الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة القيامة
مكية
وهي ستمائة واثنان وخمسون حرفًا، ومائة وتسع وتسعون كلمةً، وأربعون آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ القِيامةِ شَهِدْتُ أنا وَجِبْرِيلُ لَهُ يَوْمَ القِيامةِ أنهُ كانَ مُؤْمِنًا بِيَوْمِ القِيامةِ، وَجاءَ وَوَجْهُهُ مُسْفِرٌ عَلَى وُجُوهِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيامةِ"
(1)
، وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَنْ قَرَأ سُورةَ {لَا أُقْسِمُ} لَمْ يَلْحَقْهُ ذَنْبٌ إلّا الشِّرْكُ بِاللَّهِ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} قرأها العامة مقطوعة، والألف ممدودة مهموزة {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} مثلها، وقرأ ابن كثير برواية قُنْبُلٍ
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 81، الوسيط 4/ 390، الكشاف للزمخشري 4/ 193، مجمع البيان 10/ 190.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
والحَسَنُ وعبد الرحمن الأعرج: "لَأُقْسِمُ"
(1)
بغير ألِفٍ موصولةً ليس بين اللام والهمزة مَدٌّ، {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} مقطوعة ممدودة، على معنى أنه أقْسَمَ باليوم وَلَمْ يُقْسِمْ بالنفس، والصحيح أنه أقسم بِهِما جميعًا، ولا خلاف في الثانِي أنه ممدود.
فإن قيل: ألا يأتون بالنون على هذه القراءة، ولا يحسن في القَسَمِ استعمال اللام بلا نُونٍ، كما لا يحسن استعمال النون بلا لامٍ؟ قيل
(2)
: المُعَوَّلُ على قراءة الأكثر والجمهور، والقراءة سُنّة مُتَّبَعة، وَوَجْهُها في العربية أنهم استغنوا بأحد التأكيدين عن الآخر، وقد جاء فِي الشعر النونُ بلا لامٍ كما قال:
427 -
وَقَتِيلِ مُرّةَ أثْأرَنَّ. . . .
(3)
أراد: لأثْأرَنَّ.
(1)
وهي أيضًا قراءة الزهري والبَزِّيّ، ينظر: السبعة ص 661، تفسير القرطبي 19/ 92، النشر 2/ 282، الإتحاف 2/ 573.
(2)
المؤلف هنا متابع، فيما يبدو، للنحاس وغيرِه من البصريين في تضعيف هذه القراءة، وحُكْمِهِ على حذف النون هنا بأنه خاصٌّ بالضرورة، فقد حكم النَّحّاسُ على قراءة ابن كثير باللحن، فقال:"وهذا لَحْنٌ عند الخليل وسيبويه". إعراب القرآن 5/ 77.
وإذا رجعنا إلَى الكتاب وجدنا سيبويه يقول: "وقد يستقيم فِي الكلام: إنَّ زيدًا لَيَضْرِبُ وَلَيَذْهَبُ، وَلَمْ يَقَعْ ضَرْبٌ، والأكثر على ألسنتهم، كما خَبَّرْتُكَ، فِي اليمين، فَمِنْ ثَمَّ ألْزَمُوا النونَ في اليمين لئلّا يلتبس بما هو واقع، قال اللَّه عز وجل: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. الكتاب 3/ 109، وقال الفارسي: "فأما قول ابن كثير: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فإن اللام يجوز أن تكون التي يصحبها إحدى النونين في أكثر الأمر، وقد حَكَى سيبويه ذلك، وأجازه". الحجة 4/ 77 - 78.
وينظر أيضًا: معانِي القراءات 3/ 105، مشكل إعراب القرآن 2/ 428، 429، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 349، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 151، شرح الكافية للرضي 4/ 319 - 320، مغني اللبيب ص 845، همع الهوامع 2/ 400.
(3)
هذه قطعة من بيت من الكامل، وهو بتمامه: =
ومعنى قوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} اختلفوا فيه، فقال بعضهم
(1)
: {لَا} صِلةٌ أي: أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة، وقيل
(2)
: {لَا} تأكيد للقسم كقوله: لَا واللَّهِ، قال الشاعر:
428 -
فَلَا وَأبِيكِ ابْنةَ العامِرِيِّ
…
لا يَدَّعِي القَوْمُ أنِّي أفِرُّ
(3)
= وَقَتيلِ مُرّةَ أثأرَنَّ، فَإنَّهُ
…
فَزعٌ، وَإنَّ أخاهُمُ لَمْ يُقْصَدِ
وهو لِعامِرِ بن الطُّفَيْلِ، ويُرْوَى:
فِزغٌ وَإِنَّ أخاكُمُ لَمْ يُثْأرِ
اللغة: قَتِيلُ مُرّةَ: هُوَ حَنْظَلةُ بْنُ الطُّفَيْلِ أخُو الشّاعِرِ، قَتَلَهُ المُرِّيُّونَ، فَرْعٌ: شَرِيفٌ فِي قَوْمِهِ، لَمْ يُقْصَدْ: لَمْ يُقْتَلْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أقْصَدَهُ السَّهْمُ؛ أيْ: قَتَلَهُ.
