الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفجر
مكِّية وقيل: مدنيّة
وهي خمسمائة وسبعة وتسعون حرفًا، ومائة وسبع وثلاثون كلمةً، وثلاثون آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ {وَالْفَجْرِ} فِي اللَّيالِي العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجّةِ غُفِرَ له، وَمَنْ قَرَأها فِي سائِرِ الأيّامِ كانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيامةِ"
(1)
، وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَنْ قَرَأ سُورةَ الفَجْرِ أتَتْ تَمْشِي ذُنُوبُهُ وَهُمُومُهُ وَكُرُوبُهُ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {وَالْفَجْرِ (1)} أقسم اللَّه تعالى بِفَجْرِ النهار، وهو
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 191، الوسيط 4/ 478، الكشاف 4/ 254، مجمع البيان للطبرسي 10/ 341.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
انْفِجارُ الصُّبْحِ كُل يَوْمٍ إذا انْفَجَرَ ضَوْؤُهُ، قال النَّقّاشُ
(1)
: ويُسَمَّى الفَجْرُ فَجْرًا؛ لأنه مأخوذ من انفجار الجُرْحِ، وقيل
(2)
: أراد بالفجر هاهنا فَجْرَ أوَّلِ يَوْمٍ من المُحَرَّمِ؛ لأن منه تَنْفَجِرُ السَّنةُ، وقيل
(3)
: هو فَجْرُ ذِي الحِجّةِ؛ لأن اللَّه تعالى قَرَنَ الأيّامَ بِها فقال: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} وهي عَشْرُ ذِي الحِجّةِ فِي قول أكثر المفسرين، والأصل فيها: لَيالِيَ، ولو جاءت على الأصل لقُلْتَ: وَلَيالِيَ يا هذا لأنه لا ينصرف
(4)
.
قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)} يعني بالشفع يومَ النَّحْرِ، وَبِالوَتْرِ يَوْمَ عَرَفةَ، وهذا قول ابن عباس
(5)
، وقيل
(6)
: الشفْعُ: صَلاةُ الغَداةِ والوَتْرُ: صَلاةُ المَغْرِبِ، وقيل
(7)
: الشَّفْعُ: آدَمُ وَحَوّاءُ والوَتْرُ: اللَّهُ -سبحانه-، وقيل
(8)
: الشَّفْعُ: كُلُّ زَوْجٍ والوَتْرُ: اللَّه عز وجل.
(1)
شفاء الصدور ورقة 235/ أ.
(2)
قاله ابن عباس وقتادة، ينظر: إعراب القرآن 5/ 217، الكشف والبيان 10/ 191، الوسيط 4/ 478، المحرر الوجيز 5/ 476، زاد المسير 9/ 103، عين المعانِي ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 20/ 38.
(3)
قاله الضحاك، ينظر: الكشف والبيان 10/ 191، المحرر الوجيز 5/ 476، زاد المسير 9/ 103.
(4)
قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 217.
(5)
ينظر: تفسير مجاهد 2/ 755، جامع البيان 30/ 212 - 213، شفاء الصدور ورقة 235/ ب، زاد المسير 9/ 104.
(6)
قاله ابن عباس وعطية العَوْفِي، ينظر: الكشف والبيان 10/ 193، زاد المسير 9/ 106.
(7)
قاله ابن عباس وعطاء ومقاتل، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 259، شفاء الصدور ورقة 236/ ب، زاد المسير 9/ 107، تفسير القرطبي 20/ 40.
(8)
قاله مجاهد ومسروق والحسن وأبو صالح، ينظر: تفسير مجاهد 2/ 755، جامع البيان 30/ 214، شفاء الصدور ورقة 236/ ب، الكشف والبيان 10/ 193، التبيان للطوسي 10/ 341 تفسير القرطبي 20/ 40.
