الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والضَّرِيعُ هو نَبْتٌ بالحجاز له شَوْكٌ، يُقال له: الشِّبْرِقُ، وأهل الحجاز يُسَمُّونَهُ الضرِيعَ إذا يَبِس
(1)
، وهو أخْبَثُ الطعامِ وَأبْشَعُهُ، لا تَرْعاهُ دابّةٌ، وقيل
(2)
: الضَّرِيعُ: العَوْسَجُ الرَّطْبُ، وهو نبات في النّارِ يُشْبِهُ العَوْسَجَ.
فصل
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الضَّرِيعُ شَيْءٌ يَكُونُ فِي النّارِ يُشْبِهُ الشَّوْكَ، أمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأنْتَنُ مِنَ الجِيفةِ، وَأشَدُّ حَرًّا مِنَ النّارِ، سَمّاهُ اللَّهُ عز وجل ضَرِيعًا"
(3)
.
وقال أبو الدَّرْداءِ والحَسَنُ: "إن اللَّهَ -تعالَى- يُرْسِلُ على أهل النّارِ الجُوعَ حَتَّى يَعْدِلَ عندهم ما هم فيه من العذاب، فَيَسْتَغِيثُونَ، فَيُغاثُونَ بِالضَّرِيعِ، ثُمَّ يَسْتَغِيثُونَ، فَيُغاثُونَ بِطَعامٍ ذِي غُصّةٍ، فَيَذْكُرُونَ أنَّهُمْ كانوا يُجِيزُونَ الغُصَصَ فِي الدُّنْيا بِالماءِ، فَيَسْتَسْقُونَ، فَيُعْطِشُهُمْ ألْفَ سَنةٍ، ثُمَّ يُسْقَوْنَ من عَيْنٍ آنِيةٍ
= وينظر أيضَّاَ: المفصل ص 30، 31، الإنصاف للأنباري ص 367 - 368، مغني اللبيب ص 315، خزانة الأدب 1/ 467.
(1)
قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 257، غريب القرآن لابن قتيبة ص 525، تأويل مشكل القرآن ص 68، جامع البيان 30/ 201 - 202، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 317، تهذيب اللغة 1/ 471 الوسيط 4/ 474، زاد المسير 9/ 96، تفسير القرطبي 20/ 29.
(2)
قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 573، وحكاه الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابِيِّ في تهذيب اللغة 1/ 472، والعَوْسَجُ: شَجَرٌ كثير الشَّوْكِ، له ثَمَرٌ أحْمَرُ مُدَوَّرٌ كأنه خَرَزُ العَقِيقِ، واحدته عَوْسَجةٌ. اللسان: عسج.
(3)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 188، الوسيط 4/ 474، مجمع البيان للطبرسي 10/ 336، عين المعانِي ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 20/ 30، الدر المنثور 6/ 342.
شَرْبةً لا هَنِيئةً ولا مَرِيئةً، فكلما أدْنَوْهُ من وُجُوهِهِمْ سَلَخَ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ وَشَواها، فإذا وصل إلَى بُطُوبهِمْ قَطَّعَها، فذلك قوله:{وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}
(1)
.
فلما نزلت هذه الآية قال المشركون: إنَّ إبلَنا لَتَسْمَنُ على الضَّرِيع، وَكَذَبُوا في ذلك، فَإنَّ الإبلَ لا تَرْعاهُ، فأنزل اللَّه تعالَى تكَذيبًا لَهُمْ، فقال تعالَى:{لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}
(2)
.
ثم وَصَفَ أهل الجنة بقوله تعالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8)} قال مقاتل: في نعمةٍ وكرامةٍ {لِسَعْيِهَا} في الدنيا {رَاضِيَةٌ} في الآخرة حين أُعْطِيَت الجنةَ بعملها {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)} مرتفعة {لَا تَسْمَعُ فِيهَا} يعني: في الجنة {لَاغِيَةً (11)} ؛ أي: باطلًا، يقال: لَغا الرَّجُلُ يَلْغُو لَغْوًا: إذا قال كلامًا فاسدًا.
