الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فيه حاسَبَهُ اللَّهُ حِسابًا يَسِيرًا، وَأدْخَلَهُ الجَنّةَ بِرَحْمَتِهِ"، قالوا: ما هي يا رسول اللَّه؟ قال: "تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ"
(1)
.
وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيا هَوَّنَ اللَّهُ عليه حِسابَهُ يَوْمَ القِيامةِ"
(2)
.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الكُتُبُ يَوْمَ القِيامةِ تَحْتَ العَرْشِ، فإذا كان المَوْقِفُ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا، فَتُطَيِّرُها فِي الأيْمانِ والشَّمائِلِ"
(3)
.
وعنه أيضًا قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ أحَدٌ يُعْطَى كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلّا ضَحِكَ ضِحْكةً يَسْمَعُها جَمِيعُ أهْلِ المَوْقِفِ".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ"، قلتُ: يا رسول اللَّه: فإنَّ اللَّه عز وجل يقول فِي كتابه: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} ، قال:"ذَلِكَ العَرْضُ"
(4)
، رواه
(1)
رواه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 235 كتاب الشهادات: باب شهادة أهل المعصية، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 518 كتاب التفسير: سورة "إذا السَّماءُ انْشَقُّتْ"، وينظر: المعجم الأوسط للطبرانِيّ 1/ 279، 5/ 196، الوسيط للواحدي 4/ 453.
(2)
رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة 222/ أ، 222/ ب، وينظر: تفسير الثعالبي 5/ 568.
(3)
رواه العقيلي في الضعفاء الكبير 4/ 466، وينظر: شفاء الصدور للنقاش ورقة 222/ أ، التذكرة للقرطبي ص 291.
(4)
صحيح البخاري 1/ 34 كتاب العلم: باب "هل يجعل للنساء يومًا على حدة في العلم"؟ =
البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأراد بالعرض المَرَّ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل.
قوله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)} قال الكَلْبِي
(1)
: لأن يَمِينَهُ مَغْلُولة إلَى عُنُقِهِ، وتكون يَدُهُ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرهِ، وقال مقاتل
(2)
: تُخْلَعُ يَدُهُ اليُسْرَى، فتكون وراء ظهره {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11)} يُنادِي إذا قَرَأ كِتابَهُ: يا ويلَاهُ! يا ثُبُوراهُ! كقوله: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا}
(3)
؛ أي: صاحُوا عند ذلك بالويل والهلاك.
{وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)} قرأ نافع وابن كثير وابن عامر والكسائيُّ بضم الياءِ وتشديدِ اللّام
(4)
، واختاره أبو حاتم؛ لقوله:{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}
(5)
، وقرأ الباقون بنتح الياء والتخفيف، واختاره أبو عبيد؛ لقوله:{إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}
(6)
، فمن قرأ بالضم نصب {سَعِيرًا} على خَبَرِ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ
(7)
، ومن قرأ بالفتح نصب على المفعول، والمعنى: يُقاسِي حَرَّها وَشِدَّتَها.
= 6/ 81 كتاب تفسير القرآن: سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، 7/ 197 كتاب الرقاق: باب "مَنْ نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ". صحيح مسلم 8/ 164 كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب إثبات الحساب.
(1)
ينظر قوله في معانِي القرآن للفراء 3/ 250، الوسيط 4/ 453.
(2)
ينظر قوله في الوسيط 4/ 453، الكشاف 4/ 235، تفسير القرطبي 19/ 272.
(3)
الفرقان 13.
(4)
وهي أيضًا، قراءة ابن مُحَيْصِنٍ والحَسَنِ وعُمَرَ بن عبد العزيز وأبِي الشَّعْثاءِ والأعرجِ، ينظر: السبعة ص 677، تفسير القرطبي 19/ 272، البحر المحيط 8/ 439.
(5)
الحاقة 31.
(6)
الصافات 163.
