الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"ما" حرفٌ لَفْظُهُ لَفْظُ استفهامٍ، ومعناه التقريرُ، ومحله رفعٌ بالابتداء، و {يُكَذِّبُكَ} الخَبَرُ، ومعنى {فَمَا يُكَذِّبُكَ}؛ أي: ما الذي يَجْعَلُكَ تُكَذِّبُ بِالمُجازاةِ بَعْدَ هَذِهِ الحُجَجِ والبَراهِينِ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} ؛ أي: بِأقْضَى القاضِينَ.
والألف في {أَلَيْسَ} ألف تقرير في لفظ الاستفهام، و"لَيْسَ" فِعْلٌ يحتاج إلَى اسم وخبر، فـ {اللَّهُ} -سبحانه- اسمُ "لَيْسَ"، و"أحْكَمُ" الخبر، و {الْحَاكِمِينَ} خفضٌ بالإضافة، وإنما انصرف أحْكَمُ وهو على وزن "أفْعَلَ" صفةً؛ لأنه أُضِيفَ، فَخَرَجَ عن شَبَهِ الأفْعالِ؛ لأنها لا تُضافُ، فانصرف إلَى الخفض
(1)
.
فصل
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لَمّا نزلت سورة التين على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَرِحَ بِها فَرَحًا شديدًا، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدّةُ فَرَحِهِ، فَسَألْنا ابنَ عباس رضي الله عنه عن تفسيرها، فقال:"التِّين" بلاد الشام، {وَالزَّيْتُونِ} بلاد فِلَسْطِينَ، {وَطُورِ سِينِينَ} الذي كَلمَ اللَّهُ عز وجل موسى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} مَكّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} محمد صلى الله عليه وسلم، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} عَبَدةُ اللاتِ والعُزى، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أبو بكر وَعُمَرُ وَعُثْمانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم، {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} بعد هذه الحُجَجِ والبَراهِينِ، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} إذْ بَعَثَكَ فيهم نَبِيًّا، وَجَمَعَكَ على التَّقْوَى يا محمدُ"
(2)
.
(1)
ينظر: إعراب ثلاثين سورة ص 132.
(2)
هذا حديث موضوع ذكره الواحديُّ في الوسيط 4/ 526، وينظر: تاريخ بغداد 2/ 96، تاريخ دمشق 1/ 214، الموضوعات 1/ 249، الدر المنثور 6/ 365.
وقال قتادة: بَلَغَنا أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآيةَ قال: "بَلَى! وَأنا عَلَى ذَلِكَ مِن الشّاهِدِينَ"
(1)
، واللَّه أعلم.
* * *
(1)
رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي هريرة في مسنده 2/ 249، والترمذي في سننه 5/ 114 أبواب تفسير القرآن: سورة التين، وأبو داود في سننه 1/ 203 كتاب الصلاة: باب مقدار الركوع والسجود، وينظر: الكشف والبيان 10/ 241.