الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسِّنِينَ، ولا مَنَعُوا الزَّكاةَ إلّا حُبِسَ عنهم القَطْرُ"
(1)
.
قوله: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ} يعني الذين يفعلون هذا {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)} وهو يوم القيامة، فَيُحاسَبُونَ بأعمالهم التي أحصاها اللَّه تعالى عليهم.
ثم أخْبَرَ عن ذلك اليوم، فقال تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} المعنى: يوم يقوم الناس من قبورهم لأمْرِ رَبِّ العالمين، قال الزَّجّاجُ
(2)
: و {يَوْمَ} منصوب بقوله: {مَبْعُوثُونَ} ، المعنى: ألَا يَظُنُّونَ أنهم يُبْعَثُونَ يوم القيامة، ويجوز في العربية خَفْضُهُ على البدل، ورفعه بإضمار مبتدأ
(3)
.
فصل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العَرَقَ لَيَذْهَبُ فِي الَأرض يومَ القيامة سبعين باعًا، وَإنَّهُ لَيَبْلُغُ إلَى أفْواهِهِمْ"
(4)
-أو قال: "إلَى آذانِهِمْ" شَكَّ الراوي-.
وعن عبد اللَّه بن عَمْرٍ و قال: تَلَا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ
(1)
رواه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 346، 347 كتاب صلاة الاستسقاء: باب الخروج من المظّالِمِ، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير 11/ 38، وينظر: الكشف والبيان 10/ 150، مجمع الزوائد 3/ 65 كتاب الزكاة: باب فرض الزكاة.
(2)
معانِي القرآن وإعرابه 5/ 298.
(3)
هذا ما قاله الزجاج، وقد قُرِئَ في الشواذ بالخفض والرفع، حَكَى أبو معاذ:{يَوْمِ يَقُومُ} بالخفض، وقرأ زيدُ بنُ عَلِيٍّ:{يَوْمُ} بالرفع، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 170، البحر المحيط 8/ 432.
(4)
رواه الإمام أحمد في المسند 2/ 418، ومسلم في صحيحه 8/ 158 كتاب صفة القيامة والجنة والنار: باب في صفة يوم القيامة.
لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، فقال صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ بِكُمْ إذا جُمِعْتُمْ كَما يُجْمَعُ النَّبْلُ فِي الكِنانةِ خَمْسِينَ ألْفَ سَنةً لا يُنْظَرُ إلَيْكُمْ؟ "
(1)
.
ويقال
(2)
: ما طُولُ القِيامةِ على المؤمن إلا كما بَيْنَ الظهر والعصر، قال اللَّه تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا} يعني الساعة {إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}
(3)
.
قيل: مقدار لُبْثِهِمْ كما بَيْنَ صلاة العصر إلَى أن تغيب الشمس، أو كما بَيْنَ طلوع الشمس إلَى أنْ تَدْنُوَ، واللَّه أعلم.
وَرَوَى سُلَيْمُ بن عامر
(4)
قال: حَدَّثَنِي المِقْدادُ بن الأسود
(5)
قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يومُ القيامة أدْنِيَتِ الشَّمْسُ من العباد حَتَّى تكون قَدْرَ مِيلٍ أو مِيلَيْنِ"، قال سُلَيْمٌ: فلا أدري، أمَسافةَ الأرض أم المِيلُ الذي تُكْحَلُ به العَيْنُ؟، ثم قال: "فَتَصْهَرُهُم الشَّمْسُ، فَيَكُونُونَ فِي العَرَقِ كَقَدْرِ
(1)
رواه الحاكم في المستدرك 4/ 572 كتاب الأهوال: باب "لا يدخل أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ حَتَّى يُنَقَّوْا عن مَظالِمِ الدنيا"، وينظر: شفاء الصدور ورقة 218/ ب، 219/ أ، مجمع الزوائد 7/ 135 كتاب التفسير: سورة "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".
(2)
هذا قول إبراهيم التَّيْمِيِّ، رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره 3/ 316، 355، وينظر: شفاء الصدور ورقة 219/ أ، تفسير القرطبي 18/ 283.
(3)
النازعات 46.
(4)
هو سليم بن عامر الكَلَاعِيُّ الخَبائِريُّ، أبو يحيى الحِمْصِيُّ، تابعيٌّ ثقة، روى عن المقداد ابن الأسود وأبِي أُمامةَ وَأبِي الدَّرْداءِ وَأبِي هريرة، توفِّي سنة (130 هـ). [سير أعلام النبلاء 5/ 185، 186، تَهذيب التهذيب 4/ 146].
(5)
المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي البَهْرانِيُّ، أبو معبد الحضرميُّ، صحابِيٌّ من الأبطال، وأحد السبعة الذين كانوا أوُّلَ من أظهر الإسلام بمكة، وأول من قاتل على فرس في سبيل اللَّه، كان من سكان حضرموت، وقدم إلى مكة، فتبناه الأسود بن عبد يغوث الزُّهْرِيُّ، فصار يُعرف به حتى حُرِّمَ التبني، شهد بدرًا وما بعدها، سكن المدينة، وتوفِّي على مقربة منها سنة (33 هـ). [الإصابة 6/ 159 - 161، تقريب التهذيب 2/ 210، الأعلام 7/ 282].
أعْمالِهِمْ، فمنهم مَنْ يأخذه إلَى عَقِبَيْهِ، ومنهم مَنْ يأخذه إلَى رُكْبَتَيْهِ، ومنهم مَنْ يأخذه إلَى حِقْوَيْهِ، ومنهم مَنْ يُلْجِمُهُ إلْجامًا"
(1)
، فرأيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ بيَدِهِ إلَى فِيهِ؛ أي: يُلْجِمُهُ إلْجامًا، رواه مسلم عن الحكم بن موسى
(2)
عن يَحْيَى ابنِ حَمْزةَ
(3)
عن عبد الرحمن بن جابر
(4)
.
