الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَقْدِسِ، يقول: إنما بُنِيَتْ لِيُعْبَدَ اللَّهُ تعالى فيها، وقال الحسن
(1)
: معنى قوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} يعني: الصلاة للَّه {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} يعني: لا تقولوا كما تقول اليهود والنصارى، بل قولوا: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له.
فصل
عن عَلِيِّ بن أبِي طالب رضي الله عنه أنه قال: "يَأْتِي على الناس زَمانٌ لا يبقى من الإسلام إلا اسْمُهُ، ولا من القرآن إلّا رَسْمُهُ، يَعْمُرُونَ مَساجِدَهُمْ، وهي خَرابٌ من ذِكْرِ اللَّهِ، شرُّ أهْلِ ذلك الزَّمانِ عُلَماؤُهُمْ، مِنْهُمْ تَخْرُجُ الفتنةُ، وَإلَيْهِمْ تَعُودُ"
(2)
.
وعن الحسن البصري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيَأْتِيَنَّ على الناس زمانٌ يكون حَدِيثُهُمْ فِي مَساجِدِهِمْ فِي أُمُورِ دُنْياهُمْ، ليس للَّه فيهم حاجةٌ، فلا تُجالِسُوهُمْ"
(3)
، وعن وَهْبِ بن مُنَبِّهٍ قال:"يُؤْتَى بِالمَساجِدِ يَوْمَ القيامة كَأمْثالِ السُّفُنِ مُكَلَّلةً بِالدُّرِّ والياقُوتِ، فَتَشْفَعُ لأهْلِها".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَحْشُرُ
= مِنًى، سُمِّيَ بذلك لأنه في سَفْحِ جَبَلِها، والخَيْفُ: ما ارتفع عن مَجْرَى السَّيْلِ ومَسِيلِ الماءِ. اللسان: خيف.
(1)
ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 55، تفسير القرطبي 19/ 21.
(2)
رواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء 4/ 228، وينظر: تفسير القرطبي 12/ 280، كنز العمال 11/ 280.
(3)
هذا حديث مرسل، رواه ابن أبِي شيبة في المصنف 8/ 268، وذكره الهيثمي عن ابن مسعود في موارد الظمآن ص 99، وينظر: كنز العمال 10/ 205، 11/ 192، كشف الخفاء 2/ 395.
اللَّهُ تعالى مَساجِدَ الدُّنْيا كَأنَّها نُجُبٌ بيضٌ
(1)
، قَوائِمُها مِنَ العَنْبَرِ، وَأعْناقُها مِنَ الزَّعْفَرانِ، وَرُؤوسُها مِنَ المِسْكِ الأذْفَرِ، وَأزِمَّتُها مِنَ الزَّبَرْجَدِ الأخْضَرِ، والمُؤَذِّنُونَ يَقُودُونَها، والأئِمّةُ يَسُوقُونَها، فَيَعْبُرُونَ مِنْ عَرَصاتِ القِيامةِ
(2)
كالبَرْقِ الخاطِفِ، فَيَقُولُ أهْلُ القِيامةِ: هَؤُلَاءِ المَلَائِكةُ المُقَرَّبُونَ والأنْبِياءُ المُرْسَلُونَ، هَؤُلَاءِ أُمّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يَحْفَظُونَ صَلاةَ الجَماعةِ"
(3)
.
قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} يعني محمَّدًا صلى الله عليه وسلم {يَدْعُوهُ} يقول: لا إله إلا اللَّه {كَادُوا} يعني الجِنَّ {يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)} يعني: يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَزْدَحِمُونَ وَيَسْقُطُونَ حِرْصًا منهم على استماع القرآن، وأصل اللِّبَدِ: الجَماعاتُ بَعْضُها فوق بَعْضٍ، ومنه قيل لِلْجَرادِ الكثير: لِبَدٌ
(4)
، وتَلَبَّدَ الشَّعَرُ: إذا تَراكَبَ، وسُمِّيَ اللِّبَدُ لِبَدًا لِتَراكُمِهِ، ويقال لِلشَّعَرِ الذي على الأسد: لِبْدةٌ، وجمعها لِبَدٌ
(5)
، قال زهير:
410 -
لَدَى أسَدٍ شاكِي السِّلَاحِ مُقَذَّفٍ
(6)
…
لَهُ لِبَدٌ أظْفارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
(7)
(1)
النُّجُبُ: جمع نَجِيبٍ ونَجِيبةٍ، وهو وَصْفٌ للإبل بِالكَرَمِ والعِتْقِ، يقال: ناقةٌ نَجِيبٌ ونَجِيبةٌ؛ أي: قوية خفيفة سريعة. اللسان: نجب.
