الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عبد الملك بن هشام
(1)
: الحالُ: الطِّينُ الذي يُخالِطُهُ الرَّمْلُ.
ونصب {يَتِيمًا} بـ {إِطْعَامٌ} الذي هو مصدر منون مقدر بـ "أنْ" والفعلِ، أي: أوْ أنْ أطْعَمَ يَتيمًا، {مِسْكِينًا} عطف عليه.
فصل
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لَمّا نزلت هذه الآية: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} بَكَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَلَيْلةً، وَلَمْ تَرْقَأْ له دَمْعةٌ
(2)
، فَقامَ أبو ذَرٍّ فقال: يا رسول اللَّه! أعُوذُ باللَّه من غضب اللَّه وغضب رسوله، هَلَكْنا، وما هذه العَقَبةُ؟ قال: "عَقَبةٌ كَأْداءُ سَوْداءُ فِي نارِ جَهَنَّمَ، مِنْ أسْفَلِها إلَى أعْلاهَا مَسِيرةُ ألْفِ عامٍ، كُلَّما بَلَغُوا أعْلَاها زَلِقُوا
(3)
، وهي جَمْرةٌ واحِدةٌ عليها الأفاعِي والعَقارِبُ، تَضْرِبُ الحَيّةُ بِفَقارِها، فَيَتَناثَرُ لَحْمُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ"، قال: فَبَكَى المسلمون، وقالوا: يا رسول اللَّه: ما لَنا مُدْخَلٌ؟ فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تعالَى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} هو يا محمد، لا يَنْجُو منها إلّا مَنْ أعْتَقَ رَقَبةً أوْ أطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبةٍ يَتيمًا ذا مَقْرَبةٍ أوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبةٍ
(4)
.
= التخريج: السيرة النبوية لابن هشام 2/ 381، رسالة الصاهل والشاحج ص 648، الكشف والبيان 15/ 211، عين المعانِي 145/ ب، تفسير القرطبي 20/ 70، اللسان: حول، فتح القدير 5/ 445.
(1)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 381.
(2)
لَمْ تَرْقَأْ لَهُ دَمْعةٌ: لَمْ تَجِفَّ وَلَمْ تَنْقَطِعْ، يُقال: رَقَأ الدَّمْعُ يَرْقَأُ رَقْأً وَرُقُوءًا: إذا جَفَّ وانْقَطَعَ. اللسان: رقأ.
(3)
زَلِقَتْ قَدَمُهُ: زَلَّتْ وَلَمْ تَثْبُتْ. اللسان: زلق.
(4)
رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة 241/ ب.
{ثُمَّ كَانَ} مع ذلك، يعني: مَعَ إطْعامِ القَرِيبِ أو المسكين {مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} وقيل
(1)
: {ثُمَّ} هاهنا بمعنى الواو؛ أي: وَكانَ من الذين آمنوا {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} على فرائض اللَّه وَأمْرِهِ وَنَهْيِهِ {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} يعني: بِالبِرِّ والتَّقْوَى فيما بينهم، والرَّحْمةِ لِلْيَتيمِ والمِسْكِينِ والضَّعِيفِ.
ثم وصفهم فقال: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} وقد تقدم تفسيرهم في سورة الواقعة
(2)
، وكذلك تفسير {أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}
(3)
.
وقوله: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)} يعني: مُطْبَقةٌ على الذين كفروا بآيات اللَّه، وهم أصحاب المَشْأمةِ، قرأ أبو عمرو وَحَفْصٌ وَحَمْزةُ ويعقوبُ وعيسى ابنُ عمر:{مُؤْصَدَةٌ} بالهمزة هاهنا وفي سورة الهُمَزةِ
(4)
، وقرأ غيرهم بغير هَمْزٍ
(5)
، وهما لغتان، يقال: آصَدْتُ البابَ وَأوْصَدْتُهُ: إذا أغْلَقْتَهُ وَأطْبَقْتَهُ
(6)
،
(1)
هذا مذهب الأخفش، فقد قال:"وقال: "ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلَائِكةِ"؛ لأن "ثُمَّ" في معنى الواو، يجوز أن يكون معناه: لآدم، كما تقول لِلْقَوْمِ: قد ضربناكم، وإنما ضربتَ سَيِّدَهُمْ". معانِي القرآن ص 294، وقاله ابن فارس في الصاحبي ص 215، وينظر: الكشف والبيان للثعلبي 10/ 211، زاد المسير لابن الجوزي 9/ 135، الفريد للهمدانِيِّ 4/ 676، عين المعانِي ورقة 145/ ب، خزانة الأدب 11/ 39.
(2)
الآية 8، وانظر ما سبق 3/ 290.
(3)
الواقعة 9، وانظر ما سبق 3/ 291.
(4)
الهُمَزةِ 8.
(5)
قرأ ابن كثير وابن عامر ونافع، وأبو بكر عن عاصبم، والكسائي:"مُوصّدةٌ" بغير همزة، وكان حَمْزةُ يقرؤها بغير همز في الوقف فقط، ينظر: السبعة ص 686، البحر المحيط 8/ 471، الإتحاف 2/ 611.
(6)
قاله الفراء وأبو عبيدة وابن السكيت وابن قتيبة والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 266، 295، مجاز القرآن 2/ 299، إصلاح المنطق ص 159، 160، =
وقيل
(1)
: معنى المُؤْصَدةِ: المُطْبَقةُ، مأخوذ من: آصَدْتُ؛ أي: أطْبَقْتُ.
والْمُوصَدةِ بغير الهمز: المُطْبَقةُ، مأخوذٌ من: أوْصَدْتُ؛ أي: أغْلَقْتُ، ومنه قيل للباب: وَصِيدٌ، والمعنى: أن أبوابها عليهم مُطْبَقةٌ، فلا يفتح لهم باب، ولا يخرج منها غَمٌّ، ولا يدخلُ فيها رَوْحٌ آخِرَ الأبَدِ؛ لا نِهايةَ لَهُ وَلا أمَدَ، واللَّه أعلم.
* * *
= غريب القرآن لابن قتيبة ص 529، أدب الكاتب ص 365، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 330، إعراب القرآن 5/ 289، وينظر: تهذيب اللغة 12/ 222، معانِي القراءات 3/ 148، الصحاح 2/ 441، 550.
(1)
قاله ابن خالويه والفارسي، ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 486، إعراب ثلاثين سورة ص 95، الحجة للفارسي 4/ 126، وينظر: الكشف والبيان 10/ 211، الفريد للهمدانِيِّ 4/ 676، عين المعانِي ورقة / 145 ب.