وقوله: {تَسْمَعُ} يُقْرَأُ بالياء والتاء؛ لأن المراد باللاغية اللَّغْوُ
(3)
، فالتأنيث على اللفظ والتذكير على المعنى، قرأ ابن كثير وأبو عمرو:{لَا يُسْمَعُ} بياء مضمومة {فِيهَا لَاغِيَةً} رفعًا اسمَ ما لَمْ يُسَمَّ فاعلُهُ، وقرأ نافع:{تُسْمَعُ} بتاء مضمومة {لَاغِيَةً} رفعًا، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وأبو جعفر
(1)
محمد 15، والحديث رواه الترمذي في سننه 4/ 108 أبواب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، وينظر: المصنف لابن أبِي شيبة 8/ 93، جامع البيان 18/ 77، الوسيط 4/ 474، عين المعاني ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 15/ 322.
(2)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 188، الوسيط 4/ 475، تفسير القرطبي 20/ 32، زاد المسير 9/ 97.
(3)
أي: أنه مصدر، وهذا ما اختاره المؤلف في "الطاغية" و"الخاطئة" في الآيتين 5 - 9 من سورة الحاقة ص 1162، 1165، وينظر: مجاز القرآن 2/ 296، تهذيب اللغة 8/ 197، الحجة للفارسي 4/ 115، الصحاح 6/ 2483.
والأعمش: {لَا تَسْمَعُ} بتاء مفتوحة {لَاغِيَةً} نصبًا
(1)
على الخِطابِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
{فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12)} قال الكَلْبِيُّ: لَمْ لم أدْرِ بِماءٍ أو بغيره، وَكُلُّ عُيُونِ الجنةِ جارية، قال ابن عباس: أرْضُ الجَنّةِ فِضّةٌ، وَساعاتُها كالسّاعةِ الَّتِي بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ إلَى أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، لا شَمْسَ فِيها ولا قَمَرَ، فهي كذا مُنِيرةٌ، وليس فيها حَرٌّ يُؤْذِي ولا بَرْدٌ يُؤْذِي، وَأنْهارُها مُنْسَكِبةٌ تَجْرِي في غَيْرِ أُخْدُودٍ
(2)
، والعين مؤنثة على الصحيح، وقد حُكِيَ تذكيرُها
(3)
كما قال الشاعر:
510 -
والعَيْنُ بِالإثْمِدِ الحارِيِّ مَكْحُولُ
(4)
(1)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وَرُوَيْسٌ، وابنُ مُحَيْصِنٍ في أحد وَجْهَيْهِ، والحَسَنُ واليَزِيدِيُّ وعيسى ابنُ عمر:"يُسْمَعُ" بالياء مبنيًّا للمفعول "لاغِيةٌ" بالرفع، وقرأ نافع، وأبو عمرو في روايةٍ عنه، وابنُ كثيرٍ في رواية شبلٍ عنه، وابنُ مُحَيْصِنٍ في وجهه الثانِي، والأعرجُ:"تُسْمَعُ" بالتاء مبنيًا للمفعول "لاغِيةٌ" وقرأ الباقون، وخارجةُ عن نافعٍ:"تَسْمَعُ"، ينظر: السبعة ص 681 - 682، تفسير القرطبي 20/ 33، البحر المحيط 8/ 458، الإتحاف 2/ 606.
(2)
ينظر قول ابن عباس في شفاء الصدور ورقة 234/ أ، الدر المنثور 1/ 37.
