المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء فيها من الإعراب - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٤

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة القلم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحاقة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المعارج

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة نوح

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المُزّمِّل

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المدثر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة القيامة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الإنسان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المرسلات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النبأ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فَصْلِ}

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النازعات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة عبس

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة {كُوِّرَتْ}

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {انْفَطَرَتْ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المطففين

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {انْشَقَّتِ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة البروج

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطارق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأعلى

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الغاشية

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الفجر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة البلد

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {وَالشَّمْسِ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {وَاللَّيْلِ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {وَالضُّحَى}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ جامعٌ

- ‌سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة {وَالتِّينِ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة العلق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

‌سورة عبس

مكية

وهي خَمسمائة وثلاثة وثلاثون حَرْفًا، ومائة وثلاث وثلاثون كلمةً، واثنتان وأربعون آيةً.

‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ "عَبَسَ وَتَوَلَّى" جاءَ وَجْهُهُ يَوْمَ القِيامةِ ضاحِكًا مُسْتَبْشِرًا"

(1)

.

وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ {عَبَسَ} عاشَ حامِدًا مَحْمُودًا، وَماتَ شَهِيدًا مَفْقُودًا"

(2)

.

‌باب ما جاء فيها من الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عز وجل: {عَبَسَ} يعني النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: كَلَّحَ وَكَرَّهَ وَجْهَهُ

(1)

ينظر: الكشف والبيان 10/ 130، الوسيط للواحدي 4/ 422، الكشاف 4/ 221، مجمع البيان للطبرسي 10/ 263.

(2)

لَمْ أعثر له على تخريج.

ص: 287

{وَتَوَلَّى (1)} ؛ أي: أعْرَضَ {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)} وهو ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ

(1)

، أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وعنده رَهْطٌ من أشراف قريش، وهو مُقْبلٌ عليهم يدعوهم إلَى اللَّه تعالى وَإلَى الإسلامِ، وَيَرْجُو أن يُجِيبُوهُ إلَى ذلك، إذْ أَتَى الأعمى فَجَعَلَ يُنادِيهِ، وهو يقول: عَلِّمْنِي يا رَسُولَ اللَّه مِمّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، -ولا يدري أنه مُشْتَغِلٌ عنه بِغَيْرِهِ- حَتَّى ظهرت الكراهة في وَجْهِ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم لِقَطْعِهِ كَلَامَهُ فَأعْرَضَ عنه، فَأنْزَلَ اللَّه هذه الآياتِ، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يُكْرِمُهُ ويقول إذا رَآهُ:"مَرْحَبًا بِمَنْ عاتَبَنِي فيه رَبِّي"

(2)

.

و {أَنْ} في قوله: {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} في موضع نصب مفعول من أجله

(3)

، وقيل

(4)

: في موضع خفض على إضمار اللام تقديره: لأنْ جاءَهُ، أو بأنْ جاءَهُ، وقيل

(5)

: هي بمعنى: إذْ جاءَهُ الأعمى، {وَمَا يُدْرِيكَ} يا محمد {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} ؛

(1)

هو عبد اللَّه أو عمرو بن قيس بن زائِدةَ من بني عامر بن لُؤَيٍّ، وأُمُّ مَكْتُومٍ أُمُّهُ واسْمُها عاتِكةُ، صحابِىٌّ شجاع ضرير البصر، أسلم بمكة، وهاجر بعد غزوة بدر، كان يُؤَذِّنُ للنبي مع بلال، وكان النبي يستخلفه على المدينة، شهد القادسية، وقاتل فيها، وتوفِّي سنة (23 هـ). [الإصابة 4/ 76، 181، 494 - 495، الأعلام 5/ 83].

(2)

رواه الترمذي بسنده عن عائشة في سننه 5/ 103 - 104 أبواب تفسير القرآن: سورة عبس، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 514 كتاب التفسير: سورة "عَبَسَ وَتَوَلَّى"، وينظر: أسباب النزول للسيوطي ص 297، الوسيط للواحدي 4/ 422.

(3)

قاله الزَّجّاجُ والنَّحّاسُ ومَكِّيٌّ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 283، إعراب القرآن 5/ 149، مشكل إعراب القرآن 2/ 457.

(4)

ذكره النحاس بغير عزو في إعراب القرآن 5/ 149، وبه قال ابن خالويه في إعراب القراءات السبع 2/ 440، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 457، البيان للأنباري 2/ 494.

(5)

ذكره النحاس بغير عزو في إعراب القرآن 5/ 149، وحكاه الأزهري عن أبِي زيد في تهذيب اللغة 15/ 569، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 457، أمالِيُّ ابن الشجري 3/ 151، ارتشاف الضرب 4/ 1693، مغني اللبيب ص 54 - 55، همع الهوامع 2/ 327.