وروى القاسم بن أبِي بَزّةَ
(5)
أن ابن عُمَرَ قرأ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} ، حتى بلغ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} ، قال: فَبَكَى حتى خَرَّ، وامتنع من القراءة
(6)
.
(1)
صحيح مسلم 8/ 158 كتاب صفة القيامة والجنة والنار: باب في صفة يوم القيامة، ورواه الإمام أحمد في المسند 6/ 3، والترمذي في سننه 4/ 37 أبواب صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص.
(2)
الحَكَمُ بن موسى بن أبِي زهير شِيرَزادَ، أبو صالح البغدادي القنطريُّ الزاهد الإمام المحدث الحجة الثقة الصالح، رَوَى عن إسماعيل بن عَيّاشٍ وابن المبارك، رَوَى عنه أحمدُ بن حنبل ومسلمٌ والنسائيُّ وغيرهم، توفي سنة (232 هـ). [التاريخ الكبير 2/ 344، تهذيب الكمال 7/ 136 - 143، سير أعلام النبلاء 11/ 5 - 7].
(3)
يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي، أبو عبد الرحمن البَتَلْهيُّ، من حفاظ الحديث، كان قاضي دمشق وعالمها، ثقة صالح كثير الحديث، روى عن الأَوزاعي وثور بن يزيد وغيرهم، توفِّيَ سنة (183 هـ). [تهذيب الكمال 31/ 278: 283، سير أعلام النبلاء 8/ 354 - 355، الأعلام 8/ 143].
(4)
هو عبد الرحْمَنِ بن جابر بن عبد اللَّه بن عمرو بن حرام، أبو عتيق الأنصاريُّ المَدَنِيُّ، رَوَى عن أبيه وحزمِ بن أُبَيِّ بن كعب، وهو تابعي ثقة، توفِّيَ سنة (112 هـ). [الثقات 5/ 77، تَهذيب الكمال 17/ 23 - 26].
(5)
هو القاسم بن نافع، أو يَسارٍ، المَكِّي القارئ، أبو عبد اللَّه أو أبو عاصم المخزومي بالولاء، قيل: أصله من همدان، رَوَى عن ابن جبير وعكرمة ومجاهد، كان ثقة قليل الحديث، توفِّيَ بِمَكّةَ سنة (124 هـ). [الثقات لابن حبان 7/ 330 - 331، تهذيب الكمال 23/ 338 - 340].
(6)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 151، الوسيط 4/ 443، مجمع البيان 10/ 292، تاريخ دمشق 31/ 127.
قوله: {كَلَّا} هو كلمة رَدْعٍ وَزَجْرٍ وَوَعِيدٍ؛ أي: ليس الأمر كذلك {إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)} وهي الأرض السابعة السُّفْلَى، فيها أرواح الكفار وأعمالهم
(1)
، وقيل
(2)
: سِجِّينٌ: صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء، وخضرة السماء منها، يُجْعَلُ كتابُ الفُجّارِ تحتها، وقال وهب بن منبه
(3)
: هي آخر سلطان إبليس، وقيل
(4)
: معنى {سِجِّينٌ} : ضَيِّقٌ شَدِيدٌ، قال ابن مقبل:
487 -
وَرُفْقةٍ يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضاحِيةً
…
ضَرْبًا تَواصَتْ بِهِ الأبْطالُ سِجِّينا
(5)
(1)
قاله عبد اللَّه بن عَمْرٍو وقتادة ومجاهد والضحاك ومقاتل وابن زيد وعطاء، ينظر: جامع البيان 30/ 118، 119، الكشف والبيان 10/ 151، زاد المسير 9/ 54، تفسير القرطبي 19/ 257.
(2)
قاله الكلبي ومجاهد، وحكاه الفراء بغير عزو، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 246، جامع البيان 30/ 121، الكشف والبيان 10/ 152، زاد المسير 9/ 54، تفسير القرطبي 19/ 257.
(3)
ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 152.
(4)
هذا القول حكاه الثعلبي عن الأخفش في الكشف والبيان 10/ 152.
(5)
البيت من البسيط، لِتَمِيمِ بن أُبَيِّ بن مُقْبِلٍ، ورواية ديوانه:
ورَجْلةً يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ
…
ضَرْبًا تَواصَى بِهِ الأبْطالُ سِجِّينا
ويُرْوَى: "سِجِّيلَا"، ويُرْوَى:"سِخِّينا" بالخاء؛ أي: حارًّا، ويُرْوَى:"يَضْرِبُونَ الهامَ".
اللغة: الرَّجْلةُ: المُشاةُ على الأرجل، البِيضُ: جمع بَيْضةٍ وهي: الخوذة، سميت بذلك لأنها على شكل بيضة النعامة، عن عُرُضٍ: عن جانب وناحية، لا يبالون مَنْ ضَرَبُوا، السِّجِّينُ: الضرب الشديد الذي يُثْبِتُ المضروب بمكانه مقتولًا أو مُقارِبًا للقتل.
التخريج: ديوانه ص 236، مجاز القرآن 1/ 296، 2/ 312، غريب القرآن لابن قتيبة ص 208، المعانِي الكبير ص 991، معانِي القرآن وإعرابه 3/ 71، جمهرة اللغة ص 464، 1192، ديوان الأدب 1/ 341، جمهرة أشعار العرب ص 691، تهذيب اللغة 10586، 595، 11/ 29، مقاييس اللغة 3/ 137، الكشف والبيان 5/ 184، 10/ 152، معجم البلدان: سجين 3/ 218، الكشاف 4/ 286، مجمع البيان 5/ 313، عين المعانِي =