الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الخامس: البدع والمنكرات في العزاء كثيرة
، لكن من أكثرها ظهوراً في بعض المجتمعات ما يأتي:
1 - اجتماع أهل الميت خارج المنزل في أماكن واسعة
، سواء كانت من الخيام الكبيرة المضاءة بالأنوار والمفروشة بالفرش؛ لاستقبال الناس فيها أو من قصور الأفراح المجهزة بالإضاءة والفرش، أو فرش الساحات الخالية أمام المنزل وإنارتها استعداداً لاستقبال المعزين، أو إنارة الشوارع وإحضار من يقرأ القرآن، وإعداد القهوة والشاي، وبعض العصيرات والأطياب؛ لتقديمها للمعزين، وغير ذلك من المنكرات البدعية التي يجب على كل مسلم الابتعاد عنها والتزام السنة (1). وإذا صنع الطعام للناس كان ذلك بدعة أخرى (2).
2 - الاجتماع في منزل الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن
، ودعوة الناس لحضور الطعام المقدم، وربما بعض المعزّين يأتي بالأغنام، أو الإبل، أو البقر، بحجة تقديمها لهؤلاء المعزين، ولأهل البيت، ويدعو كل من قابله ممن يأتون للتعزية لحضور هذا الطعام، وهذا من البدع المنكرة؛ لحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:((كنَّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة)). ولفظ ابن ماجه: ((كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعَةَ الطعام من النياحة)) (3).
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((والنياحة: هي رفع الصوت بالبكاء وهي محرمة، والميت يُعذب في قبره بما يناح عليه، كما صحت به
(1) انظر: مجموع فتاوى الشيخ ابن باز، 13/ 371 - 424.
(2)
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: ((وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن، لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة))،زاد المعاد، 1/ 527.
(3)
أخرج اللفظ الأول الإمام أحمد في المسند، برقم 6905، واللفظ الثاني لابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام، برقم 1612،وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه،2/ 48،وفي أحكام الجنائز، ص210.
السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما البكاء فلا بأس به إذا كان بدمع العين فقط بدون نياحة)) (1).
وقوله: ((كنا نعدّ)) أو ((كنا نرى)) قال السندي رحمه الله: ((هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة رضي الله عنهم، أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني فحكمه الرفع على التقديرين فهو حجة)). ثم قال: ((وبالجملة فهذا عكس الوارد أن يصنع الناس الطعام لأهل الميت، فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا لأجلهم الطعام قلب لذلك، وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لأهل الميت قلب للمعقول؛ لأن الضيافة حقها أن تكون للسرور لا للحزن)) (2).
وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة
…
وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء والترحم على ميتهم، أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم (3) بقراءة خاصة، أو أدعية خاصة، أو غير ذلك، ولو كان هذا خيراً لسبقنا إليه سلفنا الصالح، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله، فقد قتل جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وزيد بن حارثة رضي الله عنهم في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصلاة والسلام من الوحي بذلك فنعاهم للصحابة، وأخبرهم بموتهم، وترضَّى عنهم، ودعا لهم، ولم يتخذ لهم مأتماً. وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا شيئاً من ذلك، فقد مات الصديق رضي الله عنه ولم يتخذوا له مأتماً، وقتل عمر رضي الله عنه وما جعلوا له مأتماً، ولا جمعوا الناس ليقرأوا القرآن، وقُتل عثمان بعد ذلك
(1) مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 384،وتقدمت أحاديث النياحة في الأمور المحرمة على أقارب الميت وغيرهم، كما تقدمت الأحاديث في جواز البكاء بدمع العين في ما يجوز للحاضرين وغيرهم.
(2)
حاشية السندي على سنن ابن ماجه، 2/ 275.
(3)
مأتم: جمع مآتمه، مجتمع الناس في حزن أو فرح، والمقصود: اجتماع الناس للتعزية بميت. معجم لغة الفقهاء، مادة ((مأتم)).