ص: 288

أي: يؤمن ويتطهر من ذنوبه بالعمل الصالح، ومحل "ما" رفع بالابتداء، والهاء اسمُ "لَعَلَّ"، وخبره في {يَزَّكَّى} ، {أَو يَذَّكَّرُ}؛ أي: يَتَّعِظُ بالقرآن {فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (4)} ؛ أي: الموعظة، قرأه العامة:"فَتَنْفَعُهُ"

(1)

بالرفع نسقًا على قوله: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} و {يَذَّكَّرُ} ، والفاء للعطف لا للجواب، والهاء في "تَنْفَعَهُ" نصب؛ لأنه مفعول لِلذِّكْرَى، وقرأ عاصمٌ فِي أكثر الروايات بالنصب على جواب "لَعَلَّ" بالفاء

(2)

، وقيل

(3)

: على إضمار "أنْ"، ويجوز أن يُنصب ما بعدها كما قال الشاعر:

فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّما

نُحاوِلُ مُلْكًا أوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرا

(4)

(1)

قرأ عاصمٌ والأعرجُ وأبو حَيْوةَ وابنُ أبِي عَبْلةَ والزَّعْفَرانِيُّ وابنُ أبِي إسْحاقَ وعيسى بن عمر وَزِرُّ بن حُبَيْشٍ والسُّلَمِيُّ: "فَتَنْفَعَهُ" بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع، ينظر: السبعة ص 672، تفسير القرطبي 19/ 214، البحر المحيط 8/ 419.

(2)

هذا مذهب الكوفيين، ينصبون الفعل في جواب "لعل"، كما يُنْصَبُ في جواب الأمر والنهي والنفي والتمني والاستفهام، قال الفراء:"ولو كان نصبًا على جواب الفاء لـ "لعل" كان صوابا، أنشدني بعضهم:

عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أوْ دُولَاتِها

يُدِلْنَنا اللَّمّةَ مِنْ لَمّاتِها

فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفَراتِها".

معانِي القرآن 3/ 235، وقال مثل ذلك في الآية 37 من سورة غافر في معانِي القرآن 3/ 9. ووافق الكوفيين كُلٌّ من الزُّجّاجِ والأزهري وابن خالويه، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 283، معانِي القراءات 3/ 121، إعراب القراءات السبع 2/ 439، قال النحاس: "ولا يعرف البصريون جوابَ "لَعَلَّ" بالنصب". إعراب القرآن 5/ 149، وينظر: ارتشاف الضرب ص 1673، البحر المحيط 8/ 419، الجنى الدانِي ص 74.

(3)

هذا مذهب البصريين، وهو أن الفعل منصوب بـ "أنْ" مضمرة بعد الفاء، ينظر: الكتاب 3/ 47، المقتضب 2/ 28، إعراب القرآن 5/ 149، 150، الحجة للفارسي 4/ 98، الجنى الدانِي ص 74، 75.

(4)

تقدم برقم 259، 3/ 99.

ص: 289

وأصل {يَذَّكَّرُ} يَتَذَكَّرُ، فأدغمت التاء في الذال {أَمَّا مَنِ} رفع بالابتداء {اسْتَغْنَى (5)} عن اللَّه في نفسه، وعن الإيمان بِمالِهِ {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)} يعني: تَدْعُوهُ وَتتَعَرَّضُ له، وَتُقْبِلُ إلَيْهِ بِوَجْهِكَ، وَتُصْغِي إلَى كَلَامِهِ. والتَّصَدِّي: التَّعَرُّضُ بالوجه، يقال: تَصَدَّى لَهُ، أي: تَعَرَّضَ له

(1)

، قال الرّاعِي:

470 -

تَصَدَّى لِوَضّاحٍ كَأنَّ جَبِينَهُ

سِراجُ الدُّجَى تُجْبَى إلَيْهِ الأساوِرُ

(2)

قرأ أهلُ المدينة وأهلُ مكة ويعقوبُ: {تَصَّدَّى}

(3)

بالتشديد على الإدغام، والأصل فيه: تتَصَدَّى، فأُدغمت التاءُ في التاء، وأُسْقِطَتْ إحدى التاءين استثقالًا لها في صَدْرِ الكلمة، ومثله:{تَلَهَّى} و {تَلَظَّى}

(4)

و {تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ}

(5)

وما أشبهه، وقرأ الكوفيون وأبو عمرو وابن عامر:"تَصَدَّى" بحذف التاء والتخفيفِ لِئَلّا يُجْمَعَ بين تاءَيْنِ، واختار أبو عبيد التخفيفَ في {تَصَدَّى} و {يَزَّكَّى} و {يَذَّكَّرُ} .