(7)
يعني أنه مفعول ثانٍ للفعل "يُصَلَّى"، وأما المفعول الأول فهو نائب الفاعل الذي هو ضميرٌ مستترٌ فيه.
{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13)} يعني: كان فِي الدنيا مَسْرُورًا باتِّباعِ هَواهُ وَرُكُوبِ شَهْوَتهِ {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)} ؛ أي: لن يرجع إلَى الآخرة ولن يُبْعَثَ، والحَوْرُ: الرُّجُوعُ إلَى الشيء، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أعُوذُ بِكَ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ"
(1)
، فالحَوْرُ: التَّأخُّرُ والنُّقْصانُ، والكَوْرُ: التَّقَدُّمُ والزيادة، قال ابن عباس
(2)
: كنتُ لا أدرى ما معنى "يَحُورَ" حتى سَمعْتُ أعْرابِيّةً تدعو بُنَيّةً لها تقول: حُورِي حُورِي؛ أي: ارْجِعِي، قال الشاعر:
493 -
وَما المَرْءُ إلّا كالشِّهابِ وَضَوْئِهِ
…
يَحُورُ رَمادًا بَعْدَ إذْ هُوَ ساطِعُ
(3)
ثم قال تعالى: {بَلَى} ؛ أي: لَيَحُورَنَّ وَلَيُبْعَثَنَّ {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)} يعني: بصيرا به مِنْ يَوْمِ خَلْقِهِ إلَى أنْ بَعَثَهُ.
قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} "لا" زائدة، معناه: فَأُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وهو الحُمْرةُ التِي تَبْقَى بِالأُفُقِ بعد غروب الشمس، وَبِغَيْبُوبَتِهِ يَتَعَلَّقُ أوَّلُ وَقْتِ
(1)
هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن عبد اللَّه بن سَرْجِسَ في المسند 5/ 82، 83، ورواه مسلم في صحيحه 4/ 105 كتاب الحج: باب ما يقول إذا ركب إلَى سَفَرِ الحَجِّ وَغَيْرهِ.
(2)
ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 160، الكشاف 4/ 235، المحرر الوجيز 5/ 458، عين المعانِي ورقة 143/ ب، تفسير القرطبي 19/ 273، تفسير الثعالبي 5/ 569.
(3)
البيت من الطويل، لِلَبِيدِ بن ربيعة.
التخريج: ديوانه ص 88، العين للخليل 3/ 287، الشعر والشعراء ص 278، الزاهر لابن الأنباري 1/ 25، الأغانِي 14/ 99، الكشاف 4/ 235، أمالِيُّ ابن الشجري 3/ 228، عين المعانِي ورقة 143/ ب، تفسير القرطبي 19/ 273، التذكرة الحمدونية 6/ 14، محاضرات الأدباء 2/ 491، الحماسة البصرية ص 622، اللسان: حور، زاد المسير 1/ 226، 6/ 450، 9/ 65، البحر المحيط 8/ 436، ارتشاف الضرب ص 1164، اللباب في علوم الكتاب 20/ 233، همع الهوامع 1/ 358.
العِشاءِ الآخِرةِ
(1)
، وقيل
(2)
: هو البياض، والأول هو الاختيار، قال الشاعر:
494 -
قُمْ يا غُلَامُ أعِنِّي غَيْرَ مُحْتَشِمٍ
…
عَلَى الزَّمانِ بِكَأْسٍ حَشْوُها شَفَقُ
(3)
وقال آخر:
495 -
وَقَدْ تَغَطَّتْ فِي كُمِّها خَجَلًا
…
كالشَّمْسِ غابَتْ فِي حُمْرةِ الشَّفَقِ
(4)
وقال آخر:
496 -
أحْمَرُ اللَّوْنِ كَمُحْمَرِّ الشَّفَقْ
(5)
(1)
قاله ابن عباس وأكثر الصحابة والتابعين واللغويين، ينظر: الموطأ للإمام مالك 1/ 13، كتاب الأم للشافعي 1/ 93، معانِي القرآن للفراء 3/ 251، غريب الحديث للهروي 2/ 128، مجالس ثعلب ص 308، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 305، تهذيب اللغة 8/ 332، الكشف والبيان 10/ 160، زاد المسير 9/ 65، 66، تفسير القرطبي 19/ 274، 275.