التخريج: ديوانه ص 56، الحجة للفارسي 4/ 78، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 349، مشكل إعراب القرآن 2/ 429، أمالِيُّ ابن الشجري 2/ 141، 526 - 527، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 151، شرح التسهيل لابن مالك 3/ 210 - 211، شرح الكافية للرضي 4/ 319، رصف المبانِي ص 340، مغني اللبيب ص 845، الدر المصون 6/ 267، 425، اللباب في علوم الكتاب 18/ 430، 19/ 544، شرح شواهد المغني ص 935، همع الهوامع 2/ 400، خزانة الأدب 10/ 60، 65.
(1)
قاله أكثر المفسرين والنحويين، ينظر: مجاز القرآن 2/ 276، معانِي القرآن للأخفش ص 467، غريب القرآن لابن قتيبة ص 499، الأصول لابن السراج 1/ 401، 2/ 259، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 251، إعراب القرآن 5/ 77، حروف المعانِي ص 8، مشكل إعراب القرآن 2/ 428، مغني اللبيب ص 328.
(2)
قاله أبو بكر بن عياش، ينظر: جامع البيان 29/ 216، الكشف والبيان 10/ 81، عين المعانِي ورقة 138/ ب، وبه قال الزمخشري في الكشاف 4/ 189، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 572.
(3)
البيت من المتقارب، لامرئ القيس، ورواية ديوانه:"لَا وَأبِيكِ"، وقد أنكر الأصمعيُّ أن يكون هذا البيت أو القصيدة كلها لامرئ القيس، وقال:"هذه القصيدة لِرَبِيعةَ نجنِ جُشَمَ المُرِّيِّ".
التخريج: ديوان امرئ القيس 154، الشعر والشعراء ص 97، 122، المحتسب 2/ 273، الصاحبي ص 411، الكشاف 4/ 189، المحرر الوجيز 5/ 401، عين المعانِي ورقة =
والقَسَمُ بالشيء تَنْبِيهٌ على تعظيمه أو ما فيه من لَطِيفِ الصُّنْعِ وعَظِيمِ النِّعْمةِ، وقال ابن عباس:{لَا} صلة -كقول الأول- كما قال الشاعر:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى، فاعْتَرَتْنِي صَبابةٌ
…
وَكادَ ضَمِيرُ القَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ
(1)
وقال الفَرّاءُ
(2)
: {لَا} رَدٌّ على الذين أنكروا البعث والجنة والنار، ثم ابتدأ القَسَمَ، فقال:{أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، قال: وكل يمين كانت رَدًا لكلام، فلا بُدَّ من تقديم {لَا} قبلها، فتفرق بذلك بين اليمين التي تكون جَحْدًا وبين اليمين التِي تُسْتَأْنَفُ، ألا ترى أنك تقول مُبْتَدِئًا: واللَّهِ إنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ، فإذا قلت: لا واللَّهِ إنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ، فكأنك أكْذَبْتَ قَوْمًا أنكروه.
ومعنى {اللَّوَّامَةِ} : أنه ليس من نَفْسٍ بَرّةٍ ولا فاجِرةٍ إلا وهي تَلُومُ نَفْسَها يوم القيامة، إن كانت عملت خَيْرًا قالت: هَلّا ازْدَدْتُ منه، وإن كانت عملت شَرًّا قالت: لَيْتَنِي لَمْ أعْمَلْهُ
(3)
، وجواب القسم محذوف تقديره: لَتُبْعَثُنَّ وَلَتُحاسَبُنَّ
(4)
، وقيل
(5)
: جوابه: {بَلَى قَادِرِينَ} .
= 139/ ب، شرح الكافية للرضي 4/ 466، ارتشاف الضرب ص 813، 2415، مغني اللبيب ص 329، الدر المصون 6/ 424، المقاصد النحوية 1/ 96، اللباب في علوم الكتاب 19/ 542، شرح شواهد المغني ص 635، خزانة الأدب 1/ 374، 11/ 221 - 223.
(1)
تقدم برقم 342 ص 1023.
(2)
معانِي القرآن 3/ 207 باختلاف يسير في ألفاظه.
(3)
هذا الكلام قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 208، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص 167، الوسيط للواحدي 4/ 390.
(4)
قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص 957، وبه قال الزمخشري في الكشاف 4/ 190، والسجاوندي في عين المعانِي ورقة 138/ ب، وحكاه القرطبي عن النحاس في تفسيره 19/ 93.
(5)
ذكر السمين الحلبي أنه قول الحسن البصري، ينظر: الدر المصون 6/ 426.