الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الجن
مكِّية
وهي سبعمائة وتسعة وخمسون حرفًا، ومائتان وخمس وثمانون كلمةً، وثمان وعشرون آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الجِنِّ أعْطاهُ اللَّهُ بِعَدَدِ كُلِّ جِنِّيٍّ وشَيْطانٍ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَكَذَّبَ بِهِ عِتْقَ رَقَبةٍ"
(1)
.
وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الجِنِّ ألْقَى اللَّهُ في قُلُوبِ الجِنِّ والشَّياطِينِ الخَوْفَ والرَّهْبةَ مِنْهُ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} قيل: إنَّهُمْ كانوا تسعةً،
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 49، الوسيط 4/ 360، الكشاف 4/ 173، مجمع البيان 10/ 140.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
وقيل: سبعة من جِنِّ نَصِيبِينَ اسْتَمَعُوا قِراءةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذِكْرُهُمْ في سورة الأحقاف
(1)
.
و"أنَّ" فِي موضع رفع لأنه مفعولُ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ لـ {أُوحِيَ}
(2)
، {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)} بَلِيغًا، والمعنى: قُرْآنًا ذا عَجَبٍ يُعْجَبُ منه لِبَلَاغَتِهِ {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} يدعو إلَى الصواب من التوحيد والإيمان وترك الشرك والعصيان، ويَحُثُّ على طاعة الرحمن، {فَآمَنَّا بِهِ} يعني بذلك القرآن {وَلَنْ نُشْرِكَ}؛ أي: نَعْدِلَ {بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)} مِنْ إنْسٍ ولا جانٍّ {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} ؛ أي: عَظَمةُ رَبِّنا وجَلَالُهُ {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً} زوجةً {وَلَا وَلَدًا (3)} .
قرأ أهل الشام والكوفة إلا أبا بكر: {وَأَنَّهُ} بفتح الهمزة من "أنَّهُ" و"أنّا" في اثني عشر موضعًا متواليةً، أولها:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} ، وآخرها:{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}
(3)
، وفَتَحَ أبو جعفر ما كان مردودًا على الوحي، وكَسَرَ ما كان حكايةً عن الجِنِّ، وكَسَرَها كُلَّها الباقون
(4)
، فمن فَتَحَ فهو معطوف على {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} ، أو على تقدير: وَآمَنّا أنَّهُ، ومَنْ كَسَرَ فعلى الاستئناف.
رَوَى عكرمةُ: {جَدُّ رَبِّنَا} مهو بكسر الجيم على ضِدِّ الهَزْلِ، وقرأ ابن السَّمَيْفَعِ:"جَدَى رَبِّنا"
(5)
، وهو الجَدْوَى والمنفعة، ومعنى الجَدِّ فِي اللغة:
(1)
في الآيهَ 29، ينظر 3/ 45.
(2)
يعني أنه نائب فاعل لـ "أُوحِيَ".
(3)
الجن 14.
(4)
ينظر: السبعة ص 656، معانِي القراءات 3/ 96 - 97، إعراب القراءات السبع 2/ 400، 401، الحجة للفارسي 4/ 68، 69، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 339، 341، عين المعانِي ورقة 138/ أ، البحر المحيط 8/ 340.
(5)
قرأ عكرمة وأبو حَيْوةَ وابن السَّمَيْفَعِ: "جِدُّ رَبِّنا" بكسر الجيم، وقرأ ابن السَّمَيْفَعِ والأشْهَبُ =
العَظَمةُ والارتفاع، يقال: جَدَّ فُلَانٌ في الناس: إذا عَظُمَ فِي عيونهم، وَجَلَّ في صدورهم
(1)
، والجِدُّ أيضًا: هو الاجتهاد في العمل، والجَدُّ: أبو الأب، والجَدَدُ: الطريق يقال منه: جَدَدْتُ أجِدُّ جَدًّا
(2)
، والجِدُّ -بالكسر-: الحَقُّ، يقال: جَدَّ فُلَانٌ فِي الأمر يَجِدُّ جِدًّا: إذا صَحَّحَهُ وحَقَّقَ فيه، والجُدُّ: البِئْرُ فِي طُرُقِ الكَلأ
(3)
، والجَدُّ: الحَظُّ والبَخْتُ
(4)
، ومنه قيل في القُنُوتِ:"وَلَا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ"
(5)
، أي: لا يَنْفَعُ ذا الحَظِّ منك الغِنَى، وإنما يَنْفَعُهُ العَمَلُ الصالحُ
(6)
، وجَمْعُ الجَدِّ أجْدادٌ.
= العُقَيْلِي وعكرمةُ وزيد بن عَلِىٍّ: {جَدَى رَبِّنا} ، و {جَدَى رَبُّنا} ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 163، شواذ القراءة ورقة 250، 251، المحرر الوجيز 5/ 379، تفسير القرطبي 19/ 8، 9، البحر المحيط 8/ 341.