وَرَوَى عِمْرانُ بنُ الحُصَيْنِ
(1)
عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هِيَ الصَّلَواتُ الخَمْسُ، فِيها شَفْعٌ وَوَتْرٌ"
(2)
، وقيل
(3)
: الشَّفْعُ: أبْوابُ الجَنّةِ والوَتْرُ أبْوابُ النّارِ، وفيه أقاويلُ كثيرةٌ يطول شرحها هاهنا.
ومعنى الشَّفْعِ في اللغة اثنانِ، والوَتْرُ واحِدٌ
(4)
، قرأ أبو جعفر وَشَيْبةُ ونافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم:"الوَتْرِ" بفتح الواو، وقرأ يحيى بن وَثّابٍ والأعمشُ والحسنُ وَحَمْزةُ والكِسائِي بكسر الواو
(5)
، وهما لُغَتانِ حَسَنَتانِ.
قوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)} يعني: إذا سارَ وَذَهَبَ، وقيل: إذا جاء وأقبل، واختلف القُرّاءُ فِي قوله:{يَسْرِ} ، فقرأ أهلُ المدينة وأبو عمرو وعيسى بنُ عُمَرَ بالياء في الوصل، وَرُوِيَ ذلك عن الكسائيِّ، وقرأ ابنُ عامر وعاصمٌ وَحَمْزةُ بحذف الياء في الوصل والوقف إتْباعًا لِلْخَطِّ، وقرأ ابن كثير ويعقوبُ بالياء في الحالَيْنِ على الأصل
(6)
.
(1)
عِمْرانُ بنُ حُصَيْنِ بن عُبَيْدٍ، أبو نُجَيْدٍ الخُزاعِي، من علماء الصحابة، أسلم عام خَيْبَرَ، وكانت معه رايةُ خُزاعةَ يوم فتح مكة، بعثه عُمَرُ إلَى أهل البصرة ليفقههم، وَوَلَّاهُ زِيادٌ قَضاءَها، وكان ممن اعتزل حرب صِفِّينَ، توفي بالبصرة سنة 52 هـ. [أسد الغابة 4/ 137، 138، الإصابة 4/ 586 - 584، الأعلام 5/ 70].
(2)
رواه الإمام أحمد في المسند 4/ 438، 442، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير 18/ 232، وينظر: شفاء الصدور ورقة 235/ ب، الكشف والبيان 10/ 192.
(3)
قاله الحسن بن الفضل، ينظر: الكشف والبيان 10/ 193، المحرر الوجيز 5/ 477، تفسير القرطبي 20/ 41.
(4)
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 526، وحكاه الأزهري عن الليث في التهذيب 1/ 437.
(5)
قرأ بكسر الواو أيضًا: ابنُ عباس وابنُ مسعود وَخَلَفٌ وَقَتادةُ وأبو رجاء وطلحةُ، ينظر: معانِي القراءات للأزهري 3/ 142، تفسير القرطبي 20/ 41، البحر المحيط 8/ 463، الإتحاف 2/ 608.
(6)
ينظر في هذه القراءات: السبعة 683 - 684، تفسير القرطبي 20/ 42، البحر المحيط 8/ 463، الإتحاف 2/ 607.
قال الزَّجّاجُ
(1)
: والحذف أحَبُّ إلَيَّ لأنها فاصلةٌ، والفواصل تُحْذَفُ منها الياءاتُ وَتَدُلُّ عليها الكَسَراتُ.
وقال صاسما "إنسان العين" في معنى {يَسْرِ}
(2)
؛ أي: يُسْرَى فيه، فلما عُدِلَ سَقَطَتْ ياؤُهُ كَبَغِيٍّ من باغِيةٍ، قال: وقد تُحْذَفُ الياءُ بلا عِلّةٍ، كما قال الشاعر:
512 -
كَفّاكَ كفٌّ ما تُلِيقُ دِرْهَمًا
…
جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّما
(3)
أي: تُعْطِي.