(2)
هذا قول أبِي هريرة وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وأبِي حنيفة، ينظر: تفسير مجاهد 2/ 742، تفسير عبد الرزاق 3/ 358، معانِي القرآن للفراء 3/ 251، غريب الحديث للهروي 2/ 128، جامع البيان 30/ 149، تهذيب اللغة 8/ 332، الكشف والبيان 10/ 160، زاد المسير 9/ 66، عين المعانِي ورقة 143/ ب.
(3)
البيت من البسيط، لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى:"غَيْرَ مُرْتَبِكٍ".
التخريج: الكشف والبيان 10/ 160، مجمع البيان 9/ 697، عين المعانِي ورقة 143/ ب، تفسير القرطبي 19/ 275، اللباب في علوم الكتاب 20/ 235، فتح القدير 5/ 407.
(4)
البيت من المنسرح، للقاضي التَّنُوخِيِّ أبِي القاسم عَلِيِّ بن محمد بن داود في وصف مليحٍ جَسيمٍ، وورد عَجُزُهُ منسوبًا لابن الرومي في ديوان المعانِي، ويُرْوَى:"ثُمَّ تَغَطَّتْ".
التخريج: نِشْوارُ المحاضرة للقاضي التنوخي 7/ 120، ديوان المعانِي للعسكري 1/ 230، معجم الأدباء 14/ 173، الوافِي بالوفيات 21/ 461، معاهد التنصيص 1/ 326.
(5)
البيت من الرجز المشطور، لَمْ أقف على قائله.
التخريج: الكشف والبيان 10/ 160، مجمع البيان 10/ 303، عين المعانِي ورقة 143/ ب، تفسير القرطبي 19/ 275، اللباب في علوم الكتاب 20/ 235.
قال الفَرّاءُ
(1)
: وسمعتُ بعض العرب يقول: الثَّوْبُ أحْمَرُ كَأنَّهُ الشَّفَقُ.
وعن ابن عُمَرَ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشَّفَقُ الحُمْرةُ"
(2)
، ويقال لِلْمَغْرةِ: الشَّفَقُ
(3)
{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} ؛ أي: جَمَعَ وَضَمَّ، وذلك أن الليل يَضُمُّ كُلَّ شيء إلَى مَأْواهُ، واسْتَوْسَقَ الشَّيْءُ: إذا اجْتَمَعَ وَكَمُلَ
(4)
، ومنه قيل للطعام المجتمع: وَسْقٌ، وهو سِتُّونَ صاعًا، واسْتَوْسَقَتِ الإبِلُ: إذا اجْتَمَعَتْ وانْضَمَّتْ
(5)
، قال الشاعر:
497 -
إنَّ لَنا قَلائِصًا حَقائِقا
مُسْتَوْسِقاتٍ لَمْ يَجِدْنَ سائِقا
(6)
(1)
معانِي القرآن 3/ 251.
(2)
تَمامه: "فإذا غابَ الشَّفَقُ وَجَبَتِ الصَّلاةُ"، رواه عبد الرزاق في مصنفه 1/ 559، والبيهقيُّ في السنن الكبرى 1/ 373 كتاب الصلاة: باب في دخول وقت العشاء، وينظر: المصنف لابن أبِي شيبة 1/ 368، الوسيط للواحدي 4/ 454.
(3)
المَغَرةُ بسكون الغين وفتحها: طِينٌ أحْمَرُ يُصْبَغُ به، والأمْغَرُ: الأحْمَرُ الشَّعَرِ والجِلْدِ على لون المَغرةِ، وَثَوْبٌ مُمَغَّرٌ: مَصْبُوغٌ بِالمَغْرةِ. اللسان: مغر.
(4)
قاله أبو بكر السجستانِيُّ في غريب القرآن ص 176.