(1)
هذا قول ابن قتيبة، فقد قال:"يقال: جَدُّ الرُّجُلُ فِي صُدُورِ الناس وفي عُيُونِهِمْ: إذا عَظُمَ، ومنه قول أنَسٍ: كان الرَّجُلُ إذا قَرَأ البَقَرةَ وآلَ عِمْرانَ جَدَّ فِينا، أي: عَظُمَ". غريب القرآن ص 19، وينظر أيضًا: غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 16، 17، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 164، تهذيب اللغة 10/ 455.
(2)
قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 171/ أ، وقال الأزهري:"وقال الأصمعي: يقال للأرض المستوية التي ليس فيها رَمْلٌ ولا اختلاف: جَدَدٌ، وقلتُ: والعرب تقول: هذا طَرِيقٌ جَدَدٌ: إذا كان مستويًا لا حَدَبَ فيه ولا وُعُوثةَ". تهذيب اللغة 10/ 459.
(3)
قاله الأصمعي، ينظر: شفاء الصدور ورقة 171/ أ، تهذيب اللغة 10/ 459، الصحاح 2/ 453، اللسان: جدد.
(4)
قاله ثعلب، ينظر: شفاء الصدور ورقة 171/ أ.
(5)
رُوِىَ حديثُ القنوت عن أكثر من واحد من الصحابة، ينظر: المسند للإمام أحمد 3/ 87، 4/ 93، 97، 101، 4/ 245، 247، 250، 254، 285.
(6)
ينظر: غريب الحديث للهروي 1/ 257، إصلاح المنطق ص 22، تهذيب اللغة 10/ 455، الصحاح 2/ 452 - 453.
قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا} يعني: جاهِلُنا، وقيل: إبليس {عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)} يعني: كَذِبًا وجَوْرًا، وقيل: عُدْوانًا وقَوْلًا عَظِيمًا بأن للَّه شَرِيكًا، وهو منصوب على المصدر
(1)
، وقيل
(2)
: بوقوع القول عليه، وأصل الشَّطَطِ البُعْدُ، أي: ما يَبْعُدُ عن صفاته، من: شَطَّتِ الدّارُ: إذا بَعُدَتْ، والسَّفَهُ: رِقّةُ الحِلْمِ، وثَوْبٌ سَفِيهٌ، أي: رَقِيقٌ.
{وَأَنَّا ظَنَنَّا} ؛ أي: حَسِبْنا {أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)} كُنّا نَظُنُّهْمْ صادقين بأن للَّه شريكًا وصاحبةً ووَلَدًا، حتى سَمِعْنا القُرْآنَ.
قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} يعني إثْمًا وأشَرًا وسَفَهًا وظُلْمًا، وقيل: ضلالةً، وقيل: خطيئةً، وقيل: طُغْيانًا، وقيل: خوفًا، وهو مفعولٌ ثانٍ، والرَّهَقُ في كلام العرب: الإثْمُ وغِشْيانُ المَحارِمِ، ورَجُلٌ راهِقٌ: إذا كان كذلك
(3)
، قال الأعشى:
403 -
لَا شَىْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِها
…
هَلْ يَشْتَفِي عاشِقٌ ما لَمْ يُصِبْ رَهَقا
(4)
(1)
قال الزجاج في قوله تعالى: "لَقَدْ قُلْنا إذًا شَطَطًا"، قال:"وشَطَطًا: منصوب على المصدر، المعنى: لقد قلنا إذًا قَوْلَ شَطَطِ". معانِي القرآن وإعرابه 3/ 371، 372، ويرى الأنباريُّ والعُكْبَرِي أنه صفة لِمصدر محذوف؛ أي: قَوْلًا شَطَطًا، ينظر: البيان للأنباري 2/ 101، التبيان للعكبري ص 839، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِي 4/ 542.
(2)
هذا قول آخر للأنباري والعكبري، انظر: البيان للأنباري 2/ 101، التبيان للعكبري ص 839.
(3)
قاله الليث والأصمعي، ينظر: تهذيب اللغة 5/ 397، 398، الكشف والبيان 10/ 51، اللسان: رهق.
(4)
البيت من البسيط، للأعشى، ورواية ديوانه:"هَلْ يَشْتَفِي وامِقٌ".
التخريج: ديوانه ص 415، جامع البيان 29/ 136، الكشف والبيان 10/ 51، المحرر الوجيز 5/ 380، مجمع البيان 10/ 143، عين المعانِي ورقة 138/ أ، تفسير القرطبي 19/ 10، 17، التبيان للطوسي 10/ 149، اللسان: رهق، البحر المحيط 8/ 341، فتح القدير 5/ 305.