الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - يكبر ويسجد سجودًا طويلاً وهو دون السجود الأول
(1).
13 - يكبر ويقوم للركعة الثانية فيصليها مثل الركعة الأولى:
بقراءتين، وركوعين، وسجودين إلا أن كل قراءة وقيام وسجود أول أطول من الذي بعده (2).
14 - يجلس للتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
-.
15 - ينصرف بالتسليمتين
؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم خسفت الشمس، فقام فكبر، فقرأ قراءة طويلة.
ثم ركع ركوعًا طويلاً.
ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده.
وقام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، [ثم سجد] سجودًا طويلاً.
ثم قام فقام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
ثم قام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
ثم سجد وهو دون السجود الأول، ثم انصرف (3).
وهذه الصفة لصلاة الكسوف هي المعتمدة (4)، وهي الصواب؛ لأن
(1) البخاري، برقم 1056.
(2)
مسلم، برقم 10 - (904).
(3)
البخاري، برقم 1044، 1047، 1050، 1056، ومسلم، برقم 901.
(4)
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صفة صلاة الكسوف، فذهب الحنابلة والشافعية، والمالكية إلى أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة: قيامان، وقراءتان، وركوعان، وسجودان، للأحاديث الصحيحة السابقة. وذهب أبو حنيفة والثوري والنخعي إلى أن صلاة الكسوف ركعتان، وحكاه النووي عن الكوفيين إلى أنها ركعتان في كل ركعة ركوع واحد كسائر النوافل، والأحاديث الصحيحة حجة عليهم. [شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 452، والمفهم للقرطبي،
2/ 550، ونيل الأوطار، 2/ 637، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، 4/ 274، وزاد المعاد، 1/ 450، والمغني لابن قدامة، 3/ 323].
أما ما جاء في الأحاديث الأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان كما في حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم برقم 10 - (904)، وما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن صفة صلاة الكسوف تصلى ركعتين في كل ركعة أربع ركوعات وسجدتان، كما في صحيح مسلم، برقم 908، وما جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن صلاة الكسوف تصلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات كما في سنن أبي داود، برقم 1182، وفي مسند الإمام أحمد، 5/ 60 - 61، وما جاء في حديث عبد الرحمن بن سمرة أن صلاة الكسوف تصلى ركعتين كل ركعة بركوع واحد كما في صحيح مسلم، برقم 913، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك على أقوال:
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام، 3/ 260: ((إذا عرفت هذه الأحاديث فقد يحصل من مجموعها أن صلاة الكسوف ركعتان اتفاقًا إنما اختلف في كمية الركوع في كل ركعة فحصل من مجموع الروايات التي ساقها المصنف أربع صور:
الأولى ركعتان في كل ركعة ركوعان، وبهذا أخذ الشافعي ومالك والليث وأحمد وغيرهم، وعليها دل حديث عائشة، وجابر، وابن عباس، وابن عمر، قال ابن عبد البر [في التمهيد، 3/ 302، 313، والاستذكار، 7/ 93]: هو أصح ما في الباب وباقي الروايات معللة ضعيفة.
الثانية: ركعتان في كل ركعة أربع ركوعات، وهي التي أفادتها رواية مسلم عن ابن عباس وعلي [رضي الله عنهم].
والثالثة: ركعتان أيضًا في كل ركعة ثلاث ركوعات وعليها دل حديث جابر.
والرابعة: ركعتان أيضًا يركع في كل واحدة خمس ركوعات، ولَمّا اختلفت الروايات اختلف العلماء، فالجمهور أخذوا بالأولى لِمَا عرفت من كلام ابن عبد البر، وقال النووي في شرح مسلم،
[6/ 453]: إنه أخذ بكل نوع بعض الصحابة، وقال جماعة من المحققين: إنه مخير بين الأنواع، فأيها فعل فقد أحسن، وهو مبني على أنه تعدد الكسوف، وأنه فعل هذا تارة وهذا أخرى، ولكن التحقيق أن كل الروايات حكاية عن واقعة واحدة هي صلاته صلى الله عليه وسلم يوم وفاة إبراهيم، ولهذا عوّل الآخرون على إعلال الأحاديث التي حكت الصور الثلاث، قال ابن القيم [في زاد المعاد،
1/ 453]: ((لا يصححون التعدد لذلك، كالإمام أحمد، والبخاري، والشافعي، ويرونه غلطًا)). وذهبت الحنفية إلى أنها تصلى ركعتين كسائر النوافل)) انتهى كلام الصنعاني ونقله رحمه الله.
وقال النووي رحمه الله: ((وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم: هذا الاختلاف في الروايات حسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد عدد الركوع، وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر، وفي بعضها توسط بين الإسراع والتأخر فتوسط في عدده، واعترض الأولون على هذا بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في أول الحال ولا في الركعة الأولى وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء، وهذا يدل على أنه مقصود في نفسه، منوي من أول الحال)). [شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 453].
ورجح الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، 1/ 456، أن الصواب أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان، قال:((وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، وكان يضعّف كل ما خالفه من الأحاديث، ويقول: هي غلط، وإنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم، والله أعلم)). انتهى.
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم 1722، يقول:((والصواب أن هذه الأحاديث شاذة، والأقرب والأرجح النوع الأول، وهو أن يصلي ركعتين كل ركعة: بقراءتين، وركوعين، وسجودين))،وانظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 532، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 17 - 18/ 18، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، 4/ 274 - 280.