(3)
هذا ما ذكره النحاس، ثم قال بعد أن أنشد البيت:"ولا يَعْرِفُ الأصمعيُّ في العَيْنِ إلا التأنيثَ. قال أبو جعفر: وهو الصحيح، وفي هذا البيت قولان، قال محمد بن يزيد: ما لَمْ يَكُنْ فيه علامة التأنيث، وكان غَيْرَ حَقِيقِيِّ التأنيثِ فَلَكَ تَذْكِيرُهُ نحو: هذه نار، وذاك دار، وأما الأصمعي فقال: مَكْحُولٌ للحاجب؛ لأنه تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ". إعراب القرآن 5/ 212 - 213، وقد أجاز سيبويه تذكيره في ضرورة الشعر، وَشَبَّهَهُ بقولهم: مَوْعِظةٌ جاءَنا، وأنشد البيت: والعين بالإثمد. . . ينظر: الكتاب 2/ 45 - 46، ولَمْ يذكر أبو حاتم السجستانِيُّ والمبرد في العين غير تأنيثها، ينظر: المذكر والمؤنث للسجستانِي ص 108 - 110، المذكر والمؤنث للمبرد ص 87، وقال ابن التستري فيما يذكر ويؤنث والمعنى فيه مختلف:"العين مؤنثة، فمذكرها: أعْيانُ الرَّجُلِ". المذكر والمؤنث ص 55 - 56.
(4)
هذا عجز بيت من البسيط، لِطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ، وصدره:
إذْ هِيَ أحْوَى مِنَ الرِّبْعِيِّ حاجِبُهُ =
{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)} قال ابن عباس: ألواحها من ذَهَبٍ، مُكَلَّلةٌ بِالزَّبَرْجَدِ والدُّرِّ والياقُوتِ، مُرْتَفِعةٌ ما لَمْ يَجِئْ أهْلُها، فإذا أراد أن يَجْلِسَ عليها تَواضَعَتْ له حَتَّى يَجْلِسَ عليها، ثُمَّ تَرْتَفِعُ إلَى مَواضِعِها
(1)
.
{وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)} ؛ أي: أقْداحٌ لا عُرَى لَها ولا آذانَ، موضوعةٌ عندهم مصفوفةٌ لَهُمْ، إذا شاؤوا أخذوها {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)} قد صُفَّ بَعْضُها إلَى بَعْضٍ، والنَّمارِقُ: الوَسائِدُ والمَرافِقُ، واحدتها: نُمْرُقةٌ -بضم النون-، وَرَوَى الفَرّاءُ سَماعًا عن العرب: نِمْرِقةٌ بكسر النون والراء
(2)
، قال الشاعر:
511 -
كُهُولٌ وَشُبّانٌ حِسانٌ وُجُوهُهُم
…
عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفةٍ وَنَمارِقِ
(3)
= اللغة: إذْ هِيَ: يَعْنِي: هَذِهِ المَرأةَ، شَبَّهَها بِالظُّبْيِ، الحُوّةُ: حُمْرةٌ تَضْرِبُ إلَى السُّوادِ، الرِّبْعِيُّ: ما نَتَجَ فِي الرَّبِيعِ، الإثْمِدُ: الكُحْلُ، الحارِي: المَنْسُوبُ إلَى الحِيرةِ، وَهُوَ نَسَبٌ عَلَى غَيْرِ القِياسِ، وَهُوَ حِيرِيٌّ.
التخريج: ديوانه ص 75، الكتاب 2/ 46، معانِي القرآن للفراء 1/ 127، المذكر والمؤنث للفراء ص 72، إعراب القرآن للنحاس 5/ 213، شرح أبيات سيبويه 1/ 129، إعراب القراءات السبع 1/ 78، سر صناعة الإعراب ص 669، المنصف 3/ 85، شرح شواهد الإيضاح ص 342، الإنصاف ص 775، شرح المفصل 10/ 18، اللسان: صرخد، هجج، ارتشاف الضرب ص 1113.
(1)
ينظر: الوسيط 4/ 475، مجمع البيان 10/ 337 - زاد المسير 9/ 98، تفسير القرطبي 17/ 65.
(2)
قال الفراء: "وسَمِعْتُ بَعْضَ كَلْبٍ يقول: نِمْرِقةٌ بكسر النون والراء". معانِي القرآن 3/ 258.
(3)
البيت من الطويل، لِزُهَيْرِ بنِ أبِي سُلْمَى، وَلَمْ أقِفْ عليه في ديوانه.
التخريج: الكشف والبيان 10/ 189، عين المعانِي ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 20/ 34، البحر المحيط 8/ 457، الدر المصون 6/ 514، اللباب في علوم الكتاب 20/ 299، فتح القدير 5/ 430.