(5)
قاله الطبري والنقاش، ينظر: جامع البيان 30/ 150، شفاء الصدور ورقة 222/ ب، وينظر أيضًا: الصحاح 4/ 1566، الكشف والبيان 10/ 160.
(6)
البيتان من الرجز المشطور، لِلْعَجّاجِ.
اللغة: القَلَائِصُ: جَمْعُ قَلُوصٍ وَهِيَ الفَتِيّةُ مِنَ الإبِلِ، الحَقائِقُ: جَمْعُ حِقّةٍ وَهِيَ البَكْرةُ التِي اسْتَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ، مُسْتَوْسِقاتٌ: مُجْتَمِعاتٌ.
التخريج: ملحق ديوان العجاج ص 406، مجاز القرآن 2/ 291، الفاضل للمبرد ص 10، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 305، إيضاح الوقف والابتداء ص 66، 97، ديوان الأدب 3/ 283، تهذيب اللغة 9/ 235، إعراب القراءات السبع 1/ 30، المحتسب 1/ 361، الكشف والبيان 10/ 161، الكشاف 4/ 230، زاد المسير 9/ 66، تفسير القرطبي =
ويقال
(1)
: وَسَقَ الشَّيْءُ: إذا عَلَا، وذلك أن الليل يَعْلُو كُلَّ شَيْءٍ ويُجَلِّلُهُ، ولا يَمْتَنِعُ منه شَيْءٌ، وقيل: هو مأخوذٌ من الوُسُوقِ وهو الحُمْرةُ.
وقيل
(2)
: معناه: وما ساقَ مِنْ ظُلْمَتِهِ إذا أقْبَلَ، والمعنى: ضَمَّ وَحَوَى وَلَفَّ وَجَمَعَ ما كان منتشرًا بالنهار في تَصَرُّفِهِ.
{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)} ؛ أي: اجتمع واستوى واستدار وَتَمَّ نُورُهُ، وهو أحسن ما يكون، ويقال: اتَّسَقَ الشَّىْءُ: إذا تَتابَعَ ضِياؤُهُ، وهو "افْتَعَلَ" من الوَسْقِ.
وقوله: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} هذا جواب القسم، و {عَنْ} بمعنى "بَعْدَ"، قرأ أهل مكة وأهل الكوفة إلا عاصمًا بفتح الباء
(3)
، والمعنى: لَتَرْكَبَنَّ يا محمدُ سماءً بَعْدَ سَماءٍ، وَدَرَجةً بَعْدَ دَرَجةٍ، وَرُتْبةً بَعْدَ رُتْبةٍ، وقرأ الآخرون بضمه وهو الاختيار؛ لأن المعنى بالناس أشبه بالخطاب، والمعنى: لَتَرْكَبُنَّ حالًا بَعْدَ حالٍ، ومَنْزِلًا بعد مَنْزِلٍ، وَأمْرًا بَعْدَ أمْرٍ فِي الآخرة.
والطَّبَقُ في اللغة هو الحال
(4)
، والعرب تقول لِمَنْ وقع في أمرٍ شديدٍ:
= 19/ 277، اللسان: وسق، البرهان للزركشي 1/ 293، البحر المحيط 8/ 437، الدر المصون 6/ 499، التاج: وسق.
(1)
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 291، وأبو بكر السجستانِي في غريب القرآن ص 176.
(2)
قاله عكرمة والضحاك، ينظر: جامع البيان 30/ 151، 152، مجمع البيان 10/ 306.
(3)
قرأ ابن مسعود وابن عَبّاسٍ ومجاهد وابن جُبَيْرٍ وابنُ كثير وَحَمْزةُ والكِسائِيُّ وخلفٌ وابنُ مُحَيْصِنٍ والأعمش ومسروق وأبو وائل والنَّخْعِيُّ والشَّعْبِيُّ وابنُ وَثّابٍ وأبو العالية: {لَتَرْكَبَنَّ} بفتح الباء، وقرأ الباقون بضم الباء، ينظر: السبعة ص 677، تفسير القرطبي 19/ 278، البحر المحيط 8/ 440، الإتحاف 2/ 600.