الأحاديث الصحيحة دلّت عليها (1)(2).
والله عز وجل الموفق للصواب (3) وهو الذي يهدي إلى سواء السبيل (4).
(1) قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني، 3/ 323: ((وجملته أن المستحب في صلاة الكسوف أن يصلي ركعتين، يحرم بالأولى، ويستفتح ويستعيذ، ويقرأ الفاتحة وسورة البقرة، أو قدرها في الطول، ثم يركع فيسبح الله تعالى قدر مائة آية، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران، أو قدرها، ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول، ثم يرفع فيسمّع ويحمد ثم يسجد فيطيل السجود فيهما، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيقرأ الفاتحة وسورة النساء، ثم يركع فيسبح بقدر ثلثي تسبيحه في الثانية، ثم يرفع فيقرأ الفاتحة والمائدة، ثم يركع فيطيل دون الذي قبله، ثم يرفع فيسمّع ويحمّد، ثم يسجد فيطيل، فيكون الجميع ركعتين في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وسجودان، ويجهر بالقراءة ليلاً كان أو نهارًا، وليس هذا التقدير في القراءة منقولاً عن أحمد، لكن قد نقل عنه أن الأولى أطول من الثانية، جاء التقدير في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قام قيامًا طويلاً نحوًا من سورة البقرة، متفق عليه [البخاري، برقم 1052، ومسلم، برقم 907] وفي حديث عائشة حزرت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت أنه قرأ في الركعة الأولى سورة البقرة، وفي الثانية سورة آل عمران، [أبو داود، برقم 1187].
(2)
قال الإمام النووي رحمه الله اتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة واختلفوا في القيام الثاني فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه أنه لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال محمد بن مسلمة من المالكية: لا يقرأ الفاتحة في القيام الثاني، واتفقوا على أن القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الأولى أقصر من القيام الأول والركوع الأول، وكذلك القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الثانية أقصر من الأول منهما، واختلفوا في القيام الأول والركوع الأول من الثانية هل هما أقصر من القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الأولى، ويكون هذا معنى قوله في الحديث:((وهو دون القيام الأول، ودون الركوع الأول، أم يكونان سواء، ويكون قوله ((دون القيام الأول)) أي أول قيام وأول ركوع. [شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 453]. وانظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 530، فقد رجح قراءة الفاتحة بعد الرفع من الركوع الأول، ونقل الاتفاق على ذلك إلا خلاف محمد بن مسلمة المالكي. وذكر صاحب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير 5/ 396 أن كل ركوع وقراءة، وسجود وتسبيح واستغفار أقصر من الذي قبله، وهو اختيار ابن قدامة في المغني، 3/ 323 كما تقدم قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، 5/ 246:((لكن الذي يظهر والله أعلم أن كل قيام وركوع، وسجود دون الذي قبله)).
(3)
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم، 6/ 454:((واختلفوا في استحباب إطالة السجود، فقال جمهور أصحابنا: لا يطوله بل يقتصر على قدره في سائر الصلوات، وقال المحققون منهم: يستحب إطالته نحو الركوع الذي قبله، وهذا هو المنصوص للشافعي وفي البوطي وهو الصحيح للأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك. والأصح استحباب التعوذ في ابتداء الفاتحة في كل قيام، وقيل: يقتصر عليه في القيام الأول)).
(4)
واختلفوا هل يطيل الاعتدال الذي يليه السجود، وقد وقع هذا التطويل في حديث جابر عند مسلم، برقم 904، ولفظه: ((
…
ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال، ثم سجد)) قال النووي: هذا ظاهره أنه طوَّل الاعتدال الذي يلي السجود ولا ذكر له في باقي الروايات ولا في رواية جابر من جهة غير أبي الزبير، وقد نقل القاضي إجماع العلماء أنه لا يطوّل الاعتدال الذي يلي السجود، وحينئذ يجاب عن هذه الرواية بجوابين:
أحدهما أنها شاذة مخالفة لرواية الأكثرين، فلا يعمل بها.
والثاني أن المراد بالإطالة تنفيس الاعتدال ومده قليلاً وليس المراد إطالته نحو الركوع)) [شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 460].
وقد رد الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري، 2/ 539 على الإمام النووي فقال: ((وتُعقَّب بما رواه النسائي [برقم 1481]، وابن خزيمة [برقم 1393]، وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو أيضًا ففيه: ((
…
ثم ركع فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فأطال حتى قيل لا يسجد، ثم سجد فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد
…
)) فالحديث صحيح ولم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين إلا في هذا، وقد نقل الغزالي الاتفاق على ترك إطالته، فإن أراد الاتفاق المذهبي فلا كلام، وإلا فهو محجوح بهذه الرواية)) انتهى كلام الحافظ رحمه الله. قلت وحديث عبد الله بن عمرو صححه الألباني في صحيح النسائي،1/ 477. قال العلامة محمد بن عثيمين:((والصواب أنه يطيل الجلوس بقدر السجود)). [الشرح الممتع على زاد المستقنع، 5/ 246]، وهو الذي اختاره الآمدي ((ويطيل الجلوس بين السجدتين كالركوع)) [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 395].
وقد استفدنا من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه مشروعية إطالة الاعتدال الذي يليه السجود كما أفاده حديث جابر، ومشروعية إطالة الجلوس الذي بين السجدتين، وقد رجح العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله هاتين المسألتين في الشرح الممتع، 5/ 244 - 245.