الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة البلد
مكية
وهي ثلاثمائةٌ وَأحَدٌ وثلاثون حرفًا، واثنتان وثمانون كلمة، وعشرون آية.
باب ما جاء في فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} أعْطاهُ اللَّهُ الأمْنَ مِنْ غَضَبِهِ"، ويُرْوَى:"مِنْ غَضَبِ يَوْمِ القِيامةِ"
(1)
.
وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ البَلَدِ أقْسَمَ جِبْرِيلُ عليه السلام مِنْ تَحْتِ العَرْش: أُقْسِمُ بِاللَّهِ إنَّكَ لَمِنَ الصّالِحِينَ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} يعني مكة، و {لَا} صلة
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 206، الوسيط 4/ 488، الكشاف 4/ 257، مجمع البيان للطبرسي 10/ 357.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
زائدة، يعني: أُقْسِمُ، والإشارة بـ "هَذا" إلَى مَكّةَ، و {الْبَلَدِ} نعت لـ "هَذا"، أو بَدَلٌ، أو عَطْفُ بَيانٍ
(1)
.
قوله: {وَأَنْتَ} يا محمد {حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)} ؛ أي: حَلَالٌ، والحِلُّ والحلالُ واحدٌ، وهو ضِدُّ المُحْرِمِ
(2)
، وذلك أن اللَّه تعالَى أحَلَّ لِنَبِيِّهِ عليه السلام دُخُولَ مَكّةَ يَوْمَ الفَتْح بِغَيْرِ إحْرامٍ حَتَّى قاتَلَ وَقتلَ، وَأحَلَّ ما شاءَ، وَحَرَّمَ ما شاءَ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لَمْ تُحَلَّ لأحَدٍ قَبْلي، وَلا تُحَلُّ لأحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تُحَلَّ لِي إلّا ساعةً مِنْ نَهارٍ"
(3)
.
ثم عطف على القَسَمِ بقوله: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)} يعني آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ
(4)
، وقيل
(5)
: إبراهيم ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وقيل
(6)
: أراد محمَّدًا عليه السلام وَأُمَّتَهُ، من قوله
(1)
هذه الأوجه الثلاثة ذكرها النحاس في إعراب القرآن 5/ 227، ورَجَّحَ كون "البلد" عطف بيان، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 475.
(2)
قاله الأخفش في معانِي القرآن ص 538، والزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 327، وحكاه النحاس عن الأخفش في إعراب القرآن 5/ 228، وينظر: إعراب ثلاثين سورة ص 87.
(3)
هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد عن ابن عباس في المسند 1/ 253، والبخاري في صحيحه 2/ 95 كتاب الجنائز: باب الإذْخِرِ والحشيش في القَبْرِ، 2/ 213 كتاب الحج: باب "لا يُعْضَدُ شَوْكُ الحَرَمِ"، 3/ 13 كتاب البيوع: باب ما قيل في الصَّوّاغِ، 5/ 98 كتاب المغازي: باب غزوة الفتح.
(4)
قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن وأبو صالح والضحاك والفراء، ينظر: تفسير مجاهد 2/ 758، معانِي القرآن للفراء 3/ 263، جامع البيان 30/ 245، معاني القرآن وإعرابه 5/ 327، الكشف والبيان 10/ 207، زاد المسير 9/ 127، عين المعانِي ورقة 145/ أ، التبيان للطوسي 10/ 350، مجمع البيان 10/ 361.
(5)
قاله أبو عمران الجَوْنِيُّ، ينظر: جامع البيان 30/ 246، إعراب القرآن 5/ 228، الكشف والبيان 10/ 207، عين المعانِي ورقة 145/ أ، التبيان للطوسي 10/ 350، مجمع البيان 10/ 362.
(6)
قاله الماوردي في تفسيره النكت والعيون 6/ 275، والزمخشري في الكشاف 4/ 255، =
-صلى الله عليه وسلم: "إنَّما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ أُعَلِّمُكُمْ"
(1)
، وقيل
(2)
: أرادَ كُلَّ والِدٍ وَمَوْلُودَهُ.
ثم ذكر جواب القَسَمِ، فقال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)} يعني: مُنْتَصِبًا قائمًا على قدميه، قال ابن عباس
(3)
: خُلِقَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الأرْضِ عَلَى أرْبَعةٍ إلّا الإنْسانَ، فإنه خُلِقَ مُنْتَصِبًا قائِمًا عَلَى رِجْلَيْنِ.
والكَبَدُ: الاسْتِواءُ والاسْتِقامةُ، وقيل
(4)
: معنى {فِي كَبَدٍ} ؛ أي: في نَصَبٍ يُكابِدُ مَصائِبَ الدُّنْيا وشدائد الآخرة، قال ذو الإصْبَعِ العَدْوانِيُّ
(5)
:
514 -
لِيَ ابْنُ عَمٍّ لَوَانَّ النّاسَ فِي كَبَدٍ
…
لَظَلَّ مُحْتَجِرًا بِالنَّبْلِ يَرْمِيني
(6)
= وحكاه القرطبي عن الماوردي في الجامع لأحكام القرآن 20/ 62.
