الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
عن سَلْمانَ الفارِسِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ أحَدُكُم الجنةَ إلّا بِجِوارِ "بِسْمِ اللَّه الرحمن الرحيم"، هذا كتابٌ من اللَّه لِفُلَانِ ابنِ فُلانٍ، أدْخِلُوهُ جَنّةً عاليةً، قُطُوفُها دانِيةٌ"
(1)
.
وذُكِرَ أن اللَّه تعالى يقول يوم القيامة: "يا أوليائي، طالَما نَظَرْتُ إليكم فِي الدنيا، وقد قَلَصَتْ شِفاهُكُمْ عن الأشْرِبةِ، وغارَتْ أعْيُنُكُمْ، وخَمِصَتْ بُطُونُكُمْ، فَكُونُوا اليومَ فِي نعيمكم، فَكُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا بِما أسْلَفْتُمْ فِي الأيّامِ الخالِيةِ"
(2)
.
وَرَوَى الحَسَنُ بن أبِي طَيْبةَ المالِكِيُّ
(3)
عن أبِي عَلِيٍّ الأصَمِّ
(4)
أنه قال: "يُوضَعُ لِلصُّوّامِ مائِدةٌ يَوْمَ القيامة، فيأكلون عليها والناسُ فِي الحِسابِ، فيقولون: يا رَبِّ: نَحْنُ فِي الحِسابِ وهؤلاء يأكلون؟، فيقول لهم: إنَّهُمْ طالَما صامُوا وأكَلْتُمْ، وقامُوا وَنِمْتُمْ"
(5)
.
قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} قال ابن السائب
(6)
: تُلْوَى يَدُهُ
(1)
رواه الطبرانِيُّ في المعجم الأوسط 3/ 224، والمعجم الكبير 6/ 272، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 1/ 344، وينظر: الوسيط 4/ 347.
(2)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 30، الكشاف 4/ 153، الدر المنثور 6/ 262.
(3)
هو الحسن بن يوسف بن أبِي طَيْبةَ المصري، أبو علي المَدِينِيُّ القاضي.
(4)
في الأصل: "عن عليٍّ الأصم"، وهو خطأ. وهو الحسين بن يزيد الكوفِيُّ، أبو عَلِيٍّ القُرَشِيُّ بالولاء الأصَمُّ، ثقة ليس به بأس، رَوَى عن السُّدِّيِّ وغيره. [تهذيب الكمال 6/ 346، الجرح والتعديل 3/ 43، ميزان الاعتدال 1/ 526].
(5)
ينظر: الدر المنثور 1/ 182، كنز العمال 8/ 457.
(6)
هو عَطاءُ بن السّائِبِ بن زيد الثقفي بالولاء الكوفي، أحد الأعلام، ثقة صالح، روى عن أبيه =
اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِهِ، ثم يُعْطَى كِتابَهُ، وقيل: تُنْزَعُ من صدره إلَى خَلْفِ ظَهْرِهِ {فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)} بإثبات الهاء في الوقف، وكذا ما تقدم وكذا ما يليه، و {سُلْطَانِيَهْ} لِبَيانِ الحَرَكةِ، قال الصَّفّارُ
(1)
: وإثباتها في الوصل لَحْنٌ، لا يجوز عند أحد من أهل العربية عَلِمْتُهُ، ومَن اتَّبَعَ السوادَ، وأراد السلامة من اللحن، ووقف عليها كان مصيبًا من الجهتين.
وقوله: {يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)} يعني الموت، يتمنى الموتَ فيقول: يا ليتني حين مِتُّ لَمْ أُحْيَ بعدها
(2)
، ويقال: القاضية: الموتة لا حياة بعدها، ومعنى القاضية: القاطعة للحياة، تَمَنَّى الكافرُ دَوامَ الموت، وأنه لَمْ يُبْعَثْ للحساب.
