الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بعض النحويين
(1)
: وقد يدخل "ما" لِصفاتِ مَنْ يَعْقِلُ، كقوله تعالى:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}
(2)
؛ لأن الرَّبَّ هو المالِكُ، والمالِكُ صِفةٌ.
{وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)} ؛ أي: وَسَّعَها وَبَسَطَها على الماء، وفي "ما" الوجهان أيضًا كما ذكرنا، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)}؛ أي: عَدَلَ خَلْقَها، وَسَوَّى أعْضاءَها، وفي "ما" أيضًا الوجهان كما تقدم.
قوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} يعني: بَيَّنَ لَها الخَيْرَ والشَّرَّ، وقيل: عَلَّمَها الطاعة والمعصية، والإلْهامُ: التَّلْقِينُ، والالْتِهامُ: الابْتِلَاعُ، يقال: جَيْشٌ لَهامٌ كأنه يَلْتَهِمُ ما يَمُر به، وَفَرَسٌ لِهَمٌّ كأنه يَلْتَهِمُ الأرْضَ
(3)
، وقيل: أصله التشريف، واللَّهامِيمُ: الأشْرافُ، هكذا ذكره صاحب إنسان العين
(4)
.
فصل
عن أبِي هريرة قال: سمعتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللَّه تعالَى مَنَّ عَلَى
(1)
هو طاهر بن أحمد بن بابشاذ، وهذا ما قاله في شرح الجمل 1/ 36.
(2)
الشعراء 23.
(3)
قال ابن دريد: "واللَّهْمُ: أصل بناءِ الْتَهَمَهُ الْتِهامَا: إذا ابتَلَعَهُ، وَجَيْشٌ لُهامٌ: يَلْتَهِمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَبَحْرٌ لِهَمٌّ: واسِعٌ كَثِيرُ الماءِ، وَرَجُلٌ لِهَمٌّ: جَوادٌ، وَفَرَسٌ لِهَمٌّ وَلهْمِيمٌ وَلُهْمُومٌ: إذا كان جوادًا غَزِيرَ الجَرْيِ، وَألْهَمَهُ اللَّهُ كذا وكذا إلْهامًا". جمهرة اللغة 2/ 987، وينظر: المحيط في اللغة 3/ 494، اللسان: لهم.
وقال الأزهري: "وقال الليث: فَرَسٌ لِهَمٌّ، وَلِهْمِيمٌ: سابقٌ يَجْرِي أمامَ الخَيْلِ؛ لالْتِهامِهِ الأرْضَ، والجميع لَهامِيم، ورجُلٌ لَهُوم: أكول، ويقال: ألْهَمَهُ اللَّهُ خَيْرًا؛ أي: لَقَّنَهُ خَيْرًا، ونَسْتَلْهِمُ اللَّهَ الرَّشادَ، وَجَيْشٌ لُهام: يَغْتمِرُ مَنْ يَدْخُلهُ أي: يُغيَّب ما فِي وَسَطه". تهذيب اللغة 6/ 318 - 319.
(4)
لَمْ يذكره فِي عين المعانِي.
قَوْمٍ، فَألْهَمَهُم الخَيْرَ، وَأدْخَلَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وابْتَلَى قَوْمًا، فَخَذَلَهُمْ وَذَمَّهُمْ على أفْعالِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا غَيْرَ ما ابْتَلَاهُمْ بِهِ، فَعَذَّبَهُمْ وَقَدْ عَدَلَ فِيهِمْ"
(1)
.
وقد رُوِيَ في هذه الآيةِ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَأنَّ تفسيرها:"التَّوْفِيقُ مِنَ اللَّهِ لِلْخَيْرِ والخِذْلَانُ لِلشَّرِّ"
(2)
، رواه مُسْلِمٌ بإسناده عن عِمْرانَ بنِ الحُصَيْنِ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} يعني: سَعِدَ وَفازَ مَنْ أصْلَحَها وَطَهَّرَها من الذُّنُوبِ، وهذا جواب القسم.
قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} خابَتْ وَخَسِرَتْ نَفْسٌ أضَلَّها اللَّه وَأغْواها، وقيل: المعنى: أفْلَحَ مَنْ زَكّاهُ اللَّه، وَخابَ مَنْ أضَلَّهُ اللَّهُ.
وأصل {دَسَّاهَا} : دَدسَّمَمها من التَّدْسِيسِ، وهو إخْفاءُ الشَّيْءِ، لَكِنْ أبْدَلُوا من السين الثانية ياءً، وَقُلِبَتْ ألِفًا لِتَحْرِيكِها وانْفِتاحِ ما قَبْلَها
(3)
، وقيل
(4)
:
(1)
ينظر: طبقات المحدثين بأصبهان 2/ 413 - 414، الوسيط 4/ 496، كنز العمال 1/ 114.
(2)
رواه مسلم في صحيحه 8/ 47 كتاب القَدَرِ: باب حِجاجِ آدَمَ وَمُوسَى، عليهما السلام، وينظر: كتاب السُّنّة لابن أبِي عاصم ص 76، 77، المعجم الكبير للطبرانِي 18/ 223، 224، جامع البيان 30/ 265.
(3)
قاله ابن خالويه والجوهري، ينظر: إعراب ثلاثين سورة ص 102، الصحاح 6/ 2336، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن 2/ 477، المخصص 13/ 288.
(4)
قاله الفراء وابن السكيت وابن قتيبة والزجاج، ينظر: معاني القرآن للفراء 3/ 267، الإبدال لابن السكيت ص 134، تأويل مشكل القرآن ص 344، أدب الكاتب ص 376، غريب القرآن لابن قتيبة ص 530، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 332، وحكاه الأزهري عن الليث وابن الأعرابِيِّ في تهذيب اللغة 12/ 281، 13/ 41.