوَ لَوْحٌ من زَبَرْجَدٍ أخْضَرَ مُعَلَّقٌ تحت العَرْشِ، أعمال الأبرار مكتوبة فيه"
(3)
.
وقال الفَرّاءُ
(4)
: عِلِّيُّونَ: ارتفاعٌ بَعْدَ ارتفاعِ لا غايةَ له، وهو جمعٌ لا واحد له مِنْ لَفْظِهِ كَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَقِنَّسْرِينَ، وإعرابَه كإعراب الجمع؛ لأنه على لفظ الجمع، وقال يُونُسُ النَّحْوِيُّ
(5)
: واحِدُهُ عِلِّيّ وعِلِّيّةٌ، قال صاحب "إنسان العين"
(6)
: والواو والنون عِوَضُ الهاءِ، نحو الأرَضُونَ، أو لا واحِدَ له، والمراد عُلُوٌّ بَعْدَ عُلُوٍّ،
(1)
القيامة 22 - 23.
(2)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 154، الوسيط 4/ 447، مجمع البيان 10/ 269، تفسير القرطبي 19/ 262.
(3)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 154، مجمع البيان 10/ 269، تفسير القرطبي 19/ 262.
(4)
معانِي القرآن 3/ 247 باختلاف يسير في ألفاظه.
(5)
ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 155، عين المعانِي ورقة 143/ أ، تفسير القرطبي 19/ 263.
(6)
عين المعانِي ورقة 143/ أ.
أو هو موضوعٌ على صيغة الجمع كثلاثين، قال الشاعر:
489 -
فَأصْبَحَتِ المَذاهِبُ قَدْ أذاعَتْ
…
بِهِ الإعْصارُ بَعْدَ الوابِلِينا
(1)
جمع وابِلٍ.
وقيل
(2)
: إن {عِلِّيِّينَ} صفة الملائكة، ولذلك يُجْمَعُ بالواو والنون، وهو قوله:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)} ، ثم أخْبَرَ نَبِيَّهُ عليه السلام، فقال:{كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)} ؛ أي: هو كتاب مرقوم، أي: مكتوب، قد ثُبَتَتْ حُرُوفُهُ، كُتِبَ بالخير، وَخُتِمَ بالرحمة، مكتوب عند اللَّه، وأنشد أبو العباس
(3)
:
490 -
سَأرْقُمُ فِي الماءِ القَراحِ إلَيْكُمُ
…
عَلَى بُعْدِكُمْ إنْ كانَ لِلْماءِ راقِمُ
(4)
معناه: سأكتب.
(1)
البيت من الوافر، لَمْ أقف على قائله.
اللغة: المَذاهِبُ: المَسالِكُ والطُّرُقُ، أذاعَتْ بِهِ: ذَهَبَتْ بهِ وَغَيُّرَتْهُ، الوابلِينَ: جَمْعُ وابِلٍ، يُرِيدُ: المَطَرَ بَعْدَ المَطَرِ، قالَ ابنُ مَنْظُورٍ: "فَإنْ شِئْتَ جَعَلتَ الوابلِينَ الرِّجَالَ المَمْدُوحِينَ، يَصِفُهُمْ بالْوَبْلِ لِسَعةِ عَطاياهُمْ، وَإنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ وَبْلًا بَعْدَ وَبْلٍ، فَكانَ جَمْعًا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ قَصْدُ كَثْرَةٍ وَلَا قِلّةٍ.
التخريج: معانِي القرآن للفراء 3/ 247، جامع البيان 30/ 129، جمهرة اللغة ص 1335، المذكر والمؤنث لابن الأنباري 2/ 237، تهذيب اللغة 3/ 188، مقاييس اللغة 4/ 116، المخصص 9/ 114، أساس البلاغة: وبل، التبيان للطوسي 10/ 302، مجمع البيان 10/ 295، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 78، اللسان: علو، وبل، التاج: وبل.
(2)
قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 180، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 464، تفسير القرطبي 19/ 263.
(3)
يعني أحمد بن يحيى ثعلبًا، وإنشاده في إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري ص 970، والزاهر لابن الأنباري 1/ 105، والتهذيب للأزهري 9/ 143.
(4)
البيت من الطويل لأوس بن حجر، وهو بيت مفرد فِي ديوانه، ويروى: =
ثم قال تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)} يعني الملائكة الذين هم في عِلِّيِّينَ، يشهدون؛ أي: يحضرون ذلك المكتوبَ وذلك الكتابَ إذا صُعِدَ به إلَى عِلِّيِّينَ {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} إلَى ما أعطاهم اللَّهُ تعالى من النعيم والكرامة {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} إذا رَأيْتَهُمْ عَرَفْتَ أنَّهُم من أهل النعمة مما تَرَى في وجوههم من الحُسْنِ والنُّورِ والبياض، يقال: نضِرَ النَّباتُ: إذا أزْهَرَ وَنَوَّرَ.