وكذلك ذكره الثَّعْلَبِيُّ
(4)
عن أكثر أهل المعانِي أنهم قالوا: المعنى: يُسْرَى فِيهِ كقولهم: لَيْلٌ نائِمٌ، وَنَهارٌ صائِمٌ، وَسِرٌّ كاتِمٌ.
قال الفَرّاءُ
(5)
: وقد تَحْذِفُ العَرَبُ الياءَ، وَتَكْتَفِي بِكَسْرِ ما قَبْلَها، وأنشد
(1)
معانِي القرآن وإعرابه 5/ 321، باختلاف يسير في ألفاظه.
(2)
قاله في عين المعانِي ورقة 144/ ب، غير أنه لَمْ يذكر البيت.
(3)
البيت من الرجز التام، لِلْحُصَيْنِ بنِ الحِمامِ، ومعنى "ما تُلِيقُ": ما تُمْسِكُ.
التخريج: معانِي القرآن للفراء 2/ 27، 118، 3/ 260، إيضاح الوقف والابتداء ص 264، الزاهر لابن الأنباري 2/ 80، شرح كتاب سيبويه للسيرافِيِّ 2/ 163 إعراب القرآن للنحاس 2/ 302، إعراب ثلاثين سورة ص 231، الخصائص 3/ 90، 133، سر صناعة الإعراب ص 519، 772، المنصف 2/ 74، الكشف والبيان 10/ 195، أمالِيُّ ابن الشجري 2/ 289، الإنصاف ص 387، زاد المسير 4/ 158، التذكرة الحمدونية 7/ 272، أساس البلاغة: ليق، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 2/ 58، شرح المفصل لابن يعيش 4/ 153، 5/ 84، اللسان: ليق، التاج: ليق.
(4)
الكشف والبيان 10/ 194.
(5)
معانِي القرآن 3/ 260.
البيتَ المذكورَ. وقال الخليلُ بنُ أحمد
(1)
: إسقاط الياء منه وِفاقًا لِرُؤوسِ الآيِ.
وقال المُؤَرِّجُ
(2)
: سألتُ الأخفش عن العلة في سقوط الياء من {يَسْرِ} ، فقال: لا أُجِيبُكَ ما لَمْ تَبِتْ عَلَى بابِ دارِي سَنةً، قال: فَبِتُّ عَلَى بابِ دارِهِ سَنةً، ثُمَّ سَألْتُهُ، فقال: اللَّيْلُ لا يَسْرِي، وإنَّما يُسْرَى فِيهِ، وهو مصروف، فلما صَرَفَهُ بَخَسَهُ حَظَّهُ من الإعراب، ألا تَرَى إلَى قوله تعالى:{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}
(3)
وَلَمْ يَقُلْ: بَغِيّةً؛ لأنه صرفه عن باغية.
قوله: {هَلْ فِي ذَلِكَ} ؛ أي: فيما ذُكِرَ {قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)} ؛ أي: مَقْنَعٌ وَمُكْتَفًى في القَسَمِ لِذِي عَقْلٍ وَلُبٍّ، سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يَحْجُرُ صاحِبَهُ عَمّا لا يَحِلُّ له أي: يَمْنَعُهُ، ولهذا سُمِّيَ حِجْرُ البَيْتِ حِجْرًا لأنه يَمْنَعُ من الطواف فيه، وأصل الحَجْرِ: المَنْعُ، ومنه قولهم: حَجَرَ الحاكِمُ على فلانٍ: إذا مَنَعَهُ من التصرف بِمالِهِ
(4)
.
