الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة نوح
مكية
وهي تسعمائة وتسعة وعشرون حرفًا، ومائتان وأربع عشرة كلمةً، وثَمانٍ وعشرون آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ نُوحٍ كانَ مِن المؤمنين الذين تُدْرِكُهُمْ دَعْوةُ نُوحٍ عليه السلام"
(1)
.
ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ نُوحٍ عليه السلام كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرةٍ نَزَلَتْ يَوْمَ الغَرَقِ حَسَنةٌ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} وهو نُوحُ بن لَمَكَ بن مَتُّوشَلَخَ ابنِ أخْنُوخَ - وهو إدْرِيسُ عليه السلام
(3)
.
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 43، الوسيط 4/ 356، الكشاف 4/ 166، مجمع البيان 10/ 130.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
(3)
ينظر: السيرة النبوية لابن هشام 1/ 1، 2، جامع البيان 7/ 340، شفاء الصدور ورقة =
ونوح بالسُّرْيانِيّةِ معناه السّاكِنُ لأن الأرض طُهِّرَتْ من خَبَثِ الكفار وسَكَنَتْ إليه، وفي الحديث:"أوَّلُ بَنِي إسْرائِيلَ نُوحٌ عليه السلام"
(1)
، قاله السجاونديُّ
(2)
. وسُمِّيَ نُوحًا؛ لأنه كان كَثِيرَ النِّياحةِ على نفسه.
والأصل في {إنَّا} إنَّنا، حُذفت النون الثانية تخفيفًا، قال صاحب إنسان العين
(3)
: لأنه لو حُذِفَت الأولَى لَبَقِيَتْ نُونانِ متحركتان، فيجب الإدغام ويُكْرَهُ الإعلال بعد الإعلال، والثالثة اسم "إنَّ" فلا تحذف، وقوله:{أرْسَلْنَا} سكنت اللام في الأصل لاجتماع الحركات وأنه مَبْنِيٌّ، واسم نوح اسم أعجمي انصرف لأنه على ثلاثة أحرف
(4)
.
وقوله: {أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} النِّذارةُ: التحذير والتخويف، و {أَنْ} في موضع
= 167/ ب، الأنساب للسمعانِي 1/ 25، الإيناس بعلم الأنساب ص 203، البداية والنهاية 1/ 113، فتح الباري 6/ 264، 266.
(1)
هذا الحديث لا أصل له؛ لأن نُوحًا عليه السلام ليس من بَنِي إسرائيل، فقد رَوَى الطَّبَرانِيُّ والحاكم وغيرهما عن ابن عباس قال:"كان الأنبياء من بني إسرائيل إلّا عَشْرةً: نُوحٌ وصالِحٌ وهُودٌ ولُوطٌ وشُعَيْبٌ وإبْراهِيمُ وإسْماعِيلُ وإسْحاقُ وعِيسَى ومُحَمَّدٌ". المعجم الكبير 11/ 221، المستدرك 2/ 373 كتاب التفسير: سورة الأنبياء. ولكنْ ربما يكون مقصودُ المؤلف أن نُوحًا عليه السلام هو أوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ، فقد رَوَى ابنُ عساكر عن أنس، رحمه الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ نُوحٌ". تاريخ دمشق 62/ 243، وينظر: القرطبي 13/ 332، 16/ 10، الدر المنثور 3/ 94، كنز العمال 11/ 512.
(2)
من أول قوله: "ونوح بالسريانية" قاله السجاوندي في عين المعانِي ورقة 137/ ب.
(3)
هذا القول ليس في عين المعانِي.
(4)
قال سيبويه: "وأما نوح وهود ولوط فتنصرف على كل حال لِخِفَّتِها". الكتاب 3/ 235، وينظر: إعراب القرآن للنحاس 5/ 37.
نصب على حذف حرف الجر؛ أي: بأن أنذر قومك
(1)
، وقيل
(2)
: لا موضع لَها من الإعراب، إنما هي للبيان بمعنى "أيْ"، ومثلها:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}
(3)
على الوجهين.
وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)} يعني الطوفان والغرق، والمعنى: أرْسَلْناهُ لِيُنْذِرَهُم بالعذاب الأليم إنْ لَمْ يؤمنوا {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ (4)} . . الآية، هذا جواب الأمر، و {مِن} هاهنا صلة معناه: يَغْفِرْ لكم ذُنُوبَكُمْ
(4)
، ولَمْ تدخل لتبعيض الذنوب، كقوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}
(5)
؛ أي: اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الذي هو الأوْثانُ
(6)
.
