الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بَيَّنَ لهم صُنْعَهُ وَقُدْرَتَهُ لِيَعْتَبِرُوا فَيُوَحِّدُوهُ، فقال تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)} يعني: وِعاءً {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)} يعني: أحْياءً على ظهرها، وَأمْواتًا فِي بطنها، وأصل الكَفْتِ في اللغة الجَمْعُ والضَّمُّ، يقال: كَفَتَ الشَّيْءَ: إذا ضَمَّهُ وَجَمَعَهُ.
والمعنى: أن الأرض تَكْفِتُهُمْ أحْياءً على ظَهْرِها فِي دُورِهِمْ وَمَنازِلِهِمْ، وَتَكْفِتُهُمْ أمْواتًا فِي بَطْنِها، أي: تَحُوزُهُمْ
(1)
، وكانوا يُسَمُّونَ بَقِيعَ الغَرْقَدِ كَفْتةً؛ لأنها مَقْبَرةُ تَضُمُّ المَوْتَى
(2)
، ونصب {أَحْيَاءً} و"أمْواتًا" على الحال
(3)
، وقال صاحب "إنسان العين"
(4)
: {أَحْيَاءً} مفعول به للمصدر {كِفَاتًا} .
فصل
سُئِلَ يحيى بن معاذ فقيل له: ابن آدم يدري أن الدنيا ليست له بِقَرارٍ، فَلِمَ يَطْمَئِنُّ إليها؟، فقال: لأنه خُلِقَ منها، يعني: من الأرض، فهي أُمُّهُ، وفيها يَنْشَأ، فهي عَيْشُهُ، ومنها رِزْقُهُ، وإليها يَعُودُ، فهي كِفاتُهُ، وهي مَمَرُّ الصالحين إلَى
(1)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 224، وينظر: إعراب القرآن 5/ 117 - 118، تهذيب اللغة 10/ 146، الوسيط للواحدي 4/ 408.
(2)
حكاه ابن قتيبة عن الأصمعي في غريب الحديث 2/ 121، وغريب القرآن ص 506، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص 170، الكشف والبيان 10/ 110، معجم ما استعجم 4/ 1130.
(3)
قاله الأخفشُ والنَّحّاسُ وَمَكِّيٌّ، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 522، إعراب القرآن 5/ 118، مشكل إعراب القرآن 2/ 447.
(4)
قال السجاوندي: "أحْياءً نصب لِنَزْعِ الإضافة يعني: كِفاتَ الأحْياءِ، أو لِنَزْعِ الخافض، يعني: لِلأحْياءِ. أبو حاتم: "كِفاتًا" وقف؛ أي: ذات ضَمٍّ للناس، و"أحْياء" حالُ محذوفٍ". عين المعانِي 141/ أ.
الجنة، وأنشد في معناه لأُمَيّةَ بن أبِي الصَّلْتِ:
455 -
والأرْضُ مَعْقِلُنا وَكانَتْ أُمَّنا
…
فِيها مَقابِرُنا وَفِيها نُولَدُ
(1)
قوله: {وَجَعَلْنَا فِيهَا} يعني: في الأرض {رَوَاسِيَ} يعني الجبال {شَامِخَاتٍ} أي: طِوالٍ، وكل شيء عالٍ فهو شامخ، ويقال للمتكبر: شَمَخَ بأنْفِهِ
(2)
، والتاء في موضع نصب على النعت لـ {رَوَاسِيَ} {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27)} يعني: عَذْبًا، وكل عَذْبٍ فُراتٌ، يُذَكِّرُهُمُ اللَّهُ تعالى بِنِعْمَتِهِ عليهم.
ثم ذَكَرَ ما يُقالُ لهم في الآخرة، فقال تعالى:{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)} في الدنيا أنه كائن، وهي النار {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30)}؛ أي: فِرَقٍ، وهي شُعَبُ جَهَنَّمَ، يعني: دُخانَها، سمِّيَتْ شُعَبًا لأنها تَمْنَعُ الكُفّارَ من الخروج من جهنم.
قال أبو عُمَرَ
(3)
: حَدَّثَنِي الشَّيْبانِيُّ
(4)
: إنْ قِيلَ: لِمَ قِيلَ: {ثَلَاثِ شُعَبٍ} ؟
(1)
البيت من الكامل، لأُمَيّةَ بن أبِي الصَّلْتِ، ويُرْوَى:"فِيها مَعايشُنا"، ويُرْوَى:"فِيها مَعاقِلُنا".
التخريج: ديوانه ص 52، الحيوان 3/ 364، 5/ 437، تأَويل مشكل القرآن ص 104، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ص 187، المخصص 13/ 180، الكشف والبيان 1/ 127، تفسير القرطبي 1/ 112، 20/ 167، اللباب فِي علوم الكتاب 20/ 473، فتح القدير 5/ 487.
