الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخوف: أمر بالصلاة، والدعاء، والاستغفار، والصدقة، والعتق، حتى يُكشف ما بالناس، وصلى بالمسلمين صلاة الكسوف صلاة طويلة)) (1).
وهذا يؤكد الاستعداد بالمراقبة لله تعالى والالتجاء إليه سبحانه، وخاصة عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه (2).
ثالثًا: أسباب الكسوف الحسّيَّة والشرعية:
السبب الحسي
(3)، قال الإمام ابن القيم رحمه الله:((وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) (4)، قولان:
أحدهما: أن موت الميت وحياته لا يكون سببًا انكسافهما
، كما كان يقوله كثير من جهال العرب وغيرهم عند الانكساف، أن ذلك لموت عظيم، أو ولادة عظيم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأخبر أن موت الميت وحياته لا يؤثر في كسوفهما البتة.
والثاني: أنه لا يحصل عن انكسافهما موت ولا حياة
، فلا يكون انكسافهما سببًا لموت ميت ولا لحياة حي، وإنما ذلك تخويف من الله لعباده أجرى العادة بحصوله في أوقات معلومة، بالحساب: طلوع الهلال، وإبداره، وسراره.
فأما سبب كسوف الشمس: فهو توسط القمر بين جرم الشمس وبين أبصارنا.
وأما سبب خسوف القمر: ((فهو توسط الأرض بينه وبين الشمس حتى يصير القمر ممنوعًا من اكتساب النور من الشمس، ويبقى ظلام ظل الأرض في ممره؛ لأن القمر لا ضوء له أبدًا، وأنه يكتسب الضوء من
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 258 - 259، وانظر: 35/ 169.
(2)
حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 524.
(3)
انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 230.
(4)
البخاري برقم 1048، وتقدم تخريجه.
الشمس
…
)) (1).
والعلم بوقت الكسوف ليس من علم الغيب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((الكسوف والخسوف لهما أوقات مقدرة، كما لطلوع الهلال وقت مقدر، وذلك ما أجرى الله عادته بالليل والنهار، والشتاء والصيف، وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر، وذلك من آيات الله
…
وكما أن العادة التي أجراها الله تعالى أن الهلال لا يستهل إلا ليلة ثلاثين من الشهر، أو ليلة إحدى وثلاثين، وأن الشهر لا يكون إلا ثلاثين أو تسعة وعشرين، فمن ظن أن الشهر يكون أكثر من ذلك أو أقل، فهو غالط، فكذلك أجرى الله العادة أن الشمس لا تكسف إلا وقت الاستسرار، وأن القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار، ووقت إبداره: الليالي البيض التي يستحب صيام أيامها: ليلة الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فالقمر لا يخسف إلا في هذه الليالي، والهلال يستسر آخر الشهر إما ليلة وإما ليلتين، كما يستسر ليلة تسع وعشرين، وثلاثين، والشمس لا تكسف إلا وقت استسراره، وللشمس والقمر ليالي معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف
…
وليس خبر الحاسب بذلك من علم الغيب، ومن قال من الفقهاء إن الشمس تكسف في وقت الاستسرار فقد غلط، وقال ما ليس له به علم
…
(2))) (3).
(1) مفتاح دار السعادة، 3/ 212 - 215، وقد شرح هذه الأسباب شرحًا مفصلاً، فليرجع إليه من شاء من 3/ 212 - 230.
(2)
فتاوى شيخ الإسلام، 24/ 254 - 257، وانظر 35/ 175.
(3)
وقال شيخ الإسلام أيضًا: ((وما يروى عن الواقدي من ذكره أن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مات يوم العاشر من الشهر، وهو اليوم الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف: غلط، والواقدي لا يحتج بمسانيده فكيف بما أرسله من غير أن يسنده إلى أحد، وهذا فيما لا يعلم أنه خطأ، فأما هذا فيعلم أنه خطأ. ومن جوز هذا فقد قفا ما ليس له به علم، ومن حاج في ذلك فقد حاج فيما ليس له به علم)) [مجموع الفتاوى، 24/ 257]، وقد ذكر العلامة أحمد شاكر نقلاً عن بعض علماء الفلك تحقيق وقت الكسوف الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف يوم مات إبراهيم، وأن الشمس كسفت في المدينة في يوم الإثنين 29 شوال سنة 10هـ الموافق ليوم 27 يناير سنة 632م في الساعة الثامنة والدقيقة 30 صباحًا [المحلى، الحاشية، 5/ 103 - 105]، وانظر هذا النقل أيضًا في إسعاف الملهوف في بيان أحكام صلاة الكسوف، لأبي عمر حاوي بن سالم الحاوي، ص52 - 53، الدار السلفية، الكويت.