الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تذكركم الموت)) (1). وقد نهى الله عز وجل عن الاستغفار للمشركين والدعاء لهم، وعن الصلاة عليهم (2)،فلا يجوز للمسلم أن يدعو لهم، ولا يستغفر لهم، وإنما إذا زار قبورهم فللتذكر والاعتبار وتذكر الموت.
الأمر السادس: كيفية السلام على أهل القبور من المسلمين
على النحو الآتي:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من بيتها في ليلتها حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم رجع إليها وأخبرها أن الله أمره أن يأتي أهل البقيع فيستغفر لهم، قالت قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله! قال قولي: ((السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بهم لاحقون))، وفي لفظ: قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) (3).
2 -
وفي حديث بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، [أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع] أسأل الله لنا ولكم العافية)) وفي لفظ: ((السلام على أهل الديار)) (4).
(1) مسلم، كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم 976.
(2)
تقدم في الصلاة على الجنازة أن الله تعالى قال: {وَلَا تُصَلّ عَلَى أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ} وتقدمت قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب وأن الله نهاه ونهى المسلمين عن الاستغفار للمشركين.
(3)
مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول المقابر والدعاء لأهلها، رقم 974، في هذا الحديث رفع اليدين في الدعاء لأهل القبور، وقد ثبت أيضاً في حديث آخر عند أحمد، 6/ 92، وحسن إسناده الألباني في أحكام الجنائز، ص246.
(4)
مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول المقابر والدعاء لأهلها، برقم 975، وما بين المعقوفين من سنن النسائي، برقم 2039.
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) (1).
وهل يستقبل الزائر وجه الميت أثناء السلام عليه كما في هذا الحديث؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ومذهب الأئمة: مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام أن الرجل إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يدعو لنفسه، فإنه يستقبل القبلة، واختلفوا في وقت السلام عليه: فقال الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد: يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء وجهه، وقال أبو حنيفة: لا يستقبل الحجرة وقت السلام كما لا يستقبلها وقت الدعاء، ثم في مذهبه قولان: قيل: يستدبر الحجرة، وقيل: يجعلها عن يساره)) (2)(3).
4 -
وهل يسمع أهل القبور سلام من يسلم عليهم أثناء زيارتهم؟ هذه مسألة اختلف أهل العلم فيها، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والإمام ابن كثير في تفسيره، والعلامة الشنقيطي في أضواء البيان أن الأموات يسمعون سلام الزائر لهم، ويرد الله عليهم
(1) الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053، وحسنه، والطبراني في الكبير، برقم 12613، وحسنه عبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول لابن الأثير، 11/ 157، وضعفه الألباني في أحكام الجنائز، ص250.
(2)
قاعدة التوسل والوسيلة؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص25.
(3)
وقال شيخنا عبد العزيز ابن باز: ((يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن، وقال: ((استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل)) [مسلم، برقم 974] ولم يقل: استقبلوا القبلة، فكل جائز سواء استقبل القبلة [أي أثناء الدعاء] أو استقبل القبر، والصحابة رضي الله عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر)) [مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 338]. وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مكان وقوف زائر القبور: ((يقف عند رأس الميت مستقبلاً إياه)) [مجموع الرسائل له،7/ 288]. وقال في موضع آخر: ((يسلم على الميت تجاه وجهه، ويدعو له وهو قائم هكذا بدون أن ينصرف إلى القبلة)). [مجموع رسائله،17/ 333].