الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثنى الله عز وجل على من بكى من خشيته في آيات كثيرة، ومن ذلك:
وقوله تعالى في أهل العلم إذا سمعوا القرآن: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (3).
وقوله تعالى في الأنبياء ممن هدى سبحانه: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرحمن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (4).
خامساً: آداب المريض الواجبة والمستحبة كثيرة منها:
1 - الصبر والاحتساب: المريض يجب عليه الصبر
وهو: حبس النفس عن الجزع والتسخط، واللسان عن الشكوى إلى المخلوق، والجوارح عن عملها ما يقتضي التسخّط: كلطم الخدود، وشقّ الجيوب، وحثو التراب على الرؤوس، ونتف الشعر، والدعاء بدعوى الجاهلية، ونحو ذلك (5).
أما الشكوى إلى الله فمطلوبة بإجماع المسلمين (6).
(1) سورة المائدة، الآية:83.
(2)
سورة التوبة، الآية:92.
(3)
سورة الإسراء، الآية:109.
(4)
سورة مريم، الآية:85.
(5)
انظر: عدة الصابرين لابن القيم، ص27 وص29.
(6)
الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص128.
قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (1).
وقال عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (2).
وقال سبحانه وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (3).
وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ الله وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ وَالله بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (5).
وقال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (7).
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ} (8).
(1) سورة الزمر، الآية:10.
(2)
سورة محمد، الآية:31.
(3)
سورة الأنبياء، الآية:35.
(4)
سورة الحديد، الآيتان: 22، 23.
(5)
سورة التغابن، الآية:11.
(6)
سورة البقرة، الآيات: 155 - 157.
(7)
سورة الشورى، الآية:43.
(8)
سورة البقرة، الآية:153.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصبر ضياء)) (1).
وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان
خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) (2).
وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)) يريد عينيه (3).
وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرها ((أنه كان عذاباً يبعثه الله على من شاء فجعله رحمة للمؤمنين (4)، فليس من عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد)) (5). وقال صلى الله عليه وسلم: ((
…
إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) (6).
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب
(1) مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، برقم 223، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
(2)
مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، برقم 2999.
(3)
البخاري، كتاب المرض، باب فضل من ذهب بصره، برقم 5653.
(4)
الطاعون: قيل هو الموت العام، وقيل: المرض العام الذي يفسد له الهواء، وتفسد به الأمزجة والأبدان، وقيل: هو الوباء، وقيل: هو المرض الذي يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات، وقيل: أصل الطاعون: القروح الخارجة في الجسد، والوباء عموم الأمراض، فسميت طاعوناً لشبهها بها في الهلاك، وإلا فكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعوناً، انظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 180، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات، 3/ 186:((مرض معروف هو بثر وورم مؤلم جداً يخرج مع لهب ويسودّ ما حواليه، أو يخضرّ أو يحمرّ حمرة بنفسجية كدرة يحصل معه خفقان القلب والقيء، ويخرج في المراق والآباط غالباً والأيدي والأصابع وسائر الجسد))، ورجح ابن حجر في فتح الباري، 10/ 181:((أن الطاعون يكون من طعن الجن وقرعه))، واستشهد لذلك بأدلة وصحح بعضها.
(5)
البخاري، كتاب الطب، باب أجر الصابر على الطاعون، برقم 5734.
(6)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، برقم 1283، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى، برقم 926.
المسلم من نَصَبٍ (1) ولا وَصَبٍ (2) ولا هَمٍّ، ولا حزْنٍ، ولا أذىً، ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه)) (3).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطَّ الله سيئاته كما تحطُّ الجشرة ورقها)) (4).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يُشاك شوكةً فما فوقها، إلا كُتب له بها درجة ومُحيت عنه بها خطيئة)) (5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرد الله به خيراً يُصِبْ (6) منه)) (7).
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: ((إن عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السُّخْط)) (8).
وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه،
(1) النصب: التعب.
(2)
الوصب: المرض.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5641، 5642، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2573.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرض، باب شدة المرض، برقم 5647، 5648، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2571.
(5)
مسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2572.
(6)
يصب منه: معناه يبتليه بالمصائب، ليثيبه عليها، وقيل: يوجه إليه البلاء فيصيبه. فتح الباري لابن حجر، 10/ 108، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 5645:((أي يصيبه بالمصائب بأنواعها، وحتى يتذكر فيتوب، ويرجع إلى ربه)).
(7)
البخاري، كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5645.
(8)
الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، برقم 2396، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، رقم 4031،وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي،2/ 564، وفي صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 320،وفي الصحيحة، برقم 146.