(1)

قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 514، وينظر: تَهذيب اللغة 12/ 104، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 173.

(2)

في الأصل: "تَحْتَ الأساور موهنا"، وهو سهو من الناسخ فيما يبدو، والبيت من بحر الطويل لِلرّاعِي النُّمَيْرِيِّ من قصيدة يمدح بها يَزِيدَ بنَ مُعاوِيةَ، ورواية ديوانه:

تصدى لِوَضّاحِ الجَبينِ كأنه

سراج الدجى تُجْبَى إلَيْهِ السَّوائِرُ

اللغة: رَجُلٌ وَضّاحٌ: حَسَنُ الوَجْهِ أبيضُ بَسّامٌ.

التخريج: ديوانه ص 109، الكشف والبيان 10/ 131، منتهى الطلب 6/ 92، عين المعانِي ورقة 142/ أ، تفسير القرطبي 19/ 214، البحر المحيط 8/ 417، الدر المصون 6/ 479، اللباب في علوم الكتاب 20/ 156.

(3)

هذه قراءة ابن كثير ونافع وأبِي جعفر وابن محيصن، ينظر: السبعة ص 672، الإتحاف 2/ 589.

(4)

في قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} الليل 14، وانظر ما سيأتي 4/ 458.

(5)

القدر 4، وانظر ما سيأتي 5/ 7.

ص: 290

{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)} ؛ أي: يُسْلِمُ، والمعنى: أيُّ شَيْءٍ عليك في ألّا يُؤْمِنَ ولا يَهْتَدِيَ، إنْ عليك إلا البلاغُ {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)} محل {مَن} رفع بالابتداء {وَهُوَ يَخْشَى (9)} يعني ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، أراد: يَسْعَى في الخير، ويَخْشَى اللَّهَ تعالى {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)}؛ أي: تتَشاغَلُ بغيره وَتُعْرِضُ بِوَجْهِكَ عنه، يقال: لَهِيتُ عن الشيء ألْهَى عنه أي: تَشاغَلْتُ عنه، وقرأ البَزِّيُّ:"تَّلَهَّى"

(1)

بتشديد التاء.

ثم قال تعالى: {كَلَّا} ؛ أي: لا تَفْعَلْ ذلك، وهي كلمة ردع وزجر {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)} يعني: آيات القرآن موعظة وتبصرة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)} ابتداءً؛ أي: فمن شاء اللَّهُ ألْهَمَهُ وَفَهَّمَهُ القرآنَ حتى يَذْكُرَهُ وَيَتَّعِظَ به.

ثم أخبر جلالته عنده، فقال:{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)} يعني أُمَّ الكتاب الذي نُسِخَ منه القرآن {مَرْفُوعَةٍ} عند اللَّه يعني: فِي السماء السابعة {مُطَهَّرَةٍ (14)} من كل دَنَسٍ وَكُفْرٍ {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)} يعني: كَتَبةٍ، وهم الرسل من الملائكة، واحدهم: سافِرٌ مثل كاتِبٍ وَكَتَبةٍ

(2)

، وقيل

(3)

: سَفِيرٌ وهو الرسول. وَسَفِيرُ

(1)

قرأ البَزِّيُّ وابن فُلَيْحٍ عن ابن كثير: "عَنْهُ تَّلَهَّى" بتشديد التاء وصلا بالهاء قبلها، ينظر: السبعة ص 672، البحر المحيط 8/ 419.

(2)

قاله الفراء وأبو عبيدة والأخفش وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 236، مجاز القرآن 2/ 286، معانِي القرآن للأخفش ص 528، غريب القرآن لابن قتيبة ص 514، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 284، الزاهر 1/ 78، تهذيب اللغة 12/ 399 - 400، الصحاح 2/ 686، النهاية لابن الأثير 2/ 371.

(3)

ذكره الطبري بغير عزو في جامع البيان 30/ 68، وهو ظاهر قول ابن الأنباري في الزاهر 2/ 131، وينظر: الثعلبي في الكشف والبيان 10/ 131.

