الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: بَيَّنّا له طريق الخير والشر والحق والباطل والهدى الضلالة، كقوله تعالى:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}
(1)
.
فصل
عن أبِي حازم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ تعالَى يقول: يا ابن آدم! إنْ نازَعَكَ لِسانُكَ فِيما حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَتَيْنِ فَأطْبِقْ، وَإنْ نازَعَكَ بَصَرُكَ إلَى بَعْضِ ما حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَتَيْنِ فَأطْبِقْ، وَإنْ نازَعَكَ فَرْجُكَ إلَى ما حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَتَيْنِ فَأطْبِقْ"
(2)
.
قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)} ؛ أي: لَم يَقْتَحِمْها ولا جاوَزَها، قيل: هِيَ عَقَبةٌ بَيْنَ الجَنّةِ والنّارِ، والاقْتِحامُ: الدُّخُولُ في الأمْرِ الشدِيدِ، و"لا" مع
= وَيُرْوَى:
غَداةَ غَدَوْا فَسالِكٌ بَطْنَ نَخْلةٍ
…
وَآخَرُ مِنْهُمْ جازِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ
اللغة: بَطْنُ نَخْلةَ: بُسْتانُ ابنِ عامِرٍ، أو عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ مَعْمَرٍ، وهي نَخْلةُ اليَمانِيّةُ، جازِعٌ: يقال: جَزَعَ الوادِيَ؛ أي: قَطَعَهُ عُرْضًا، كَبْكَبٌ: هو الجَبَلُ الأحْمَرُ الذي تَجْعَلُهُ خَلْفَ ظَهْرِكَ إذا وَقَفْتَ بِعَرَفةَ.
التخريج: ديوانه ص 43، إصلاح المنطق ص 47، الصحاح ص 208، 542، 1196، الكشف والبيان 10/ 209، تهذيب إصلاح المنطق ص 133، معجم البلدان 2/ 253، 4/ 434، 5/ 265، أساس البلاغة: جزع، مجمع البيان 10/ 360، عين المعاني ورقة 145/ أ، تفسير القرطبي 20/ 65، رصف المباني ص 199، معجم ما استعجم ص 1305، اللسان: جزع، كبب، نجد، التاج: نجد، جزع، نخل، فتح القدير 5/ 444.
(1)
الإنسان 3.
(2)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 209، الوسيط 4/ 495، مجمع البيان 10/ 363، تفسير القرطبي 20/ 65.
الماضي بمعنى "لَمْ" مع المستقبل
(1)
، كقوله صلى الله عليه وسلم:
إنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمّا
وَأيُّ عَبْدٍ لَكَ لا ألَمّا
(2)
أي: أيُّ عَبْدٍ لَكَ لَمْ يُلِمَّ بِذَنْبٍ؟ أخَذَهُ من اللَّمَمِ، وهو من الصغائر.
وَذِكْرُ العَقَبةِ هاهنا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تعالَى لِمُجاهَدةِ النَّفْسِ والهَوَى والشَّيْطانِ في أعمال البرِّ، فجعله كالذي يَتَكَلَّفُ صُعُودَ العَقَبةِ
(3)
، يقول: لَمْ يَحْمِلْ عَلَى نَفْسِهِ المَشَقَّةَ بِعِتْقِ الرَّقَبةِ والإطْعامِ، وهو قوله:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)} ؛ أي: ما اقتحام العقبة؟، قال سفيانُ بنُ عُيَيْنةَ
(4)
: "كُلُّ شَيْءٍ قالَ اللَّهُ تعالَى:
(1)
قال الأخفش: "وقال: "فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبةَ" يقول: فَلَمْ يَقْتَحِمْ، كما قال: "فَلَا صَدَّقَ"، أي: فَلَمْ يُصَدِّقْ". معاني القرآن ص 538.
وإذا كانت بمعنى "لَمْ" لَمْ يَلْزَمْ تكريرُها كما قال العلماء، قال الفَرّاءُ:"وقوله تعالى: "فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبةَ"، وَلَمْ يُضَمَّ إلَى قوله: "فَلَا اقْتَحَمَ" كَلَامٌ آخَرُ فيه "لا"؛ لأن العرب لا تكاد تُفْرِدُ "لا" في الكلام حتى يُعِيدُوها عليه في كلامٍ آخَرَ، كما قال تعالى: "فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلى"، و"لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، وهو كان في آخِرِهِ معناه، فاكتفى بواحدة من أخرى، ألا ترى أنه فَسَّرَ اقتحامَ العَقَبةِ بشيئين فقال: "فَكَّ رَقَبةً. أوْ أطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبةٍ. . . ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا"، فَفَسَّرَها بثلاثة أشياءَ، فكأنه كان في أوَّلِ الكلام: فَلَا فَعَلَ ذا وَلَا ذا وَلَا ذا". معانِي القرآن 3/ 264، 265، وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 329، الأصول لابن السراج 1/ 400، 401، 2/ 60، حروف المعانِي للزجاجي ص 8، الحجة للفارسي 4/ 125، تهذيب اللغة 15/ 420، الصاحبي ص 257.
(2)
تقدم برقم 297، 3/ 214.
(3)
قاله قتادة والواحدي، ينظر: الوسيط للواحدي 4/ 491 وينظر قول قتادة في الكشف والبيان 10/ 210، المحرر الوجيز 5/ 485، زاد المسير 9/ 134، عين المعانِي ورقة 145/ ب.
(4)
ينظر قوله في جامع البيان 29/ 59، إعراب القرآن 5/ 232، الكشف والبيان 10/ 210، مجمع البيان 10/ 365، تفسير القرطبي 20/ 66.