وقوله: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28)} ؛ أي: لَمْ يَدْفَعْ عَنِّي من عذاب اللَّه {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)} ؛ أي: ذَهَبَ عَنِّي مُلْكِي فَصِرْتُ ذليلًا، وقيل: عُذْرِي وحُجَّتِي، حين شَهِدَتْ عليه الجَوارِحُ، وقرأ حمزة:{مالِي} و {سُلْطانِي} بغير هاء في الوصل فيهما، ولا خلاف في الوقف أنهما بالهاء
(3)
، ومعنى السُّلْطانِ: الحُجّةُ
وعن ابن أبِي أوْفَى والسُّلَمِيِّ وغيرهم، توفِّي سنة (136 هـ). [تهذيب الكمال 20/ 86 - 94، سير أعلام النبلاء 6/ 110: 114]، وينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 31.
(1)
يعني النحاس، وانظر: إعراب القرآن 5/ 23، وقد قال أبو حيان معلقا على مثل هذا القول:"وما قاله الزهراوي من أن إثبات الهاء في الوصل لَحْنٌ لا يجوز عند أحد عَلِمْتُهُ، ليس كما قال، بل ذلك منقول نَقْلَ التواتر، فَوَجَبَ قَبُولُهُ". البحر المحيط 8/ 319.
(2)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 182.
(3)
في الأصل: "بالياء"، وقد قرأ الجمهور بإثبات الهاء فيهما وفي أمثالهما وصلًا ووقفًا مراعاة لخط المصحف، وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بطرح الهاء وإسكان الياء فيها وصلًا ووقفًا، وقرأ ابن أبِي إسحاق والأعمش بطرح الهاء منها في الوصل فقط، وقرأ حمزة:{مالِي} و {سُلْطانِي} بطرح الهاء وفتح الياء في الوصل فقط، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 161، شواذ القراءة ورقة 248 - 249، تفسير القرطبي 18/ 269 - 270، البحر المحيط 8/ 319.
والبُرْهانُ، والسُّلْطانُ أيضًا: القُوّةُ، وهو يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ
(1)
.
قيل
(2)
: نزلت هذه الآية في أبِي الأسْوَدِ بن عبد الأسَدِ
(3)
المخزومي أخِ أبِي سَلَمةَ، قَتَلَهُ حَمْزةُ بن عبد المطلب رضي الله عنه بِبَدْرٍ على الحوض، وقيل: نزلت في أبِي جهل بن هشام.
ثم يقول اللَّه لِخَزَنةِ جَهَنَّمَ: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)} ؛ أي: غُلُّوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقِهِ، {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}؛ أي: أدْخِلُوهُ وأحْرِقُوهُ، يقال: صَلَّيْتُهُ بالنار وأصْلَيْتُهُ، و {الْجَحِيمَ} نصب؛ لأنه مفعولٌ ثانٍ، تقديره: ثم صَلُّوهُ الجَحِيمَ، {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)} يعني: فَأدْخِلُوهُ، يقال: سَلَكْتُهُ في الطَّرِيقِ وفي القَيْدِ وغَيْرِهِ: إذا أدْخَلْتَهُ فيه
(4)
، قال الكَلْبِيُّ
(5)
: كما يُسْلَكُ الخَيْطُ فِي اللُّؤْلُؤِ.
والمعنى: فاسْلُكُوا السِّلْسِلةَ، كما تقول: أدْخَلْتُ القَلَنْسُوةَ في رَأْسِي، والخاتَمَ في إصْبَعِي، وإنما يُدْخَلُ الرَّأْسُ في القَلَنْسُوةِ، والإصْبَعُ في الخاتَمِ،
(1)
قاله أبو حاتم، وقال أيضًا:"وأما في القرآن فَمُذَكَّرٌ كله، أراد به الحجة، قال: "بِسُلْطانٍ مُبِينٍ" و"بِسُلْطانٍ بيِّنٍ"، وأما "وما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ" فأراد التسليط". المذكر والمؤنث للسجستانِيِّ ص 134، وينظر: المذكر والمؤنث لابن الأنباري ص 1/ 381، المذكر والمؤنث لابن التستري ص 51، 83، شفاء الصدور ورقة 161/ أ.
(2)
هذا قول الضحاك ومقاتل، ينظر: معاني القرآن للفراء 3/ 182، زاد المسير 8/ 352، تفسير القرطبي 18/ 270.
(3)
في الأصل: "بن عبد الأسود".
(4)
هذا القول حكاه الأزهري عن أبِي عبيد في تهذيب اللغة 10/ 63.
(5)
ينظر قوله في الوسيط 4/ 348.