والراجح أنه جمع سافِرٍ؛ لأن "فَعَلةً" يُجمع عليه "فاعِلٌ" صحيحُ العينِ، مثل بارٍّ وَبَرَرةٍ وَفاجِرٍ وَفَجَرةٍ، كما ذكر سيبوبه في الكتاب 3/ 631، وأما "فَعِيلٌ" بمعنى "فاعِلٍ" فإنه يُجمع على "فُعُلٍ" وَ"أفْعِلَاءَ" و"فُعْلَانَ"، ينظر: الكتاب 3/ 604، 605، قال الجوهري: "والسَّفِيرُ: =

ص: 291

القوم: هو الذي يَسْعَى بينهم بالصلح

(1)

، قال الشاعر:

471 -

وَما أدَعُ السِّفارةَ بَيْنَ قَوْمِي

وَما أمْشِي بِغِشٍّ إنْ مَشَيْتُ

(2)

قال الفَرّاءُ

(3)

: السَّفَرةُ هاهنا هم الملائكة الذين يَسْفِرُونَ بِالوَحْيِ بين اللَّه ورسله، من السِّفارةِ وهو السَّعْيُ بين القوم، وعن وهب بن مُنبِّهٍ أنه قال

(4)

: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم أثنى عليهم، فقال:{كِرَامِ} يريد: على ربهم {برَرَةٍ (16)} مطيعين، وهو جمع بارٍّ مثل كافِرٍ وَكَفَرةٍ، وَساحِرٍ وَسَحَرةٍ، والبرُّ: العَطْفُ، ومنه: بَرَرْتُ صَدِيقِي أبِرُّةُ بِرًّا، وَبَرَّكَ اللَّهُ؛ أي: وَصَلَكَ اللَّهُ، وخفض كِرَامٍ على النعت لـ {سَفَرَةٍ} .

قوله: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ} يعني: لُعِنَ الكافرُ، وأراد به اسم الجنس، وقيل: أراد عتبة بن أبِي لهب {مَا أَكْفَرَهُ (17)} ؛ أي: ما أشَدَّ كُفْرَهُ باللَّه وَبِنِعَمِهِ مع كثرة

= الرسول المُصْلِحُ بين القوم، والجمع سُفَراءُ مثل فَقِيهٍ وَفُقَهاءَ". الصحاح 2/ 686.

(1)

قال النقاش: "والسافر: الكاتب، وسمعتُ ثعلبًا يقول: وإنما سُمُّوا سَفَرةً، وهم الملائكة الحَفَظةُ؛ لأنهم يَسْفِرُونَ بَيْنَ اللَّه عز وجل وبين خَلْقِهِ". شفاء الصدور ورقة 128/ ب.

(2)

البيت من الوافر لِمُوسَى بن جابر بن أرْقَمَ اليَمامِيِّ المعروف بابن ليلى، ويلقب بِأُزَيْرِقِ اليَمامةِ.

التخريج: معانِي القرآن للفراء 3/ 236، جامع البيان 30/ 68، الزاهر لابن الأنباري 1/ 78، 2/ 131، معجم الشعراء ص 285، الكشف والبيان 10/ 132، البصائر والذخائر 2/ 192، التبيان للطوسي 10/ 272، مجمع البيان 10/ 265، زاد المسير 9/ 30، تفسير القرطبي 19/ 216، تفسير ابن كثير 4/ 502، البحر المحيط 8/ 417، فتح الباري 8/ 692، الدر المصون 6/ 480، اللباب في علوم الكتاب 20/ 159، فتح القدير 5/ 383.

(3)

معانِي القرآن 3/ 236 باختلاف في ألفاظه.

(4)

ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 132، المحرر الوجيز 5/ 438، زاد المسير 9/ 29، تفسير القرطبي 19/ 216.

ص: 292

إحسانه إليه، و {مَا} هاهنا على طريق التعجب معناه: اعْجَبُوا أنتم من كُفْرِهِ

(1)

، ومحل {مَا} هو رفع بالابتداء، ومحل الهاء نصب على التعجب، وقيل

(2)

: {مَا} هو استفهام ابتداء، و {أَكْفَرَهُ} هو الخبر، معناه: أيُّ شَيْءٍ حَمَلَهُ على الكفر مع ما يرى من الآيات الدالة على التوحيد؟

ثم بيَّنَ من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم بأن اللَّه خالقه، فقال تعالى:{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)} لفظه استفهام ومعناه التقرير، ثم فَسَّرَ ذلك فقال:{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} يريد: في بطن أمه، ثم أخْرَجَهُ من بطن أمه، قال الكلبي

(3)

: قَدَّرَ خَلْقَهُ وَرَأْسَهُ وَعَيْنَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)} يعني: هَوَّنَ عليه الخروجَ من بطن أمه، ونصب {السَّبِيلَ} بإضمار فعل تقديره: يَسُّرَ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} ؛ أي: صَيَّرَهُ ذا قَبْرٍ، وَأمَرَ أنْ يُقْبَرَ، فأما الدّافِنُ فَيُقالُ

(1)

قاله الأخفش والزُّجّاجُ والنُّقّاشُ والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 528، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 285، شفاء الصدور ورقة 209/ أ، المسائل الشيرازيات ص 494، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن 2/ 458، الوسيط 4/ 423، أمالِيُّ ابن الشجري 2/ 553، زاد المسير 9/ 31، تفسير القرطبي 19/ 218.