(2)
قاله ابن السكيت وابن قتيبة والمبرد، ينظر: إصلاح المنطق ص 415، غريب القرآن لابن قتيبة ص 506، الكامل للمبرد 4/ 51، وينظر: شفاء الصدور ورقة 198/ ب، تهذيب اللغة 7/ 96، الصحاح 1/ 425.
(3)
هو أبو عمر الزاهد، وقوله ذكره أبو بكر السجستانِئ بنصه في غريب القرآن ص 170.
(4)
هو أبو مُحَلِّمٍ محمدُ بنُ هِشامٍ بنِ عَوْفٍ البَخْتَرِيُّ التَّمِيمِيُّ الشَّيْبانِيُّ اللُّغَوِيُّ، شيخ أبِي عُمَرَ الزّاهِدِ، كان أحْفَظَ أهْلِ زَمانِهِ للشعر ووقائع العرب، من كتبه: خَلْقُ الإنسان، الأنْواءُ، الخَيْلُ، توفِّي سنة (285 هـ). [بغية الوعاة 1/ 257 - 258، الأعلام 7/ 131].
قيل: لأن الفَأْرَ إذا خَرَجَ مِنْ مَحْبسِهِ أخَذَ يَمْنةً أو يَسْرةً أو فَوْقَ، ولا رابِعَ له. وقيل
(1)
: الشُّعَبُ الثَّلَاثُ: اللَّهَبُ والشَّرَرُ والدُّخانُ.
{لَا ظَلِيلٍ} ؛ أي: لا بارد {وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)} يعني: مِنْ لَهَبِ جَهَنَّمَ، و {ظَلِيلٍ} خفض على البدل من {ظِلٍّ}
(2)
، ومثل هذا: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ لَا عالِمٍ ولا أدِيبٍ، وَوَرَدْتُ الماءَ لا عَذْبًا وَلا شَرِيبًا، ويجوز الرفع على الابتداء
(3)
.
ثم قال: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} قرأه العامة بفتح القاف وجزم الصاد، وَرُوِيَ عن ابن عباس وسعيذ بن جُبَيْرٍ بكسر القاف وفتح الصاد
(4)
، قال أبو حاتِمٍ
(5)
: ولعلها لُغةٌ، وقيل
(6)
: أراد أعناق النَّخْلِ، وقيل
(7)
: أُصُولُ النَّخْلِ
(1)
ذكره السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة 141/ أ، وينظر: تفسير القرطبي 19/ 163.
(2)
"ظَلِيلٍ" نعت لـ "ظِلِّ"، أي: إلَى ظِلٍّ غَيْرِ ظَلِيلٍ، قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 118، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 603، ولَمْ أقف على من قال: إنه بَدَلٌ من "ظَلِيلٍ".
(3)
وهذا في غير القرآن، وقد قرأ عُبَيْدُ بن عُمَيْرٍ في الشواذِّ:"لَا ظَلِيلٌ" بالرفع، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة 257.
(4)
وهي قراءة الحسن أيضًا، ورُوِيَ عن ابن عباس وابن جُبَيْير وَحُمَيْدٍ والسُّلَمِيِّ أيضًا:"كالْقَصَرِ" بفتح القاف والصاد، ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 429، المحتسب 2/ 346، تفسير القرطبي 19/ 164، البحر المحيط 8/ 398.
(5)
قال ابن جني: "وقال أبو حاتم: لعل القِصَرَ بكسر القاف لُغةٌ كَحاجةٍ وَحِوَجٍ، قد قالوا أيضًا، في حَلْقةِ الحَدِيدِ: حَلَقةٌ بفتح اللام، وقالوا: حِلَقٌ بكسر الحاء. أبو حاتم: قال الحَسَنُ: قَصْرةٌ وَقَصْرٌ مثل جَمْرةٍ وَجَمْرٍ". المحتسب 2/ 346، وينظر قوله أيضًا في الكشف والبيان 10/ 110، الفريد للهمداني 4/ 603، تفسير القرطبي 19/ 164.
(6)
هذا على قراءة "كَالْقَصَرِ" بفتح القاف والصاد، ولَمْ يذكرها المؤلف، وهذا قول ابن السِّكِّيتِ وابن قتيبة، ينظر: إصلاح المنطق ص 41، تأويل مشكل القرآن ص 320، وينظر: الصحاح 2/ 793، المحرر الوجيز 5/ 420.
