الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (1).
وقال سبحانه وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لّلْعَبِيدِ} (2).
وقال سبحانه: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} (3).
أسأل الله العافية لي ولجميع المسلمين في الدنيا والآخرة.
15 - يشرع له أن يوصي بالثلث فأقل لغير وارث
، ويشهد على ذلك؛ ولاشك أن الصدقة في حال الصحة أعظم أجراً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تَصدَّقَ وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان)) (4).
وعن أبي حبيبة الطائي قال: أوصى إليَّ أخي بطائفة من ماله، فلقيت أبا الدرداء فقلت: إن أخي أوصى إلي بطائفة من ماله فأين ترى لي وضعه: في الفقراء، أو في المساكين، أو المجاهدين في سبيل الله؟ فقال: أما أنا فلو كنت لم أعدل بالمجاهدين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع))، ولفظ النسائي:((مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع)) (5).
(1) سورة النساء، الآية:40.
(2)
سورة فصلت، الآية:46.
(3)
سورة طه، الآية:112.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح، برقم 1419، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، برقم 1032.
(5)
الترمذي، كتاب الوصايا، باب ما جاء في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت، برقم 2123، والنسائي، كتاب الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية، برقم 3644، وقال الترمذي:((هذا حديث حسن صحيح))، قال عبد القادر الأرنؤوط في تخريجه لجامع الأصول، 11/ 628:((وهو كما قال))، أي كما قال الترمذي، وقال:((ورواه أحمد والدارمي وغيرهما))، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، ص206 وفي ضعيف سنن النسائي، ص115.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تصدَّق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم)) (1).
ولا يزيد في الوصية على الثلث؛ لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، قلت: يا رسول الله بلغ بي ما ترى من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلث مالي؟ قال:((لا))، قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: ((لا))، ثم قال:((الثلث والثلث كبير))، أو كثير ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفَّفون الناس، وإنك لن تُنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك)) (2). قال: قلت: يا رسول الله أُخلَّفُ بعد أصحابي؟ قال: ((إنك لن تُخلَّف فتعمل عملاً صالحاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك تخلّف حتى ينتفع بك أقوام ويضرُّ بك آخرون
…
)) وفي لفظ لمسلم: ((عادني النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أوصي بمالي كله؟ فقال: ((لا))، قلت: فالنصف؟ فقال: ((لا))، قلت: أبالثلث؟ فقال: ((نعم، والثلث كثير)).
والأفضل أن يوصي بأقل من الثلث والثلث جائز؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لو غضَّ الناس إلى الربع؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الثلث
(1) ابن ماجه، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، برقم 2709،وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه،
2/ 365،وفي إرواء الغليل، برقم 1641،وذكر له شواهد كثيرة.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة، برقم 1295، ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، برقم 1628.
والثلث كثير)) (1).
ولا وصية لوارث؛ لحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)) (2).
أما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون الموصي فهي منسوخة بآية الميراث، فعن ابن عباس رضي الله عنهما:{إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث)) (3).
قال العلامة السعدي رحمه الله: ((واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين، مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة ردَّها الله تعالى إلى العرف الجاري، ثم أن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث بعد أن كان مجملاً، وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما، ممن حجب بشخص أو وصف، فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء، وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة، ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين؛ لأن
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، برقم 2743، ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، برقم 1629.
(2)
الترمذي، كتاب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، برقم 2120، وابن ماجه، كتاب الوصايا، باب لا وصية لوارث، برقم 2713، وأبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم 2870، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 207:((حسن صحيح)). وأخرجه النسائي في كتاب الوصايا، باب إبطال الوصية للوارث، من حديث عمرو بن خارجة، برقم 3643، 3644، 3645، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 554.
(3)
أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في نسخ الوصية للوالدين والأقربين، برقم 2869، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 207:((حسن صحيح)).