(2)
العَرَصاتُ: جَمْعُ عَرْصةٍ، وهي في الأصل كُلُّ مَوْضِعٍ واسِعٍ لا بناءَ فيه. اللسان: عرص.
(3)
ينظر: تفسير القرطبي 12/ 268، 280، وبعد قوله:"والأنبياء المرسلون" جاء في القرطبي: "فَيُنادَى: ما هَؤُلَاءِ بِمَلَائِكةٍ وَلا أنْبِياءَ، وَلَكِنَّهُمْ أهْلُ المَساجِدِ والمُحافِظُونَ عَلَى الصَّلَواتِ".
(4)
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 272.
(5)
قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 237، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة 14/ 130، وينظر: الصحاح 2/ 533.
(6)
في الأصل: "ضيازم" مكان "مقذف"، ولا أعرف لها معنى، ولَمْ تَرِدْ في أيّةِ رواية للبيت.
(7)
البيت من الطويل لزهير بن أبِي سلمى. =
وفيه أربع لغات: لِبَدٌ بكسر اللام وفتح الباء، وهي قراءة العامة، واختيار الشيخين أبِي عُبَيْدٍ وأبِي حاتِمٍ، واحدتها لِبْدةٌ بكسر اللام، ولُبَدٌ بضم اللام وفتح الباء، وهي قراءة أبِي حَيْوةَ وهشامٍ، واحدتها لُبْدةٌ
(1)
، ولُبُدٌ بضم اللام والباء، وهي قراءة مجاهد وإبن محيصن، وإحدتها لُبْدٌ بضم اللام
(2)
، و"لُبَّدٌ" بتشديد الباء وفتحها، وهي قراء الحَسَنِ والجَحْدَرِيِّ وأبِي جعفر
(3)
، واحدتها لابِدٌ مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ وساجِدٍ وسُجَّدٍ
(4)
.
= اللغة: شاكِي السِّلَاحِ: ذُو الشُّوْكةِ والحَدِّ في سِلَاحِهِ، وَأصْلُهُ: شِائِكٌ مِنَ الشَّوْكِ، ثُمَّ نُقِلَتِ الكافُ، المُقَذَّفُ: المُلَعَّنُ، وَقِيلَ: هُوَ الُّذِي رُمِيَ بِاللُّحْمِ رَمْيًا فَصارَ أغْلَبَ.
التخريج: شرح ديوان زهير ص 22، الشعر والشعراء ص 206، جمهرة اللغة ص 974، إعراب القرآن 5/ 52، تهذيب اللغة 9/ 76، الصحاح ص 2206، جمهرة أشعار العرب ص 169، الكشف والبيان 10/ 55، عين المعانِي ورقة 138/ أ، تفسير القرطبي 19/ 24، اللسان: قذف، مكن، البرهان للزركشي 3/ 434، خزانة الأدب 3/ 16، 7/ 13، تاج العروس: قذف.
(1)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 194، وينظر: تهذيب اللغة 14/ 129، عين المعانِي ورقة 138/ أ، قال أبو حيان:"جَمْعُ لُبْدةٍ كزُبْرةٍ وزُبَرٍ". البحر المحيط 8/ 346.
(2)
قاله السجاوندي في عين المعانِي ورقة 138/ أ، ولكن ابن جني يرى أن "لُبُدًا" مفرد، فقد قال:"هذا من الأوصاف التي جاءت على "فُعُلٍ" كرَجُلٍ طُلُقٍ، وناقةٍ سُرُحٍ". المحتسب 2/ 334، وذكر القرطبي أن لُبُدًا جمع لَبِيدٍ، فقال:"وقُرِئَ: "لُبُدًا" بضم اللام والباء، وهو جمع لَبيدٍ، وهو الجُوالِقُ الصغير". تفسير القرطبي 19/ 24.
(3)
وفيها قَراءة خامسة، قرأ ابن محيصن:"لُبْدًا"، ينظر في هذه القراءات: السبعة ص 656، مختصر ابن خالويه ص 163، المحتسب 2/ 334، إعراب القراءات السبع 2/ 402، 403، تفسير القرطبي 19/ 24، البحر المحيط 8/ 346.
(4)
قال الفراء: "ومن قرأ: "لُبَّدًا" فإنه أراد أن يجعلها من صفة الرجال، كقولك: رُكَّعًا ورُكُوعًا، وسُجُّدًا وسُجُودًا". معانِي القرآن 3/ 194، وكذلك قال الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 237، وينظر: تهذيب اللغة 14/ 129، 130.
قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} إنْ عَصَيْتُهُ لَمْ يمنعني منه أحَدٌ {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} يعني: مَلْجَأً وجِوارًا وحِرْزًا أميل إليه، والمُلْتَحَدُ معناه في اللغة: مَمالٌ، والمعنى: موضعا أمِيلُ إليه في الالتجاء
(1)
، {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} فإن فيه الجِوارَ والنَّجاءَ والأمانَ، ونصب {بَلَاغًا} على الاستثناء المنقطع
(2)
.
قال مقاتل: قال كفار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم إنك أتَيْتَ بِأمْرٍ عَظِيمٍ لَمْ نسمع بمثله، وقد عادَيْتَ النّاسَ كُلَّهُمْ، فارجع عن هذا الأمر، فنحن نُجِيرُكَ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيات
(3)
.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يريد: في التوحيد {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} جواب الشرط {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ} يعني: من العذاب يوم القيامة {فَسَيَعْلَمُونَ} عند نزول العذاب {مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا} هُمْ أم المؤمنون؟ {وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)} يعني: جُنْدًا، ونصب {خَالِدِينَ} على الحال، و {أَبَدًا} على الظرف، و {نَاصِرًا} و {عَدَدًا} على التفسير.
فلما سمعوا هذا، يعني: كفار قريش، قال النضر بن الحارث: ما هذا
(1)
قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 53، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 95، والمَمالُ: مصدر مالَ يَمِيلُ مَيْلًا ومَمالًا ومَمِيلًا. اللسان: ميل.
(2)
قاله الفراء في معاني القرآن 3/ 195، وذهب الزجاج إلى أنه استثناء متصل، فقال:"ونصب "بَلَاغًا" على البدل من قوله: "مُلْتَحَدًا"، المعنى: وَلَنْ أجِدَ مِنْ دُونِهِ مَنْجًى إلّا بَلَاغًا". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 237، وينظر أيضًا: الكشاف 4/ 171، البيان للأنباري 2/ 467، الفريد للهمداني 4/ 546، 547، الدر المصون 6/ 397.
(3)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 56، مجمع البيان 15/ 152، عين المعاني ورقة 138/ ب، تفسير القرطبي 19/ 25.
الذي تُوعِدُنا به يا محمد؟ فأنزل اللَّه تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي} ؛ أي: ما أدري {أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ} ابتداء وخبر، يعني: من العذاب، وقيل: القيامة {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25)} أجَلًا وغايةً وبُعْدًا، قال عطاء: يريد أنه لا يعرف متى يوم القيامة إلّا اللَّهُ وَحْدَهُ.
والمعنى: أنَّ عِلْمَ وَقْتِ العَذابِ غَيْبٌ، ولا يعلمه إلا اللَّه، وذلك قوله:{عَالِمُ الْغَيْبِ} يعني: غيب كل شيء، لا يعلم ذلك غيره {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)}؛ أي: فلا يُطْلِعُ على الغيب الذي يعلمه أحَدًا من الناس.
ثم استثنى، فقال:{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} يعني جبريل عليه السلام، وقيل
(1)
: يعني الرسل؛ لأنه يُسْتَدَلُّ على نُبُوَّتهِمْ بالآية المُعْجِزةِ بِأنْ يُخْبِرُوا بالغيب، والمعنى: إلّا من ارتضاه للنبوة والرسالة، فإنه يَصْطَفِيهِ ويُطْلِعُهُ على ما يشاء أنْ يُطْلِعَهُ عليه من غَيْبِهِ.
وفي هذه الآية دليل على أن من إدَّعَى أن النجوم تَدُلُّهُ على ما يكون من حادث، فقد كفر بما في القرآن
(2)
.
و {عَالِمُ الْغَيْبِ} رفع على نعت الرب تعالى، وقيل: معناه: هو عالِمُ الغَيْبِ، و {مَنِ} في موضع نصب على الاستثناء
(3)
.
(1)
قاله الزجاج والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 237، شفاء الصدور ورقة 174/ ب، وينظر أيضًا: الوسيط 4/ 369.
(2)
قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 237، وينظر أيضًا: الوسيط 4/ 369، زاد المسير 8/ 385.
(3)
يعني أن "مَنْ" مستثنًى من قوله: "أحَدًا"؛ لأنه بمعنى الجماعة، قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 54، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 417.
ثم ذكر أنه يحفظ ذلك الذي يُطْلِعُ عليه الرسولَ، فقال:{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)} ؛ أي: يجعل بين يديه وخَلْفَهُ رَصَدًا من الملائكة؛ أي: حَفَظةً يحفظون الوحي من الشياطين واستماع الجن، لِئَلّا يَسْتَرِقُوهُ فَيُلْقُوهُ إلى كَهَنَتِهِمْ.