قوله: {أَلَمْ تَرَ} ؛ أي: ألَمْ تُخْبَرْ {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ} اختلف
(1)
قال الخليل: "العَرَب ربَّما حَذَفوا الياء من قولِهم: "لا أدْرِ" في موضوع "لا أدْرِي"، يكتفون بالكسرة فيها كقوله اللَّه عز وجل {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}، والأصل يَسْرِي". العين 8/ 58 - 59، وقال سيبويه: "وجميع ما لا يُحذف في الكلام، وما يُختار فيه ألَّا يُحذف، يُحذف في الفواصل والقوافِي، فالفواصل قول اللَّه تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ، و {مَا كُنَّا نَبْغِ} ، و {يَوْمَ التَّنَادِ} ، و {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} . الكتاب 4/ 184، 185.
(2)
ينظر قول المُؤَرِّجِ في الكشف والبيان 10/ 195، عين المعانِي ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 20/ 43، الوافِي بالوفيات 15/ 260 في ترجمة الأخفش سعيد بن مسعدة.
(3)
مريم 28.
(4)
قاله الثعلبي في الكشف والبيان 10/ 195، وينظر: تفسير القرطبي 20/ 43.
العلماء في معنى {إِرَمَ} ، فمنهم من قال
(1)
: إرَمُ ذاتُ العِمادِ: دِمَشْقُ، وقيل
(2)
: هي الإسكندرية، وقيل
(3)
: هي قبيلة من قوم عاد، كان فيهم المُلْكُ، وكان عادٌ أباهُمْ، فنَسَبَهُمْ إليه، وقال محمد بن إسحاق
(4)
: إرَمُ هو جَدُّ عادٍ بنِ عَوْصِ ابنِ إرَمَ بنِ سامِ بنِ نُوحٍ عليه السلام، وقيل
(5)
: إرَمُ أبُو عادٍ، وهو عادُ بنُ إرَمَ ابنِ سامِ بن نُوحٍ عليه السلام.
و {إِرَمَ} في موضع خفض على النعت لـ "عادٍ"، أو على البدل، لكنه لا ينصرف، ومعنى {إِرَمَ} القديمة، وَمَنْ جَعَلَ {إِرَمَ} مدينةً قَدَّرَ في الكلام حَذْفًا، تقديره: بِمَدِينةِ عادٍ إرَمَ، وقيل: تقديره: بِعادٍ صاحِبةِ إرَمَ، وإرَم معرفة مؤنثة على هذا القول، فلذلك لَمْ يَنْصَرِفْ.
وانصرف عادٌ لأنه مذكر خفيف وهو اسم لِلْحَيِّ
(6)
، وقرأه الضَّحّاكُ:
(1)
قاله سعيد بن المسيب ومالك بن أنس وسعيد المَقْبُرِيُّ وخالد الرَّبَعِيُّ، ينظر: جامع البيان 30/ 219، إعراب القرآن 5/ 220 - 221، الكشف والبيان 10/ 196، زاد المسير 9/ 110.
(2)
قاله محمد بن كعب القُرَظِيُّ، ينظر: جامع البيان 30/ 219، إعراب القرآن 5/ 220، الكشف والبيان 10/ 196، زاد المسير 9/ 110، التبيان للطوسي 10/ 342، مجمع البيان 10/ 349.
(3)
قاله قتادة ومقاتل، ينظر: جامع البيان 30/ 219، 220، إعراب القرآن 5/ 221، الكشف والبيان 10/ 196، عين المعانِي ورقة 144/ ب، مجمع البيان 10/ 349.
(4)
السيرة النبوية لابن هشام 1/ 4، وينظر: جامع البيان 35/ 220، الكشف والبيان 10/ 196، الوسيط للواحدي 4/ 481.
(5)
حكاه الفراء عن الكلبي في معانِي القرآن 3/ 260، وذكره الزجاج بغير عزو في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 322، والقرطبي في تفسيره 20/ 45 عن محمد بن إسحاق.
(6)
هذه الفقرة من أول قوله: "وإرم في موضع خفض" نقلها المؤلف عن مَكِّيٍّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 473، 474، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 668 - 669.