قرأ العامة: {تَعْرِفُ} بفتح التاء وكسر الراء {نَضْرَةَ} بالنصب، وقرأ أبو جعفر ويعقوب بضم التاء وفتح الراء
(1)
على غير تسمية الفاعل {يُسْقَوْنَ} يعني الأبرار {مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)} الرَّحِيقُ: الخَمْرُ الصافية، وقيل
(2)
: المُعَتَّقةُ، قال الشاعر:
491 -
أمْ لَا سَبِيلَ إلَى الشَّبابِ وَذِكْرِهِ
…
أشْهَى إلَيَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
(3)
= عَلَى نَأْيكُمْ إنْ كَانَ فِي الماءِ راقِمُ
اللغة: الماء القَراحُ: الخالص الذي لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ يُطَيَّبُ به كالعسل والتمر والزبيب.
التخريج: ديوانه ص 116، فصل المنال ص 307، الجيم 2/ 23، الزاهر لابن الأنباري 1/ 105، تهذيب اللغة 9/ 143، مقاييس اللغة 2/ 425، مجمع الأمثال 3/ 490، معجم البلدان: الرقيم 3/ 60، أساس البلاغة: رقم، تفسير القرطبي 19/ 258، اللسان: رقم، البحر المحيط 8/ 432، الدر المصون 6/ 493، اللباب في علوم الكتاب 20/ 213، التاج: رقم، فتح القدير 5/ 400.
(1)
قرأ أبو جعفر ويعقوب وابن أبِي إسحاق وطلحة وشيبة والزعفرانِيُّ: "تُعْرَفُ" بالبناء للمفعول "نَضْرةُ" بالرفع، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 170، تفسير القرطبي 19/ 264، البحر المحيط 8/ 434، الإتحاف 2/ 597.
(2)
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 519، وحكاه عنه ابن الجوزي في زاد المسير 9/ 580.
(3)
البيت من الكامل، لأبِي كَبِيرٍ الهُذَلِيِّ، ومعنى "السَّلْسَل": العَذْبُ البارِدُ السَّهْلُ في الحَلْقِ. =
ومعنى قوله: {مَخْتُومٍ} قال ابن مسعود
(1)
: مَمْزُوجٌ، وقيل
(2)
: الرَّحِيقُ: شَرابٌ أبْيَضُ يُخْتَمُ به شَرابُهُمْ، وقيل
(3)
: خُتِمَ فِي الإناء أنْ يَمَسَّها ماسٌّ، وقال الواحدي
(4)
: هو الشراب الخالص الذي لا غِشَّ فيه، ولا شَيءَ يُفْسِدُهُ، و {مَخْتُومٍ}؛ أي: عاقبتُهُ حَسَنةٌ، وخاتمة كل شيء عاقبته، وقيل
(5)
: هو كالمختوم بالطين؛ أي: مَمْنُوعٌ مِنْ كُلِّ يَدٍ.
{خِتَامُهُ مِسْكٌ} يعني: رِيحُهُ وَطَعْمُهُ مِسْكٌ، والخِتامُ: المَصْدَرُ، والخاتَمُ: الاسم
(6)
، وَخَتْمُ كُلِّ شَيْءٍ: عند فَراغِهِ، ومن ذلك: خَتَمْتُ القُرْآنَ، ويقال:"الأعْمالُ بِخَواتِيمِها"
(7)
.
= التخريج: شرح أشعار الهذليين ص 1069، أدب الكاتب ص 402، الزاهر لابن الأنباري 2/ 196، الكشف والبيان 10/ 155، الاقتضاب 3/ 357، شرح أدب الكاتب للجواليقي ص 263، تفسير القرطبي 19/ 265، اللسان: سلسل، ارتشاف الضرب ص 1731، الجنى الدانِي ص 389، مغني اللبيب ص 105، المقاصد النحوية 3/ 54، همع الهوامع 2/ 333، شرح شواهد المغني ص 226، التاج: سلسل، إلى.
(1)
ينظر قوله في جامع البيان 30/ 132، الكشف والبيان 10/ 156، عين المعانِي ورقة 143/ أ، تفسير القرطبي 19/ 265.
(2)
قاله أبو الدرداء، ينظر: تفسير مجاهد 2/ 739، جامع البيان 30/ 133، عين المعانِي 143/ أ.
