الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج - أن ما تساوى فيه الأمران فتركه أفضل؛ لئلا يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة من حيث لا يشعر (1).
13 - يرقي نفسه
؛ لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ضع يدك على الذي تألَّم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)) (2).
وعن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في مرضه الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثَقُلَ كنت أنا أنفث عليه بهنَّ وأمسح بيد نفسه لبركتها)) قال الراوي: فسألت ابن شهاب الزهري: كيف كان ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه، ولفظ مسلم:((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها)) (3).
14 - يؤدّي الحقوق لأصحابها إن تيسر له ذلك
، وإلا كتبها، وأوصى بها واستعجل بذلك؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، ومن مات وعليه دين فليس ثم دينار ولا درهم ولكنها الحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حُبِسَ في ردغة الخبال (4)
(1) الشرح الممتع، لابن عثيمين، 4/ 299 - 302، ببعض التصرف.
(2)
مسلم، كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، برقم 2202.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الطب، باب الرقى بالقرآن والمعوذات، برقم 5735، وباب المرأة ترقي الرجل، برقم 5751، ومسلم، كتاب السلام، باب رقية المريض بالمعوذات، برقم 2192.
(4)
ردغة الخبال: الردغة بسكون الدال وفتحها: طين ووحل كثير، وتجمع على ردغ ورداغ. والخبال: عصارة أهل النار، والخبال في الأصل: الفساد، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول. النهاية في غريب الحديث لابن الأثي، ر 2/ 8، و2/ 215.
حتى يأتي بالمخرج مما قال)) (1).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما حضر أحدٌ دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعزَّ عليَّ منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عليَّ ديناً فاقضِ واستوصِ بأخواتك خيراً، فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبرٍ ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذ هو كيوم وضعته هنيّةً غير أذنه [فجعلته في قبر على حدة](2).
ويستعجل في مثل هذه الوصية الواجبة في الحقوق التي تلزمه: كالحج إن لم يحج، والدَّين، والنذر، والكفَّارات، والودائع وغير ذلك؛ فإنه يلزمه أن يوصي بهذه الحقوق (3)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت لليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) (4).
والمعنى ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه؛ لأنه لا يدري متى تأتيه المنية فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك (5)؛ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((ما مرت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي)) (6).
(1) الحاكم وصححه ووافقه الذهبي،1/ 27،وصححه الألباني في أحكام الجنائز، ص13.
(2)
البخاري، كتاب الجنائز، باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة، برقم 1351، وما بين المعقوفين من الطرف رقم 1352.
(3)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر، 23/ 7، وشرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 84، وفتح الباري، لابن حجر، 5/ 395، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، 7/ 74، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار، 4/ 61:((وعرف من مجموع ما ذكرنا أن الوصية قد تكون واجبة، وقد تكون مستحبة)).
(4)
مسلم، كتاب الوصية، برقم 1627.
(5)
انظر: فقه الدعوة في صحيح البخاري، للمؤلف، 1/ 50.
(6)
مسلم، برقم 4 - (1627).
قال العلامة عبد الرحمن القاسم: ((والمعنى: لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلاً إلا ووصيته مكتوبة عنده، وذكر الليلتين تأكيد لا تحديد، فلا ينبغي أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلاً إلا ووصيته مكتوبة عنده؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت)) (1).
فيجب على المسلم المريض وغيره أن يحذر الظلم؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه مولاه: ((واتق دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة)) (2). وقد حذر الله عز وجل من الظلم فقال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مّن قَبْلُ مَا لَكُم مّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ} (3).
وقال عز وجل: {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (4).
وقال عز وجل: {وَجَزَاءُ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (5).
وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (6).
(1) حاشية الروض المربع، 2/ 15.
(2)
البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم، برقم 3059.
(3)
سورة إبراهيم، الآيات: 42 - 45.
(4)
سورة غافر، الآية:52.
(5)
سورة الشورى، الآية:40.
(6)
سورة لقمان، الآية:13.
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا
…
)) (1).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)) (2).
وقد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: ((إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) (4).
والظالم يؤدي ما عليه من حقوق الخلق حتى البهائم يقتصُّ بعضها من بعض؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتؤدَّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) (5).
(1) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1994، برقم 2577.
(2)
مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1996، برقم 2578.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، 3/ 134، برقم 2442، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم 4/ 1996، برقم 2580.
(4)
مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1997، برقم 2581.
(5)
مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1997، برقم 2582، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والظلم للعباد يوجب النار وإن كان يسيراً، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من اقتطع حق امرئٍ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة)) فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)) (1).
والله عز وجل وإن أمهل الظالم وذهبت الأيام والشهور، فإنه لا يغفل عنه ولا ينساه؛ ولهذا ثبت من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته)) (2)، ثم قرأ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (3).
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم، فقال: ((
…
ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوماً لينصره)) (4).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: ((تأخذ فوق يديه)) (5).
وينبغي لكل مسلم أن يتحلل من كانت له عنده مظلمة قبل أن يكون الوفاء من الحسنات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ
(1) مسلم، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق المسلم بيمين فاجرة بالنار،1/ 122،برقم 137.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة هود، باب قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} ، 5/ 1997، برقم 2583.
(3)
سورة هود، الآية:102.
(4)
مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1998، برقم 2584.
(5)
البخاري، كتاب المظالم، باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً، 3/ 135، برقم 2445.
من سيئات صاحبه فَحُمِلَ عليه)) (1).
وقد يكون الظلم للرعية أو الأهل والذرية فيستحق الظالم العقاب على ذلك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) (2).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((
…
واتق دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)) (3).
ومن أمثلة ذلك قصة سعيد بن زيد مع أروى بنت أويس؛ فإنها ادَّعتْ عليه أنه أخذ شيئاً من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال:((أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوّقه إلى سبع أرضين (4) يوم القيامة)) فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها [وفي رواية: واجعل قبرها في دارها]، قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار [وفي رواية: تمشي في أرضها] مرت على بئر في
(1) البخاري، كتاب المظالم، باب من كانت له مظلمة عند رجل فحللها له هل يبين مظلمته؟
3/ 136، برقم 2449، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
متفق عليه: من حديث معقل بن يسار: البخاري، كتاب الأحكام، باب من استرعي رعية فلم ينصح، 8/ 136، برقم 7151، ومسلم، كتاب الإيمان، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، 1/ 125، برقم 142، واللفظ له.
(3)
متفق عليه: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: البخاري، كتاب المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم، 3/ 136، برقم 2448، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، 1/ 50، برقم 19.
(4)
طوقه إلى سبع أرضين: يحتمل أن يكون معناه: يحمل مثله من سبع أرضين ويكلف إطاقة ذلك، ويحتمل أن يكون يجعل له كالطوق في عنقه ويطول الله عنقه كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه، وقيل معناه: أنه يطوق إثم ذلك ويلزمه كلزوم الطوق في عنقه. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 53.
الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها)) (1).
ومن صور استجابة دعوة المظلوم على من ظلمه، قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:((شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر رضي الله عنه فعزله واستعمل عليهم عماراً، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يُحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرِمُ عنها، أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخفف في الأخريين، قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفاً حتى دخل مسجداً لبني عبس فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يُكنى أبا سعدة، قال: أما إذا نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير في السرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية. قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن (2).
والأحاديث تؤكد على أن دعوة المظلوم مستجابة حتى ولو كان فاجراً فاسقا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة المظلوم
(1) أصل الحديث متفق عليه عن سعيد بين زيد رضي الله عنه: البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض، 3/ 137، برقم 2452، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، 3/ 1230، برقم 1610، واللفظ لمسلم مع سبب ورود الحديث.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر، وما يجهر فيه وما يخافت، 1/ 206، برقم 755، واللفظ والقصة له، ومسلم بنحوه، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، 1/ 334، برقم 453.