(7)
هذا أيضًا، على قراءة "كالْقَصَرِ" بفتح القاف والصاد، وهو قول قتادة والفراء وابن قتيبة، =
المَقْلُوعةُ، والقَصْرُ: البِناءُ العَظِيمُ كالحِصْنِ، وَواحِدُ القُصُورِ من الدُّورِ قَصْرٌ، كما تقول: جَمْرةٌ وَجَمْرٌ وَتَمْرةٌ وَتَمْرٌ
(1)
.
ثُمَّ شَبَّهَهُ في لَوْنِهِ بِالجِمالَاتِ الصُّفْرِ، فقال:{كَأَنَّهُ} يعني الشَّرَرَ، رَدَّ الكِنايةَ إلَى اللَّفْظِ {جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)}؛ أي: سُودٌ، وقرأ ابن عباس:"جُمالةٌ"
(2)
بضم الجيم من غير ألف أراد: الأشْياءَ العِظامَ المَجْمُوعةَ، وقرأ الباقون بالألف وكسر الجيم على جمع الجِمالِ، و {صُفْرٌ} جَمْعُ الأصْفَرِ يعني لون النار.
= ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 225، غريب القرآن لابن قتيبة ص 507، تأويل مشكل القرآن ص 320، جامع البيان 29/ 297، إعراب القرآن 5/ 120.
(1)
المؤلف هنا خَلَطَ في تفسير معنى القراءتين؛ لأن قوله: "كما تقول: جَمْرةٌ وجَمْرٌ وتَمْرةٌ وَتَمْرٌ" إنما هو تبيين لقراءة العامة: {كالْقَصْرِ} ، لا لقراءة ابن عباس {كالْقِصَرِ} بكسر القاف وفتح الصاد، قال ابن قتيبة:{بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} من البناء، وَمَنْ قَرَأهُ:"كالْقَصَرِ" أراد أُصُولَ النَّخْلِ المقطوعة المقلوعة. ويقال: أعناق النخل أو الإبل، شَبَّهَها بِقَصَرِ الناس؛ أي: أعناقهم". غريب القرآن ص 507.
وقال الأزهري: "وقال أبو معاذ النَّحْوِيُّ: قَصَرُ النُّخْلِ، الواحدة قَصَرةٌ، وذلك أن النخلة تُقْطَعُ قَدْرَ ذِراع يَسْتَوْقِدُونَ بِها فِي الشتاء. قال: وهو قولك لِلرَّجُلِ إنه لَتامُّ القَصَرةِ إذا كان ضَخْمَ الرَّقَبةِ، وقال الضَّحّاك: القَصَرُ من أصول الشجر: العِظامُ، وقرأه الحَسَنُ: كالقَصْرِ مخففًا وَفَسْرُهُ: الجِذْلَ من الخَشَبِ، الواحدة قَصْرةٌ مثل تَمْرةٍ وَتَمْرٍ". تهذيب اللغة 8/ 360 - 361.
(2)
قرأ ابن عباس والسُّلَمِيُّ والأعمش وأبو حَيْوةَ وابنُ أبي عَبْلةَ وَرُوَيْسٌ وَيَعْقُوبُ والجَحْدَرِيُّ وابنُ أبِي إسْحاقَ وعيسى بن عمر: "جُمالةٌ"، وقرأَ ابن عباس وقتادة وابنُ جُبَيْرٍ والحَسَنُ وأبو رجاء وقتادة ومجاهد وَحُمَيْدٌ:"جُمالاتٌ"، وقرأ حَمْزةُ والكِسائِي، وَحَفْصٌ عن عاصم، والأصْمَعِيُّ وهارونُ كِلاهُما عن أبِي عمرو:"جِمالةٌ"، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم:"جِمالَاتٌ"، ينظر: السبعة ص 666، المحتسب 2/ 347، الكشف والبيان 10/ 111، تفسير القرطبي 19/ 165، البحر المحيط 8/ 398.
وقال بعض أهل المعانِي
(1)
: أراد: سُودًا، لأن في بعض الأخبار أنَّ شَرَرَ نارِ جَهَنَّمَ أسْوَدُ كالْقارِ -أعاذنا اللَّه منها-، والعرب تُسَمِّي الإبِلَ السُّودَ صُفْرًا، قال الأعشى:
456 -
تِلْكَ خَيْلِي وَتلْكَ مِنْها رِكابِي
…
هِيَ صُفْرٌ أوْلادُها كالزَّبِيبِ
(2)
وإنما سُمِّيَتْ سُودُ الإبِلِ صُفْرًا لأنها يَشُوبُ سَوادَها شَيْءٌ من صُفْرةٍ، كما قِيلَ لبعض الظِّباءِ: أُدْمٌ لأن بَياضَها تَعْلُوهُ كُدْرةٌ
(3)
، وقيل
(4)
: هي حِبالُ السُّفُنِ يُجْمَعُ بَعْضُها إلَى بَعْضٍ حتى تكون كَأوْساطِ الرِّجالِ، وقيل
(5)
: هي قِطَعُ النُّحاسِ.