(3)
قاله الثعلبي فِي الكشف والبيان 10/ 156، وينظر: تفسير القرطبي 19/ 265.
(4)
الوسيط 4/ 448، وهذا القول حكاه الواحدي عن أبِي عبيدة والمبرد والزجاج.
(5)
قاله مجاهد وابن زيد، ينظر: جامع البيان 30/ 133، الوسيط 4/ 448، زاد المسير 9/ 59، تفسير القرطبي 19/ 265.
(6)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 248.
(7)
هذا جزء من حديث رواه البخاري بسنده عن سهل بن سعد في صحيحه 7/ 187 كتاب الرقاق: باب "الأعمال بالخواتيم".
قرأ العامة: {خِتَامُهُ} بتقديم التاء، وقرأ الكسائي:"خاتَمُهُ"
(1)
بتأخيرها، وهي قراءة عَلِيٍّ وَعَلْقَمةَ، والخاتَمُ والخِتامُ واحد
(2)
، قال الفرزدق:
492 -
فَبِتْنَ بِجانِبَيَّ مُصَرَّعاتٍ
…
وَبِتُّ أفُضُّ أغْلَاقَ الخِتامِ
(3)
قوله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)} يعني: فَلْيَتَشاحَّ المُتَشاحُّونَ، وقيل: فَلْيَرْغَبِ الرّاغِبُونَ، وقيل: فَلْيُسارِعِ المُسارعُونَ بالمبادرة إلَى طاعة اللَّه، {وَمِزَاجُهُ} يعني مَزاجَ شَرابِ الأبرار {مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} التَّسْنِيمُ: اسم عَيْنٍ فِي الجنة، وهو شَرابٌ يَنْصَبُّ عليهم من عُلُوٍّ مَن جنة عَدْنٍ، مأخوذ من سَنامِ البَعِيرِ وَتَسْنِيمِ القُبُورِ
(4)
.
وقيل
(5)
: هو شَرابٌ اسمه تَسْنِيمٌ، وهو من أشرف الشراب، وَسُمِّيَ
(1)
وهي أيضًا، قراءة النَّخْعِي والضَّحّاكِ وزيد بن عَلِيٍّ وأبِي حَيْوةَ وابن أبِي عَبْلةَ وطاوس وشقيق ابن سلمة، ينظر: السبعة ص 676، تفسير القرطبي 19/ 265، البحر المحيط 8/ 343.
(2)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 248، والنَّقّاشُ في شفاء الصدور ورقة 220/ ب، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة 7/ 313: 315، معانِي القراءات 3/ 131.
(3)
البيت من الوافر، للفرزدق من قصيدة يمدح بها سليمان بن عبد الملك.
التخريج: معانِي القرآن للفراء 3/ 248، طبقات فحول الشعراء ص 46، عيون الأخبار 2/ 27، جامع البيان 30/ 134، الاقتباس من القرآن 2/ 163، مجمع الأمثال 2/ 252، المختار من شعر بشار ص 237، الحلل في شرح أبيات الجمل ص 61، أساس البلاغة: فضض، أخبار النساء لابن القيم ص 179، التذكرة الحمدونية 5/ 440، تفسير القرطبي 13/ 148، 19/ 265، شرح نهج البلاغة لابن أبِي الحديد 5/ 17، اللسان: ختم، غلق، البحر المحيط 7/ 46، خزانة الأدب 11/ 241، الكشكول ص 622، التاج: غلق.
(4)
قاله ابن قتيبة والنقاش، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 520، شفاء الصدور ورقة 220/ ب، وينظر: زاد المسير 9/ 60، عين المعانِي ورقة 143/ أ، تفسير القرطبي 19/ 266.
(5)
قاله الضحاك ومقاتل والزجاج، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 351، إعراب القرآن 5/ 182، الكشف والبيان 10/ 156، زاد المسير 9/ 60.
تَسْنِيمًا؛ لأنه يَتَسَنَّمُ فَيَنْصَبُّ عليهم مِنْ فوقهم وَمِنْ غُرَفِهِمْ وَمِنْ مَنازِلِهِمْ، يجري من جنة عَدْنٍ إَلَى أهل الجِنانِ، وقال ابن عباس:"هو خالصٌ لِلْمُقَرَّبِينَ يَشْرَبُونَها صِرْفًا، ويُمْزَجُ منها لِسائِرِ أهل الجنة"
(1)
.
