الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعامت العلماء عن شبهاتها
…
فلمثل ذا فليعجب المتعجب
من ذا نشاور في مراتب ديننا
…
أو من لنا في ذا الزمان مؤدب
وقد جاء في الحديث: ((بدأ الدين غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء منه
…
)) (1) الحديث، والغرباء هم المذكورون في حديث الطائفة التي لا تزال ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها، وهي الجماعة المذكورة في حديث حذيفة (2)، والفرقة الناجية، أعني اتباع السلف (ض) وألحقنا بهم بمنه وكرمه.
…
76 - فصل
في معاملة المنتقدين والمنكرين
والمعترضين وهم على أنواع كثيرة
فالمنكر بحق في حق حسبما أداه إليه اجتهاده، كالمعتقد كذلك.
قال شيخنا أبو العباس الحضرمي (ض) بعد كلام ذكره في كتابه (صدور المراتب ونيل المراغب): والجاحد لمن يوحى إليه شيء من هذا الكلام وما يفهمه، هو معذور مسلم له، من باب الضعف والتقصير والسلامة، وهو مؤمن إيمان الخائفين، ومن يفهم شيئا من ذلك فهو لقوة إيمان معه، واتساع دائرة، ومشهده مشهد واسع، سواء كان معه نور أو ظلمة، بحسب ما في (الودائع)(3) الموضوعة على أي صفة كانت.
قلت: وهذا هو الحق والإنصاف، لأن كل أحد لا يكلف بخلاف علمه،
(1) مسلم 1/ 130، عن حديث أبي هريرة (ض) مرفوعا، بلفظ: ((بدأ الإسلام غريبا
…
)) الحديث، وقد تقدم مثل هذا فصل 38.
(2)
حديث حذيفة: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق
…
إلخ))، سبق تخريجه فصل 50.
(3)
العبارة في قواعد التصوف ص 50: بحسب ما في القوالب من الودائع
…
إلخ.
ولا يجوز له تعدي ذلك لما لا علم له به، لقوله تعالى:{ولا تقف ما ليس لك به علم} (1) فالمنكر بحق كالمعتقد به، وقد جرت عادة فقراء هذا الزمان بسب المنكرين والانتصار عليهم من غير حق، وربما انتهى بهم الأمر إلى حد يستبيحون به دماءهم وأموالهم وأعراضهم، فيدخلون بذلك في زمرة المارقين، وربما كانوا به من الذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وحق الفقير إقباله على شأنه وإعراضه عن مواضع الشبه وعدم مقابلة الخلق فيما يأتون به، لأن ذلك لا ينقضي، ويؤدي إلى وجود التشويش دائما، كما قيل:
لو (2) كل كلب عوى ألقمته حجرا
…
لأصبح الصخر مثقالا بدينار
والطريق مبني على رحمة الخلق فيما هم فيه، وإقامة الحق عليهم فيما يقتضيه، فإن من نظر إلى الخلق بعين الحقيقة عذرهم، ومن نظر إليهم بعين الشريعة طالت خصومته معهم، والحق أن ينظر إليهم بعين الحقيقة، ويحكم عليهم بحكم الشريعة، فيقع الإنصاف في عين الائتلاف:{ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك} (3) قيل: للاختلاف، وقيل: للرحمة، وقيل: لهما، وهو الصحيح، وقد جرت سنة الله بإنكار الفقهاء على هؤلاء القوم جملة وتفصيلا، والأكثر في هذه الأزمنة التفصيل، وذلك لحكمة بقائهم مع مولاهم بلا علة، ولتظهر عنايته عليهم في عدم التمكين منهم، ولتبدو فضائلهم لمن لم يكن له بها علم.
إذا أراد الله نشر فضيلة
…
طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت
…
ما كان يعرف طيب عرف العود.
وأيضا فلئلا يفوتهم الشكر على المدح، والصبر على الذم، ولا يبقى لهم قرار إلا مع مولاهم ولا سكون لغيره.
(1) الإسراء 36.
(2)
هكذا في النسخ والصواب: ولو،.
(3)
هود 118، 119.