(1)
هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي هريرة في المسند 2/ 250، والدارمي في سننه 1/ 172 كتاب الصلاة والطهارة: باب الاستنجاء بالأحجار، وابن ماجه في سننه 1/ 114 كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة.
(2)
قاله ابن عباس والزجاج، ينظر: معاني القرآن وإعرابه 5/ 327، الكشاف 4/ 255، زاد المسير 9/ 128، عين المعانِي ورقة 145/ أ، مجمع البيان 10/ 362.
(3)
ينظر قوله في الكشف والبيان للثعلبي 10/ 207، الوسيط للواحدي 4/ 488.
(4)
قاله عطاء والحسن وقتادة، ينظر: جامع البيان 30/ 246، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 328، إعراب القرآن 5/ 228، الكشف والبيان 10/ 207، عين المعانِي ورقة 145/ أ، مجمع البيان للطبرسي 10/ 362، تفسير القرطبي 20/ 62.
(5)
هو حُرْثانُ بن الحارث بن مُحَرِّثِ بن ثعلبة، وقيل: حُرْثانُ بن عَمْرٍو، من عَدْوانَ، شاعر جاهلي حكيم شجاع، لُقِّبَ بذِي الإصْبَعِ لأن حَيّةً نَهَشَتْ إصْبَعَ رِجْلِهِ فَقَطَعَها، وقيل: كانت له إصْبَعٌ زائدةٌ، عاش طويَلًا وله حروب ووقائع وأخبار، وشعره مَلِيءٌ بالحكمة والعظة والفخر. [الشعر والشعراء ص 712 - 713، الأعلام 2/ 173].
(6)
البيت من البسيط، لذي الإصبع العدواني يصف خلافًا بينه وبين ابنِ عَمٍّ له، ورواية ديوانه:"ولي ابْنُ عَمٍّ".
اللغة: الكَبَدُ: الشدة والمشقة، المُحْتَجِزُ: الذي يَشُدُّ وسطه بثوب أو نحوه. =
قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)} يعني أبا الأشَدَّيْنِ
(1)
، وهو رجل من بَنِي جُمَحَ، كان قَوِيًّا شَدِيدَ الخَلْقِ، يقول اللَّهُ عز وجل: يَظُنُّ مِنْ شِدَّتِهِ أنْ لَنْ يَقْدِرَ عليه اللَّهُ، فلا يُعاقِبُهُ.
ثم أخْبَرَ عن مقالة هذا الإنسان، فقال:{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)} وهو المال الكثير بَعْضُهُ على بَعْضٍ
(2)
، ومعناه: أهْلَكْتُ في عَداوةِ محمدٍ مالًا كثيرًا
(3)
، قال اللَّه تعالى:{أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)} ؛ أي: أيَظُنُّ أنَّ اللَّه لَمْ يَرَهُ ولا يَسْألُهُ عن ماله من أيْنَ اكْتَسَبَهُ وَأيْنَ أنْفَقَهُ؟
ثم ذَكَّرَهُ النِّعَمَ لِيَعْتَبرَ، فقال تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9)} ذَكَّرَ اللَّهُ تعالَى الإنْسانَ النِّعَمَ التي أنْعَمَ بها عليه لِيَعْتَبِرَ ويشْكُرَ، ثم قال:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} النَّجْدُ: طَرِيقٌ في ارتفاعٍ، قال الشاعر:
515 -
غَداةَ غَدَوْا فِتْيانُكُمْ بَطْنَ نَخْلةٍ
…
وَآخَرُ مِنْهُمْ جازِعٌ بَطْنَ كبْكَبِ
(4)
= التخريج: ديوانه ص 91، المفضليات ص 163، إعراب القرآن 5/ 229، الأغانِي 3/ 9، أمالِيُّ القالِي 1/ 256، شرح المفضليات للتبريزي ص 600، المحرر الوجيز 5/ 484، منتهى الطلب 3/ 65، البحر المحيط 8/ 468، الدر المصون 6/ 525، اللباب في علوم الكتاب 20/ 342، فتح القدير 5/ 443.
(1)
تقدم ذكره ص 1260 - 1261.
(2)
قاله أبو عبيدة وابن قتيبة والنقاش، ينظر: مجاز القرآن 2/ 299، غريب القرآن لابن قتيبة ص 528، شفاء الصدور ورقة 240/ ب، وينظر: زاد المسير 9/ 130، المعانِي ورقة 145/ أ.
(3)
قاله الكلبي ومقاتل والفراء، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 264، الوسيط 4/ 489، زاد المسير 9/ 131، عين المعانِي ورقة 145/ أ.
(4)
البيت من الطويل، لامرئ القيس، ولا شاهد فيه على هذه الرواية التي أوردها المؤلف؛ لأنه يستشهد على معنى النَّجْدِ، أما رواية الديوان، والتي هي شاهد على ما يريده المؤلفُ، فهي قوله:
فَرِيقانِ مِنْهُمْ جازِعٌ بَطْنَ نَخْلةٍ
…
وَآخَرُ مِنْهُمْ قاطِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ =