الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفنى)) (1).
25 -
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة قال: يا معشر الأشعريين ليبلغ الشاهد الغائب، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((حلاوة الدنيا مرةُ الآخرة، ومرةُ الدنيا حلاوة الآخرة)) (2).
الأمر التاسع عشر: العلم بأن الله تعالى يجمع بين المؤمن وذريته
، ووالديه وأهله، ومن يحب في الجنة، وهذا الاجتماع الذي لا فراق بعده لقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مّنْ عَمَلِهِم مّن شَيْءٍ} (3)، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((يخبر الله تعالى عن فضله وكرمه، وامتنانه، ولطفه بخلقه، وإحسانه: أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذريتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم؛ لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل ولا ينقص ذلك من
عمله ومنزلته، للتساوي بينه وبين ذلك)) (4). وهذا فضله تعالى على الأولاد ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأولاد فثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك)) (5)،قال العلامة السعدي رحمه الله: ((وهذا من تمام نعيم أهل الجنة أن
(1) أحمد، 4/ 412، وابن حبان برقم 709، والحاكم، 4/ 319، قال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب، برقم 4744:((رواه أحمد ورواته ثقات)). وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب على الحديث برقم 3247: ((صحيح لغيره))، وذكر له شاهداً في الأحاديث الصحيحة، برقم3287.
(2)
الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 4/ 310، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3248.
(3)
سورة الطور، الآية:21.
(4)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص1268، 4/ 243.
(5)
أخرجه أحمد في المسند،2/ 209،قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:((إسناده صحيح)).
ألحق الله بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان: أي الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم فصارت الذرية تبعاً لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون يُلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها جزاء لآبائهم وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئاً)) (1).وهذا هو الفوز العظيم.
نسأل الله تعالى أن يجمعنا في الفردوس الأعلى مع آبائنا، وذرياتنا، وأزواجنا، وجميع أهلينا وأحبابنا إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
ولاشك أن من فارق ذريته وأهله، وأحبابه في الآخرة فقد خسر خسراناً مبيناً، كما قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (2)، أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبداً، وسواء ذهب أهلوكم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار، أو أن الجميع أسكنوا النار ولكن لا اجتماع لهم ولا
سرور، وهذا هو الخسران المبين الظاهر الواضح)) (3).
وقال الله عز وجل: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مّن سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} (4)،قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أي ذهب
(1) تيسير الكريم الرحمن، للعلامة السعدي، ص815، وانظر: تفسير الطبري، 22/ 467 - 470، وتفسير البغوي، 4/ 238.
(2)
سورة الزمر، الآية:15.
(3)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص1151.
(4)
سورة الشورى، الآيتان: 44 - 45.