(1)
قاله الخليل والفراء والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 187، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 227، وأجاز الزجاج أيضًا أن تكون "أنْ" في موضع خفض مع سقوط الباء؛ لأن "أنْ" يحسن معها سقوطُ الباء.
(2)
يعني أنها مفسرة، وهذا قول النحاس ومَكِّيٍّ، ينظر: إعراب القرآن 5/ 37، مشكل إعراب القرآن 2/ 410، وينظر أيضًا: الكشاف للزمخشري 4/ 161، كشف المشكلات للباقولِي 2/ 387، البيان للأنباري 2/ 464، الفريد للهمدانِي 4/ 533.
(3)
الآية الثالثة من هذه السورة.
(4)
هذا القول حكاه ابن الأنباري عن الكسائي وهشام الضرير في إيضاح الوقف والابتداء 1/ 16، 17، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِي 4/ 533.
(5)
الحج 30.
(6)
كلام المؤلف هنا مناقضٌ لِما ذكره قبل قليل من أنها صلة، لأنه هنا يعني أن "مِنْ" لبيان الجنس، وهو ما اختاره في الآية 30 من سورة الحج 1/ 247، وهذا قول الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 228، قال ابن عطية:"وهذا ضعيف؛ لأنه ليس هنا جِنْسٌ يُبَيَّنُ". المحرر الوجيز 5/ 372.
وذهب الفراء إلى أن "مِنْ" هنا بمعنى "عَنْ"، قاله في معانِي القرآن 3/ 187، واختار ابن عطية أنها للتبعيض، فقال: "وقال آخرون: هي للتبعيض، وهذا عندي أبْيَنُ الأقوال، =
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)} هما ظرفا زمان، والعامل فيهما {دَعَوْتُ} ، {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6)} يعني: نِفارًا وإدْبارًا عنه، وتَباعُدًا من الإيمان، وهو مفعولٌ ثانٍ لـ {يَزِدْهُمْ} ، قرأ الكوفيون:"دُعائِي" بإسكان الياء، وحركها الباقون
(1)
.
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ} يريد: إلى طاعتك والإيمانِ بِكَ {لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} كي لا يسمعوا صوتِي ودعائي {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} يعني: غَطَّوْا بِها وُجُوهَهُمْ حَتَّى لا يَرَوْنِي {وَأَصَرُّوا} ؛ أي: أقاموا على الكفر، {وَاسْتَكْبَرُوا} يعني: يَكَبَّرُوا على اللَّه وعلى دِينِهِ الذي جاءهم به {اسْتِكْبَارًا (7)} يعنِي تَكَبُّرًا، و {كُلَّمَا} نصب على الظرف، والعامل فيه فيه {جَعَلُوا} .
قوله: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8)} ؛ أي: مُعْلِنًا لهم بالدعاء بأعلى صوتِي، وهو نصب على الحال
(2)
، وقيل
(3)
: على المصدر، {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ
= وذلك أنه لو قال: يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ لَعَمَّ هذا اللَّفْظُ ما تَقَدَّمَ من الذنوب وما تَأخَّرَ عن إيمانهم، والإسلام إنما يَجُبُّ ما قبله، فهي بَعْضٌ من ذنوبهم". المحرر الوجيز 5/ 372، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 533، البحر المحيط 8/ 332، الدر المصون 6/ 382.
(1)
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ونافع وأبو جعفر: "دُعائِيَ" بفتح الياء، وقرأ الباقون بإسكانها، ورَوَى عباسُ بن منصور من أبِي عمرو أنه كان يُسَكِّنُ الياءَ، ينظر: السبعة ص 652، الإتحاف 2/ 563.
(2)
قال الزجاج: "وجِهارًا: مصدر موضوع موضع الحال، والمعنى: دَعَوْتُهُمْ مُجاهِرًا بالدعاء". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 228 - 229، وبه قال مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 411.
(3)
يعني أنه مصدر من معنى الفعل دَعا، وهو قول النحاس في إعراب القرآن 5/ 38، وقال الزمخشري:{وجِهارًا} منصوب بـ {دَعَوْتُهُمْ} نَصْبَ المصدر؛ لأن الدعاء أحَدُ نَوْعَيْهِ الجِهارُ، فَنُصِبَ به نَصْبَ القُرْفُصاءَ بـ "قَعَدَ" لكونها أحَدَ أنواع القُعُودِ، أو أراد بـ {دَعَوْتُهُمْ}: جاهَرْتُهُمْ". الكشاف 4/ 162، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 534، البحر المحيط 8/ 333.