"بِعادَ"
(1)
بغير صَرْفٍ، جعله اسمًا للقبيلة، قال صاحب "إنسان العين"
(2)
: و"أرِمَ"
(3)
بفتح الألف هو العَلَمُ؛ أي: أصْحابِ العَلَمِ؛ أي: أصْحابِ أعْلَامِ هَذِهِ المَدِينةِ، وَأرَمَّ الشَّيءُ: إذا بَلِيَ، من رَمَّ العَظْمُ: إذا بَلِيَ.
وقوله: {ذَاتِ الْعِمَادِ} يعني الطِّوال، يقال: رَجُل مُعَمَّدٌ: إذا كان طويلًا، وقيل: ذات البناء والحصون والأساطين
(4)
.
ثم وَصَفَهُمْ، فقال:{الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} ؛ أي: لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُ تلك القَبِيلةِ في الطُّولِ والقُوّةِ، وهم الذين قالوا:{مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}
(5)
، {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ}؛ أي: قَطَعُوا وَخَرَقُوا الصَّخْرَ يعني: الحَجَرَ، واحدتها صخرة {بِالْوَادِ (9)} يعني: بِوادِي القُرَى، فاتَّخَذُوا فيها بُيُوتًا، كما قال تعالى:{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}
(6)
، ومعنى {جَابُوا}؛ أي: قَطَعُوا كما ذكرنا، مأخوذ من: جُيِّبَ القَمِيصُ: إذا قُطِعَ له جَيْبٌ، والمِجْوَبُ: حَدِيد يُجابُ بِها؛ أي: يُقْطَعُ
(7)
.
وموضوع "ثَمُودَ" خفض عطفا على "عادٍ"، ولم ينصرف؛ لأنه اسم للقبيلة
(1)
وهذه قراءة الحَسَنِ أيضًا، ينظر: البحر المحيط 8/ 464، الإتحاف 2/ 608.
(2)
قاله في عين المعانِي ورقة 144/ ب.
(3)
وقد قرأ بفتح الهمزة مجاها والضحاكُ وقتادةُ، ينظر: تفسير القرطبي 20/ 44.
(4)
انتهى كلام صاحب إنسان العين، قاله في عين المعانِي ورقة 144/ ب.
(5)
فصلت 15.
(6)
الشعراء 149.
(7)
ينظر: إصلاح المنطق ص 175، 254، أدب الكاتب ص 62، الكامل للمبرد 1/ 198، 3/ 126، الاشتقاق لابن دريد ص 396، تهذيب اللغة 11/ 218، الصحاح 1/ 104، اللسان: جوب.
وهو معرفة، ومن صرفه جعله اسمًا لِلْحَيِّ، ومن خفضه بغير تنوين حذف التنوين لالْتِقاءِ الساكنين، و {الَّذِينَ} في موضع خفض على النعت، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى: أعْنِي، وفي موضع رفع بمعنى: هُم الذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ
(1)
.
و {جَابُوا} من ذوات الواو، يقال: جابَ الشَّيْءَ يَجُوبُهُ: إذا قَطَعَهُ وَدَخَلَ فيه، وحُذفت الياء من "الوادِ"؛ لأنها رأس آية، والكسرة تدل عليها
(2)
.
قوله: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)} سُمِّي ذا الأوتاد، لأنه كان إذا غَضِب على أحَدٍ مَدَّهُ على الأرض، وَأوْتَدَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسَهُ على الأرض، وَسَلَّطَ عليه الحَيّاتِ والعَقارِبَ حتى يَمُوتَ
(3)
.
وقيل
(4)
: معناه: ذِي الجُنُودِ الكَثِيرةِ المُحْتاجةِ لِضَرْبِ الأوْتادِ في أسفارها، ومحله خفض عطف على ما قبله، ولَمْ ينصرف لأنه اسم أعجمي، و {ذِي الْأَوْتَادِ} من نعته.