(2)

قاله الأخفش أيضًا، والفراء والنحاس والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 528، معانِي القرآن للفراء 3/ 237، إعراب القرآن للنحاس 5/ 151، المسائل الشيرازيات ص 494، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن 2/ 458، وعلى الوجهين فإن "ما" مبتدأ، وجملة "أكْفَرَهُ" الخبر، ولكن على التعجب تكون "ما" نكرةً تامةً بمعنى: شَيْءٌ أكْفَرَهُ، وهذا مذهب البصريين ما عدا الأخفش، وعلى الوجه الثانِي تكون، "ما" استفهامية، والمعنى: أيُّ شَيْءٍ أكْفَرَهُ؟ وهذا مذهب الكوفيين في "ما" التعجبية، ينظر: كتاب سيبويه 1/ 72، 73، المقتضب 4/ 173 وما بعدها، الأصول لابن السراج 1/ 99 وما بعدها، شرح التسهيل لابن مالك 3/ 30: 32، ارتشاف الضرب ص 2065.

(3)

ينظر قوله في الوسيط 4/ 423، 424، زاد المسير 9/ 31.

ص: 293

له: قابِرٌ

(1)

، كما قال الشاعر:

472 -

لَوْ أسْنَدَتْ مَيْتًا إلَى نَحْرِها

عاشَ، وَلَمْ يُنْقَلْ إلَى قابِرِ

(2)

وقال الفَرّاءُ

(3)

: معناه: جَعَلَهُ مَقْبُورًا، ولَمْ يجعله مِمَّنْ يُلْقَى لِلسِّباعِ والطَّيْرِ، فالقبر مما أكْرَمَ اللَّهُ به ابنَ آدم {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}؛ أي: أحْياهُ، والتقدير: ثم إذا شاء أنْ يُنْشِرَهُ أنْشَرَهُ، يقال: أنْشَرَهُ اللَّهُ فنَشَرَ فَهُوَ مُنْشَرٌ وَناشِرٌ

(4)

، كما قال الشاعر:

473 -

حَتَّى يَقُولَ النّاسُ مِمّا رَأوْا

يا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النّاشِرِ

(5)

(1)

قاله أبو عبيدة وابن السكيت وابن قتيبة وثعلب، ينظر: مجاز القرآن 2/ 286، إصلاح المنطق ص 235، أدب الكاتب ص 275، 347، مجالس ثعلب ص 39، وينظر: إعراب القرآن 5/ 152، تهذيب اللغة 9/ 138.

(2)

البيت من السريع، للأعشى.

التخريج: ديوانه ص 189، مجاز القرآن 2/ 286، جامع البيان 30/ 71، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 285، إعراب القرآن 5/ 152، إعراب ثلاثين سورة ص 167، إعراب القراءات السبع 1/ 25، مقاييس اللغة 5/ 47، أمالِيُّ المرتضى 1/ 451، التبيان للطوسي 10/ 274، مجمع البيان 9/ 69، 10/ 265، زاد المسير 9/ 32، عين المعانِي ورقة 142/ أ، تفسير القرطبي 19/ 219، الدر المصون 6/ 480، اللباب في علوم الكتاب 20/ 162، خزانة الأدب 3/ 200، 4/ 86.

(3)

معانِي القرآن 3/ 237.

(4)

قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن 5/ 152.

(5)

البيت من السريع، للأعشى، وهو البيت التالِي للشاهد السابق.

التخريج: ديوانه ص 191، معانِي القرآن للفراء 1/ 173، مجاز القرآن 2/ 70، 153، 202، 286، جامع البيان 3/ 63، 19/ 27، 25/ 68، 30/ 71، جمهرة اللغة ص 734، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 285، إعراب القرآن 5/ 152، الصحاح ص 828، تهذيب اللغة 11/ 338، إعراب ثلاثين سورة ص 167، إعراب القراءات السبع 1/ 25، 97، مقاييس اللغة =

ص: 294

{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)} من النحويين من يجعل {كَلَّا} تَمامًا في جميع القرآن؛ أي: كَلّا ليس الأمر كما يقول الكافرُ: قد قَضَيْتُ ما عَلَيَّ، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها فِي جَمِيعِ القرآن مُبْتَدَأةً، ومنهم مَنْ يُفَصِّلُها

(1)

، ومعنى الآية: كَلّا لَمْ يفعل ما أمَرَهُ به رَبُّهُ، ولَمْ يُؤَدِّ ما افْتُرِضَ عليه.