وقال مقاتل وغيره
(1)
: كان اللَّه تعالى إذا بعث رسولًا أتاه إبليسُ في صورة جبريل يخبره، فبعث اللَّه تعالى مِنْ بين يديه ومن خلفه رَصَدًا من الملائكة، يحيطون بالرسول ويحرسونه ويطردون عنه الشياطين، فلما جاء الشيطان في صورة مَلَكٍ قالوا: هذا شَيْطانٌ فاحْذَرْهُ، وإذا جاءه مَلَكٌ قالوا: هذا رَسُولُ رَبِّكَ.
ونصب {رَصَدًا} على المصدر؛ أي: يَرْصُدُونَهُ رَصَدًا
(2)
؛ {لِيَعْلَمَ} قرأ ابن عباس ويعقوب بضم الياء
(3)
؛ أي: ليعلم الناس أن الرسل {قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} وقرأ الآخرون بفتح الياء؛ أي: لِيَعْلَمَ الرَّسُولُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم أن الرُّسُلَ قبله قد أبْلَغُوا رسالات ربهم كما بَلَّغَ هُوَ
(4)
، إذْ كانوا محروسين من الشياطين.
(1)
وهو قول ابن زيد والضحاك وقتادة أيضًا، ينظر: جامع البيان 29/ 151، الكشف والبيان 10/ 56، عين المعانِي ورقة 138/ ب، تفسير القرطبي 19/ 29.
(2)
وقال العكبري: "ورَصَدًا مفعول "يَسْلُكُ" أي: ملائكةً رَصَدًا". التبيان ص 1245، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 548.
(3)
قرأ ابن عباس ويعقوب وزيد بن عَلِىٍّ ورُوَيْسٌ وحُمَيْدٌ ومجاهدٌ: "لِيُعْلَمَ" بضم الياء، ينظر: تفسير القرطبي 19/ 35، البحر المحيط 8/ 349، الإتحاف 2/ 567.
(4)
قاله قتادة ومقاتل والفراء وابن قتيبة والطبري والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 196، غريب القرآن لابن قتيبة ص 492، جامع البيان 29/ 152، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 238، زاد المسير 8/ 386، تفسير القرطبي 19/ 30.
وقيل
(1)
: الضمير فِي قوله: {لِيَعْلَمَ} يعود على اللَّه عز وجل، {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} يعني: عَلِمَ اللَّهُ ما عند الرسل فَلَمْ يَخْفَ عليه شَيْءٌ {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)} قال ابن عباس
(2)
: أحْصَى ما خَلَقَ، وعَرَفَ عَدَدَهُمْ، لَمْ يَفُتْهُ عِلْمُ شَيْءٍ حتى مَثاقِيلَ الذَّرِّ والخَرْدَلِ.
ونصب {عَدَدًا} على الحال
(3)
، وقيل
(4)
: على البيان، وقيل
(5)
: على المصدر أي: عَدَّهُ عَدَدًا، وباللَّه التوفيق.
* * *
(1)
هذا قَوْلٌ آخَرُ لِلزَّجّاجِ، فقد قال:"ويجوز أن يكون، واللَّه أعلم: لِيَعْلَمَ اللَّهُ أنْ قَدْ أبْلَغُوا رِسالَاتِهِ، وما بعده يَدُلُّ على هذا، وهو قوله: {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}، فهذا المضمر في "وَأحْصَى" للَّه عز وجل، لا لِغَيْرِهِ". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 238. وبهذا القول قال مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 417، وينظر: الكشاف 4/ 173، زاد المسير 8/ 386، تفسير القرطبي 19/ 30 - 31.
(2)
ينظر قوله في الوسيط للواحدي 4/ 370.
(3)
قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 238، وينظر: تفسير القرطبي 19/ 31.
(4)
قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 417، وينظر: الفريد للهمداني 4/ 549، الدر المصون 6/ 400.
(5)
وعلى هذا فهو مصدر من معنى الفعل "أحْصَى"، وهو قول الزَّجّاج، فقد قال:"ويجوز أن يكون "عَدَدًا" فِي موضع المصدر المحمول على معنى "وَأحْصَى"؛ لأن معنى أحْصَى وعَدَّ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 238.
واعترض عليه مَكِّيٌّ، فقال:"ولو كان مصدرًا لقلتَ: عَدًّا، مُدْغَمٌ". مشكل إعراب القرآن 2/ 417، وذكر محقق المشكل أن في إحدى النسخ:"لقلتَ عَدًّا مُدْغَمًا"، وينظر أيضًا: البيان للأنباري 2/ 468، التبيان للعكبري ص 1245.