وأصل الكلمة مأخوذة من عُلُوِّ المَكانِ والمَكانةِ، فَيُقالُ للشيء المرتفع: سَنامٌ، وللرجل الشريف: سَنامٌ، ويقال: تَسَنَّمَ الفَحْلُ النّاقةَ: إذا عَلَاها، وهو اسمٌ معرفةٌ مثل التَّنْعِيمِ وهو اسم جبل
(2)
.
ونصب "عَيْنًا" على الحال
(3)
، وإن شئت قلت: ويُسْقَوْنَ عَيْنًا؛ أي: مِنْ عَيْنٍ
(4)
، أو أعْنِي عَيْنًا
(5)
، وقوله:{يَشْرَبُ بِهَا} نعت للعين و {بِهَا} بمعنى "مِنْها"، وقد تقدم نظيرها في سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} ، وهو قوله تعالى:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}
(6)
.
(1)
رُوِيَ هذا الخبر عن ابن مسعود أيضًا، ينظر: المصنف لابن أبِي شيبة 8/ 87، جامع البيان 30/ 135 - 136، الوسيط 4/ 449، تفسير القرطبي 19/ 266، الدر المنثور 6/ 327، 328.
(2)
التَّنْعِيمُ: جَبَل بين مكة والمدينة على بعد فرسخين من مكة، ينظر: معجم البلدان 2/ 49، اللسان: نعم.
(3)
هذا إذا كان التسنيم عَلَمًا على عَيْنِ ماءٍ في الجنة، وهو قول الفراء وأبِي عبيدة والزجاج، ينظر: معانِي القرآن 3/ 249، مجاز القرآن 2/ 290، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 301، وينظر: إعراب القرآن 5/ 182، تهذيب اللغة 13/ 16.
(4)
يعني أن "عَيْنًا" منصوب على نزع الخافض، وهذا قول الأخفش والزجاج والأزهري، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 532، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 301، تهذيب اللغة 13/ 16.
(5)
هذا قولٌ آخَرُ للأخفش، قاله في معانِي القرآن ص 532، وحكاه النحاس عن المبرد في إعراب القرآن 5/ 182، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 464، الفريد للهمدانِي 4/ 644.
(6)
الإنسان 6، وانظر ما سبق 4/ 200.
قال الحَرِيرِيَّ والواسِطِيُّ
(1)
: يشرب بها المقربون صِرْفًا على بساطِ القُرْبِ، في مجلس الأُنْسِ، وَرِياضِ القُدُسِ، بِكَأْسِ الرِّضا على مشاهدةَ الحق -سبحانه-، فِي مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} يعني كفار قريش {كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} يعني: إذا مَرَّ المؤمنون بالكفار {يَتَغَامَزُونَ (30)} ؛ أي: يَتَغامَزُ بِهِم الكفارُ، من الغَمْزِ وهو الإشارة بِالجَفْنِ والحاجِبِ؛ أي: يُشِيرُونَ إليهم بالأعين استهزاءً بهم {وَإِذَا انْقَلَبُوا} يعني الكفار {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)} يعني: رَجَعُوا مُعْجَبِينَ بما هُمْ فيه، يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ المؤمنين.
قرأه العامة: {فَكِهِينَ} بألف، وقرأه حَفْصٌ:{فَكِهِينَ}
(2)
بغير ألف، ونصب {فَكِهِينَ} على الحال، {وَإِذَا رَأَوْهُمْ} يعني الكفار إذا رأوا المؤمنين {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} حين يأتون محمَّدًا، فقال اللَّه تعالى:{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)} يعني الكفار، ما أُرْسِلُوا على المؤمنين حافظين لأعمالهم، مُوَكَّلِينَ بأحوالهم، وهو منصوب على الحال، وإن شئتَ على خَبَرِ
(3)
ما لَمْ يُسَمَّ فاعله.
قوله: {فَالْيَوْمَ} يعني يوم القيامة {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35)} جمع أرِيكةٍ، وهو السرير من الدُّرِّ والياقوت، وذلك
(1)
ينظر قولهما في الكشف والبيان 10/ 157.
(2)
قرأ حَفْصٌ عن عاصم، وأبو رجاء والحَسَنُ وعكرمة وأبو جعفر:"فَكِهِينَ" بغير ألف، ورواها ابن ذَكوانَ عن ابن عامر، ورُوِيَ أيضًا، عن ابن ذكوان عن ابن عامر:"فاكهِينَ" بالألف، وهي قراءة الباقين، ينظر: السبعة ص 676، تفسير القرطبي 19/ 267، البحر المحيط 8/ 435، الإتحاف 2/ 597.
(3)
في الأصل: "على اسم ما لَمْ يسم".