وَلَمّا ذَكَرَ اللَّهُ خَلْقَ ابن آدم ذَكَرَ رِزْقَهُ لِيَعْتَبِرَ، فقال تعالى:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)} يعني: كَيْفَ قَدَّرَهُ رَبَّهُ له، وجعله سَبَبًا لحياته، وقيل: معنى قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)} : إذا قَضَى حاجته نَظَرَ إلَى حَدَثِهِ وما بَخِلَ به، ويَنْظُرُ إلَى مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ.

وَيَدُلُّ على صحة هذا التأويل ما رُوِيَ عن الضَّحّاكِ بن سفيان

(2)

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا ضَحّاكُ: ما طَعامُكَ؟ "، قال: يا رسول اللَّه: اللَّحْمُ واللَّبَنُ، قال:"ثُمَّ يَصِيرُ إلَى ماذا؟ "، قال: إلَى ما قد عَلِمْتَ يا رسول اللَّه، قال:"فَإنَّ اللَّه عز وجل ضَرَبَ ما يَخْرُجُ من ابن آدم مَثَلًا للدنيا"

(3)

.

= 5/ 430، أمالِيُّ المرتضى 1/ 451، المخصص 9/ 92، التبيان للطوسي 4/ 429، 7/ 496، 10/ 274، عين المعانِي ورقة 83/ ب، 89/ ب، مجمع البيان 4/ 274، 9/ 69، 10/ 74، 265، تفسير القرطبي 3/ 295، 13/ 3، 19/ 219، اللسان: نشر، التاج: نشر.

(1)

ينظر في هذه المسألة: مجالس ثعلب ص 268، إيضاح الوقف والابتداء ص 421، إعراب القرآن 5/ 152، 176، تهذيب اللغة 10/ 363: 365، الصاحبي ص 250، 251، الوقف على كلا وبلى ونَعَمْ ص 49، 50، شرح المفصل 9/ 16، همع الهوامع 2/ 500 - 501.

(2)

الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب، أبو سعيد الكلابِيُّ، صحابِيٌّ شجاع، كان نازلًا بنَجْدٍ، وَلَّاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على من أسلم هناك من قومه، ثم اتخذه سَيّافًا، وكانوا يَعُدُّونَهُ بمائة فَارس، قيل: استشهد في قتال أهل الرِّدّةِ من بَنِي سليم سنة (11 هـ). [أسد الغابة 3/ 36، الإصابة 3/ 386، 387، الأعلام 3/ 214].

(3)

رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 452، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير 8/ 299، وينظر: =

ص: 295

وعن أبِي الوليد

(1)

قال: سألتُ ابنَ عُمَرَ عن الرَّجُلِ يَدْخُلُ الخَلَاءَ فَيَنْظُرُ إلَى ما يَخْرُجُ منه، فقال:"إنه يأتيه المَلَكُ فيقول له: انْظُرْ إلَى ما بَخِلْتَ به، إلَامَ صارَ؟ "

(2)

، وقال أبو قِلَابةَ

(3)

: "مَكْتُوبٌ في التَّوْراةِ: يا ابن آدم: انْظُرْ إلَى ما بَخِلْتَ به إلَامَ صارَ؟ "

(4)

.

قوله: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25)} يعني الغَيْثَ، قرأ أهل الكوفة ويعقوبُ والأعمشُ:{أَنَّا} بفتح الألف على تكرير الخافض تقديره: فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلَى طَعامِهِ إلَى أنّا

(5)

، وقيل: هو بدل من طعام، وقرأ غيرهم بالكسر

(6)

على

= الكشف والبيان 10/ 133، عين المعانِي 142/ ب، مجمع الزوائد 10/ 288 كتاب الزهد: باب مَثَلِ الدنيا.

(1)

هو خالد بن إسماعيل بن أيوب المخزومي المَدَنِيُّ، رَوَى عن هشام بن عروة وابن جُرَيْجٍ وجماعةٍ، كان يضع الحديث على الثقات، قيل فيه: متروك الحديث، يروى عن ابن عمر العجائب، لا يجوز الاحتجاجُ به، ولا الروايةُ عنه. [كتاب المجروحين 1/ 281 - 283، الكامل في الضعفاء 3/ 41 - 44، ميزان الاعتدال 1/ 627].

(2)

ينظر: شفاء الصدور ورقة 209/ ب، الكشف والبيان 10/ 133، عين المعانِي ورقة 142/ ب، تفسير القرطبي 19/ 220، شرح نهج البلاغة لابن أبِي الحديد 19/ 14.