ثم جمع عادًا وثَمُودَ وفِرْعَوْنَ وَوَصَفَهُمْ، فقال:{الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)} يعني: طَغَوْا فيها بالمعاصي والقتل، فقتلوا عباد اللَّه، وعبدوا غير اللَّه تعالى {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)} يعني: في البلاد {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ
(1)
هذه الفقرة من أول قوله: "وموضع ثمود خفض" نقلها المؤلف بنصها عن النحاس في إعراب القرآن 5/ 221، وينظر: إعراب ثلاثين سورة ص 77، مشكل إعراب القرآن 2/ 474.
(2)
قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 221 - 222.
(3)
قاله مجاهد، ينظر: جامع البيان 23/ 156، 30/ 224، الكشف والبيان 10/ 198، التبيان للطوسي 10/ 343، مجمع البيان 10/ 351، تفسير القرطبي 20/ 48.
(4)
قاله ابن عباس والنحاس، ينظر: جامع البيان 30/ 224، إعراب القرآن للنحاس 5/ 222، التبيان للطوسي 10/ 343، مجمع البيان للطبرسي 10/ 351.
عَذَابٍ (13)} يعني: لَوْنًا من العذاب، والسَّوْطُ: اللَّوْنُ، والعرب تقول لكل لَوْنٍ من العذاب: سَوْطُ عَذابٍ
(1)
، وقيل
(2)
: معناه: قِطْعةَ عَذابٍ. قال أهل المعانِي
(3)
: وهذا على الاستعارة؛ لأن السَّوْطَ عندهم غايةُ العَذابِ، فَجَرَى ذلك لِكُلِّ عَذابٍ، قال الشاعر:
513 -
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أظْهَرَ دِينَهُ
…
وَصَبَّ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟
(4)
قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} ؛ أي: عليه طَرِيقُ العِبادِ لا يَفُوتُهُ أحَدٌ، والمِرْصادُ والمَرْصَدُ: الطريق، وجمعه مَراصِدُ
(5)
، وهذه الآية جواب القسم، وقد اعْتَرَضَ بَيْنَ القَسَمِ وَجَوابِهِ قولُهُ:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)} .
(1)
قال الفراء: "هذه كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب تُدْخِلُ فيه السَّوْطَ، جرى به الكلامُ والمَثَلُ". معانِي القرآن 3/ 261، وقال مِثْلهُ النَّقّاشُ في شفاء الصدور ورقة 237/ ب، وحكاه الأزهري عن الفراء في تهذيب اللغة 13/ 24.
(2)
قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 575.
(3)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 261، وحكاه الأزهري عنه في تهذيب اللغة 13/ 24، وينظر: الكشف والبيان 10/ 199، ثمار القلوب للثعالبي ص 679، وقال الزمخشري:"ومن المجاز: صَبَّ عليهم سَوْطَ عَذاب، وَساقَ الأُمُورَ بِسَوْطٍ واحِدٍ، وهما يَتَعاطَيانِ سَوْطًا واحدًا: إذا اتَّفَقا على نَجْرٍ واحِدٍ وَخُلُقٍ واحِدٍ". أساس البلاغة: سوط.
(4)
البيت من الطويل، لأوْسِ بن بُجَيْر الطّائِيِّ يخاطب أبا بكر الصديق بعد أن شارك في وَقْعةِ بُزاخةَ، ويُرْوَى:
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّه لَا رَبَّ غَيْرُهُ
…
يَصُبُّ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟
وَنُسِبَ لِعُمَيْرِ بن بُجْرةَ برواية أخرى، وهي:
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّه يَوْمَ بُزاخةٍ
…
أحالَ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟
التخريج: الكشف والبيان 10/ 200، عين المعانِي ورقة 145/ أ، تفسير القرطبي 20/ 49، الإصابة 1/ 357، اللباب في علوم الكتاب 20/ 322، فتح القدير 5/ 436.
(5)
قاله ابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص 79، وينظر: تهذيب اللغة 12/ 137.