(4)
قال ابن الأنباري في الزاهر 1/ 176.
وَقَعَ في بَناتِ طَبَقٍ
(1)
، قال الشاعر:
498 -
الصَّبْرُ أَجْمَلُ والدُّنْيا مُفَجِّعةٌ
…
مَنْ ذا الذِي لَمْ يَذُقْ مِنْ عَيْشِها رَنَقا
إذا صَفا لَكَ مِنْ مَسْرُورِها طَبَقٌ
…
أهْدَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ مَكْرُوبِها طَبَقا
(2)
وما بعده ظاهر التفسير إلَى قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)} يعني كفار مكة، أي: بِما يجمعون فِي قلوبهم من الكفر والتكذيب بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويُوعُونَهُ كما يُوعَى المَتاعُ فِي الوِعاءِ، يقال: وَعَيْتُ في قَلْبِي كذا وكذا، وَفُلَانٌ واعٍ، و {أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}
(3)
، وَأوْعَيْتُ المَتاعَ فَأنا مُوعٍ
(4)
، ثم قال:{فَبَشِّرْهُمْ} يا محمد {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)} ؛ أي: وَجِيعٍ.
ثم اسْتَثْنَى منهم المؤمنينَ، فقال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
(1)
هذا كلام الفراء في معانِي القرآن 3/ 252.
و"وقع في بنات طبق" مَثَلٌ يُقال للداهية، وبنتُ طَبَقٍ: سُلَحْفاةٌ؛ وتزعم العرب أنَّها تبيض تسعًا وتسعين بَيْضةً كلُّها سَلَاحِفُ، وَتَبِيضُ بَيْضةً تَنْقَفُ عن أسوَدَ أي: حَيّةٍ، انظر: ديوان الأدب 1/ 224، الصحاح 4/ 1511، جمهرة الأمثال 1/ 146، مجمع الأمثال 1/ 165، المستقصى 2/ 36.
(2)
البيتان من البسيط، لِحارِثةَ بنِ بَدْرٍ الغُدانِيِّ، ويُرْوَى عَجُزُ الأوَّلِ:
مَنْ ذا الذِي لَمْ يُجَرَّعْ مَرّة حَزَنا
اللغة: الرَّنَقُ: مصدر قولك: رَنقَ الماءُ: إذا كَدِرَ، وعَيْشٌ رَنقٌ؛ أي: كَدِرٌ.
التخريج: التعازي والمراثي للمبرد ص 8، الكشف والبيان 10/ 162، مجمع البيان 10/ 10/ 303 - 304، عين المعانِي ورقة 143/ ب.
(3)
من قوله تعالى: "لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيةٌ". الحاقة 12.
(4)
ينظر: مجاز القرآن 2/ 292، معانِي القرآن للأخفش ص 534، إصلاح المنطق ص 228، 229، غريب القرآن لابن قتيبة ص 521، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 306، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 176 شفاء الصدور 223/ أ.
لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)} {غَيْرُ} نعت {أَجْرٌ} ؛ أي: غير مقطوع ولا منقوص؛ لأن نعيم الآخرة لا ينقطع، و {الَّذِينَ} في موضع نصبٍ، استثناء من الهاء والميم، ويجوز أن يكون استثناءً منقطعًا ليس من الأول، كما رَوَى عِكْرِمةُ عن ابن عباس فِي قوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} ، فقال: هو الشيخ الكبير إذا كَبِرَ وَضَعُفَ، وكان يعمل شيئًا من الخَيْرِ وَقْتَ قُوَّتهِ، كُتِبَ له مِثْلُ أجْرِ ما كان يعمل، ثم قال:{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} لا يُمَنُّ به عليه
(1)
، واللَّه أعلم.
* * *
(1)
من أول قوله: "والذين: فِي موضع نصب"، قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن 5/ 189.