(3)

هو عبد اللَّه بن زيد بن عَمْرٍو الجَرْمِيٌّ، تابعيٌّ ناسكٌ من أهل البصرة، عالِمٌ بالقضاء والأحكام، طُلِبَ للقضاء، فهرب إلى الشام، وتوفِّي بها سنة (104 هـ)، وكان من رجال الحديث الثقات، لقي من الصحابة النعمانَ بنَ بشير وأنَسَ بن مالك ومالك بن الحُوَيْرِثِ. [تاريخ دمشق 28/ 288، الأعلام 4/ 188].

(4)

ينظر: عين المعانِي ورقة 142/ ب، الدر المنثور 6/ 316.

(5)

قاله الفراء وابن الأنباري والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 238، إيضاح الوقف والابتداء ص 966 - 967، إعراب القرآن 5/ 153، وينظر أيضًا: إعراب القراءات السبع 2/ 440، مشكل إعراب القرآن 2/ 458.

(6)

قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش والأعرج وابن وَثّابٍ ويعقوبُ: {أَنَّا} =

ص: 296

الاستئناف، قال الزَّجّاجُ

(1)

: الكسر على الابتداء والاستئناف، والفتح على معنى البدل من الطعام.

المعنى: فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلَى أنّا صَبَبْنا الماءَ صَبًّا، وأراد بِصَبِّ الماءِ المَطَرَ {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)} يعني: صَدَعْنا الأرْضَ بالنبات صَدْعًا، {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28)} يعني الرَّطْبةَ، وأهل مكة يُسَمُّونَ القَتَّ القَضْبَ؛ لأنه يُقْضَبُ؛ أي: يُقْطَعُ مَرّةً بعد مَرّةٍ، وكذلك القَصِيلُ؛ لأنه يُقْصَلُ أي: يُقْطَعُ

(2)

{وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30)} تَغْلِبُ بالشجر العِظامِ الغِلَاظِ الرِّقاب، واحدها أغْلَبُ، والغُلْبُ أيضًا: غِلَاظُ الأعْناقِ

(3)

، ومنه قيل لِغَلِيظِ الرَّقَبةِ: أَغْلَبُ، يقال: رَجُلٌ أغْلَبُ والمَرْأةُ غَلْباءُ: إذا غَلُظَتْ أعْناقُهُما، و {غُلْبًا} نعت "حَدائِقَ"، والجمع غُلْبٌ مثل أحْمَرَ وَحَمْراءَ وَحُمْرٍ

(4)

، وقيل

(5)

: {غُلْبًا} : مُلْتَفّةُ الشَّجَرِ بعضه فِي بعض، وقيل

(6)

: النَّخْلُ. وكل بستان كان عليه حائط

= بفتح الهمزة، وقرأ رُوَيْسٌ بِفَتْحِها في الوصل وَكَسْرِها فِي الابتداء، وقرأ الباقون بالكسر، ينظر: السبعة ص 672، تفسير القرطبي 19/ 221، البحر المحيط 8/ 421، الإتحاف 2/ 589.

(1)

معانِي القرآن وإعرابه 5/ 286.

(2)

قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 238، غريب القرآن لابن قتيبة ص 514، وينظر أيضًا: شفاء الصدور ورقة 210/ أ، تهذيب اللغة 8/ 347، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 173، الكشف والبيان 10/ 133، والقَصِيلُ: ما اقْتُصِلَ من الزرع أخْضَرَ. اللسان: قصل.

(3)

يعني: غلاظ الأعناق من النخل، قاله ابن قتيبة فِي غريب القرآن ص 515.

(4)

قاله أبو بكر السجستانِيُّ في غريب القرآن ص 173.

(5)

قاله مجاهد ومقاتل والنقاش، شفاء الصدور ورقة 210/ أ، الوسيط 4/ 424.

(6)

قاله قتادة وابن زيد، ينظر: جامع البيان 30/ 74.

ص: 297

فهو حديقة، وإن لَمْ يكن عليه حائط فليس بحديقة

(1)

.

{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} يعني ألوان الفواكه، والأبُّ: المَرْعَى والكلأ الذي لَمْ يَزْرَعْهُ الناسُ مما تأكله الأنعامُ

(2)

، قال قتادة

(3)

: أما الفاكهة فَلَكُمْ، وأما الأبُّ فلأنعامكم، وذلك قوله تعالى:{مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)} ؛ أي: خَلَقْنا الفاكهةَ لكم والأبَّ لأنعامكم، ويقال

(4)

: الأبُّ للبهائم كالفاكهة للناس. والأبُّ أيضًا: الاستعداد، قال الشاعر:

474 -

فَتًى قَدْ طَوَى كَشْحًا وَأبَّ لِيَذْهَبا

(5)

(1)

قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 238، والنَّقّاشُ في شفاء الصدور ورقة 210/ أ، وحكاه الأزهري وابن الجوزي عن الفراء، ينظر: تهذيب اللغة 4/ 34، زاد المسير 9/ 33.

