الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من غير ترابها)) (1).وجاء في ذلك آثار كثيرة أنه لا يزاد على تراب اللحد الذي أخذ من القبر، بل يكفي ذلك للدفن (2).
الأمر الخامس والعشرون: يسنم القبر كهيئة سنام الجمل
؛ لحديث سفيان التمار: ((أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً)) (3). ولفظ ابن أبي شيبة: ((دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر أبي بكر، وقبر عمر مسنمة)) (4). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((واستدل به على أن المستحب تسنيم القبور وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد، والمزني وكثير من الشافعية
…
)) (5).
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، والثوري
…
)) (6).
السادس والعشرون: توضع على القبر الحصباء
؛ لحديث القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أُمَّهْ! اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور: لا مُشرفة، ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرْصَةِ الحمراء)) قال أبو علي [اللؤلؤي] يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقدّمٌ، وأبو بكر عند رأسه، وعمر عند رجليه، رأسه عند رجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (7).
(1) سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، برقم 1905 - 1907.
(2)
انظر: سنن البيهقي، 3/ 410،كتاب الجنائز، باب لا يزاد في القبر على أكثر من ترابه؛ لئلا يرتفع.
(3)
البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، برقم 1390.
(4)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، ما قالوا في القبر يسنم، 3/ 334، وذكر في هذا الموضع ثلاثة آثارٍ أخر في تسنيم قبور بعض الصحابة، وأخرجه بلفظ ابن أبي شيبة أبو نعيم في المستخرج كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 3/ 257.
(5)
فتح الباري، 3/ 257.
(6)
المغني، 3/ 437.
(7)
أبو داود، كتاب الجنائز، باب تسوية القبر، برقم 3220، والبيهقي في كتاب الجنائز، باب تسوية القبور وتسطيحها، 4/ 3، والحاكم، 1/ 369، وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه عبد القادر الأرناؤوط في تحققه لجامع الأصول لابن الأثير، 1/ 82.
والبطحاء في هذا الحديث: هو الحصى الصغار، ويقال: بطحاء الوادي وأبطحه: هو حصاه اللين في بطن المسيل (1)، وقوله:((ولا لاطئة)) يقال: لطئ بالأرض ولطأ بها إذا لزق)) (2)، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((والمشرف ما رفع كثيراً)) (3)، وقال رحمه الله:((ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر؛ ليعلم أنه قبر، فيتوقى، ويترحم على صاحبه)) (4)، وقد جاء آثار كثير تدل على وضع الحصباء على القبور، ومن ذلك ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رشَّ على قبر إبراهيم ابنه الماء ووضع عليه حصباء)) (5)، وغير ذلك من الآثار (6).
ولا منافاة بين التسنيم للقبر وبين قوله: مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء، فبطحاء العرصة هو الحصباء الصغير؛ ولهذا جمع الإمام ابن القيم رحمه الله بين حديث سفيان التمار في قوله:((إنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً))، وحديث القاسم:((لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء)) فقد جمع بين الحديثين فقال: ((وقبره صلى الله عليه وسلم مسنم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطيَّن، وهكذا كان قبر صاحبيه)) (7).
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول في الجمع بين الحديثين: ((السنة أن يكون القبر مسنماً، وحديث عائشة رضي الله عنها لا ينافي ذلك، فهو يكون مسنماً حتى يرد عنه الماء وتوضع عليه حصباء ويرش)) (8).
(1) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، 1/ 134.
(2)
النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، 4/ 249.
(3)
المغني، 3/ 436.
(4)
المغني، 3/ 435.
(5)
البيهقي،3/ 411،وقال الألباني في إرواء الغليل،3/ 206:((وهذا سند صحيح مرسل)).
(6)
انظر: سنن البيهقي، 3/ 411، كتاب الجنائز، باب رش الماء على القبر ووضع الحصباء عليه، وإرواء الغليل للألباني، 3/ 205 - 506.
(7)
زاد المعاد، 1/ 524.
(8)
سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم 1900، 1901.