(1)
هذا قول الفراء وأبيِ عبيدة وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 225، مجاز القرآن 2/ 281، غريب القرآن لابن قتيبة ص 507، وهذا اللفظ من الأضداد كما ذكر العلماء، ينظر: الأضداد لأبِي حاتم ص 173، الأضداد لابن الأنباري ص 160، الأضداد لأبِي الطيب 1/ 424 - 425.
(2)
البيت من الخفيف، للأعشى من قصيدة يمدح بِها قَيْسَ بنَ مَعْدِي كَرِبٍ، ورواية ديوانه:
تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ، وَتلْكَ رِكابِي
…
هُنُّ صُفْرٌ. . . . . . البيت
التخريج: ديوانه ص 385، تأويل مشكل القرآن ص 321، جمهرة اللغة ص 745، المحب والمحبوب 1/ 226، الأضداد لابن الأنباري ص 161، الأضداد لأبي الطيب 1/ 425، تهذيب اللغة 12/ 170، إعراب القراءات السبع 2/ 429، مقاييس اللغة 3/ 294، المخصص 2/ 105، الكشف والبيان 10/ 111، تفسير السمرقندي 3/ 437، الكشاف 1/ 288، شمس العلوم 6/ 3764، عين المعانِي 141/ أ، تفسير القرطبي 1/ 450، 8/ 350، 19/ 164، غريب القرآن للرازي ص 221، الجمان في تشبيهات القرآن ص 338، اللسان: خشب، صفر، اللباب 20/ 82، التاج: خشب.
(3)
من أول قوله: "والعرب تسمي الإبل السود" قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص 320، 321.
(4)
قاله ابن عباس، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 507، جامع البيان 29/ 299، تهذيب اللغة 11/ 107 - 108.
(5)
قاله ابن عباس أيضًا، ينظر: جامع البيان 29/ 300، المحرر الوجيز 5/ 420، تفسير القرطبي 19/ 165.
قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} يعني: بَيْنَ أهْلِ الجنة والنار {جَمَعْنَاكُمْ} يعني مُكَذِّبِي هَذِهِ الأُمّةِ {وَالْأَوَّلِينَ (38)} ؛ أي: مَعَ الأولين الذين كَذَّبُوا أنْبِياءَهُمْ {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)} قال مقاتلٌ: يقول: إنْ كانت لكم حِيلةٌ فاحْتالُوا لأنفسكم، وحُذفت الياءُ، لأن النون صارت عِوَضًا منها، لأنها مكسورة وهي رأس آية
(1)
، والكَيْدُ: الحِيلةُ.
والمعنى: فَإنْ كان لكم حِيلةٌ فاحْتالُوا لأنفسكم، وانْجُوا مِمّا نَزَلَ بكم {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40)} بالبعث.
ثم ذَكَرَ المؤمنين، فقال:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41)} ؛ أي: فِي ظِلالِ الشَّجَرِ وَظِلالِ أكْنانِ القُصُورِ وَعُيُونِ الماءِ، وقرأ الأعرج:{فِي ظُلَلٍ}
(2)
على جَماعِ الظُّلّةِ {وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42)} ويقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} في الدنيا بطاعة اللَّه {إِنَّا كَذَلِكَ} يا محمد {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44)} بأعمالهم في الجنة، ونصب {هَنِيئًا} على نعت المصدر المحذوف تقديره: شُرْبًا هَنِيئًا
(3)
، وقيل
(4)
: على الحال.
ثم قال لكفار مكة: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا} يعني: في الدنيا {قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46)} أي: مُشْرِكُونَ باللَّه مُسْتَحِقُّونَ لِلْعَذابِ، ونصب {قَلِيلًا} على النعت لمصدر
(1)
قاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 122، وقال ابن الأنباري:"فهذه الحروف كُلُّها الياءُ منها ساقطة في المصحف، والوقف عليها بغير هاء". إيضاح الوقف والابتداء ص 256.
(2)
وهي أيضًا، قراءة الأعمش والمُطَّوَّعِيِّ والزُّهْرِيِّ وطلحة، ينظر: تفسير القرطبي 19/ 167، البحر المحيط 8/ 399، الإتحاف 2/ 582.
(3)
ينظر ما سبق في الآية 19 من سورة الطور 3/ 189.
(4)
قاله المبرد في المقتضب 4/ 312، والنحاس في إعراب القرآن 1/ 435، وينظر: المحرر الوجيز لابن عطية 5/ 421، التبيان للعكبري ص 329.