(2)

قاله ابن عباس، ينظر: جامع البيان 30/ 75، 76، ورواه عنه الحاكم في المستدرك 3/ 539 كتاب معرفة الصحابة: باب ذكر عبد اللَّه بن عباس، رضي الله عنه، ورواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 313 كتاب الصيام: باب العمل في العشر الأواخر من رمضان.

(3)

ينظر قوله في جامع البيان 30/ 76، الكشف والبيان 10/ 133.

(4)

ذكره أبو بكر السجستانِيُّ بغير عزو في غريب القرآن ص 173، وينظر: عين المعانِي ورقة 142/ ب، اللباب في علوم الكتاب 20/ 168.

(5)

هذا عَجُزُ بيت من الطويل، وصدره:

صَرَمْتُ، وَلَمْ أصْرِمْكُمُ وَكَصارِمٍ

وهو للأعشى من قصيدة يهجو بها عَمْرَو بنَ المُنْذِرِ بن عَبْدان، ورواية ديوانه:"أخٌ قَدْ طَوَى كَشْحًا".

التخريج: ديوانه ص 165، غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 118، المعانِي الكبير ص 854، 1132، جمهرة اللغة ص 53، 538، الصحاح 1/ 86، المسائل الشيرازيات ص 103، 105، المسائل العضديات ص 260، سر صناعة الإعراب ص 107، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1106، شمس العلوم 1/ 136، 9/ 5839، شرح شافية ابن الحاجب للرضي 3/ 207، اللسان: أبب، كشح، شرح شواهد شرح الشافية ص 432، 436، تاج العروس: أبب، كشح.

ص: 298

ونصب {مَتَاعًا} على المصدر.

قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)} يعني صَيْحةَ القيامة التي يَصُخُّ لَها كُلُّ شَيْءٍ؛ أي: يسمع، سُمِّيَتْ صاخّةً لأنها تَصُخُّ كُلَّ شَيْءٍ؛ أي: تَذْهَبُ به

(1)

، وقيل

(2)

: سُمِّيَتْ صاخّةً لأنها تَصُخُّ؛ أي: تَصمُّ، يقال: رَجُلٌ أصَخُّ وَأصْلَخُ: إذا كان لا يسمع.

ثم أعْلَمَ عبادَهُ متى ذلك، فقال تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)} هابِيلُ من أخيه قابِيلَ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من أُمِّهِ، وَإبْراهِيمُ من أبيهِ، وَلُوطٌ من امْرَأتِهِ، وَنُوحٌ من ابْنِهِ كَنْعانَ، مِنْ شِدّةِ أهوال يوم القيامة {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} يقول: شَغَلَهُ عن حَمِيمِهِ وَقَرِيبِهِ وَذِي رَحِمِهِ، وأصل الإغْناءِ الكِفايةُ، قال ثَعْلَبٌ

(3)

: معناه: يَكْفِيهِ وَيَشْغَلُهُ ما هو فيه.

قال الفَرّاءُ

(4)

: وقرأ ابن مُحَيْصِنٍ والحَسَنُ: "يَعْنِيهِ"

(5)

بالعين المهملة، وهو شاذٌّ، وقرأ العامة:{يُغْنِيهِ} بالغين المعجمة.

(1)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 210/ ب، 211/ أ، وقال الزمخشري:"يقال: صَخَّ لحدِيثِهِ مثل: أصاخَ له، فَوُصِفَت النفخةُ بالصّاخّةِ مجازًا؛ لأن الناس يَصُخُّونَ لَها". الكشاف 4/ 220.

(2)

قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 515، وينظر: تهذيب اللغة 6/ 552، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 173.

(3)

ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة 210/ ب، تهذيب اللغة 8/ 202.

(4)

قال الفَرّاءُ: "وقد قرأ بعض القُرّاءِ: "يَعْنِيهِ"، وهي شاذةٌ". معانِي القرآن 3/ 238.

(5)

وهذه قراءة الزُّهْرِيِّ وابنِ أبِي عَبْلةَ وحُمَيْدٍ وابنِ السَّمَيْفَعِ أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 169، المحتسب 2/ 353، تفسير القرطبي 19/ 225، البحر المحيط 8/ 421.

ص: 299