الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جداً على النفوس عند أكثر الخلق؛ فلهذا لم يوجبه الله ولا رسوله وإنما هو من الدرجات العالية، وهو مأمور به استحباباً (1).
وهذا كله في الرضا بالقضاء الذي هو المقضي، وأما القضاء الذي هو وصفه سبحانه وفعله: كعلمه، وكتابته، وتقديره، ومشيئته، وخلقه، فالرضا به من تمام الرضا به ربّاً، وإلهاً، ومالكاً، ومدبراً، فبهذا التفصيل يتبين الصواب، ويزول اللبس في هذه المسألة العظيمة التي هي مفرق طرق بين الناس (2)(3).
قال شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: ((عند المصيبة ثلاثة أمور: الصبر وهو واجب، والرضى سنة، والشكر أفضل)) (4).
7 - لا يُنسب الشرُّ إلى الله عز وجل
-؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح في صلاة الليل: ((وجهت وجي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا
(1) شفاء العليل، لابن القيم، 2/ 762 - 763، وانظر: الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية للسلمان، ص281، والدرر البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، شرح الشيخ عبد الرحمن السعدي، ص51 - 53، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 3/ 203 - 209، والاستقامة له، 2/ 73 - 76، وشرح الطحاوية، ص258، والإيمان بالقضاء والقدر للشيخ إبراهيم الحمد، ص115 - 117، وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين، ص543، والمنتقى من فرائد الفوائد له، ص109.
(2)
شفاء العليل، لابن القيم، 2/ 762 - 763.
(3)
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((الرضى بالقضاء الذي هو وصف الله وفعله واجب مطلقاً؛ لأنه من تمام الرضا بالله ربًّا.
وأما القضاء الذي هو المقضي فالرضا به مُختلفٌ: فإن كان المقضي دينيّاً وجب الرضا به مطلقاً.
وإن كان كونيّاً فإما أن يكونه نعماً أو نقماً أو طاعات، أو معاصي: فالنعم يجب الرضا بها؛ لأنه من تمام شكرها، وشكرها واجب.
وأما النقم: كالفقر والمرض، ونحوهما، فالرضا بها مستحب عند الجمهور وقيل: بوجوبه.
أما الطاعات فالرضا بها طاعة واجبة إن كانت الطاعة واجبة ومستحبة إن كانت مستحبة.
وأما المعاصي فالرضى بها معصية، والمكروهات الرضا بها مكروه، والمباحات مباح والله أعلم، المنتقى من فرائد الفوائد، ص109.
(4)
مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 413.
من المشركين، إن صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)) (1).
فقوله صلى الله عليه وسلم: ((والشر ليس إليك)) يبين أن الله عز وجل منزه عن الشر، وكل ما نسب إليه فهو خير، والشر إنما صار شرّاً، لانقطاع نسبته إليه، فلو أضيف إليه لم يكن شرّاً.
وهو سبحانه وتعالى خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله. وخلقه وفعله، وقضاؤه خير كله، فالقدر من حيث نسبته إلى الله لا شر فيه بوجه من الوجوه؛ لأنه علم الله، وكتابته، ومشيئته، وخلقه وذلك خير محض وكمال من كل وجه، فالشر ليس إلى الرب بوجه من الوجوه: لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وإنما الشر يدخل في بعض مخلوقاته فالشر في المقضي لا في القضاء (2).
فالإيمان بالقدر خيره وشره يراد به المقدور خيره وشره.
وقد يكون المقدور خيراً بالنسبة إلى محل، وشرّاً بالنسبة إلى محل آخر، وإن لم يعلم جهة الخير فيها كثير من الناس، مثال ذلك القصاص؛ وإقامة الحدود؛ فإن ذلك شر بالنسبة إليهم لا من كل وجه بل من وجه دون وجه، وخير بالنسبة إلى غيرهم؛ لما فيه من مصلحة الزجر، وكذلك
(1) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل، برقم 771.
(2)
انظر: شفاء العليل، لابن القيم،2/ 509 - 536،والإيمان بالقضاء والقدر، لمحمد بن إبراهيم الحمد، ص105 - 108.